عبر استغلال الوضع الراهن.. ما السر وراء محاولات التقرب الإيراني من غينيا؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

كشفت صحيفة "نيغريسيا" الإيطالية عن مساع إيرانية لملء الفراغ الدبلوماسي والعزلة الدولية المفروضة على قائد الانقلاب العسكري في غينيا الجنرال مامادي دومبيا، لوضع يديها على الموارد الطبيعية الغنية بها البلاد خاصة "البوكسيت".  

و"البوكسيت" صخور معدنية ضرورية للصناعة الإيرانية لأنه أساس إنتاج الألمنيوم الذي يستخدم على نطاق واسع في البناء والنقل والطيران والقطاع الكيميائي.

وشهدت غينيا في 5 سبتمبر/ أيلول 2021 انقلابا عسكريا نفذه دومبيا رفقة ضباط من الجيش احتجزوا الرئيس ألفا عمر كوندي، وحلوا الحكومة وعطلوا العمل بالدستور وأغلقوا الحدود.   

يُذكر أن دومبيا تلقى عديدا من التدريبات في الخارج، لا سيما في إسرائيل وفرنسا، ما مهد له الطريق من أجل الارتقاء السريع وتولي منصب قائد القوات الخاصة التي تعتبر الوحدة الأفضل في الجيش الغيني من حيث التدريب والتسليح. 

إستراتيجية إيران

وذكرت الصحيفة الإيطالية أن الإستراتيجية التي تتبعها إيران في هذا الملف تتمثل في الاستفادة من عدم ثقة المجتمع الدولي في القوة العسكرية الانقلابية بقيادة دومبويا، ومن ثم القفز للسيطرة على مناجم الحديد والبوسكيت الكثيرة في ذلك البلد غربي إفريقيا.

وأوضحت أنه في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، تقدمت شركة تدعى Dabola-Tougué Bauxite لاستكشاف حقول جديدة غنية بهذه الموارد في البلاد.

وتعرف الشركة رسميا بكونها مشروعا مشتركا مملوكا بنسبة 51 بالمئة لإيران والباقي 49 بالمئة لغينيا، على الرغم من أنها في الواقع ممولة ويتم إدارتها بشكل حصري تقريبا من قبل الحكومة الإيرانية، وفق "نيغريسيا".

وأفادت بأن الشركة تقدمت بطلب للحصول على رخصة استكشاف في منطقة تعدين تقع في محافظة فرانه جنوب شرقي البلاد.  

وقالت إنه "من غير المؤكد أنه إذا حصلت الشركة على ترخيص أن تكون منظمة تطوير وتجديد المناجم والتعدين الإيرانية، وهي هيئة حكومية تنسق أنشطة الشركة، قادرة بالفعل على إجراء الدراسات الأولية والبدء في أنشطة التعدين الأولى في الموقع نظرا للصعوبات الكبيرة التي يمر بها الاقتصاد الإيراني".  

لذلك تفسر الصحيفة خطوة طهران على أنها تعد إشارة تقارب أُرسلت إلى الجنرال دومبويا وإلى وزير المناجم الجديد موسى ماغاسوبا.

حاجة إيران

وأفادت نيغريسيا بأن اهتمام طهران بمناجم الحديد والبوكسيت في غينيا ليس بالأمر الجديد.

وأوردت أن طهران تهدف إلى زيادة إنتاج الألمنيوم إلى 1.5 مليون طن سنويا بحلول عام 2025، إلا أن لديها حاليا أقل من مليون طن سنويا من البوكسيت داخليا.

وفي المتوسط، هناك حاجة إلى أربعة أطنان للحصول على طن واحد من الألومنيوم.

لهذا السبب تزودت إيران بانتظام لسنوات من أفغانستان بهذه المادة وتتطلع أيضا إلى غينيا، الدولة التي تمتلك أكبر كميات من البوكسيت في العالم.  

ولفتت الصحيفة إلى أن الرئيس السابق كوندي كان في الواقع مقربا جدا من الصين وتركيا وروسيا، بينما كان دائما باردا تجاه إيران لأن التعامل التجاري مع طهران يعني بالنسبة له إزعاج بعض أكبر حلفائه، لا سيما الولايات المتحدة والإمارات.  

ولفتت الصحيفة إلى أنه بعد وقت قصير من إنشائها في عام 1994، حصلت الشركة الإيرانية على ترخيص للعمل في غينيا في منطقة مساحتها حوالي 5700 كيلومتر مربع وسط البلاد، حيث يُقدر وجود نحو 600 مليون طن من البوكسيت.  

ومع ذلك، لم تتمكن الشركة التي تقودها إيران من استغلال الرواسب الغنية في المنطقة بالكامل، بسبب طبيعة المعدن المستخرج، الأمر الذي يتطلب معالجة تكنولوجية باهظة الثمن بشكل خاص لجعله قابلا للتسويق.  

ومن أجل الخروج من هذا المأزق، سعت إيران في السنوات الأخيرة إلى شركاء لبناء خطوط ربط على غرار شبكة سكك حديدية أو خط أنابيب غاز سيتم تطويره على طول طريق 300 كيلومتر، للوصول بشكل أسرع إلى الساحل لشحن البوكسيت المستخرج عن طريق البحر.

وأكدت الصحيفة أن هذه الجهود والمحاولات الإيرانية كانت دون جدوى بسبب العقوبات الدولية.

ومن 2016 إلى 2018، حاولت الشركة المشتركة الحصول على تصاريح استخراج أخرى في الحقول القريبة من الساحل إلا أن حكومة الرئيس السابق كوندي نفت دائما أي انفتاح خوفا من ردة فعل حلفائها، وفق الصحيفة.  

محاولة للإحياء

وأوضحت "نيغريسيا" أن إيران تأمل الآن بعد الانقلاب في العودة إلى اللعبة من خلال استغلال الفراغ الدبلوماسي الذي برز حتى الآن حول قائد الانقلاب دومبويا.

وبحسب الصحيفة، الفرصة سانحة أمام طهران ويجب اغتنامها خصوصا وأن شركة غينية تابعة لمجموعة غنتوت الإماراتية للمقاولات البحرية والبنية التحتية تخطط لتطوير ممرات السكك الحديدية لزيادة استغلال رواسب الحديد في المنطقة.

ورأت أن العامل المجهول يتعلق بفهم النوايا الحقيقية للجنرال دومبويا الذي يبدو أنه يميل إلى السعي لإجراء اتصالات مع الغرب.

مع الأخذ في الاعتبار ماضيه في الفيلق الأجنبي الفرنسي وفترة تدريبه العسكري في إسرائيل، لذلك "طريق طهران إلى غينيا سيكون شاقا"، تضيف الصحيفة.