تجييش عسكري.. هل تحول الصين تهديداتها بغزو تايوان إلى حقيقة؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة "لينتا دوت رو" الروسية عن الصراع العسكري بين الصين وتايوان، وجهود الأولى المستميتة لضم الأخيرة إليها وسط حديث عن قرب الحرب بينهما.

وأوضحت الصحيفة في مقال للكاتبة أنجيليكا بيريزنايا أن الحزب الشيوعي الصيني أعاد نظره إلى تايوان بعد أن تعامل مع الاحتجاجات المدنية في هونغ كونغ وحرم المنطقة من الحكم الذاتي السياسي.

هذه الجزيرة هي آخر إقليم يتمتع بالحكم الذاتي في الصين، التي يعتبر افتقارها إلى السيطرة تهديدا لشرعيتها.

مع ذلك، فإن "الأعمال العدوانية" الصينية ضد هونغ كونغ وضعت حدا للجهود الدبلوماسية لبكين، وفاقمت الرغبة التايوانية في الاستقلال. 

تهديد بالغزو

والآن تهدد الصين تايوان بشكل متزايد بغزو عسكري، وتحديث القواعد العسكرية، وإجراء تدريبات واسعة النطاق للاستيلاء على الجزيرة فيما تغزو القوات الجوية الصينية مجالها الجوي بانتظام. 

على خلفية النشاط العسكري المتزايد لجمهورية الصين الشعبية، أنشأت أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة تحالفا عسكريا يدعى "أوكوس" في 15 سبتمبر/أيلول 2021.

أحد أهداف التحالف مواجهة التهديد الصيني في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وحماية تايوان. 

وتساءلت الصحيفة: هل الصين مستعدة لحل قوي لقضية تايوان، وما هي عواقب مثل هذه الخطوة وما هي فرص أن تصبح الأخيرة دولة مستقلة؟

الكاتبة أجابت أن العلاقات بين الصين وتايوان تصاعدت إلى الحد الأقصى خلال العام 2020.

وصمم الرئيس الصيني شي جين بينغ على إنهاء فكرة انفصال الجزيرة، ويصر على التوحيد السلمي وهو مبدأ "دولة واحدة — نظامان".

في الوقت نفسه تعلن رئيسة تايوان "تساي إنغ ون" عن استعدادات جادة لشن حرب غير متماثلة مع الصين. 

وأرسل جيش التحرير الشعبي الصيني 150 طائرة إلى المجال الجوي للجزيرة في أكتوبر/تشرين الأول 2021، بما في ذلك قاذفات قادرة على حمل رؤوس حربية نووية وطائرات تعمل بنظام الإنذار المبكر.

الصين أعلنت أن نواياها "سلمية"، لكنها تخطط للاستيلاء على تايوان، مما يسلط الضوء على أهمية التدريبات العسكرية في المستقبل في العمليات البرمائية واسعة النطاق، تقول الصحيفة.

وبحسب المتحدث باسم مكتب شؤون تايوان في مجلس الدولة الصيني "شياو قوانغ"، فإن قمع محاولات تحقيق الاستقلال "سيضمن سلامة ورفاهية" التايوانيين. 

وتساءلت الكاتبة أنجيليكا: ما هو سبب استعداد الصين العسكري الحاد تجاه الجزيرة؟ 

فقد اتفقت بكين وتايبيه على أن الصين كيان واحد منذ عام 1992، ولكن الآن تغيرت مشاعر الشعب التايواني بشكل كبير حيال ذلك.

ورفض الحزب الديمقراطي التقدمي في تايوان، الذي وصل إلى السلطة في عام 2016، بفضل الرئيسة الحالية، الاتفاقات السابقة، وشرع في اتخاذ قرار مصيري، مما أدى إلى تدمير التوازن في الصداقة مع الصين.

فبحسب القيادة الصينية، تجاوزت السلطات التايوانية الحدود. وعلقت أنجيليكا في مقالها أن البر الصيني الرئيس لم يستطع أبدا أن يظهر للتايوانيين صورة إيجابية لمستقبل مشترك بينهم. 

واستنفدت بكين بشكل أساسي كل خياراتها للضغط الدبلوماسي على تايبيه، وفق تقدير الصحيفة.

جهود مستميتة

فمن وجهة نظر السلطات التايوانية، فإن رد الفعل على المظاهرات في هونغ كونغ والتعدي على قوانينها في عام 2019 هو حرمان لمنطقة الحكم الذاتي.

 بالتالي رفضت نهج الصين المقترح والذي يسمى"دولة واحدة – نظامان". وأدى هذا الوضع إلى عدم الأخذ بمعظم "حجج بكين" في الحوار الثنائي. 

ومع ذلك، لا تستطيع الصين التراجع بشأن قضية توحيد الدولة، لأن هذا لا يؤدي فقط إلى خسائر إستراتيجية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ولكن يمكن أن يدفع نحو حدوث انقسام سياسي داخلي خطير.

وأشارت الصحيفة  إلى تأكيد الزعماء السابقين على أهمية أن تقدم الصين حلا لهذه المشكلة وأولهم ماو تسي تونغ (مؤسس الحزب الشيوعي الصيني)، وأن الهزيمة في هذا الأمر تعني مواجهة أزمة داخلية للشرعية". 

وحسب ما ذكرته الكاتبة فإن السيطرة على تايوان ستمنح الصين فرصة الوصول إلى أهم مركز في صناعة الإلكترونيات وتضمن موقعا مهيمنا لها في المنطقة. 

فمن خلال الحصول على موطئ قدم في الجزيرة، ستتمكن القوات المسلحة الصينية من السيطرة على الطرق البحرية التي تربط اليابان وكوريا بالمحيط الهندي والشرق الأوسط.

كان هناك سيناريو آخر متوقعا وهو أن تتطور العلاقات بين بكين وتايبيه، ولكن مشاركة الولايات المتحدة في الصراع منعت حدوثه. 

إذ تعاطفت واشنطن مع آمال تايوان في الحرية والاستقلال، ووجهت خطابا جريئا لحكومة الجزيرة مما أدى إلى شعورها بالأمان بسبب وعود الحماية في حال شنت الصين "عدوانا عسكريا"، وفق تقدير الصحيفة الروسية.

وحسب مجلة "ذا ناشيونال انترست" الأميركية، فخلال العام 2020، خصصت الصين 25 سفينة حديثة للحرب، بما في ذلك الطرادات والمدمرات والغواصات، فهي تمتلك بالفعل حاملتي مروحيات هجومية برمائية عالمية من فئة هاينان.

كما أن سفينة إنزال صينية واحدة فقط قادرة على نقل حوالي ألف من مشاة البحرية والأسلحة وأكثر من 20 طائرة هليكوبتر وثلاث سفن، بالإضافة إلى إطلاق طائرات بدون طيار محمولة جوا وحتى تحت الماء لعمليات المراقبة المباشرة.  

الصين استمرت بتحديث القواعد الجوية العسكرية. ففي فترة انتشار فيروس كورونا عام 2020 بنت ملاجئ للطائرات ومخازن معززة للذخيرة في مقاطعة فوجيان، عبر المضيق من الجزيرة.

 وحسب الصور التي التقطتها الأقمار الصناعية في قاعدة لونغتيان الجوية، حسن الصينيون الدفاعات الجوية ووسعوا المدارج وحدثوا المخابئ. 

كما شوهدت أعمال بناء مماثلة في قاعدة قريبة بمدينة هويان، التي تبعد 300 كيلومتر من قاعدة تشياشان الجوية وتوجد تحت الأرض، بحسب الصحيفة.