تركيا والإمارات.. هكذا طغت أولويات الاقتصاد على خلافات السياسة

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

اعتبرت صحيفة "يني شفق" التركية أن زيارة ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 إلى تركيا تكشف أن العلاقات بين البلدين أخذت منحى جديدا، تتقدمه الأولويات الاقتصادية.

وأضافت في مقال للكاتب محمد رقيب أوغلو أن تركيا رحبت بهذه الزيارة، الأولى من نوعها منذ 10 سنوات، لتكون بذلك تأكيدا على فتح قنوات دبلوماسية مع دول مثل الإمارات ومصر والسعودية رغم الخلافات السياسية.

وأجرى ابن زايد، الحاكم الفعلي للإمارات، زيارة إلى أنقرة بعد شهرين من زيارة أخيه طحنون التي جاءت بعد أربعة أشهر من اتصال هاتفي بين وزيري خارجية البلدين مولود تشاوش أوغلو وعبد الله بن زايد، كان الأول من نوعه منذ خمس سنوات.

مصالح اقتصادية

وأوضحت الصحيفة أن لقاء الرئيس رجب طيب أردوغان مع ابن زايد يثبت أن البلدين قدما مصالحهما الاقتصادية على التنافس السياسي.

وتظهر البيانات التي تم الإدلاء بها بعد اجتماعهما، أن أنقرة وأبوظبي قد دخلتا إلى حقبة جديدة يعملان فيها على خفض حدة المنافسة السياسية.

وأضافت أن الاقتصاد سيكون أهم مجال يرجح أن يزيد البلدان تعاونهما فيه. فالإمارات تتميز عن الجهات الفاعلة الأخرى في الخليج بكونها مركزا تجاريا، والاقتصاد لعب دورا مهما في سياسة الإمارات الخارجية خاصة بعد أن أصبحت دبي مركزا للتجارة العالمية.

وتتبع الإمارات وفق "يني شفق" سياسة تعطي الأولوية للمصالح التجارية، خاصة مع إيران، ما خلق توترات بين إمارتي أبوظبي ودبي، لكنهما اتخذتا في النهاية قرارا مشتركا بالتوافق والإجماع في سياسة التقارب مع تركيا.

كما يمكن النظر إلى سياسة الإمارات في سياق المنافسة المحتدمة بين دول الخليج. فعلى سبيل المثال، من المعروف أن السعودية والإمارات حليفتان، غير أن هناك تنافسا سياسيا واقتصاديا كبيرا بينهما.

وبات هذا التنافس يتضح أكثر فأكثر في السنوات الأخيرة، خاصة مع تصميم الحاكمين الفعليين لكلتا الدولتين (ابن زايد وولي عهد السعودية محمد بن سلمان) على أن تصبح بلداهما مركزا تجاريا إقليميا وعالميا.

غير أن السعودية كانت بطيئة في تحسين العلاقات مع تركيا التي تتمتع بموقع جيوسياسي مهم، بينما سبقتها الإمارات واتخذت خطوة براغماتية قررت بها إعادة العلاقات مع تركيا إلى مسارها الصحيح.

وكانت الإمارات قد فعلت الأمر نفسه مع إيران ونظام الأسد في سوريا.

تعزيز التعاون

وذكرت الصحيفة أن الإمارات مصممة على إقامة تعاون اقتصادي وتجاري مع تركيا رغم الخلافات السياسية. خاصة وأن فكرة إنشاء ممر تجاري جديد يربط إيران بتركيا يتوافق مع هدف الإمارات في أن تصبح مركزا تجاريا.

وبينما يتوقع أن يستمر التنافس بين الإمارات والسعودية على المدى القصير، ستزيد أبوظبي من تعاونها مع أنقرة معطية الأولوية للمصالح الاقتصادية والتجارية.

وجدير بالذكر أن حجم التبادل التجاري بين الإمارات وتركيا البالغ نحو تسعة مليارات دولار، في تزايد مستمر رغم الخلافات السياسية. ويهدف البلدان إلى رفع هذا الرقم إلى أكثر من 15 مليار دولار.

وما يؤكد ذلك، تشديد وزير الاقتصاد الإماراتي عبد الله بن طوق المري خلال زيارة ابن زايد على تطوير العلاقات الاقتصادية مع تركيا، وتجديد اتفاقية مجلس الأعمال الخاص باللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين.

ولفتت الصحيفة إلى أن ولي عهد أبوظبي مهتم بالاستثمار الأجنبي. وتم الاتفاق بين الجانبين على تنويع التجارة غير النفطية وزيادة حجم التجارة بين البلدين.

كما شهدت الزيارة الأخيرة توقيع تسع اتفاقيات استثمار في مجالات الطاقة والبتروكيماويات والتكنولوجيا والنقل والبنية التحتية والصحة والخدمات المالية والأغذية والزراعة.

فضلا عن اتفاقية تعاون بين البنك المركزي التركي والبنك المركزي الإماراتي، ومذكرة تفاهم بين صندوق الثروة السيادي التركي وشركة أبوظبي التنموية القابضة لإنشاء صندوق للاستثمار في شركات التكنولوجيا في تركيا.

وأعلن محمد حسن السويدي، رئيس مجلس إدارة شركة أبوظبي التنموية القابضة، عن تخصيص بلاده صندوقا بقيمة 10 مليارات دولار من أجل الاستثمار في تركيا.

المجال الأمني

وعن العلاقات في مجال الأمن، رأت الصحيفة أنه ينبغي على الإمارات أن تظهر حسن النية على الأقل وتتخلى عن سياساتها المعادية لتركيا التي كانت تتبعها لفترة طويلة وتضغط على دول المنطقة لمواكبتها، رغم أنه من غير المحتمل أن يكون هناك تعاون في هذا المجال على المدى القصير.

وأضافت أنه يستبعد أن يكون هناك تعاون شامل في المجال الأمني بين البلدين على المدى القريب، خاصة وأن البلدين يتبنيان مقاربات وسياسات مختلفة تماما حول ليبيا وسوريا ومصر وقطر.

غير أن تغير مسار ثورات الربيع العربي عبر الثورات المضادة غير من تصور الإمارات للتهديد الذي قد تمثله تركيا لها، وفق "يني شفق".

وأكدت أن الأنباء عن توقيف الإمارات أنشطة كل من القيادي المفصول من حركة "فتح" الفلسطينية محمد دحلان المعروف بضلوعه في محاولة انقلاب 15 يوليو/تموز في عام 2016، وزعيم شبكة الجريمة المنظمة التركي سادات بيكير، قد تكون علامة مهمة على صعيد بدء الشراكة الأمنية بين البلدين على المدى المتوسط.

ولفتت الصحيفة التركية إلى أنه يمكن وصف هذه المرحلة الجديدة في العلاقات بين البلدين بأنها إدارة المنافسة السياسية بالأولويات الاقتصادية.

ورغم أن هذه الخطوة قادرة على تغيير التوازنات الإقليمية، وفق "يني شفق"، إلا أنه من الممكن أن تتراجع العلاقات مجددا حال تغير الديناميكيات الإقليمية والعالمية التي دفعت الإمارات للتقارب مع تركيا.