أميركا أشعلت الأزمة.. ما الذي يمنع روسيا من غزو أوكرانيا؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع "إيل سوسيدارياوا" الإيطالي الضوء على تنامي الأزمة على حدود أوكرانيا الشرقية، معتبرا أن المواجهة الجيوسياسية بين الولايات المتحدة وروسيا هناك تتغذى على عوامل أنثروبولوجية تتجاوز العوامل الإستراتيجية البحتة.

وتتهم أوكرانيا روسيا بحشد أكثر من 100 ألف جندي قرب حدودها تمهيدا لمهاجمتها بحلول نهاية يناير/كانون الثاني 2021، كما تواترت تصريحات غربية عن حشود عسكرية روسية غير عادية على الحدود مع أوكرانيا.

غير أن روسيا نفت أنها تخطط لغزو أوكرانيا، ووصفت تقارير هذا الأمر بأنه دعاية كاذبة، متهمة كييف بالتخطيط للتصعيد عسكريا في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا، وتشهد هذه المنطقة منذ 2014 صراعا عسكريا بين القوات الأوكرانية والانفصاليين الموالين لروسيا.

وفي 17 ديسمبر/ كانون الأول 2021 طرحت روسيا قائمة مطالب على الغرب للتهدئة، تتضمن سحب قوات حلف شمال الأطلسي "ناتو" من بولندا، وإستونيا، ولاتفيا، وليتوانيا، وجميع تلك الدول كانت تمثل الحدود الغربية للاتحاد السوفييتي قبل انهياره عام 1991.

قلب المواجهة

وقال الموقع الإيطالي إن الأزمة الأوكرانية باتت في الأيام الأخيرة قلب المواجهة والصراع بين الولايات المتحدة وروسيا.

فمن ناحية، تردد الولايات المتحدة خطاب طموحات الإمبراطورية السوفييتية التي ترغب في العودة إلى المشهد الحالي كقوة وامتداد إقليمي، ومن ناحية أخرى تواصل روسيا سردها لهوية أساسية واحدة للدول "الروسية".

وأكد الرئيس فلاديمير بوتين في مقالة نشرت على موقع الرئاسة الروسية في يوليو/ تموز 2021 أن روسيا وأوكرانيا يشكلان شعبا واحدا والسيادة الحقيقية لكييف ممكنة فقط بالشراكة مع موسكو.

واعتبر الموقع أن الخطاب الروسي أكثر تبريرا، خصوصا وأنه مدعوم بماض من آلاف السنين لشعوب جمعتهم اللغة والدين والعادات والتوترات العسكرية والاجتماعية.

ولفت إلى أن الأجهزة الأميركية تتحدث في تقاريرها الأخيرة عن طموحات روسية جديدة لإحياء قوة سوفييتية قديمة.

وأضاف أن الواقع يبدو أكثر تعقيدا في أوكرانيا، حيث توجد حكومة موالية للغرب بفضل انقلاب 2014 الذي دبرته الولايات المتحدة.

وأوضح أن سبب هذا التعقيد يكمن في حقيقة أن "الولايات المتحدة تعيش داخل أعماق الأنثروبولوجيا لشعب من أصل أوروبي، يعشق حب الهوية الروسية بقداسة دون أن يعبر عن ذلك".

فوفق الموقع "الأسطورة الأميركية عن المساحات اللامتناهية والأشخاص الأحرار في مواجهة القدر تجد في المساحات الروسية التي لا نهاية لها أساطير حية وجديدة، لا تزال تنبض بالعواطف".

وتابع: "بالنسبة لجزء كبير من الأميركيين العاديين، أصبحت روسيا بضخامتها وجمالها أفق هوية، تواجه واقعا يطرح صعوبات لا نهاية لها".

واستدل على ذلك بما يحصل من انقسامات في المجتمع الأميركي نتيجة النزاعات العرقية والخلافات الاقتصادية والاختلالات بين أقاليم البلاد، إلى جانب الهجرة من أميركا اللاتينية.

قراءات مختلفة

على الجانب الروسي، يصطدم الغزو الوشيك لأوكرانيا وفق الموقع بعقبات عديدة تختلف تماما عن كثير من المقالات التحليلية في الصحف المتخصصة.

وثمة قراءات بأن "غزو روسيا لأوكرانيا خدعة في جوهره، خصوصا وأن التكلفة المادية والاقتصادية ستكون مرتفعة للغاية بالنسبة لاقتصاد يمر بأزمة وصغير مثل الاقتصاد الروسي".

واستدرك: "في الواقع، يمكن للمرء أن يختلف بسهولة مع مثل هذه القراءات، أولا، الاقتصاد الروسي ليس صغيرا ولا يمر بأزمة".

 ثانيا، "يتعلق العائق الحقيقي الذي يواجهه بوتين في الهوية المشتركة بهوية الروس، المكونة من أوكرانيا وروسيا وبيلاروسيا وجورجيا وأرمينيا".

وفي السياق، اعتبر الموقع الإيطالي "الصراع منخفض الحدة في دونباس بين الأوكرانيين والجمهوريات المتمردة الموالية لروسيا الذي تسبب في مقتل حوالي 14 ألف شخص منذ عام 2014 حتى اليوم، بأنه حمام دم يشعر المسؤولون بالخجل الشديد حياله في العاصمتين كييف وموسكو".

وقال إن "كل هذا دبرته وكالة المخابرات المركزية الأميركية باستخدام الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي" مشيرا إلى أن "حديث الأخير في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2021 عن انقلاب محتمل مخطط له في الأول أو الثاني من ديسمبر/كانون الأول كان مجرد ادعاءات".

واعتبر بذلك بأنه "فقد كل مصداقيته مؤكدا بشكل كامل بأنه خضع للتلاعب من قبل الولايات المتحدة".

على جانب آخر، أشار الموقع إلى أنه "عندما يتعلق الأمر بتايوان، لا تفعل الولايات المتحدة شيئا لإنكار مشاركتها العسكرية في نزاع محتمل مع الصين ولكن عندما يتعلق الأمر بأوكرانيا، أول ما يؤكد عليه المسؤولون في واشنطن الغياب المطلق لأي نية للمشاركة العسكرية المباشرة".

وأوضح أن السبب بسيط ويتمثل في أن القوة الوحيدة التي تخشى الولايات المتحدة على المستوى العسكري مواجهتها هي روسيا، لكن الوضع متوازن من نواح أخرى بحقيقة أن الولايات المتحدة تعد القوة الوحيدة التي تتفوق في الإنتاج العسكري على الاتحاد الروسي.

وتابع بأن حجر الزاوية في هذا التوازن يتمثل في الأسلحة النووية لذلك أي انتهاك لهذا المبدأ يعني تعريض العالم للدمار.

كما أشار الموقع إلى الناتج المحلي الإجمالي الروسي الصحيح يساوي حوالي 40 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي الأميركي.

وعلق قائلا إن "هذا يفسر لماذا نتحدث على المستوى العسكري عن كون البلدين يظلان القوتين الكبيرتين الوحيدتين والحقيقيتين".