بعد غرق مهاجرين في "المانش".. هكذا تتقاذف بريطانيا وفرنسا المسؤولية

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع إيطالي الضوء على المآسي الإنسانية التي تقع على طريق الهجرة الفرنسي-البريطاني عبر "قناة المانش"، خاصة بعد غرق مركب مهاجرين في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2021.

وقال موقع "إنسايد أوفر" إن قرار علامة تجارية معروفة للمعدات الرياضية إيقاف بيع الزوارق في متاجرها في بلدة كاليه الفرنسية )شمال( وبعض المناطق المجاورة يعد في الظاهر "تفاصيل صغيرة غير مهمة". 

وأوضح أنه "تبين أن بعض المهربين يستخدمون هذه الزوارق لعبور القناة الإنجليزية، المانش، بطريقة غير شرعية".

واعتبر الموقع أن "هذه الحادثة كافية لفهم البعد الحالي لمشكلة الهجرة بين فرنسا والمملكة المتحدة بين ضفتي بحر المانش، الذي كان مزدحما للغاية منذ سنوات، وأصبح الآن أكثر حساسية للاختلافات، وذلك إثر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي".

و"قناة المَانش" عند الفرنسيين أو "القناة الإنجليزية" عند الإنجليز، هي جزء من المحيط الأطلسي، تفصل بين بريطانيا عن فرنسا، وتربط بحر الشمال بالمحيط الأطلسي.

يبلغ طول "المانش" حوالي 563 كيلومترا، أما عرضه فيبلغ 240 كيلومترا عند أوسع نقطة، و34 كيلومترا عند أضيق نقطة.

زيادة التدفقات

وقال "إنسايد أوفر" إن "غرق مركب مهاجرين في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 قبالة سواحل كاليه، مما تسبب في وفاة 33 مهاجرا، أعاد طريق الهجرة الفرنسي-البريطاني إلى دائرة الضوء". 

وأضاف أن "زيادة تدفقات المهاجرين على طول سواحل البحر الأبيض المتوسط ​​والأزمة الحالية على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا حجبت بطريقة ما المآسي الإنسانية التي حدثت على طول قناة المانش". 

وذكر أن بين عامي 2015 و2016 وقعت أزمة ما يسمى بمخيم غابة كاليه، حيث كان عبارة عن مساحة واسعة من الأكواخ والخيام ولم تكن بعيدة عن ميناء المدينة الفرنسية، حيث أقام المهاجرون لشهور في انتظار العبور. 

وأعاد "إنسايد أوفر" التذكير بأن ما حدث "كان نتيجة مباشرة للأزمة المتعلقة بطريق الهجرة القادم من البلقان، حيث فضلت مجموعات قادمة من تركيا التوجه نحو فرنسا ومحاولة عبور القناة الإنجليزية، في حين اختار آخرون التوجه إلى ألمانيا وشمال أوروبا". 

وأشار إلى أنه "تم تفكيك بلدة كاليه العشوائية الواقعة بين الأشجار في وقت لاحق، لكن الهجرة إلى لندن لم تتوقف أبدا، خصوصا مع تفطن السلطات البريطانية إلى مهاجرين داخل بعض الشاحنات قادمين من الأراضي الفرنسية، مات العديد منهم اختناقا في الطريق".

وفي الوقت الحالي أكد الموقع أن "سواحل القناة تواجه ضغوطا قوية ربما تفوق ما حدث بين عامي 2015 و2016". 

وبحسب أرقام هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، تضاعف أعداد المهاجرين عبر القناة ثلاث مرات مقارنة بعام 2020، إذ حاول قرابة 25 ألف شخص على الأقل العبور منذ بداية يناير/كانون الثاني 2021.

ولفت الموقع الإيطالي إلى أن "الأرقام المسجلة في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 ملفتة للانتباه، خصوصا وأن 1185 مهاجرا  تمكنوا من الوصول إلى المملكة المتحدة في غضون 24 ساعة تحديدا في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2021". 

وأكد أن "هذا الرقم من الصعب تسجيله في أماكن أخرى تعرف باستقبالها الكبير للعديد من المهاجرين في ظرف ساعات قليلة، على غرار جزيرة لامبيدوزا الإيطالية أو ليسبوس اليونانية". 

وأوضح "إنسايد أوفر" مستغربا أن "أرقام التدفقات المغادرة من كاليه أو المناطق الفرنسية الأخرى عادة ما تقل في هذه الفترة من العام بسبب الظروف المناخية". 

مواجهة سياسية

وأردف الموقع بأن "أزمة الهجرة على طول القناة الإنجليزية تأتي في وقت تشتد فيه التوترات السياسية بين لندن وباريس بسبب الخيارات المتعلقة بحقوق الصيد"، مشيرا إلى أن حكومتي البلدين "فشلتا في التوصل إلى اتفاقيات بشأن هذه المسألة على إثر البريكست (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي)".

واستطرد قائلا: "لذلك يهدد مناخ عدم الثقة بين الطرفين بتقويض أي جهد دبلوماسي". 

ولفت الموقع إلى أن "حادثة غرق مركب المهاجرين أدى إلى تباعد أكبر للمسافات، خصوصا وأن البلدين تبادلا إلقاء اللوم وتحميل مسؤولية الحادث على الطرف الآخر".  

ورغم التوترات نوه الموقع بالتوصل في يوليو/تموز 2021 إلى اتفاق بشأن تسيير دوريات على السواحل الفرنسية والتحكم في تدفقات المغادرين نحو الأراضي الإنجليزية.

وفي إطار الاتفاق التزمت لندن بدفع 62 مليون يورو لباريس، لتعزيز جهود دوريات مراقبة الحدود البحرية، إلا أن هذه الأموال لم تدفع بعد، يفيد الموقع. 

ولهذا السبب اتهم وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين، خلال اجتماع وزراء الداخلية لمجموعة السبع المنعقد بالعاصمة البريطانية في سبتمبر/أيلول 2021، المملكة المتحدة بـ"عدم القيام بالدور الموكل إليها".

وفي تلك المناسبة أيضا، انتقد الوزير الفرنسي اعتزام رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إعادة قوارب المهاجرين عبر قناة المانش إلى فرنسا.

وكان جونسون قد صرح بأن حكومته لن تقبل "ممارسات مخالفة لقانون البحار ولن نقبل بأي ابتزاز مالي".

وإثر حادثة غرق المركب في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، انتقد الوزير الفرنسي دارمانيان مجددا لندن بالقول إن "المملكة المتحدة مطالبة بأن تفعل المزيد"، أي أنها مطالبة بدفع الأموال المتفق عليها، يشير "إنسايد أوفر". 

في المقابل، رد جونسون عبر حسابه على موقع "تويتر" على هذه التصريحات بالقول  "إننا نواجه صعوبة في إقناع بعض شركائنا وتحديدا فرنسا بمعالجة الأمور بالطريقة المناسبة". 

من جانبه، رد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مباشرة قائلا إن "جونسون لا يستخدم الأساليب الجادة، لا يجوز الحديث عن هذه المسائل عبر تويتر". 

وجاءت تصريحات ماكرون ردا على نشر رسالة بعث بها جونسون إلى ماكرون، طلب فيه من فرنسا إعادة جميع المهاجرين الذين وصلوا إلى بريطانيا خلال الأيام القليلة الماضية. 

وأعقبت تصريحات الرئيس الفرنسي ردودا من جونسون على لسان أحد المتحدثين باسمه بأنه ليس "نادما على الرسالة التي وجهت إلى ماكرون".

وختم الموقع تقريره بالقول إن "الصدام بين لندن وباريس لا يختلف كثيرا عن الصدامات الواقعة بين حكومات الاتحاد الأوروبي الأخرى؛ بسبب ضغوط هجرة مصدرها بلدان ثالثة،  والمتغير الوحيد يتعلق بأن دولة غير تابعة للاتحاد الأوروبي تتعرض للضغط، وعليها أن تدفع أموالا لأحد أعضاء الاتحاد لمنع المهاجرين من العبور إلى سواحلها".