استمرار خلافات ملف نووي إيران.. كيف يصب في مصلحة روسيا والصين وأوروبا؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

اعتبر موقع فارسي أن روسيا والصين وأوروبا، تفضل أن يبقى الملف النووي الإيراني على حاله، ليظل شاغلا الساحة الدولية ومشتتا الولايات المتحدة عن التركيز على مواجهتها مع موسكو وبكين.

وذكر موقع "إيران الدبلوماسي" في مقال للكاتب سيد علي موسوي خلخالي، أن مصالح روسيا والصين وأوروبا في بقاء الوضع كما هو عليه، وتقتصر أهداف تلك الأطراف من مفاوضات الجولة الثامنة بفيينا على عدم تقدم البرنامج النووي لطهران عن وضعه الحالي.

وتخوض إيران مباحثات في فيينا لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع الأطراف التي لا تزال منضوية فيه (فرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا). وتشارك الولايات المتحدة، التي انسحبت أحاديا من الاتفاق عام 2018، بشكل غير مباشر في المباحثات.

وبدأت مفاوضات فيينا في أبريل/نيسان 2021، وبعد تعليقها زهاء 5 أشهر بسبب الانتخابات الرئاسية الإيرانية، تم استئنافها أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2021.

وتطالب طهران في المفاوضات برفع العقوبات التي أعادت واشنطن فرضها عليها بعد انسحابها، والحصول على ضمانات بعدم تكرار الانسحاب الأميركي.

في المقابل، تركز الولايات المتحدة وأوروبا على أهمية عودة إيران لاحترام كامل التزاماتها بموجب الاتفاق، التي بدأت بالتراجع عنها عام 2019، ردا على انسحاب واشنطن.

جو مضطرب

وقال الموقع إن مفاوضات فيينا تسير في جو مضطرب يخيم عليه الغموض، ويعمل فريق المفوضين الإيرانيين على إيصال المفاوضات إلى نتيجة، إلا أنه لا يمكن توقع تقدم المفاوضات في ذلك الجو. ولا يمكن توقع نتيجة فورية لها، كما ذكر المفاوضون الروس والأوروبيون.

والحقيقة التي لا يمكن التغافل عنها هي تجربة الخمس سنوات الماضية، إذ وجه كل طرف من أطراف التفاوض انتقادات لخطة العمل الشاملة المشتركة للاتفاق النووي.

وواجهت روسيا، والصين، والولايات المتحدة، والدول الأوروبية مشاكل وانتقادات طوال هذه السنوات، لذا فكافة الأطراف ترى المفاوضات الحالية فرصة لتعويض ما فقد، أو التراجع عن النقاط محل النقد، أو إصلاحها.

وأشار الموقع إلى أن روسيا أصبحت موضع انتقاد شديد في الساحة الداخلية بعد إبرام الاتفاق النووي، لأنهم أجبروا إيران بسهولة على الغرب. لذا يريد الروس الاستفادة من الفرصة المتاحة حتى لا تتكرر الانتقادات السابقة.

وفي الوقت نفسه يتبع الروس مصالحهم، شأنهم شأن بقية الأطراف في فيينا، وإحدى هذه المصالح المهمة قضية أوكرانيا وجورجيا، وتوسع أنشطة حلف شمال الأطلسي "ناتو" على حدودهم الشرقية.

وأوضح أنه بغض النظر عن وجود تقسيم للعمل بين إيران وروسيا في فيينا أم لا، لكن موسكو تسعى عبر المفاوضات للحصول على امتيازات أكثر.

وانتقال مئة ألف من القوى الروسية إلى الحدود الأوكرانية قبل مفاوضات فيينا بيوم، أو إعلان شراء إيران أسلحة من روسيا أثناء عملية التفاوض من قبل وسائل إعلام أميركية، كل هذه الأمور ليست بالبسيطة كي يمكن التغاضي عنها بسهولة.

كما ذكر الموقع أنه على الرغم من أن صوت الطرف الصيني نادرا ما يسمع طوال فترة التفاوض، لكن بلا شك بكين أيضا تتبع مصالحها في هذه المباحثات.

فللصين مصالح في إيران لا يمكن إخفاؤها، وكانت بكين غير راضية عن توجه إيران نحو الغرب بشكل تام بعد إبرام اتفاق 2015، لذا من الطبيعي اتخاذها مسارا آخر؛ كي لا يصيبها الإحباط من جانب إيران مرة أخرى.

كما أن الصين تعيش في جو مليء بالتوتر إلى أبعد الحدود مع الولايات المتحدة منذ عام 2015، وتعود أبرز هذه التوترات إلى مسألة تايوان وبحر الصين الجنوبي. وفي مثل هذا الجو المليء بالتوتر وطأت بكين فيينا بقدمها، ومن البديهي أنها ترغب كذلك في الحصول على امتيازات من الطرف الغربي.

انقسام غربي

ولفت الموقع الإيراني أن ما يقلق أوروبا في الوقت الراهن صراع الولايات المتحدة مع الصين وروسيا.

وترى أوروبا هذا الصراع كملف أميركي لا يجديها نفعا. لأنها تعتبر الصين شريكا تجاريا مهما، ولديها مصالح كثيرة من هذه الشراكة، كما ترى روسيا المورد الأصلي لطاقتها، وكذلك جارة لا يجب استفزازها بنظرة عداء.

وربما تكون بريطانيا استثناء في هذا الوسط لأنها اختارت أن تسير علاقاتها الخارجية مع الولايات المتحدة بشكل تام، خاصة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، لكن فرنسا وألمانيا يسيران في اتجاه آخر.

فتتهم فرنسا أميركا بالاتفاق مع بريطانيا في تشكيل التحالف الأنجلوساكسوني، المعروف باسم "أوكوس"، دون إشراكها به.

وألمانيا لا ترغب بأية حال في الدخول إلى جو التوترات والنزاعات بين روسيا وأميركا على حدود أوروبا الشرقية.

وكل من فرنسا وألمانيا تدركان جيدا أن الجو الدولي في المستقبل سيكون أكثر فوضوية من الآن، لأن الولايات المتحدة تعمل على لملمة أوضاعها، وحل ملفاتها العالقة للتركيز على روسيا والصين.

فالدبلوماسيون الأوروبيون في فيينا يعلمون أن التوترات على أشدها حول معاهدة أوكوس الثلاثية بين أستراليا، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، التي تهدف إلى تعزيز الوجود العسكري الغربي في منطقة المحيط الهادي.

ومن الطبيعي أن يسعوا جاهدين إلى الإقدام على أي خطوة كي لا يتحول هذا الملف إلى أولوية بالنسبة للمجتمع الدولي. واللحن الحاد للأوروبيين تجاه إيران طوال فترة المفاوضات يرجع للسبب نفسه.

لذا يمكن القول إن أوروبا، وروسيا، والصين تفضل أن يبقى الملف النووي الإيراني على حاله، فتبحث عن حل فقط؛ كي لا يتقدم البرنامج النووي الإيراني عن ذلك.

وليبقى الوضع كما هو عليه وتظل المشكلة قائمة. حتى لا تتفرغ واشنطن بهذه السرعة لموسكو وبكين.

وأكد الموقع أن عمل الدبلوماسيين الإيرانيين خلال هذه الأوضاع صعب للغاية، كي يستطيعوا إيصال المباحثات إلى نتيجة. حيث يتم الضغط عليهم لترك طاولة التفاوض، كما يتم الضغط عليهم كي لا تصل المفاوضات إلى نهايتها.

وفي ظل الظروف الراهنة لا يمكن القول ببساطة إن المباحثات ستسفر عن نتائج في المستقبل القريب أو إن المفاوضات سهلة. ربما المباحثات تفوق بمراحل عام 2015، بل إنها أصعب، لدرجة أنها أعقد وأصعب من نظيرتها خلال الستة أشهر الماضية.