سوريا وبيلاروسيا وكازاخستان.. لماذا تفضل موسكو التعامل مع أنظمة استبدادية؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت مجلة "فورميكي" الإيطالية الضوء على دوافع التوجه الروسي لحماية الأنظمة السلطوية بصفة عامة، وخصوصا في كازاخستان، مشيرة إلى أن موسكو تفضل الحوار مع سلطة مستبدة، بحيث يمكن إدارتها والتحكم فيها بسهولة.

وذكرت أن روسيا تواصل تقديم نفسها كبديل للديمقراطيات الليبرالية التي تحاول إدارة جو بايدن ترسيخها من الولايات المتحدة كجبهة موحدة ضد الاستبداد.

أزمة كازاخستان

وقالت المجلة إن روسيا تقف إلى جانب الأنظمة الاستبدادية بهدف الترويج لنموذجها ومنع تمدد المشاكل والأزمات إلى أراضيها.

وذلك يتجلى في الأزمة التي تعيشها كازاخستان حاليا، والتي تعيد إلى الأذهان ديناميكيات حدثت في بلدان أخرى.

وأوضحت أن ارتفاع أسعار الغاز كان بمثابة فتيل لاحتجاجات انفجرت ضد النظام السياسي الذي يحكم البلاد لعقود، حيث "لا يزال الحاكم المستبد نور سلطان نزارباييف، رئيس البلاد السابق طيلة ثلاث عقود، يلعب دورا نشطا في إدارة السلطة الحاكمة والنخبة".

وأعلن الرئيس الكازاخستاني الحالي، قاسم جومارت توكاييف، في الأيام الماضية أنه أصدر أوامر للسلطات بإطلاق النار ضد من يسميهم "الإرهابيين".

وعلقت المجلة بأن وصف توكاييف للمحتجين الغاضبين بكونهم إرهابيين وعدم التفريق بينهم وبين الجماعات المسلحة التي استغلت الوضع، من شأنه زيادة القمع.

وفي 8 من يناير/كانون الثاني 2021، أعلن توكاييف أن أداء المهام الأمنية لقوات حفظ السلام التابعة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي، التي وصلت إلى العاصمة نور سلطان، أتاح إعادة نشر جزء من قوات الأمن المحلية في مدينة ألماتي لمكافحة الإرهاب.

وكانت دول المنظمة (روسيا، وأرمينيا، وقيرغيزستان، وطاجيكستان، وأوزبكستان) أعلنت في وقت سابق إرسال قوات حفظ سلام إلى كازاخستان بعد مناشدة رئيسها قادة الدول الأعضاء في المنظمة مساعدة بلاده في التغلب على ما وصفه بـ"التهديد الإرهابي".

كما أفادت الرئاسة الروسية "الكرملين" في بيان بأن الرئيس توكايف أبلغ نظيره الروسي فلاديمير بوتين في 8 يناير بأن الوضع في كازاخستان آخذ في الاستقرار.

وجاء في البيان أن بوتين أجرى اتصالا هاتفيا مطولا مع نظيره الكازاخستاني، بحثا خلاله التطورات الأخيرة في البلاد.

وذكرت المجلة الإيطالية أن مزاعم الإرهاب تشبه ما فعلته الصين في هونغ كونغ، مؤكدة أنه يندرج في إطار السرد الإستراتيجي الروسي الذي تمكنت من خلاله موسكو من ترتيب إدارتها للوضع في سوريا وبيلاروسيا.

مقاربة واضحة

ولفتت "فورميكي" إلى أن موسكو تعتبر هذه البلدان جزءا لا يتجزأ من مجال النفوذ الإستراتيجي في منطقة واسعة تشير إلى الإسقاط الموجه نحو الغرب، وتتألف من الشرق الأوسط والبحر المتوسط وآسيا الوسطى.

وأكدت بأنه في هذا السياق يرتبط الكرملين بعلاقات مباشرة مع السلطات الحاكمة التي غالبا ما يمثلها نظام مغلق ومناهض للديمقراطية بشكل أساسي، لذلك الحفاظ على هذا المسار في التواصل يعد أمرا أساسيا بالنسبة لروسيا.

من ناحية أخرى، تشرح المجلة بأن هذا يعد أيضا جزءا من صدام بين النماذج، خصوصا وأن موسكو تقدم نفسها كبديل للديمقراطيات الليبرالية التي تحاول إدارة جو بايدن ترسيخها من الولايات المتحدة كجبهة موحدة ضد الاستبداد.

واعتبرت أن إرسال وحدة عسكرية من منظمة معاهدة الأمن الجماعي يعد رسالة يبعثها الكرملين إلى السلطة في كازاخستان في مواجهة المطالب الغربية لخفض التصعيد.

ومفاد هذه الرسالة أنه "بينما يطلب منك الآخرون تجنب استخدام العنف والجلوس على الطاولة مع المحتجين والاستماع إلى طلباتهم وقبول خفض استخدام القوة، فإننا نفهمك ونرسل إليك تعزيزات للسيطرة على الاحتجاجات".

وفي الوقت نفسه، أشارت فورميكي إلى وجود مصلحة مباشرة تحتم على روسيا التدخل لا سيما وأن الوضع معقد لأنه يزيد من حالة عدم الاستقرار على الحدود خاصة في ظل الوضع في أفغانستان.

ومن جانب آخر، تشكل الاحتجاجات التي تعيشها كازاخستان سابقة يمكن محاكاتها أو يمكن أن تمتد إلى داخل الأراضي الروسية.

نهج روسي

وفي مواجهة ذلك، ترى المجلة الإيطالية أن بوتين لا يحبذ عملية تفاوض تسفر في نهاية المطاف عن تقاسم السلطة بين الأطراف والأحزاب المختلفة كحل ممكن لتلك البلدان.

وتابعت بأن "المخرج الوحيد الممكن لحل الأزمة وفق موسكو، يتمثل في وقف الاحتجاجات وقد يكون ذلك ربما عن طريق نشر معلومات مضللة، والقيام بدعاية مضادة، والترويج لرواية بديلة لصرف الانتباه عن العنف ما قد يؤدي إلى شكل أكثر وحشية من الاستبداد نفسه".

واعتبرت أن ما يهم موسكو أن يكون حوارها مع سلطة مستبدة والأفضل من ذلك أن تدين هذه السلطة عاجلا أم آجلا ببقائها في الحكم لروسيا، بحيث يمكن للأخيرة إدارتها والتحكم فيها.

وأشارت إلى أن نفس النهج الروسي شوهد في بيلاروسيا وسوريا وليبيا، وتهدف موسكو عبره إلى خفض إمكانيات تدخل الجهات الخارجية الأخرى لدعم الحركة الاحتجاجية والمعارضة وبالتالي تقلل من خطر قيام طرف آخر بإدارة عملية سياسية محتملة.

وفي تلك المناطق أيضا وصفت الأطراف المضادة للجانب الروسي بالجبهة الإرهابية، لتبرير التدخل في الصراع، تختم المجلة.