تراجع إجباري.. ما أسباب التغير المفاجئ في سياسة الإمارات الخارجية؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع "إيران دبلوماسي" الضوء على التغير اللافت في سياسات الإمارات الخارجية خلال الآونة الأخيرة إزاء دول عديدة بالمنطقة، في مقدمتها سوريا، وإيران، وتركيا.

واعتبر الموقع الفارسي، في مقال للصحفي محمد مهدي مظاهري، أن الإمارات أدركت أنه لا بد من تحسين علاقاتها لكي تتجنب العزلة وتبرز موقفها بين دول المنطقة، في ظل الرأي العام الغاضب من تطبيعها مع الكيان الإسرائيلي.

تحولات معقدة

وقال الموقع الإيراني إن منطقة غرب آسيا شهدت خلال الشهور الأخيرة تحولات معقدة؛ أحد أسبابها الرئيسة، التبعية الأمنية للولايات المتحدة من قبل بعض الدول العربية في هذه المنطقة وخاصة شيوخ الخليج.

ومن هذا المنطلق يمكن القول إن الإمارات شهدت أكبر التطورات والتعديلات في مجال سياستها الخارجية، حيث كانت تصطف في جبهة معارضي حكومة بشار الأسد في ذروة الأزمة السورية.

وفي محاولة انقلاب 15 يوليو/ تموز الفاشلة على الرئيس التركي حكومة رجب طيب أردوغان، اتهمت بالتعاون مع الانقلابيين ودعمهم.

وحين قطعت السعودية علاقاتها السياسية مع إيران في 2015، قلصت العلاقات مع طهران، وفيما يتعلق بقضية اليمن اصطفت في جبهة السعودية.

أما الآن فتعمل على تطبيق تغيير أساسي في سياستها الخارجية، وتحسين العلاقات مع جميع الدول التي ربطتها بها علاقات تحد خلال السنوات الأخيرة.

كما أرسلت مسؤوليها الدبلوماسيين في الأيام الأخيرة إلى سوريا وتركيا، واستضافت كذلك نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية؛ حتى تثبت أن ليس لديها أي أعداء دائمين، وأنها على استعداد للتغيير، من أجل الوصول إلى منصب أعلى في منطقة غرب آسيا.

أهداف التغيير

وأرجع الموقع هذا النهج الجديد لعدة أهداف مهمة؛ في مقدمتها أنها توصلت إلى استنتاج فحواه أن حكومة الرئيس الأميركي جو بايدن بالمقارنة مع إدارة دونالد ترامب السابقة لا تسعى للتدخل في قضايا منطقة غرب آسيا.

وحتى وإن تدخلت فلن تكون مثل سابقتها، وتسعى على إبقاء واشنطن بعيدة عن التوترات في المنطقة.

وبناء على ذلك أدركت الإمارات بشكل واضح أنها لن تحصل على دعم أميركي غير متزعزع كالسابق، ولا بد أن تفكر مثل سائر دول الخليج في آليات لتنظيم وتحسين علاقاتها مع دول الجوار.

والسبب المهم الآخر وفق الموقع هو أنه يتم تشجيع الإمارات على تحسين معاملاتها مع دول المنطقة، فشقيقتها الكبرى، السعودية، شرعت بنفسها في مباحثات مع إيران بشكل رائد.

واعتبر أن أبو ظبي توصلت إلى نتيجة مفادها أن السعودية عندما تواجه تحديات سياسية، وعسكرية، وأمنية مع إيران، تتحرك نحو التهدئة.

وهذا يعني أنه لا سبيل سوى رفع التوترات في المنطقة، والبدء في إزالة العوائق الذهنية والنفسية في هذا المسار.

ومن أسباب تغير السياسة الخارجية الإماراتية أيضا، القلق الشديد لأبو ظبي من تأثير انفتاح العلاقات الدبلوماسية لها مع الكيان الصهيوني، وزيادة ضغط الرأي العام في العالم الإسلامي وفقدان سمعتها وانعزالها بين الدول الإسلامية.

لذا يسعى المسؤولون الإماراتيون وفق الموقع إلى الخروج من هذا السد المنيع وحفظ مكانتهم بتوسيع العلاقات مع دول العالم الإسلامي القوية مثل سوريا وإيران وتركيا.

ووقعت إسرائيل والإمارات، منتصف سبتمبر/ أيلول 2020، اتفاقية لتطبيع العلاقات بينهما، برعاية ترامب. ومنذ ذلك الوقت أبرم البلدان اتفاقيات تعاون في مختلف القطاعات.

مصالح خاصة

ولفت الموقع الإيراني إلى أن الإمارات سعت في السنوات الأخيرة إلى التفاخر بنفسها كدولة عملية تبحث عن المنفعة الخاصة بها.

وعرضت نفسها دائما كعضو مهم وفعال مرتبط مع كل الأطراف في المنطقة ويهدف إلى التوسع التجاري والأمني.

وكانت تعرف علاقاتها الخارجية في نطاق واسع بداية مما يعرف بمحور المقاومة الإيراني وحتى الكيان الإسرائيلي.

وبعد إبرامها معاهدة التطبيع مع الكيان الصهيوني، تسعى حاليا إلى التقرب من إيران وسوريا باعتبارهما أول الدول في جبهة المقاومة، وعبر وسائل إعلامها تعرض نفسها كفائزة باللعبة.

وعلى هذا النحو تريد الخروج من تحت ضغط الرأي العام في العالم الإسلامي.

وفي 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، بحث وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد مع رئيس النظام السوري بشار الأسد تطوير العلاقات الثنائية وتعزيز الشراكات الاستثمارية، خلال زيارة إلى دمشق هي الأولى من نوعها منذ عام 2011.

العلاقات مع تركيا

واعتبر الموقع الإيراني أن تعهد الإمارات باستثمار  10مليارات دولار في تركيا التي تواجه أزمة اقتصادية غير مسبوقة يهدف إلى الحصول على دعم أنقرة وامتيازات من الرئيس رجب طيب أردوغان، في مقدمتها تقليل نفوذ الإخوان المسلمين.

وفي 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، أجرى ولي عهد أبو ظبي، الحاكم الفعلي للإمارات، محمد بن زايد آل نهيان، مباحثات مع أردوغان على هامش زيارة لافتة إلى أنقرة، تعهد خلالها بتخصيص 10 مليارات دولار من أجل الاستثمار في تركيا.

وعلى هذا النحو تحولت الإمارات في مجال السياسة الخارجية وفق الموقع إلى مثال حقيقي للأفكار الواقعية التي تعتمد على عدم وجود حليف وعدو دائم للدول، والمصالح الوطنية فقط هي التي يجب أن ترشد المسؤولين لاتخاذ القرارات في أي دولة.

وهذا التوجه من الممكن أن يعمل على تأمين مصالح الإمارات وتحسين مكانتها في المنطقة، لكن إيران على اتصال بسائر دول المنطقة وخاصة محور المقاومة، وتعي الأهداف الخفية لهذا التوجه.

وأكد أنه بدون الحصول على امتيازات من الطرف المقابل، فإيران غير مستعدة للعمل على اقتراب الإمارات من نواياها.