دعم إماراتي.. مجلة فرنسية تكشف تفاصيل "لقاء القاهرة" لوضع خطة انقلاب تونس

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

تحدثت مجلة جون أفريك الفرنسية عن علاقة النظامين المصري والإماراتي بالتخطيط وحماية انقلاب الرئيس التونسي قيس سعيد في يوليو/تموز 2021.

وأشارت المجلة إلى وثيقة قالت إنها محضر مسرب لاجتماع بين مسؤولين مصريين وتونسيين جرى في أبريل/نيسان من العام نفسه، بالعاصمة المصرية القاهرة، قبل انقلاب تونس.

وبما أنه لا يملك حق الوصول إلى المعلومات ما عدا البيانات الصحفية الصادرة عن الدوائر الرئاسية، فإن الرأي العام التونسي يتغذى على شائعات نادرا ما يجري توثيقها، ولكنها ذات مصداقية في بعض الأحيان.  

"التجربة المصرية"

ومن بين أكثرها تكرارا، تأثير السلطة المصرية على رأس الدولة التونسية، قيس سعيد، وفريقه.

ودعما لما كان يمكن أن يكون مجرد أسطورة أخرى، جرى تسريب محضر اجتماع عقد في أبريل 2021 في مقر المخابرات المصرية، في الوقت الذي لم يرد فيه قصر قرطاج بعد على هذه الاتهامات، وفيما يلي تسلسل الأحداث كما نقلته الوثيقة المسربة:

في 11 أبريل، بينما ذهب قيس سعيد في زيارة إلى القاهرة، استقبل رئيس المخابرات المصرية عباس كامل، وزيري الخارجية المصري سامح شكري والتونسي عثمان الجرندي.

كما استقبل مديرة ديوان رئاسة الجمهورية التونسية نادية عكاشة، في مقر المخابرات المصرية، وذلك بحضور ممثل عن دولة الإمارات العربية المتحدة هو (الأكاديمي) عبدالخالق عبدالله (مقرب من آل زايد).

وانضم إليهما المستشار في الرئاسة التونسية وليد الحجام، إضافة إلى مجدي بوذينة رئيس كتلة حزب "الدستوري الحر" (PDL) المسؤول عن التنسيق مع قرطاج والبرلمان، عن طريق تقنية التحاور بالفيديو.

وفي مجمل صفحتين، اتفق مختلف المتحدثين الذين ذكرتهم الوثيقة على الوضع المقلق في تونس وعدم الاستقرار وانعدام الأمن بسبب "حكم الإسلاميين" واقترحوا وضع حد لذلك، وفق ما نقلت المجلة. 

أفادت كل من نادية عكاشة وعثمان الجرندي، بعد إبداء إعجابهم بالتجربة المصرية التي أجراها رئيس النظام عبدالفتاح السيسي، بأن قيس سعيد يمكنه إطلاق مبادرة لكنه يرفض سفك الدماء وإثارة حرب أهلية. 

بعد ذلك كان المسؤولون التونسيون قد تلقوا طمأنة المساعدة المالية الإماراتية والدعم الكامل من نظرائهم المصريين. وهذا محتوى صريح بما يكفي لإحداث ضجة في تونس، وفق المجلة. 

وأردف: تتعامل مجموعة "مواطنون ضد الانقلاب"، مع الوثيقة بجدية بالغة. وصرح نائب تونسي سابق عن المحتوى وقال: "هذه دعوة للتدخل الأجنبي".

وفي تونس أيضا تتساءل الطبقة السياسية عن الروابط التي تجمع بين قيس سعيد والحزب الدستوري الحر، الذي يحن إلى نظام زين العابدين بن علي السابق بشكل علني.

تعتزم المجموعة بعد التأكد من الوثيقة، رفع شكوى ضد من حضروا هذا الاجتماع، بمن فيهم مديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة ووزير الخارجية عثمان الجرندي بتهمة "التواطؤ مع قوى خارجية".  

بالنسبة للبعض، فهي ليست أكثر ولا أقل من خيانة عظمى، يعاقب عليها بالإعدام في تونس، ولكنها أيضا تظهر الولاء للسيسي.

"ما زالوا هناك"

وعلق مسؤول بروتوكولات، سابق في وزارة الخارجية التونسية على الوثيقة بقوله أنه "خلال زيارة رسمية، لا تذهب إلى مقر المخابرات كما لو كنت ترد على أمر استدعاء، حتى لو كانت دولة شقيقة". 

وأردف: "كان من الممكن أن تستقبل وزارة الخارجية الجميع دون أن يشكل ذلك مشكلة، لكن المصريين وضعوا المقربين من قيس سعيد في موقع الخونة لوطنهم".

وكتب أمين عام الاتحاد التونسي للشغل محمد لسعد عبيد تعليقا على ذلك “يجب أن يعلم الجميع بأن التخابر مع الأجنبي جريمة حكمها الإعدام. أين النيابة العمومية العسكرية لكي توجه لهم تهمة الخيانة العظمى والتآمر على الوطن وعلى الأمن القومي؟”. 

وأرفق عبيد التدوينة بصور للمسؤولين التونسيين الحاضرين في الاجتماع.

وكتب أنور الغربي مستشار الرئيس السابق منصف المرزوقي: “تعتبر الوثيقة التي نشرها موقع "ويكيليكس بالعربي" تأكيدا لما سبق وأكدنا عليه مرارا بأن ما حدث هو مجرد تنفيذ لأجندات خبيثة تسعى لتدمير المسار في تونس وإلحاق البلاد بمحور الخديعة والشر. 

وأردف: "الرجاء من السادة المحامين الشرفاء الاهتمام بالموضوع والتقدم للقضاء لاستدعاء الأشخاص الواردة أسماؤهم في هذه المراسلة الرسمية والتي توثق ما سبق ونشرناه".

وتابع: "أنا على استعداد كامل للمشاركة في القضية كطرف متضرر من الانقلاب”.

وكانت مصر من أولى الدول التي دعمت انقلاب قيس سعيد على الدستور التونسي قبل أن تتصدر قائمة الدول المرحبة بتشكيل الحكومة الجديدة غير المصدق عليها من قبل مجلس النواب. 

وعين سعيد، نجلاء بودن رئيسة للحكومة التونسية في 29 سبتمبر/ أيلول. وتتزايد كتلة الافتراضات حول دور مصر في إعادة التشكيل السياسي التي بدأت في 25 يوليو 2021. 

ظهرت على السطح جملة قصيرة من نجلاء بودن، تحدثت على هامش المؤتمر الدولي حول ليبيا في باريس في 12 نوفمبر/تشرين الثاني، بعد مقابلة مع السيسي.

وقد قالت بودن خلال ذلك المؤتمر إنه من "من مصلحة تونس الاستفادة من نجاح التجربة المصرية في ظل القيادة الملهمة للرئيس المصري وفي تبادل الخبرات التنموية ، من خلال التنسيق الثنائي المكثف في جميع المجالات ، لاسيما الاقتصادية والأمنية".

وانتقد ناشطون في تونس التصريحات المتداولة لبودن، مشيرين إلى أنها تسعى إلى استلهام تجربة السيسي في قمع الشعب وتضييق الحريات والبطش الأمني وبناء السجون، والديون المتراكمة داخليا وخارجيا، والتدهور الاقتصادي.

ووصف آخرون تصريحات بودن بالخطيرة، قائلين إنها توحي بما يخطط له قيس سعيد وحكومته للشعب التونسي، وأن الرئيس يسير بخطوات متسارعة لقمع مواطنيه وتخوين المعارضة، وضرب واعتقال المتظاهرين.

وفي تصريحاته الأولى بعد 25 يوليو، ذكر قيس سعيد دعم الدول الصديقة والشقيقة، بينما تحدث مستشار سفارة أوروبية، في أكتوبر/تشرين الأول بقول "آه، إنهم ما زالوا هناك"، في إشارة إلى الوجود غير العادي لمستشاري الأمن والأزمات المصريين في قرطاج.

وكان موقع “ميدل إيست آي” البريطاني حذر في أبريل من “انقلاب دستوري هادئ” للرئيس قيس سعيد للقضاء على خصومه وتعزيز سلطاته الرئاسية، عبر التلاعب بتفسير دستور البلاد ما بعد الربيع العربي.

كما تحدث الموقع عقب إعلان الرئيس عن تدابيره الاستثنائية عن وجود مسؤولين عسكريين وأمنيين مصريين وإماراتيين في قصر قرطاج لمساعدة الرئيس سعيد على تنفيذ “انقلابه”.

وأشار إلى أنهم عذبوا رئيس الحكومة المقال هشام المشيشي لإرغامه على قبول الاستقالة، وهو ما نفاه الأخير في وقت لاحق.