ناصروا فلسطين وهاجموا الاحتلال.. هكذا خلع نجوم في هوليود "قلنسوة" إسرائيل

أحمد يحيى | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

على مدار سنوات طويلة، ارتبطت صناعة السينما الغربية في مخيلة الجماهير بإسرائيل، لسيطرة "القلنسوة اليهودية" في الولايات المتحدة وأوروبا على شركات الإنتاج وامتلاكهم الأموال اللازمة للترويج لأعمالهم ورواياتهم بأي ثمن.

ولكن لاح في الأفق شيء من التغيير، عندما خرجت مجموعات من كبار نجوم هوليوود انتصارا للمنظمات الحقوقية الفلسطينية ضد انتهاكات إسرائيل المتعددة، وكذلك التضييقات على العاملين في الشأن الحقوقي المتعلق بفلسطين. 

نجوم هوليوود 

ففي 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، وبعيدا عن الساحة الفلسطينية بآلاف الأميال، وقع أكثر من 100 من نجوم ومشاهير هوليوود الأميركية، على رسالة مفتوحة تشجب بشكل قاطع قرار إسرائيل المثير للجدل بتصنيف ست منظمات غير حكومية فلسطينية كمنظمات إرهابية.

وحي هوليوود في مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، المرادف لعالم السحر والمال وقوة صناعة الترفيه، باعتباره عاصمة صناعة السينما في العالم، يعد موطنا للعديد من أستوديوهات التلفزيون والأفلام وشركات الإنتاج، وتقول تقارير عديدة إن رجال الأعمال اليهود يسيطرون عليه.

ولذلك أحدث بيان نجوم السينما الأميركية ضجة كبيرة وكان من بين الموقعين عليه "ريتشارد غير، وكلير فوي، وتيلدا سوينتون، وسوزان ساراندون"، إضافة إلى المخرج كين لوتش، والموسيقي غارفيس كوكر، وفرقة ماسيف أتاك، والمؤلفون فيليب بولمان، وكولم توبين، وإيرفين ويلش. 

ووصفت الرسالة المشتركة لنجوم هوليوود الخطوة الإسرائيلية بأنها "هجوم شامل وغير مسبوق على المدافعين الفلسطينيين عن حقوق الإنسان". 

والمنظمات غير الحكومية الفلسطينية المشمولة بالتصنيف الإسرائيلي الجدلي، هي "الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان- القانون من أجل حقوق الإنسان- مركز بيسان للبحوث والإنماء- اتحاد لجان المرأة- الحركة العالمية للدفاع عن الطفل- اتحاد لجان العمل الزراعي". 

وليست هذه المرة الأولى التي يناصر فيها نجوم هوليوود القضية الفلسطينية، ففي خضم العدوان الإسرائيلي على حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، سجل عدد من نجوم الفن الأميركيون في 12 مايو/أيار 2021، اعتراضهم على الانتهاكات التي مارسها الاحتلال في المسجد الأقصى، وبقية الأحياء بالمدينة. 

وعلى سبيل المثال غردت الممثلة الأميركية سوزان سراندون الحائزة على جائزة أوسكار عام 1995 على حسابها الرسمي بمنصة تويتر، قائلة " أتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يواجه التطهير العرقي والترهيب على أيدي الحكومة الإسرائيلية ومنظمات المستوطنين اليهود". واختتمت بعبارة: "العالم يشاهد".

وكذلك طالب المخرج والممثل الأميركي مارك روفالو، الذي أدى دور "هالك أو الرجل الأخضر"، معجبيه بتوقيع عريضة تطالب الحكومة الأميركية بفرض عقوبات على إسرائيل.

وغرد على تويتر بالقول: "1500 فلسطيني يواجهون الطرد من القدس وأصيب 200 متظاهر، وقتل 9 أطفال.. العقوبات ساعدت جنوب إفريقيا في تحرير ذوي البشرة السوداء من الشعب هناك، لقد حان الوقت لفرض العقوبات على إسرائيل لتحرير الفلسطينيين".

اضطهاد إسرائيلي 

لذلك فإن الصراع بين إسرائيل والمنظمات الفلسطينية هو صراع متقدم بأبعاد مختلفة لما له من تأثير على الرأي العام العالمي، الغربي منه تحديدا. 

وكانت إسرائيل قد بدأت شن حملتها على المنظمات الحقوقية الفلسطينية في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، بتصنيف 6 منظمات غير حكومية على أنها "منظمات إرهابية" بشكل تعسفي يحمل هجوما على المدافعين عن حقوق الإنسان.

وفي اليوم التالي للقرار رفضت مفوضة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة ميشيل باشليه، القرار الإسرائيلي.

وقالت في بيان إن "قانون مكافحة الإرهاب لا ينبغي تطبيقه على الأنشطة المتعلقة بحقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية المشروعة".

وذكرت أن "المنظمات التي تضم بعض الشركاء الرئيسيين لمكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، تواجه عواقب وخيمة جراء هذا القرار التعسفي، وكذلك الأشخاص الذين يمولونها ويعملون معها". وشددت أن "العمل الهام الذي تقوم به لآلاف الفلسطينيين مهدد بالتوقف أو التقييد بشدة".

وعلى الصعيد الدولي أعلنت الولايات المتحدة وهي أهم حليف لإسرائيل، عبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس أنهم "في صدد البحث للحصول على مزيد من المعلومات حول هذا التصنيف"، وهو الأمر الذي أزعج إسرائيل، حيث إن حليفتها لم تبد تضامنا مع موقفها، بل كان الأمر أقرب للتململ. 

 وهو ما أدى إلى أن تعلن تل أبيب في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أنها ستوفد مبعوثا إلى واشنطن لتبادل المعلومات الاستخبارية التي تشير إلى ارتباط ست مجموعات من المجتمع المدني الفلسطيني بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي تعتبرها إسرائيل إرهابية.

تأثير جامح 

ولا يمكن إغفال تأثير منظمات المجتمع المدني الفلسطينية على الرأي العام العالمي، في خضم العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وعلى بيوت الفلسطينيين في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة. 

ظهر ذلك بوضوح في 26 مايو/أيار 2021، من خلال تناول صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية واسعة الانتشار، للعدوان على غزة، بصورة مضادة لرواية دولة الاحتلال.

وفي تقريرها آنذاك نشرت صور وأسماء شهداء العدوان على قطاع غزة، بالصفحة الأولى للصحيفة.

وقد وضعت عنوانا عريضا: "كانوا مجرد أطفال"، مشيرة إلى أن الضربات الإسرائيلية كانت عشوائية، واستهدفت المدنيين بشكل مباشر. 

ولفتت الصحيفة بصورة إنسانية إلى أن أطفال الفلسطينيين كانوا يحلمون بأن يكونوا أطباء وفنانين وقادة.

وذكرت أنه خلال 11 يوما، "قتل ما لا يقل عن 66 طفلا دون سن الـ18 عاما في غزة"، مستعرضة صورهم وأعمارهم، في تعارض مع البيانات الإسرائيلية جملة وتفصيلا. 

وبالعودة إلى سوابق تاريخية مماثلة، ففي 5 أغسطس/آب 2014، خلال عدوان إسرائيلي مماثل على قطاع غزة، نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، تقريرا عرض رأي عدد من الممثلين الكبار في هوليوود مثل خافيير بارديم وبينولوبي كروز، وقد انتقدا بشكل حاد ممارسات الاحتلال.  

وقالت "الغارديان" معلقة على الحدث: "إن حرب غزة قسمت مجتمع الممثلين في هوليوود الذي يعتبر فيه نقد إسرائيل من المحرمات".

إلا أن صور المذابح دفعت عددا من الممثلين للقيام بما لم يكن يفكر به أحد وهو نقد إسرائيل، وفق قول الصحيفة.

قوة ناعمة

الباحث الحقوقي، مصطفى عزالدين، قال في حديثه لـ"الاستقلال" إن "الخطوات الإسرائيلية غير المسبوقة بتصنيف منظمات المجتمع المدني الفلسطيني إرهابية، رغم أنها تبدو جنونية، لكنها تعبر عن حالة خوف وهلع لدى صناع القرار الإسرائيليين، من دور هذه المنظمات.

وبين أن سلطات الاحتلال تتخوف من مساهمة تلك المؤسسات الفعالة في تغيير المزاج العالمي والغربي ضد سياساتها، والعدوان المستمر على المدنيين. 

وأضاف: "إذا عقدنا مقارنة بين الانتفاضة الإسرائيلية الأولى والثانية، وبين بداية الحرب على غزة عام 2008، فإن التباين واضح".

وأردف: "كانت الآلة الإعلامية الإسرائيلية تسيطر تماما على الصورة، من خلال وكالات الأنباء، والصحف العالمية، وهوليوود".

أما الآن فالاختراق الفلسطيني واضح، وتصاعدت الأصوات والرواية المناهضة والمنددة بإسرائيل، ليس هذا فحسب، بل أصبحت الوسائل التي كانت تؤيدهم هي ذاتها التي تعارضهم وتشجب أفعالهم، بحسب عز الدين. 

واستطرد: "لذلك كانت الخطوة الإسرائيلية ذاهبة إلى أقصى درجات التطرف، لأنهم ينظرون إلى المستقبل، وأن نسبة الأصوات المعارضة لهم إذا كانت اليوم 10 بالمئة فغدا ستكون 50 و70 بالمئة".

وبين أن "شكل المعارضة إذا كان مقلقا اليوم، فإنه غدا سيكون قاسيا، ومحرجا، وسيساهم في تشكيل سياسات جديدة".

وفي تقديره، يرجع كل ذلك إلى القوة الناعمة للقضية الفلسطينية من خلال منظمات المجتمع المدني، "التي بذلت مجهودات جبارة عبر سنوات طويلة".