برامج رمضان.. كيف تحولت إلى مفطرات على موائد المصريين؟

أحمد يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

المصريون كانوا بالأمس القريب في رمضان يجلسون جماعات وفرادى، يستمعون إلى التواشيح والابتهالات الدينية بأصوات سيد النقشبندي ونصر الدين طوبار، وأحاديث الشيخ محمد متولي الشعراوي.

تغير المشهد، وانقلبت الأحوال رأسا على عقب، في ظل عاصفة من برامج الفضائح والاشتباكات اللفظية، تداولتها البرامج الحوارية، والمذيعين الذين لعب أغلبهم ببراعة دور "الشيطان" في تبني خطاب لا يخلو من السباب والشتائم وحكايات الانحلال.

عبر القنوات الفضائية، أصبحت برامج "التوك شو" و"الهارد توك" و"المقالب" بالإضافة إلى "الإعلانات"، شاشة لنشر الفضائح، والآثام على موائد الصائمين.

شيخ الحارة

برنامج الـ"هارد توك" الأشهر في مصر، الذي عرض بشكل موسمي على مدار 3 أعوام، بداية من رمضان 2017، حتى رمضان 2019، وتقدمه الإعلامية بسمة وهبة، على قناة "القاهرة والناس" المملوكة لرجل الأعمال طارق نور، صاحب الصيت الذائع في مجال الدعاية والإعلان.

البرنامج قائم على استضافة 30 ضيفا من نجوم المجتمع في مجالات الفن والرياضة والإعلام، وقليل من الساسة، وقوامه الأساسي تأسس على محورية الخطاب المتعلق بالتصريحات الساخنة، والاشتباكات اللفظية، وجملة الاستفزازات التي تلقيها بسمة وهبة، أو الشخصية المجهولة "شيخ الحارة" في وجه الضيف، الذي غالبا ما يقابل ما ألقي إليه بردة فعل عنيفة، لتنشأ حالة قوامها "الفضيحة"، تبرز معها مصطلحات الشتائم، والألفاظ السوقية في كثير من الأحيان، أو إشاعة ما يتعلق بسقوط الضيف في سقطات تتعلق بالفساد الأخلاقي بكل أنواعه وتخيلاته.

وتأتي الحلقات المتعلقة بالمناظرات في الصفوف الأولى ضمن الأكثر مشاهدة، وعلى رأسها كانت حلقة المطرب أحمد سعد، وزوجته السابقة الفنانة سمية الخشاب، إذ استغرقت استضافتهما 4 حلقات، مناصفة بينهما، بإجمالي 4 ساعات كاملة، وحققت انتشارا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن لعبت على وتر فضول المتشوقين لمعرفة أسرار "طلاق" أحمد وسمية، في ظل إدارة بسمة وهبة للحوار، ونجاحها في الحصول على تصريحات ساخنة غير مسبوقة.

وكما جاءت عاصفة من المشاهدات، تبلورت ردود الفعل في عواصف من الانتقادات، بعضها كان ساخرا، ومنها ما دونه الكاتب الساخر أحمد عاطف، في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" عندما قال ساخرا: "من المفارقات الغريبة أن الصراع الملحمي بين اسكتلندا وانجلترا اتخلد فى السينما فى فيلم القلب الشجاع، ومدته ساعتين ونص، والصراع الملحمى بين النايت كينج والبشر اتخلد فى جيم اوف ثرونز فى حلقة ساعة ونص، فى حين أن الصراع بين سمية الخشاب وأحمد سعد اتخلد عندنا في 4 ساعات".

اللبناني والمصري

في 15 مايو/ آيار الجاري، استضافت بسمة وهبة، لاعب كرة القدم إبراهيم سعيد، وبعيدا عن خلافاته مع الأندية التي لعب لها، ذهبت إلى أكثر النقاط سخونة، وهي اشتباكه اللفظي مع الفنانة رانيا يوسف، عندما صرح "أنها أهانت كل رجل مصري عندما قالت أن الرجل اللبناني أكثر نظافة من الرجل المصري"، ليقوم بالرد ويقول: "هو (هل) انتي (أنتي) بتستحمي (تستحمين) أصلا؟"، ثم عقب سعيد على كلامه الحاد:  "أنا بعترف إن لساني طويل وعنيف في ردي، لكن لكل فعل رد فعل".

بدورها لم تدع وهبة الفرصة، وسعت إلى استضافة رانيا يوسف، لتقوم بالرد على لاعب كرة القدم المعتزل، وكان ردها أكثر هدوءا من المتوقع عندما أعلنت: "هناك من يسعى لتحقيق الشهرة على حسابي، فيصطاد أخطائي، أو تصريحاتي ويحاول التشهير بي، وهناك آخرون لديهم سوء نية، وأنا اتعودت (تعودت) على كده (ذلك)".

ووجهت رسالة لإبراهيم سعيد ردا على هجومه عليها، قائلة: "أكيد بستحمى (أستحم) يا إبراهيم، ومكنتش (لم أكن) أقصد إهانة الرجل المصري".

وتكمن جدلية قضية كهذه، في تجاوزها مجرد اختلاف بين فنانة، ولاعب كرة قدم، وإنما تأتي بمثابة حالة استقطاب بالغة الشعبوية، بين شعبين عربيين شقيقين، المصري واللبناني.

مقالب رامز

للسنة التاسعة على التوالي، يستمر الفنان رامز جلال، بتقديم إطار البرامج التي تنطلي على الحيلة والإيقاع بالضيف في مقالب، وتدور سلسلة رامز جلال حول فكرة ثابتة بدأت عام 2011، باستحضار نجوم مصريين وعرب إلى مقلب مريع.

في الموسم الحالي يحمل البرنامج اسم "رامز في الشلال" يستقدم ضيوفه إلى جزيرة بالي في إندونيسيا بحجة تصوير إعلان تجاري، ليتم الدفع بهم في شلال مياه خطير ثم مهاجمتهم بغوريلا مزيفة.

وتتجلى القصة، عندما يكتشف الضيف حقيقة الخطب الذي سقط فيه، ليقوم بالاعتداء اللفظي والبدني على رامز جلال، ويكيل له أشنع أنواع السباب على الهواء، ورغم "كتم الصوت" عند الشتائم، ولكنها تعبر عن مدى الحالة الهزلية التي تعرض على الشاشات في شهر رمضان.

حدث ذلك في حلقة الراقصة "فيفي عبده"، بتاريخ 6 مايو/ آيار 2019، أول أيام رمضان، عندما علمت بأنها في مقلب جلال، لتبدأ في توجيه سلسلة من الألفاظ النابية، غير الملائم عرضها على الملأ، وعلى شاشات يتابعها ملايين المشاهدين في سائر أنحاء الوطن العربي.

وأرسلت هيئة الرقابة على المصنفات الفنية خطابا إلى مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، طالبته فيه باتخاذ الإجراءات اللازمة ضد برنامج "رامز في الشلال" بحجة أنه لم يحصل على ترخيص لعرضه، لكن منتجيه أكدوا أن عرضه يقتصر على أكثر من قناة تابعة لمجموعة "إم.بي.سي" التي تبث من خارج مصر، وبالتالي ليست له علاقة بالمصنفات المحلية.

وفي رمضان الموافق للعام 2018، أعلنت "إم.بي.سي" أن مشاهدات برنامج "رامز تحت الصفر" على موقع يوتيوب تخطت 33 مليون مشاهدة على قناة رامز جلال الرسمية، و30 مليون مشاهدة على قناة الشبكة على يوتيوب.

فان دام ورمضان

في إطار السباق الدعائي للشركات خلال شهر رمضان، قدمت شركة اتصالات المصرية، إعلان "أقوى كارت في مصر"، بطولة محمد رمضان، والممثل العالمي جان كلود فاندام، صاحب التاريخ الطويل من أفلام الحركة والإثارة.

ومع أغنية "دويتو"، واستعراضات راقصة، ومعارك قتالية بين رمضان وفاندام، ينتهي الإعلان بهدف الحملة الدعائية من استعراض العروض والجوائز المقدمة من قبل الشركة، وتحقق مشاهدات تجاوزت 13 مليون مشاهدة.

أما شركة أورانج، من الشركات المنافسة للاتصالات، قررت أن تجمع بين نانسي عجرم وتامر حسني، في دويتو غنائي، كان أقل صخبا من منافستها، وتميز بالابتسامات والرقصات، ليحصد أكثر من 5 ملايين مشاهدة منذ طرح الإعلان أول أيام رمضان.

الكلمات المفتاحية