"تفاصيل مروعة".. عميل فرنسي سابق يعترف بجرائمه في حق الجزائريين

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع فرنسي يعنى بالشأن الإفريقي، الضوء على كتاب جديد أماط اللثام عن جرائم منظمة سرية فرنسية بحق المقاومين الجزائريين.

وأشار موقع "أفريقا ريبورت Africa report" إلى أن "الكاتب تحت اسمه المستعار إدموند فرايس، الذي كشف في كتابه كوماندوز دلتا، اعترافاته كعميل بمنظمة الجيش السري، مولود في مدينة فاس المغربية عام 1939، وأن عملاء المنظمة التحقوا بنفس مدارس العرب وكانوا على دراية بعاداتهم".

وتأسست منظمة الجيش السري "OAS" في 11 فبراير/شباط 1961، على يد مجموعة من الجنرالات والنقباء الفرنسيين، الذين أصبحوا يعتبرون الجنرال شارل ديغول- وكانوا قبل من المعجبين والمتحمسين به- خائنا لبلاده لتخليه عن التزام الحكومة بمنع استقلال الجزائر.

أعمال إرهابية

وبالنسبة لهذا العميل السابق شبه العسكري، فإن الوطنية المستوحاة من حكم الملك الفرنسي لويس فيليب الأول وثورة 1848، التي تم فيها إرسال أسلافه إلى الجزائر، "تجاوزت جميع الاعتبارات الأخلاقية".

واقتناعا منه بفوائد الاستعمار والحاجة الملحة لإبقاء الجزائر تحت الحكم الفرنسي، انضم فرايس إلى صفوف منظمة "الجيش السري" في سن الـ21، مباشرة بعد الانتهاء من التدريب الأساسي مع وحدة المشاة الثامنة عشرة المحمولة جوا.

وفي الوقت الحالي وهو يبلغ من العمر 82 عاما، بذل فرايس جهده لنشر مذكرات يصف فيها تجاربه ويحاول تغيير السرد حول تصنيف المجموعة اليمينية المتطرفة، وفي نفس الوقت يجذب القراء إلى عالمه.

ويتجلى افتقاره إلى الندم عندما يروي عمليات القتل التي ارتكبها دون شعور بالذنب، يقول موقع "أفريقا ريبورت".

وكتب فرايس في كتابه: "حتى يومنا هذا، أنا فخور جدا بالعمل الذي قمت به"، ولا يبدو أنه ينظر إلى بعض أفعاله، بما في ذلك مقتل شاهد على إحدى جرائمه، على أنها أعمال إرهابية واضحة.

ويتذكر فرايس تجنيده في منظمة "OAS Delta Commando"، التي وصفها بأنها "قوة شبه عسكرية متخصصة في القتل خارج نطاق القضاء للأفراد الذين يرهبون الأوروبيين".

وفي ذلك الوقت، كانت هناك حرب شرسة بين جبهة التحرير الوطني المؤيدة للاستقلال، وأنصار الجزائر الفرنسية، حيث بدأت عمليات القتل التي تنفذها المنظمة.

ومرددا صدى التخويف المتكرر للأصوات السياسية اليمينية المتطرفة في فرنسا حول المجتمع المسلم في البلاد، في جميع أنحاء كتابه، أشار الكاتب إلى "الإسلام باعتباره دينا عدوانيا بطبيعته مصمما على الانتصار على الغرب".

وقدم الكاتب العديد من المقتطفات، والتي تلقي الضوء على ما دفع عددا من القادة العسكريين الفرنسيين للتخفي لارتكاب أعمال إرهابية على الأراضي الجزائرية.

موقف جبان

وقال فرايس: "لقد أدركنا ببطء أن الحكومة الفرنسية لم تكن قادرة على القضاء على كل هجوم إرهابي في مهده، كانت تلك أول لحظة لي، إن غفلة وعجز أجهزتنا السرية زاد فقط من الشعور بالخوف وانعدام الأمن الأوروبيين".

وأضاف أن "هذا الخوف وفر أرضا خصبة لقتلة جبهة التحرير الوطني، الذين كانوا جميعا مدركين تماما للتأثير التراكمي واستنزاف الروح المعنوية لأفعالهم على هذه الشريحة المعينة من المجتمع".

وتابع: "صدمت وانزعجت من فشل الحكومة في اتخاذ تدابير الحرب وضمان سلامتنا، وأصبحت شريحة كبيرة من الفرنسيين أكثر راديكالية، لماذا لم تخصص الحكومة كل الموارد المادية والبشرية لمواجهة التهديد الإرهابي؟"

واستطرد فرايس: "بعض إخواننا في السلاح، جنرالات وضباط، أدركوا بالفعل تلك الأوقات الصعبة التي كانت تنتظرهم، كان هؤلاء من أصحاب الرؤى الحقيقيين الذين أدركوا أن الحكومة الفرنسية قد تدفع في نهاية المطاف ثمنا باهظا لثقافة اللامبالاة والتفاؤل الساذج، بالإضافة إلى التحالفات السياسية المفاجئة التي يتم تشكيلها بباريس في بعض الأحيان".

وادعى قائلا: "الطريقة التي رأيتها، فإن الموقف الذي تبنته السلطات الفرنسية لم يترك للمدنيين أي خيار سوى حماية أنفسهم".

ولفت إلى أن "عدم قدرة الحكومة على اتخاذ إجراءات عاجلة ضد الإرهابيين أثار نشاطنا، في وقت أشارت فيه العديد من المؤشرات إلى اندلاع جديد للعنف في الأفق. (...) ما دفعني وعدد لا يحصى من الآخرين هو فشل فرنسا في التصرف، والذي فسرناه على أنه موقف جبان".

وتساءل زاعما: "ألم يكن لنا الحق في الدفاع عن أنفسنا؟ (...) كان لدينا سبب شرعي بشكل متزايد لأخذ الأمور بأيدينا، وبالنظر إلى تقصير الحكومة في أداء الواجب، فقد كلفنا أنفسنا بحماية مجتمعنا".

مشهد دموي

وقال القاتل الفرنسي إن "زعيما رفيعا المستوى في جبهة التحرير الوطني الجزائري معروفا بمهاراته الفعالة في جمع التبرعات، كان يشاهَد بانتظام في مدينة قسنطينة الشمالية الشرقية، هذا الشخص كان هدفنا الأول.. رجل ممتلئ الجسم يبلغ ارتفاعه حوالي 1.7 مترا ويرتدي قلنسوة، يمتلك محل بقالة يقع على طول شارع ضيق قبالة شارع كرمان".

وأضاف "في اليوم الموعود.. مرتديا ملابس مدنية، وفي يدي اثنان من الأقنعة، وضعت مسدسي بين حزامي وسروالي، وسحبت قميصي وسترتي الجلدية. (...) بينما كنا نوقف سيارتنا في شارع جانبي، واصلت تجاوز الخطة في رأسي".

وبمجرد وضع القناع بشكل صحيح، "كنت أول من دخل المتجر، رفعت قميصي لأخذ مسدسي، استدار الهدف، مستشعرا أن حياته كانت في خطر، لكن الأوان قد فات بالفعل، مرت الرصاصة الأولى في صدره، ووجهه يتلوى بشكل غريب". 

وتابع: "حتى ذلك الحين، كان كل شيء يسير وفقا للخطة، لكن اتضح أنه لم يكن وحيدا، حاول رجل آخر، أصيب بالذهول وشلل مؤقت من المشهد الدموي، أن يهرع إلى بر الأمان، عندها اتخذت القرار في جزء من الثانية وفكرت في أن الإبقاء عليه كشاهد، يمكن أن يسبب لنا مشاكل خطيرة أثناء تحقيق الشرطة في وقت لاحق".

وختم فرايس اعترافاته بالقول: "دون أن أخمن نفسي أو أضيع وقتا ثمينا، قبل أن يتمكن من الهرب، سارعت وراءه وأطلقت رصاصة في جبهته، حدقت عيناه المنتفختان في وجهي بغرابة وبدا رأسه وكأنه ينهار فوق كتفيه، ترنح وساقاه تنحني قبل أن يسقط على الأرض بهزة عنيفة (...)".