خلال 2021.. لهذه الأسباب فشلت واشنطن بالانسحاب الكامل من الشرق الأوسط

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

رأى موقع إيطالي أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وضعت ثقلها خلال 2021 على المسائل الداخلية، مولية اهتماما كبيرا لمواجهة جائحة كورونا ومعالجة الأزمة الاقتصادية في البلاد. 

أما بالنسبة لجبهة السياسة الخارجية، تحدث موقع معهد تحليل العلاقات الدولية عن ثلاثة ملفات هيمنت على أجندة الرئيس الأميركي.

أولها، التحدي مع الصين، ثم مناهضة تغير المناخ وإدارة أزمة وباء كورونا على المستوى العالمي، إلى جانب الجهود المبذولة لتعزيز العلاقات مع الحلفاء "الديمقراطيين" في أوروبا وآسيا.

اختلافات مع ترامب

لاحظ الموقع الإيطالي أن انتقال السلطة من إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى بايدن كان أحد أهم أحداث العام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل عام لما حمله من تغييرات كان لها آثار متتالية في جميع أنحاء المنطقة.

وقال: الرئيس الجديد اتخذ نهجا أكثر "تواضعا" من سلفه من خلال إعطاء الأولوية للدبلوماسية من حيث الخطاب والأفعال.

وبالتالي اقتراح القطع مع سياسات الإدارة السابقة  لتجنب إعطاء وعود مفرطة حول مستوى التزام الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. 

واعتبر بأن هذا النهج يضمن في الوقت الحالي على الأقل جزئيا، عملية صنع قرار أكثر استقرارا من النموذج "الترامبي".

 

وذكر أن الأخير ركز بشكل كبير على مناهضة تنظيم الدولة، وعلى إستراتيجية "الضغط الأقصى" ضد إيران بالإضافة إلى الجهود الرامية إلى صياغة اتفاقيات تطبيع بين إسرائيل والدول العربية، الإمارات والبحرين والمغرب والسودان. 

في المقابل، اتخذت إدارة بايدن موقفا يحميها من الارتباط بشكل عميق في أزمات المنطقة وهو ما طغى على برامج الإدارات الأميركية الثلاث الأخيرة، على حد تعبير الموقع الإيطالي.

ولهذه الغاية، عين بايدن مبعوثين إلى اليمن وليبيا والقرن الإفريقي، وفتح الباب مجددا أمام إيران للمشاركة في المحادثات الدولية بشأن برنامجها النووي. 

ولفت الموقع بالقول إنه رغم هذا النهج الجديد وخلافا لأفضل التوقعات، أعاد القتال في مايو/أيار 2021 بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية حماس، إدارة بايدن مرة أخرى إلى الانشغال بهذا الصراع بشكل أعمق مما كان متوقعا. 

علاوة على ذلك، أثار الانسحاب العسكري من أفغانستان أزمة ثقة بين شركاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مما أدى إلى التزام أكبر مع العديد منهم وخاصة دول الخليج خلاف ما توقعته الإدارة.

مسائل داخلية

في الأثناء، استمر وباء كورونا في حصد آلاف الضحايا في منطقة الشرق الأوسط، متسببا في ضغط كبير على موارد الصحة العمومية بالإضافة إلى الحد من النمو الاقتصادي.

وكذلك استمر باستنزاف المالية العمومية إلى جانب زيادة معدلات الفقر والبطالة وعدم المساواة، يشير الموقع الإيطالي.

وأضاف بأن نسب التطعيم وطرق الاستجابة للجائحة تباينت بشكل كبير من بلد إلى آخر.

وأشار إلى أن أفضل النتائج جرى تسجيلها في دول الخليج الغنية بالموارد، في حين ساءت الظروف الصعبة بالفعل في البلدان ذات الكثافة السكانية العالية والتي تفتقر إلى الموارد مثل اليمن وليبيا وسوريا.

على الرغم من هذه التحديات، نوه الموقع بأن الاقتصاد الإقليمي يتعافى حاليا وعاد متوسط ​​نمو الناتج المحلي الإجمالي في عام 2021 إلى حوالي 4 بالمئة بعد انكماش بنفس النسبة في 2020. 

بدورها، استمرت أسعار النفط بالارتفاع في عام 2021 بعد الانهيار الكلي المسجل في بداية 2022، وقد ساعد ذلك في تحسين نمو الاقتصادات المنتجة للنفط، وبالتالي زيادة تدفقات الاستثمار إلى بعض البلدان غير الغنية بالنفط. 

على الصعيد السياسي، ألمح الموقع إلى توقف مسار الانتقال الديمقراطي في تونس والسودان البلدين الوحيدين المتبقيين من البلدان التي اجتاحتها موجة الربيع العربي في 2011 و2019 وعلى المراقبين الانتظار إن كان ذلك سيكون دائما أو مؤقتا فقط، وفق قول الموقع. 

أما بالنسبة للمشاكل الأهلية المستمرة في المنطقة، قال الموقع إن الصراع في ليبيا أظهر علامات خجولة نحو تحقيق حلول رغم استمرار المفاوضات بين الأطراف والدعم الدولي والتخطيط لإجراء انتخابات جديدة.

بينما تستمر الحرب في اليمن بلا هوادة مع رفض الحوثيين العروض السعودية والدولية للتفاوض والتركيز بدلا من ذلك على محاولة الاستيلاء على مدينة مأرب، في حين يواصل السعوديون تقديم دعم جوي للحكومة والقوات المناهضة للمليشيا.

كما أشار الموقع إلى أن النزاع في سوريا، ظل مجمدا في عام 2021 دون وقوع عمليات عسكرية كبيرة ولكن أيضا دون أي بوادر على إحراز تقدم نحو حل. 

في الأثناء، اندلعت حرب أهلية جديدة في إثيوبيا بين القوات الحكومية والجماعات المتمردة في إقليم تيغراي  مما أثار مخاوف من انعكاسات على القرن الإفريقي والدول المجاورة.

أزمة ثقة

على المستوى الإقليمي الخاص بهذه المنطقة، اتخذ اللاعبون الرئيسيون خطوات لتخفيف التوترات وبناء العلاقات أو إعادة بنائها، يشير المركز الإيطالي. 

ولاحظ أنه رغم محاولة دول المنطقة الاعتماد على الدبلوماسية لخفض التوترات، يتجه المشهد الأمني ​​ليصبح أكثر تعقيدا وتجزئة كل يوم.

ويرجع ذلك إلى تزايد عدد الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية التي تنشر وتستخدم أسلحة مميتة ومعقدة بشكل متزايد، وفق الموقع.

وأشار إلى تواصل التوجه نحو استخدام الطائرات المسلحة بدون طيار، الذي بدأ قبل عام 2021، وتسارعه.

 ومن الأمثلة على ذلك محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي من قبل مليشيات وتعرض القواعد العسكرية الأميركية الموجودة في سوريا والعراق إلى هجمات بهذا السلاح. 

عموما، اعتبر الموقع الإيطالي أن أهم حدث جيوسياسي في المنطقة تعلق بانسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان.

وهو ما زعزع ثقة شركاء الولايات المتحدة في المنطقة، الذين اعتمدوا على وجود واشنطن ودورها في تشكيل إستراتيجيات الأمن القومي.

في الختام، أكد مركز الدراسات الإيطالي أن "مناخا من القلق يسود على نطاق واسع المنطقة ناتج عن عدم القدرة على كبح جماح إيران أو حركة طالبان".

"لذلك فإن الفراغ الذي خلفه البيت الأبيض يعد أساس التقارب بين إسرائيل وبعض دول الخليج الذين يشتركون في نفس المخاوف من إيران، وكذلك أساس الاتصالات المتنامية بين دول الشرق الأوسط وقوى كبيرة أخرى مثل روسيا والصين".