سعيا خلف أموالهم.. كم تجني الماركات العالمية من ملابس المحجبات؟

منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تفضل العلامات التجارية العالمية للملابس، أن لا توحي قطع مجموعاتها بأي توجه عقائدي، حتى لا تخسر شريحة من زبائنها على حساب أخرى، لكن الآن تحرص "زارا" و "دولتشي آند غابانا" وغيرها أن تطرح مجموعات كاملة خاصة بالمحجبات. الماركات لم تغير البروتوكول من أجل لا شيء، بل لأجل ملايين الدولارات تربحها من بيع هذه المجموعات. 

في 2015، بعد اليوم الذي تلى الهجمات في باريس، منع رجل أمن سيدة محجبة من دخول متجر لماركة زارا. بعد أيام من الحادث والضجة الإعلامية التي تلته، اعتذرت إدارة المتجر وأكدت أن الأمر مجرد حادث وأنها أقالت الموظف، وهذا الحادث أثار تساؤلات حول كيف تنتقل "الماركة" من منع زبونة من دخول متجرها لأنها محجبة إلى تخصيص مجموعات لهذه الفئة؟

البداية مع"H&M"

كانت "H&M" وهي ثاني أكثر العلامات التجارية مبيعاَ في العالم، أول من بادر بطرح مجموعة خاصة بالمحجبات، ولم تختر أن يمر ذلك في صمت، بل إنها أحدثت ضجة كبيرة بإظهار فتاة محجبة في الفيديو الإعلاني لمجموعة 2015. وحرصت "الماركة" على التوجه إلى جمهور من مختلف التوجهات الدينية والعرقية في هذا الإعلان. وفي آخر الفيديو، الذي تصدر عناوين الصحف العالمية، كتبت "الماركة" "في الموضة ليست هناك قوانين".

ذهبت "دولتشي آند غابانا"، إلى حد إطلاق مجموعة خاصة بالعبايات، والجمهور المستهدف هنا، هو الخليج العربي. مع بداية 2016 قررت الماركة الإيطالية الدخول إلى السوق العربية، وهو تقليد أصبحت تحرص عليه مع بداية كل سنة. لكن في مجموعتها الربيعية لـ2018، اختارت أن يكون ضمن عرض أزيائها الرئيسي والذي يكون موجها لكل العالم، وليس لبلد محدد، عارضات محجبات.

"زارا" بدورها قررت دخول عالم المحجبات، ودأبت منذ 2016، على طرح قطع "محتشمة" مع بداية كل رمضان. مجموعة خريف 2018 للماركة العالمية طرحت الكثير من الجدل، إذ مزج تصميم القطع بين اللباس الديني الإسلامي وأيضا اليهودي. أصدرت زارا فساتين طويلة وكانت العارضات تغطين شعرهن، لكن هناك من رأى أنه مستوحى من اللباس الذي ترتديه المرأة اليهودية في إحدى الاحتفالات الدينية. الألبسة تضمن بعضها اللون الأحمر ومجموعة من التصاميم يحظر على المرأة اليهودية ارتداءها، وبذلك تكون زارا قد اختارت مخاطبة كل النساء المتدينات، سواء المسلمات أو اليهوديات، بلباس واحد.

السر بالأرقام

لم تقرر هذه العلامات التجارية وغيرها تغيير البروتوكول المتفق عليه، دون أن يكون وراء ذلك ربحا، مع كل الجدل القائم في العالم حول الإسلام والحجاب لم تكن هذه الأسماء الكبيرة في عالم الموضة لتجازف بتاريخها، لولا أن الربح مضمون.

وفي مقابلة مع "تايمز"، قالت الباحثة رينا لويس، مؤلفة كتاب حول الأزياء في العالم الإسلامي، إن "عدد الشباب المسلمين في تزايد وازدياد حاجتهم لألبسة تناسب توجههم في تزايد، مع الحرص أن تساير هذه الألبسة الموضة. كان التسويق يخاطب فقط مستهلكي بيع المواد الغذائية والمنتجات المالية من المسلمين"، تقول الباحثة، لكن الموضة تحتل الآن المركز الثالث.

ما قالته الباحثة أثبته بالأرقام تقرير "Global Islamic Economy" لطومسون رويترز، إذ أنفق المجتمع المسلم 266 مليار دولار في 2013 على الألبسة والأحذية. وتوقع التقرير الذي أنجزته مؤسسة التحليل الاقتصادي، أن يصل عدد نفقات هذه الفئة في 2019 إلى 484 مليار دولار. هذا الرقم جذب اهتمام  عمالقة الموضة، فسارعت "H & M" في 2015 إلى العمل لنيل نسبة من هذه الكعكة.

وخلال إطلاقها لمجموعة خريف السنة الماضية، سعت "زارا" لتلبية احتياجات المستهلكين المسلمين (في 96 دولة)، وتقدر قيمة هذه الأزياء  بنحو 254 مليار دولار، فيما تقلد المزيد من العلامات التجارية مثل "Uniqlo ،DKNY، Mango"، العلاقة التجارية "زارا" في إطلاق مجموعات شهر رمضان.

لازال الطريق طويلا

"خصصت ماركات عديدة مجموعات للمرأة المحجبة لكن هناك طريق طويل علينا قطعه"، بحسب المصممة ليزا فوغل، التي ترى أن "النساء المسلمات ينبضن بالنشاط والحيوية، وتريد العديد منهن أن تعكس أزيائهن ذلك".

وتقول ليزا، وهي مسلمة، إن مصممي الأزياء تجاهلوا لباس المحجبات لفترات طويلة  وعندما حاولوا الوصول إليهن لم يتمكنوا من التخلص من تلك الصورة النمطية. معتبرة القطع التي يراها المصممون الأجانب "محتشمة" وملائمة للمرأة المحجبة لم تكن مناسبة إلى حد كبير.  

ما تبحث عنه المرأة المحجبة ليس هو الملابس السوداء والفضفاضة، "فهذا مفهوم خاطئ، نحن في غاية الأناقة ونحب الموضة"، توضح فوغل.

ثروت حسين هي شابة باكستانية، تعيش في أمريكا، تقول لمجلة "راكد": "في الولايات المتحدة، لا توجد خيارات كافية، توجد بيع ملابس محتشمة لكنها بالكاد تلبي الحاجة". وتواصل الشابة حديثها قائلة: "شعرت بالإهانة عندما بعض المصممين المتميزين مجموعات متواضعة تضم ملابس فضفاضة بألوان باهتة وقالوا إنها للمحجبات".