فهد درويش.. قطب اقتصادي سوري يحمل جنسية إيران ويعمل لخدمة مشاريعها

مصعب المجبل | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

فهد درويش، ما إن يتردد هذا الاسم في الأوساط الاقتصادية السورية حتى ينعت بعراب الصفقات التجارية الكبيرة التي وضعتها إيران بسلتها بتواطؤ من النظام السوري.

ويعد درويش رجل الأعمال البارز في سوريا هو اليد الأولى لتمرير الهيمنة الاقتصادية الإيرانية على البلاد، بعد توظيف طهران له منذ عام 2012؛ نظرا لخبرته الطويلة في مجال الاستثمار واقتناص الفرص التجارية.

وطفا درويش على السطح بعد عام 2011 بوصفه واحدا من أكثر الشخصيات السورية التي ساهمت في تحصيل إيران اتفاقيات تجارية ضخمة طويلة الأمد من النظام السوري.

النشأة والتكوين

ولد فهد درويش محمود في مدينة دمشق عام 1955، لأسرة تنحدر من الطائفة العلوية، ويعرف في الأوساط السورية بأنه رجل أعمال ومستثمر منذ عام 1990.

ويشغل منذ 5 يناير/كانون الثاني 2021 رئيس "غرفة التجارة السورية الإيرانية المشتركة"، وهو أيضا رئيس مجلس إدارة اللجنة العليا للمستثمرين في "المؤسسة العامة للمناطق الحرة".

ويعتبر درويش صاحب باع اقتصادي كبير في سوريا، وذا خبرة طويلة في مجال الاستثمار، ما قاده لأن يصبح عضوا في الفريق الوطني الاقتصادي عام 2012.

ودرويش يحمل الجنسية الإيرانية، وعاد إلى سوريا قبل عقد من الزمن، وفق مجلة "إنتيليجنس أونلاين" الفرنسية المتخصصة في شؤون الاستخبارات.

وهو كذلك مؤسس لعدة شركات متعددة الأنشطة تندرج ضمن "مجموعة فهد درويش التجارية"، ومقرها في المنطقة الحرة بدمشق.

كما أنه مدير لـ"شركة أرمادا السورية للتجارة والمقاولات"، فضلا عن كونه شريكا مؤسسا ومديرا في "شركة البركة للدواء" الضخمة.

وكان درويش من أوائل رجال الأعمال السوريين الذين عملوا مع آلة الحرب الإيرانية، بعد تدخلها عسكريا لوأد الثورة السورية التي تفجرت في مارس/آذار 2011.

ويعتبر  أيضا أحد أبرز دعاة اندماج الاقتصاد السوري مع نظيره الإيراني، وهو يعمل منذ سنوات من أجل تحقيق ذلك.

وفي تقرير لها نشر بتاريخ 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أكدت مجلة "إنتيليجنس أونلاين" أن إيران تريد تعزيز موقعها الاقتصادي بسوريا، وألا تتفوق عليها روسيا أو الصين.

وأرجعت المجلة الفضل إلى درويش في تنظيم معرض "صنع في إيران"، الذي انطلق في دمشق بحضور نحو 160 شركة إيرانية بين 29 نوفمبر/تشرين الثاني و3 ديسمبر/كانون الأول 2021.

عراب اقتصادي

وكانت إدارة غرفة تجارة دمشق السابقة، تمنع على الدوام إقامة أي معرض لترويج المنتجات الإيرانية في سوريا، على اعتبار أن إيران رفضت أكثر من مرة إقامة معرض "صنع في سوريا"، على أراضيها.

والمعرض الذي نظمته شركة إيران الدولية للمعارض (إيرانية)، كان موضع نقاشات ساخنة بين رئيس اتحاد غرف التجارة التابعة للنظام أبو الهدى اللحام، والسفير الإيراني في سوريا مهدي سبحاني، ودرويش.

وحتى وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية التابع للنظام السوري، سامر الخليل، شارك في المحادثات التي كانت متوترة بسبب إصرار طهران على رفض استضافة معرض "صنع في سوريا".

وكشفت "إنتيليجنس أونلاين" أن درويش ورد معدات طبية إيرانية إلى مستشفيات عسكرية لقوات النظام السوري، بما في ذلك مستشفيات الفرقة الرابعة المدرعة بقيادة شقيق رأس النظام بشار الأسد، ماهر الأسد المقرب من إيران.

ويعرف درويش جيدا كيفية الالتفاف على العقوبات الدولية على إيران، وهو يخدم تحركات طهران السريعة للسيطرة على السوق السورية قبل أن تفعل ذلك روسيا، وفق "إنتيليجنس أونلاين".

ويرجع الفضل له في توسعة نفوذ طهران داخل المنطقة التجارية الحرة بقلب دمشق، إذ تمكنت 24 شركة إيرانية من بدء ممارسة أنشطة تجارية في مركز "إيرانيان" التجاري بالمنطقة التجارية على مساحة 4 آلاف متر مربع.

وتعد إيران سابع أكبر مصدر للسلع إلى سوريا، بحصة من السوق السورية بلغت 3 بالمئة، وفق وكالة أنباء فارس الإيرانية في 21 أغسطس/آب 2021.

وتطمح طهران لرفع التبادل التجاري مع سوريا إلى 1.5 مليار دولار في غضون السنوات الثلاث القادمة، وفق ما أكد مدير الشؤون العربية والإفريقية في منظمة "التنمية التجارية الإيرانية" فرزاد بيلتن، في تصريحات بمارس/آذار 2021.

وتشير إحصاءات إيرانية إلى أن حجم التجارة السنوية حاليا بين إيران وسوريا يتراوح بين 150 - 180 مليون دولار.

واجهة إيران

شكل عام 2018 فرصة كبيرة لدرويش لتوسيع كيانه الاقتصادي بدعم إيراني.

إذ قام بتأسيس شركة "أرمادا للتجارة والمقاولات" في ريف دمشق، وأصبح المسؤول الفعلي عن صناعة وتجميع السيارات الإيرانية في سوريا.

كما احتكر تجارة الجرارات الزراعية المستوردة من إيران، التي تبين فيما بعد أنه كان يحصل من خلالها على أرباح خيالية.

ويعد درويش هو المستورد الوحيد للجرارات، وسيارات سايبا، والأدوية الإيرانية.

وأنيطت له مهمة تشجيع السوق السورية على استقبال المنتجات الإيرانية وتصريفها على حساب المنتجات المحلية.

ووفق موقع "اقتصاد مال وأعمال السوريين" المحلي، فإن درويش أخذ على نفسه عاتق جلب الاستثمارات الإيرانية إلى سوريا، بعدما فشلت غرفتا تجارة وصناعة دمشق في عقد أي اتفاقيات للتبادل التجاري.

بسبب عدم ثقة التجار والصناعيين "الدمشقيين" بالمنتج الإيراني.

وبحسب تقرير نشره الموقع في 5 فبراير/شباط 2020، فإن درويش كان عرابا لكل ما هو إيراني في سوريا من بضائع وعلاقات تجارية واستثمارية.

واستطاع فتح مركز إيراني في السوق الحرة بدمشق، لاستقبال البضائع الإيرانية وتوزيعها في سوريا والدول العربية، على شرط أن تكون معفية تماما من الضرائب.

وذلك خلافا للاتفاقية التجارية الموقعة بين النظام السوري وإيران التي تشترط رسوما جمركية بنسبة 4 بالمئة على البضائع الإيرانية التي تدخل إلى سوريا.

ومن اللافت أن السفير الإيراني السابق لدى النظام السوري جواد ترك أبادي الذي أنهى مهامه في مايو/أيار 2021، كان يدعو درويش منفردا لموائد إفطار دون أي من رجال الأعمال السوريين.

 وذلك من أجل الترويج لدرويش على أنه واجهة طهران الاقتصادية في سوريا.

"مقاومة" اقتصادية

وفي مقابلة مع وكالة تسنيم الإيرانية بتاريخ 28 فبراير/شباط 2021، اعتبر درويش أن دور الغرفة التجارية التي يرأسها  ينطلق من "الربط بين القطاع الخاص السوري والإيراني".

إضافة إلى تذليل المعوقات التي تمنع تحقيق مستوى متميز من التبادل التجاري بين البلدين، من أجل "تشكيل محور مقاوم اقتصادي".

ويقصد بمحور المقاومة، المناطق التي ينتشر بها الوجود الإيراني في الشرق الأوسط وتزعم عداءها لإسرائيل والولايات المتحدة (إيران، العراق، سوريا، لبنان، اليمن).

وفي هذا الإطار فإن الغرفة تسهم بشكل مباشر في شرح الواقع الاقتصادي السوري لإيران، وتعيين مكامن قوته وضعفه بعد انهياره تدريجيا منذ عام 2011.

لا سيما أن الغرفة وضعت هدفا لإقامة بنك معلومات للجانب الإيراني عن المعامل السورية المدمرة.

وهنا يكمن إدراك إيران أن النظام السوري عاجز عن تشغيل مصانع عديدة جراء ظروف الحرب؛ والعقوبات وغياب الأيدي العاملة وقطع الغيار وعدم توفر المواد الأساسية للإنتاج.

وهذا ما دفع طهران إلى الاستحواذ على أكثر من 40 منشأة صناعية إستراتيجية في عدة محافظات سورية، إذ يعد إعادة تشغليها ذا أبعاد اقتصادية واجتماعية "كارثية" مستقبلا على الشعب السوري.

كما يقف درويش خلف مشروع الخط البحري المباشر بين ميناء "بندر عباس" في محافظة "هرمزكان" جنوبي إيران وميناء اللاذقية السوري الذي تستولي عليه طهران.

ويتمثل الهدف من افتتاح الخط البحري في مارس/آذار 2021 وفق درويش في "تحقيق السرعة في العمل وتخفيض التكاليف التي كان يدفعها المستورد عند استيراد البضائع عن طريق البر أو الجو".

ويشكل درويش حاليا في سوريا "المستشار الثقة" لدى الصناعيين والمستثمرين الإيرانيين الذين ترسلهم إيران لبحث الفرص الاستثمارية ودراسة مدى إمكانية دخولهم السوق السورية وطرح المشاريع هناك.

ويتذرع درويش في تصريحاته الإعلامية أن كل مشاريع إيران الاقتصادية في سوريا، هي من بوابة إعادة الإعمار.

غير أن مراقبين اقتصاديين يجمعون على حصول إيران على امتيازات اقتصادية من النظام السوري هي أقصر الطرق لتعويض الدعم المقدم لمنع سقوط حكم بشار الأسد.

وتتنوع التصريحات الإيرانية حول حجم نفقات طهران من أجل دعم النظام السوري، وتزعم مصادر أنها تجاوزت عشرات المليارات من الدولارات.