مخاوف آسيا الوسطى.. هكذا دفعت قرغيزستان نحو روسيا والصين

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

تتميز سياسة قرغيزستان الخارجية بعلاقات مرنة متعددة مع اللاعبين الرئيسين في المنطقة بسبب حاجة البلد إلى الاعتماد على الموارد المالية الخارجية وكذلك نتيجة لمشهد داخلي مضطرب ومشتت.

وفي هذا الشأن، أشارت صحيفة "إيل كافي جيولوليتيكو" الإيطالية إلى أنه منذ إغلاق القاعدة الأميركية عام 2014، بدأت قرغيزستان تقترب أكثر فأكثر من حليفها الروسي التاريخي وحليفتها الجديدة الصين.

يستند رد فعل العاصمة بيشكيك على عودة طالبان إلى الحكم في كابول المجاورة في أغسطس/آب 2021 إلى سياسة ودية تعزز الحل العملي للمخاوف التي تطرأ في آسيا الوسطى.

علاقات مرنة

أوضحت الصحيفة الإيطالية أن السياسة الخارجية لقرغيزستان تتميز بطبيعة متعددة التوجهات للعلاقات المرنة والمتينة مع الدول المجاورة واللاعبين الإقليميين الرئيسين، بسبب الموقع الجغرافي للبلاد وماضيها مع روسيا وكذلك ندرة الموارد الطبيعية الموجودة فيها. 

تقع قرغيزستان بجوار كل من الصين وأفغانستان اللتين تعدان مصدران لعدم الاستقرار، وفق قول الصحيفة الإيطالية.

ومنذ استقلاله عن الاتحاد السوفييتي، كان البلد الآسيوي بحاجة إلى إيجاد ممولين ومانحين أجانب من أجل التعامل مع المشاكل الاقتصادية والاجتماعية نتيجة التأثيرات السلبية للمصالح الروسية في منطقة آسيا الوسطى، وأيضا نتيجة لقلة الموارد الطبيعية. 

لفتت الصحيفة إلى أن قرغيزستان كانت تعتبر الدولة الأكثر انفتاحا من حيث تعددية التوجهات بين جميع دول آسيا الوسطى الخمس، لا سيما تحت قيادة الرئيس الأسبق عسكر عكاييف.

وذكرت أن الأخير تمكن من الحفاظ على علاقات جيدة مع كل من الولايات المتحدة وبوريس يلتسين أول رئيس لروسيا الاتحادية بعدما تفكك الاتحاد السوفييتي سنة 1991.

إلا أن عوامل خارجية ساهمت في تعزيز  تقارب هذا البلد مع روسيا في عهد الرئيس الحالي فلاديمير بوتين. 

وتابعت بأنه بعد هروب عكاييف في عام 2005 في أعقاب الثورة الملونة، اتجهت السياسة الخارجية لقرغيزستان إلى روسيا مع صعود الرئيس السابق كرمان بك باكييف إلى السلطة. 

والثورة الملونة هي الانتفاضات الشعبية المنظمة التي حملت أعلاما وشارات ذات لون مميز وكانت قد اجتاحت منطقة آسيا الوسطى خلال السنوات الممتدة بين 2003 و2007.

وتمكنت الثورة الخزامية الصفراء بلون زهرة الخزامى المندلعة في ربيع 2005 في قرغيزستان من الإطاحة بنظام الرئيس عسكر عكاييف الذي كان مواليا لروسيا. 

وأخرجت المعارض كرمان بك بكاييف من السجن ونصبته رئيسا للبلاد قبل أن يجري خلعه في عام 2010 عن طريق انقلاب. 

وفي عام 2011، حقق رابع رئيس للبلاد ألمازبيك أتامباييف أعلى مستوى من الاصطفاف إلى روسيا في فترة ما بعد الاتحاد السوفييتي من خلال إغلاق قاعدة غانشي ماناس الأميركية في عام 2014. 

جاء ذلك على الرغم من جهود واشنطن  وفترة قصيرة من موازنة العلاقات مع روسيا والولايات المتحدة خلال فترة الرئاسة القصيرة لروزا أوتونباييفا في 2010، تشير الصحيفة الإيطالية.

في المقابل، ركز الرئيس السابق للبلاد سورونباي جينبيكوف، منذ أن تولى منصبه عام 2017، بشكل أكبر على إستراتيجية سياسة خارجية أكثر توازنا تستند أكثر إلى التعددية في التوجهات والعلاقات الخارجية. 

وبعد أن اضطر جينبيكوف إلى الاستقالة، أصبح صدير جاباروف المثير للجدل رئيسا جديدا عام 2021 ومعه ركزت السياسة الخارجية على العلاقات مع روسيا والصين، وفق قول إيل كافي جيوبوليتيكو.

التقارب مع الحلفاء

بينت الصحيفة الإيطالية أنه بعد إغلاق قاعدة ماناس العسكرية الأميركية عام 2014، والذي أدى إلى نهاية وجود واشنطن في جمهورية الاتحاد السوفييتي السابق، تمحورت السياسة الخارجية لبيشكيك حول علاقات متوازنة مع روسيا والصين. 

وبحسب الصحيفة، تريد كلتا القوتين جذب قرغيزستان إلى مجال نفوذهما والاستفادة من العلاقات التاريخية والثقافية والاقتصادية معها. 

تحديدا، يرتبط تأثير موسكو على أجندة قرغيزستان ارتباطا وثيقا بمجال الطاقة، خاصة من خلال شركة غازبروم، تذكر الصحيفة الإيطالية. 

بفضل الشراكة الإستراتيجية مع حليفها القرغيزي، تسمح الشركة الروسية لقرغيزستان بتلقي الاستثمارات وتحديث البنية التحتية للغاز في البلاد، ثم إعادة إطلاق صورة روسيا كمورد عالمي للغاز. 

من ناحية أخرى، نوهت الصحيفة بأن العلاقات مع الصين تكثفت بعد حل النزاعات الإقليمية على الحدود، وهو ما أسهم في زيادة التجارة بين البلدين. 

وبذلك استنتجت "إيل كافي جيوبوليتيكو" بأن السياسة الخارجية المضطربة التي انتهجتها قرغيزستان، تشير الآن إلى تفضيلها التقارب مع الحليف الروسي التاريخي.

كما أنها تفضل التقارب مع الحليف الصيني الجديد في مقابل إغفال العلاقات مع الولايات المتحدة.

في سياق منفصل، قالت الصحيفة إن "عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان أثار مؤخرا توترات في دول آسيا الوسطى، التي تخشى نمو التطرف الإقليمي، وكذلك الأزمة الاقتصادية التي قد تتسبب في موجات من اللاجئين وفقدان استثمارات مهمة". 

وترى بأن قرغيزستان نفذت سياسة ودية تجاه حكومة طالبان الجديدة بهدف حل المخاوف بطريقة عملية، لا سيما من خلال المساعدات الإنسانية لتجنب وقوع كارثة أخرى من شأنها أن تفاقم من حالة عدم الاستقرار في أفغانستان. 

وأوضحت الصحيفة بأن نهج بيشكيك الدبلوماسي تجاه طالبان يعتمد على الرغبة في إحلال السلام والاستقرار في المنطقة، وبالتالي يدفع باتجاه تشكيل حكومة أفغانية شاملة، ولكن دون إعطاء تعريف واضح للشمولية. 

علاوة على ذلك، تأخذ قرغيزستان في نهجها الدبلوماسي تجاه كابول في الاعتبار مصالح الحليفين روسيا والصين، تشير الصحفية. 

وختمت بالتذكير بأن الرئيس جاباروف رفض فكرة إعادة إنشاء قاعدة أميركية على أراضيه لتجنب أن يحدث ذلك اضطرابات في العلاقات مع الحليف التاريخي الروسي.