محاكمة أنور رسلان في ألمانيا.. هكذا أعادت الأمل بمحاسبة مسؤولي نظام الأسد

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

تطرق معهد إيطالي إلى إدانة ألمانيا لأول مسؤول في النظام السوري لارتكابه جرائم ضد الإنسانية مستعرضا آمال الضحايا والعقبات المحتملة أمام محاسبة بقية مسؤولي نظام بشار الأسد على الجرائم التي ارتكبوها طيلة سنوات ضد معارضيهم.

وأفاد "معهد تحليل العلاقات الدولية" بأن الأمر يتعلق بإدانة محكمة كوبلنز الألمانية للعقيد السابق في المخابرات السورية أنور رسلان (58 عاما)، بتهمة الإشراف على تعذيب السجناء في الفرع "251" بين عامي 2011 و 2012.

ويعرف ذلك الفرع بأنه مرفق مخابرات عسكرية سيء السمعة، يقع في العاصمة دمشق.

انتصار مرير

وفي 13 من يناير/ كانون الثاني 2022، أصدرت المحكمة الإقليمية العليا في بلدة كوبلنز جنوب غربي ألمانيا، حكما نهائيا في قضية ضابطين سوريين متهمين بالمسؤولية عن جرائم ضد الإنسانية ارتكبت في مراكز اعتقال تابعة للنظام السوري بدمشق.

وحكم قاضي المحكمة على الضابط السابق في المخابرات العامة السورية أنور رسلان بالإدانة والسجن المؤبد مع تحمل كامل التكاليف للمتضررين.

كما قضت نفس المحكمة بسجن إياد الغريب، العضو السابق في مخابرات النظام السوري، أربع سنوات ونصف السنة إثر إدانته بتهمة اعتقال متظاهرين في 2011 ونقلهم إلى سجن فرع الخطيب بدمشق حيث جرى تعذيبهم.

ويذكر أن رسلان كان لجأ إلى ألمانيا بعد فراره من سوريا عام 2012، ومنذ 23 أبريل/نيسان 2020 يحاكم أمام المحكمة الألمانية، بتهمة تعذيب معتقلين.

وأدين الرئيس السابق لوحدة التحقيق في معتقل دمشق بمسؤوليته في الإشراف على ما لا يقل عن 4000 حالة تعذيب فضلا عن 27 جريمة قتل واعتداء على حالتين بالعنف الجنسي.

وذكر المعهد الإيطالي أن من بين الفظائع العديدة المنسوبة إلى مسؤولي هذا المعتقل حشر المعتقلين داخل زنازين مكتظة وخانقة، ورداءة الطعام المقدم وأحيانا بنكهة الديزل.

فضلا على إجبار المعتقلين على الشرب من المراحيض، وإلقاء الجثث في ممرات المعتقل، إلى جانب الصعق بالصدمات الكهربائية في اليدين والساقين والصدر أثناء الاستجواب.

وكشف القضاة عن الطبيعة الممنهجة للجرائم المرتكبة التي تأتي ضمن مجموعة من الممارسات التي نفذها مقربون من نظام بشار الأسد وظلت بلا محاسبة.

ونوه المعهد بأن "محاكمة الضابط السوري تعد الأولى على المستوى العالمي التي تركز على التعذيب الذي يتبناه نظام الأسد كما يعد رسلان أعلى مسؤول حكومي سوري يحاكم على جرائم ارتكبت خلال الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ أكثر من عقد".

الطريق نحو العدالة

وأوضح المعهد الإيطالي بأن القضية التي تضمنت العديد من الشهود والأدلة بما في ذلك صورا أصلية للأحداث المبلغ عنها من  قبل المنشقين عن جيش النظام، تأتي في إطار الجهود التي تنفذها ألمانيا لمكافحة الإفلات من العقاب ضد المسؤولين السوريين الفارين من العدالة.

وأكد أنه على الرغم من الأمر يتعلق بقضية واحدة ضمن محاولات قليلة لتحميل المسؤولية للنظام السوري على الجرائم المرتكبة تجاه مواطنيه، إلا أنها خطوة مهمة في "الطريق الطويل نحو العدالة".

من جانبه، قال محامي حقوق الإنسان السوري والسجين السياسي السابق في سوريا،  أنور البني، إنه سعيد وتحدث عن "انتصار العدالة" للضحايا الحاضرين في قاعة المحكمة والموجودين في سوريا.

ويبدي محامون ونشطاء عزمهم على المضي والاستمرار في محاكمة مسؤولي النظام السابقين والحاليين المتورطين في التعذيب والاختفاء القسري.

ولفت الموقع إلى أن الحصانة التي يتمتع بها رئيس النظام الحالي بشار الأسد طالما بقي في السلطة تحول دون محاكمته.

وكشف أن استخدام الأدلة العديدة ضده التي تجمعها ألمانيا ستمكن في المستقبل من محاكمته.

وأشار إلى أن مبدأ الولاية القضائية العالمية يسمح بالمساءلة القانونية على الجرائم الجسيمة المرتكبة ضد القانون الدولي في البلدان التي لا يمكن فيها تطبيق العدالة.

شكوك كبيرة

ورغم إدانة رسلان، لا تزال لدى الكثير من المراقبين شكوك كبيرة حول هذا الملف.

وأوضح الموقع أن سوريا ليست طرفا في معاهدة المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي لا يمكن محاكمة المجرمين أمامها وفي الوقت نفسه، محاولة إحالة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى المحكمة للنظر في هذه الجرائم قد جرى إعاقتها حتى الآن بواسطة حق النقض الروسي والصيني.

ومع ذلك، يتفق جميع المعنيين على أن الخطوة الألمانية تعد الأولى التي يؤمل في أن تسهم في تنفيذ عدد آخر من أوامر الاعتقال الدولية المعلقة، لا سيما المتعلقة بمسؤولين كبار داخل النظام.

وأكد المعهد أن ضحايا الممارسات الإجرامية للنظام السوري يستحقون الاستماع إليهم وتمكينهم من العدالة، لكن التزام الدول الفردية من خلال المحاكم الوطنية بالتأكيد ليس كافيا.

وأضاف أنه دون التقليل من أهمية الإدانة، تقود الحدود الواضحة ووجود نظام بلا عقاب إلى حد كبير يقتل الضحايا كل يوم ويخيف الأعداء المحتملين لنظام دمشق، إلى تقليل التطلعات الموضوعة على الالتزامات الفردية التي تعهدت بها بعض الدول.

لهذه الأسباب، يرى الموقع أن الفظائع الموثقة والمتعلقة بالصراع السوري ستتطلب جهودا أكثر شجاعة خصوصا على ضوء توجه العديد من الدول في منطقة الشرق الأوسط وفي العالم بشكل عام نحو تطبيع العلاقات الدبلوماسية لإعادة تأهيل الأسد دوليا.

ولفت إلى أن أكبر النقاد لا يمكنهم أو باستطاعتهم القيام سوى بالقليل جدا أمام الانفتاح الذي تظهره العديد من البلدان تجاه النظام.

وخلص إلى القول إنه لن تتم محاسبة النظام أبدا إذا استمرت الجهود الخجولة لقوى مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

فضلا عن مصالح الوكلاء المتورطين في الصراع الأهلي السوري، في الهيمنة على مصالح السكان المدنيين السوريين ومحاسبة المسؤولين على ارتكاب الجرائم الإنسانية.