مركز عبري: إسرائيل الملاذ "الأول والأخير" للحكام العرب المستبدين

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

وصف مركز دراسات عبري، إسرائيل بأنها "خط الدفاع الرئيسي للأنظمة العربية ضد شعوبها، ليس حبا أو التزاما بالديمقراطية، بل لاهتمامها بحكم الحلفاء المستبدين".

وتساءل موقع "منتدى الفكر الإقليمي" ومقره تل أبيب، في المقابل: هل تأخذ إسرائيل مقابلا لدعمها أولئك الحكام العرب؟ 

عبر تل أبيب

وأشار الموقع إلى أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن طلب من إسرائيل حث الجيش السوداني على إنهاء الانقلاب العسكري الأخير.

وذكر مقال نشره موقع "واللا" العبري أن وفدا إسرائيليا ضم ممثلين عن جهاز الاستخبارات "الموساد" أجرى زيارة سرية إلى الخرطوم بعد إعلان الجيش السوداني سيطرته على السلطة في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021.

وقال دبلوماسي غربي للموقع إن الوفد الإسرائيلي التقى بالجنرال "محمد حمدان دقلو (حميدتي)" نائب رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد قوات التدخل السريع في الخرطوم.

ويتمتع حميدتي بعلاقات جيدة مع الموساد، وترأّس وفدا عسكريا زار إسرائيل قبل أسابيع قليلة من الانقلاب، والتقى أعضاء كبارا في قيادة الأمن القومي ومسؤولين آخرين في مكتب رئيس الوزراء نفتالي بينيت في تل أبيب.

وعاد الموقع العبري بالزمن إلى عام 1967، عندما عُقد في الخرطوم اجتماع عربي طارئ عرف حينها بـ "اللاءات الثلاث".

كان هذا الاجتماع وقتها يؤكد على "لا للسلام، لا للتفاوض، لا للاعتراف" بالعدو الصهيوني، وهو الوصف الذي كان يستخدمه القادة العرب في تلك الأيام، يقول الموقع.

ويرى المنتدى العبري أنه من المفارقات أن إسرائيل أصبحت أيضا وسيطا مختلطا وذا مصداقية بين قادة الجيوش العربية والجيش الإسرائيلي من جهة، والقادة العرب والفصائل العربية والقادة المدنيين من جهة أخرى.

فبالطبع الأمر لا يتعلق بالحب من جانب إسرائيل أو الالتزام بالديمقراطية، ولكن تثبيت أقدام الحكام العرب المستبدين. 

وقال: "كانت هناك جهود وساطة إسرائيلية لا حصر لها وضغوط على الولايات المتحدة من أجل دعم هؤلاء الحكام وتحقيق الاستقرار، لدرجة أن الطريق إلى السلطة في الدول العربية يمر دائما عبر تل أبيب"، وفق تعبيره.

ويقول: "على سبيل المثال، في مصر الدولة الكبيرة والمهمة في المنطقة العربية، نلاحظ أن نفوذ إسرائيل ودورها في استقرار الحكم الاستبدادي واضح وصارخ".

سيطرة كاملة

ولولا الضغط الإسرائيلي اللامحدود على إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما بالتنسيق مع دولة الإمارات، لما تمكن رئيس النظام المصري "عبد الفتاح السيسي" من تنفيذ الانقلاب، كما يقول الموقع.

وأشار الباحث المصري المختص في العلوم السياسية والعلاقات الدولية "خليل العناني" إلى أنه في 3 يوليو/تموز 2013، لم يكن لحكم السيسي الاستبدادي أن يدوم ثماني سنوات منذ ذلك الحين، لولا سيطرة إسرائيل الكاملة على البيت الأبيض.

وقال إن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت أوضح للرئيس الأميركي جو بايدن أهمية عدم انتقاد مصر والمملكة العربية السعودية بسبب قضايا حقوق الإنسان، وفي معظم الحالات يتصرف البيت الأبيض وفقا لذلك.

وتابع: "على الرغم من نجاح إسرائيل في إخضاع الحكومات الأميركية وتوجيه مسارها بما يحافظ على استقرار وأمن نظام السيسي نلاحظ فجأة أن بينيت وأنصاره في اللوبي الصهيوني الأميركي أصبحوا مدافعين عن الأنظمة العربية".

وبين أن الدفاع الإسرائيلي الأميركي مستمر عن أنظمة "لا تتردد في اختطاف خصومها وإطلاق النار عليهم حتى الموت، وتشريح أجسادهم وتحليلها في الحمض كما حدث للصحفي السعودي الراحل جمال خاشقجي".

وتساءل الباحث المصري: على ماذا ستحصل إسرائيل مقابل دعمها للحكام العرب؟ وما الثمن الذي تدفعه الشعوب العربية؟

وأجاب بالقول: إن القيمة عالية جدا وغير مسبوقة، فإسرائيل ليست جمعية خيرية، وبالتأكيد ليست "بابا نويل" يوزع الحلويات والهدايا مجانا، فهي دائما تتقاضى دفعة مسبقة.

ويضيف: يمكن أن يأتي ذلك على شكل تدخل في سياسات وقرارات أهم عاصمة عربية (القاهرة)، والاستيلاء على موارد وثروات البلدان المطبعة، وإقامة الاحتفالات والاتفاقيات مع ما يقرب من ربع الدول العربية، أو تدريب رجال الدولة والشباب الإعلاميين العرب.

وبين أنه "دفعت في العقد الماضي مناطق عربية واسعة ولا تزال تدفع ثمنا باهظا مقابل تدمير حلمها في الحرية والتغيير (في إشارة إلى ثورات الربيع العربي)"، بحسب تعبيره.

"تحالف الشيطان"

وقال: "يجب أن تبقى شهوة قادة الجيوش في السلطة بأي ثمن، إلى حد تدمير الدولة وتقسيم المجتمع واضطهاد الشعوب".

ويتابع أن الدول العربية الكبرى تفككت، كما انقسمت المجتمعات التي كانت متحدة ومتماسكة لعدة قرون، وجرى نفي شعوب بأكملها واندلعت الحروب الأهلية.

ونتيجة لتلك الاتفاقيات، "فعلت إسرائيل ما يحلو لها في العواصم العربية من البحر المتوسط ​​إلى الخليج".

وأردف: "على المستويات الاستخباراتية والأمنية والسياسية والاقتصادية، أصبحت إسرائيل أقرب إلى الحكام العرب أكثر من قربهم لشعوبهم".

وواصل: "هؤلاء الحكام اليوم يثقون بنظرائهم الإسرائيليين أكثر مما يثقون بالنخبة والقيادة لديهم وأكثر من شعبهم".

ويرى الباحث العناني أنهم "وصلوا في الآونة الأخيرة إلى موقف يحتل فيه إرضاء المواطن الإسرائيلي، أو على الأقل محاولة إرضائه، مكانة عالية في قائمة أولويات الحكام العرب".

وأوضح الباحث: "سمعنا أخيرا في خطابات الجنرالات والحكام العرب الذين يدافعون عن المواطن الإسرائيلي وعن أمنه أكثر مما يدافعون عن مواطنيهم وحقوقهم".

ويلفت بالقول: نحن الآن نواجه "عهد تحالف الشيطان" الذي يدمر كل شيء، وكل مكوناته واضحة حيث يلحق الضرر يوميا في كل المنطقة".

ولم يعد المحور الرباعي للثورات المضادة (مصر والإمارات والسعودية وإسرائيل) يخفي أجندته وأهدافه، بل يعلنها ويفتخر بها في شعيرات متعرجة، فلقد نضج هذا التحالف إلى درجة خطيرة، وفق تقدير العناني.