الأكثر أتباعا عام 2075.. لهذا ينمو الإسلام بينما يتراجع التدين في العالم

إسماعيل يوسف | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

"الإسلام ليس الدين الأسرع نموا في العالم اليوم فحسب، بل يتوقع أن يكون أكثر دين اتباعا بحلول عام 2075، بينما ستتراجع المسيحية والتدين عموما في العالم".

بهذه العبارة ودع مركز بيو للأبحاث الأميركي (مستقل وغير حزبي ومقره واشنطن) عام 2021، وهو يذكر العالم بحقائق عن السنوات المقبلة فيما يخص الأديان، في عرض لعدة دراسات وتقارير على موقعه الإلكتروني.

يقول المركز  إنه بحلول عام 2050 سوف يساوي عدد المسلمين تقريبا عدد المسيحيين حول العالم، إذا استمرت معدلات النمو السكاني الحالية على ما هي عليه الآن.

وسيصبح الإسلام، الذي هو الدين الأسرع نموا في العالم اليوم، أكبر دين له أتباع بحلول عام 2075، وستفقد المسيحية مكانتها كالديانة الأكثر انتشارا عالميا، لصالح الإسلام بنهاية القرن الحادي والعشرين، وفق مركز بيو.

صعود الإسلام

وذكر تقرير للمركز في سبتمبر/أيلول 2020 أن عدد المسلمين سينمو بأكثر من ضعف سرعة نمو إجمالي عدد سكان العالم بين عامي 2015 و2060، وسيتفوقون في النصف الثاني من القرن الـ21، على المسيحيين ليشكلوا أكبر مجموعة دينية في العالم.

وأوضح التقرير أن المسلمين سيبلغون ثلاثة مليارات نسمة وسيصبحون أكبر جماعة دينية على الأرض عام 2060.

وأضاف أنه في بداية القرن العشرين كان للمسيحية أكبر عدد من الأتباع بنحو 560 مليونا، مقارنة بـ200 مليون مسلم فقط، حيث كان المسيحيون يمثلون 34 بالمئة من سكان العالم، بينما شكّل المسلمون 12 بالمئة.

لكن هذا الفارق بين السكان المسيحيين والمسلمين تقلص بشكل كبير، وفق التقرير، خلال القرن العشرين لصالح الإسلام فأصبح الدين الأسرع نمواً في جميع أنحاء العالم، واستمر نموه في القرن الحادي والعشرين.

وتشير دراسة لموقع "أطلس العالم" في 20 يونيو/حزيران 2019 حول "أسرع الأديان نموًا في العالم" أنه من المتوقع أن يرتفع عدد المسلمين إلى 333 مليون بحلول عام 2060. 

وتوقعت أن تزداد أعداد المسلمين حول العالم مِن 1.8 مليار في عام 2015 إلى ثلاثة  مليارات حتى 2060.

وسيمثلون تقريبا 31.1 بالمئة من نسبة سكان العالم، بعد أن كانوا 24.1 بالمئة عام 2015، ومن المتوقع أيضا أن يتضاعف معدل النمو من 32 بالمئة إلى نحو 70 بالمئة.

ووفق موقع "تعداد العالم" يقدر تعداد المسيحيين في 2021 بـ 2.38 مليار نسمة، مقابل 1.91 مليار مسلم، يليهم الهندوس بـ1.16 مليار، ثم البوذيون بـ507 ملايين.

أسباب الصعود 

ويمكن تلخيص أسباب سرعة نمو أعداد المسلمين وفق مركز "بيو" و"أطلس العالم" في أربعة أسباب.

أولها أن المسلمين الأصغر سنا في العالم حيث يبلغ متوسط أعمارهم 24 عاما، وهو معدل عمري قليل مقارنة مع الديانات الأخرى.

وثانيها أن المسلمين ينجبون أطفالا أكثر وتعتبر معدلات الخصوبة عالية لديهم بمعدل 2.9 طفل لكل مسلمة، مقارنة بـ 2.2 لغير المسلمات.

وثالثا أن مناطقهم هي الأسرع نموا مستقبلا، حيث يعيش نحو أكثر من ثلثي المسلمين في الشرق الأوسط وإفريقيا وهي مناطق يتوقع أنها ستشهد أسرع نمو في العقود المقبلة.

ورابعا أن عديدا من المسلمين يميلون إلى الهجرة للدول ذات الأغلبية غير المسلمة كأوروبا والأميركتين، التي تشهد بالفعل تحولا سكانيا نحو الإسلام.

وتظهر بيانات "بيو" أنه بحلول عام 2050 سيمثل المسلمون ما يقرب من 1 بالمئة من أوروبا، و2 بالمئة في الولايات المتحدة.

في الجهة المقابلة، تشير الإحصاءات إلى أنه من المتوقع أن يعيق التحول الديني المتزايد عن المسيحية، نموها بما يقدر بنحو 72 مليون نسمة، بين 2015 و2060.

بينما من غير المتوقع ارتداد مسلمين وألا يكون للتحول بين الأديان أي آثار سلبية على المسلمين "لأن لديهم عقوبات صارمة فيما يتعلق التحول الديني"، بحسب "بيو".

ويؤكد تقرير بثته شبكة تلفزيون الصين الدولية في سبتمبر/أيلول 2021 أن الملايين تحولوا للإسلام في أميركا والعالم منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 بسبب تعرفهم عن قرب على الإسلام، ما جعله الدين الأسرع نموا في أميركا.

ويرجع التقرير انتشار الإسلام في أميركا والعالم إلى أن المسلمين هم أصغر السكان سنا عالميا، بسبع سنوات من متوسط ​​عمر غير المسلمين، ما يعني أن المزيد من الشباب المسلمين سيحلون محل غير المسلمين الأكبر سنا في العالم.

مسلمو الهند

بحسب دراسة أخرى لمركز "بيو" في 21 سبتمبر/أيلول 2021، سيتمدد الإسلام حتى في أكبر بلد معاد له، وهي الهند التي تشهد هجمات منتظمة ضد المسلمين تدفعهم للهجرة.

وفق الدراسة، ستحظى الهند بأكبر عدد من السكان المسلمين في العالم بعد ثلاثة عقود، حتى إن مسلمي الهند سيكون عددهم أكبر من نظرائهم بإندونيسيا التي تضم حاليا أكبر عدد من المسلمين حول العالم.

وأرجعت السبب إلى "تمتع المسلمات في الهند بمعدلات خصوبة أعلى من المجموعات الأخرى، ففي عام 1992، كان لدى المرأة المسلمة في المتوسط ​​طفل واحد على الأقل أكثر من المتوسط ​​الهندوسي أو المسيحي أو البوذي أو السيخ أو الجاين". 

لكن بين عامي 1951 و2011، نمت حصة المسلمين في الهند بنحو 4 نقاط مئوية، بينما انخفضت حصة الهندوس بنحو 4 نقاط، ولا تزال تنمو، ما يعني نمو المسلمين بشكل أسرع إلى حد ما من المجموعات الأخرى.

وبحلول عام 2015، انخفضت معدلات الخصوبة في جميع الفئات، ونتيجة لهذه التحولات، تقلصت فجوة الخصوبة بين النساء المسلمات والهندوسيات في الهند من 1.1 إلى 0.5 طفل.

ووفقا لتوقعات "بيو" سيزداد عدد السكان المسلمين في الهند بين عامي 2015 و2060 بنسبة 70 بالمائة بينما سيزيد المسيحيون بنسبة 34 بالمائة وسيشهد الهندوس زيادة بنسبة 27 بالمائة.

ويشكل الهندوس حاليا 79.8 بالمئة من سكان الهند والمسلمون 14.2 بالمئة بينما المسيحيون والسيخ والبوذيون والجاين يشكلون معظم نسبة الـ6 بالمئة المتبقية.

العزوف عن التدين

ورصد "بيو" في تقرير بتاريخ 14 ديسمبر/كانون الأول 2021 حول "المسيحية في أميركا" أن حوالي ثلاثة من كل عشرة أشخاص بالغين في الولايات المتحدة هم الآن لا يعتنقون دينا.

وأضاف أن عدد الذين يعرفون أنفسهم بأنهم مسيحيون، انخفض من 75 بالمئة قبل عقد من الزمن، إلى 63 بالمئة من سكان الولايات المتحدة عام 2021.

وهؤلاء يصفون أنفسهم بأنهم ملحدون أو لا أدريين أو "لا شيء على وجه الخصوص" عندما يسألون عن هويتهم الدينية، بينما يعتبر أربعة من كل عشرة أشخاص بالغين في الولايات المتحدة أن الدين "مهم جدا" في حياتهم.

ويقول ربع البالغين في الولايات المتحدة إنهم يحضرون الشعائر الدينية الأسبوعية مرة أو مرتين على الأقل شهريا، خصوصا البروتستانت الإنجيليين السود ثم البيض.

كما أكد استطلاع لمعهد "غالوب" نشرته صحيفة "تايمز" البريطانية في 31 مارس/آذار 2021، أن التدين في أميركا عند أدنى مستوى له منذ 80 عاما، وأن 47 بالمئة فقط من المستطلع آراؤهم قالوا إنهم يعتنقون دينا.

كما لم يعد معظم الأمريكيين يعتبرون أنفسهم أعضاء في كنيسة ما أو أي طائفة دينية منظمة أخرى، لأول مرة منذ ما يقرب من قرن من الزمن.

وأظهرت نتائج الاستطلاع، تراجعا في عضوية الكنيسة وانخفاض أكبر بين الكاثوليك، من 76 بالمئة إلى 58 بالمئة، مقارنة بالبروتستانت، من 73 بالمئة إلى 64 بالمئة.

وتستند نتائج الاستطلاع إلى بحث امتد لثلاث سنوات من 2018 وحتى 2020 وبيانات تعود لأكثر من 6000 شخص بالغ.

أسباب التراجع

وقبل هذا حذر تقرير لمجلة "فورين بوليسي" في أكتوبر/تشرين أول 2020 من أن التدين يتراجع في العالم باستثناء الدول الإسلامية.

ونقلت المجلة الأميركية عن متخصصين في الأديان أنه بعد صعود التدين في مطلع القرن الحالي، شهد العالم موجة معاكسة من تراجع التدين في العالم، باستثناء المسلمين.

وأوضحت أن نزعة التدين زادت خلال السنوات الأولى من القرن الـ21 حيث ترك انهيار الشيوعية والاتحاد السوفيتي فراغا أيديولوجياً سعت المسيحية الأرثوذكسية في روسيا ودول ما بعد الاتحاد السوفيتي لملئه.

وأضافت أن انتخاب جورج دبليو بوش رئيسا للولايات المتحدة وهو مسيحي إنجيلي، جعل المسيحية الإنجيلية آخذة في الصعود هناك باعتبارها قوة سياسية في البلاد.

لكن هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2021، لفتت الانتباه الدولي نحو تنامي قوة الإسلام السياسي في العالم الإسلامي، وفق المجلة.

وشرحت كيف أن الناس أصبحوا أكثر تدينا خلال تلك الفترة من عام 1981 إلى 2007 في 49 دولة تمثل 60 بالمئة من سكان العالم شملتها الدراسة، لاسيما في معظم الدول الشيوعية السابقة.

وأوضحت أن هذا الوضع يتغير بسرعة مذهلة منذ عام 2007، حيث أصبح السكان في 43 دولة من أصل 49 باتوا أقل تدينا بحسب إحصاءات 2019.

وذكرت المجلة أن "أكثر الدول الغربية تدينا هي الأكثر فسادا على الرغم من أن بعض المحافظين يحذرون من أن الابتعاد عن الأديان يؤدي إلى انهيار التماسك الاجتماعي والأخلاق العامة".

وأرجعت ظاهرة تراجع الالتزام بالدين إلى سياسات بعض قادة الولايات المتحدة، وخصوصا المواقف المتطرفة للتيار الإنجيلي الذي يتبناه الرئيس السابق دونالد ترامب والمحافظون الجمهوريون.

وأشارت إلى أن تبني الحزب الجمهوري مواقف مسيحية متطرفة أدى إلى خلق حالة نفور من الدين في أوساط الشباب وأصحاب الثقافة الليبرالية.

وأضافت أن دعم عديد من الإنجيليين البارزين لترامب، رغم أنه رجل لا يمكن وصفه بأنه نموذج للفضيلة المسيحية، أدى إلى إثارة خوف الآخرين وانصراف الشباب عن كنائسهم.

وبينت أن التقارير الأخيرة المتعلقة باعتداءات جنسية ارتكبها قساوسة ينتمون للكنيسة الكاثوليكية كانت وراء أعداد كبيرة من الأميركيين البالغين عن حضور قداسات الكنيسة. 

وأشارت فورين بوليسي إلى أن ما يحدث في العالم الإسلامي عكس ذلك، حيث تشير الإحصاءات إلى أن 18 دولة إسلامية تشكل غالبية المسلمين لا تعاني من هذه الظاهرة، بسبب عدم وجود بالإسلام هذه التناقضات التي تعاني منها المسيحية في الغرب.