ملا بختيار.. قيادي عراقي كردي نجا من اغتيال بالسم في ظروف غامضة

يوسف العلي | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

وسط ظروف غامضة حول ملابسات الحادث، نجا القيادي البارز في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، ثاني أكبر الأحزاب الكردية بالعراق، ملا بختيار، من محاولة اغتيال بواسطة سم قاتل.

وبعد تدهور صحته، نقل بختيار بشكل عاجل إلى إحدى المستشفيات الألمانية لمعالجته، في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2021، وفق وسائل إعلام محلية.

آخر ظهور إعلامي لبختيار (67 عاما)، في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2021، عند استقباله في مدينة السليمانية، وفدا من الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يقوده مسعود بارزاني.

محاولة اغتيال

وفي تصريح صحفي صادر عن مصدر مقرب من بختيار بخصوص تعرضه إلى التسمم، قال إن "بختيار خضع لفحوصات دقيقة وعلمية في أكثر المستشفيات تطورا في الأردن وهو مستشفى (الخالدية)، ومستشفى (ڤیڤانتيست) في برلين، وهما متخصصان في قضايا الشرطة للتحقيق بمثل هذه الجرائم".

وأكد المصدر، حسب وسائل إعلام محلية، أن "الأدلة العلمية أثبتت أن الملا بختيار قد سقي السم"، لافتا إلى أنه "بعد أسبوعين من ظهور النتائج قدم كل الأدلة إلى الرأي العام والاتحاد الوطني الكردستاني (بقيادة بافل الطالباني)، والأحزاب المناضلة في كردستان والعراق فضلا عن القنصليات والسفارات".

وأشار إلى أن "بختيار ينتظر انعقاد اجتماع عاجل للمجلس السياسي الأعلى لمصالح الاتحاد الوطني الكردستاني، والمكتب السياسي للحزب حول هذه الجريمة، وبعد ذلك سيقدم شكوى إلى محكمة كردستان، إضافة إلى أنه سيرفع شكوى أيضا لدى محاكم دول الغرب، فضلا عن إبلاغ منظمات إنسانية ودولية مختلفة".

وأفاد المصدر بأن "بختيار لن يتهم أي شخص أو طرف، لكن الأدلة الأولية المتاحة بيد بافل طالباني، والمسؤول الحالي للمعلومات في الاتحاد الوطني، خسرو گول محمد، وعدد من الأصدقاء والمقربين من الأسرة أبلغوه بأن هذه الجريمة قد ارتكبت منذ فترة طويلة وليست من شهرين أو ثلاثة".

وتابع: "كما أكدنا بعد عودة بختيار وبعد عقد الاجتماعات الرسمية، سيبلغ الرأي العام الرسمي في الداخل والخارج بخطاب رسمي ومكتوب حول ملابسات الحادث".

وقبل ذلك، ذكرت وكالة "شفق نيوز" الكردية العراقية في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أن "الوضع الصحي لبختيار تدهور بشكل مفاجئ، لينقل على الفور إلى إحدى مستشفيات برلين الألمانية لمعاينة حالته، حيث أظهرت التقارير والفحص الطبي تناول ملا بختيار مادة سمية قاتلة".

وفي اليوم التالي، كشف مصدر في "الاتحاد الوطني الكردستاني" عن تعرض قيادي آخر إلى التسمم وهو عضو المجلس القيادي للحزب، حسن نوري، الذي كان يشغل سابقا مدير "أسايش" (الأمن) في مدينة السليمانية، حسبما ذكرت الوكالة الكردية.

وأضاف المصدر أن "نوري عاد إلى إقليم كردستان بشمال العراق بعد قضاء 10 أيام من الفحوصات في ألمانيا تأكد من خلالها تجاوزه الخطر، إلا أن كميات قليلة من السم لاتزال باقية في أحشائه، لكنه الآن بصحة طبيعية ويمارس حياته بشكل طبيعي".

ماركسي النشأة

اسمه الحقيقي حكمت محمد كريم، لكنه عرف باسمه الحركي "ملا بختيار"، وهو من مواليد مدينة مندلي بمحافظة ديالى شرق العراق، في 20 أغسطس/آب 1954، وانضم إلى صفوف العصبة الماركسية اللينينية الكردستانية عام 1970، وشارك في التمرد المسلح على النظام في 1974.

ويعتبر بختيار من المعارضين ومثقفي الكرد ومن الكتاب الناشطين في السياسية والكفاح المسلح والنشاط الجماهيري، حيث تولى العديد من المناصب داخل تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني.

ومن أهم المناصب السياسية التي تولاها منذ عام 1975، عضو قيادة عصبة كادحي كردستان، عضو قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني، قائد المنطقة الإقليمية في حلبجة، رئيس مركز تنظيمات السليمانية للاتحاد الوطني الكردستاني.

كما كان أحد أعضاء فريق التفاوض الكردي مع نظام حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق، وشارك في مؤتمر الأحزاب السياسية المعارضة بفيينا، وكذلك ترشح لبرلمان إقليم كردستان عام 1992، وأصبح عضوا فيه عام 1995.

واستلم بختيار منصب رئيس مكتب المنظمات الديمقراطية في الاتحاد الوطني الكردستاني، وكذلك رئيس اللجنة الأولمبية في كردستان، وكذلك عمل مشرفا على الإعلام المركزي في الاتحاد الوطني الكردستاني.

شارك في مؤتمر المعارضة العراقية لعام 1999 بنيويورك، وعام 2001 أصبح عضوا في المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني، وشارك كذلك نهاية 2002 في اجتماعات المعارضة العراقية بدبلن.

أصبح عضو الهيئة العاملة للمكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني في عام 2009، ثم تولى مسؤولية رئيس هيئة المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني لعام 2010. وكذلك شغل بختيار منصب رئيس تحرير "مجلة المدنية" الفصلية، ورئيس تحرير "الصحيفة" الأسبوعية.

وفي عام 2018، طرح الاتحاد الوطني الكردستاني بختيار أحد مرشحيه لرئاسة الجمهورية، قبل أن يستقر القرار على اختيار الرئيس الحالي برهم صالح، وذلك لأنه درج العرف السياسي منذ 2006 على أن يكون منصب رئيس الجمهورية من نصيب الأكراد وتحديدا "الاتحاد الوطني".

وللسياسي الكردي العديد من المؤلفات، أبرزها، ثورة كردستان ومتغيرات العصر، التمرد على التاريخ، حزمة مواضيع مختارة، الديمقراطية بين الحداثة وما بعد الحداثة، الديمقراطية بعد الحرب الباردة، في خدمة الأدب، حرية العقل والمجتمع المدني، الخبير في كوردولوجي، روسيا والأكراد، والديمقراطية وأعداؤها.

رافض للتوريث

لدى بختيار رأي معارض للقيادة التشاركية في "الاتحاد الوطني الكردستاني"، إذ قال خلال حوار صحفي في 24 فبراير/شباط 2020 إنه "لا يوجد شيء اسمه تشاركية لكن اللجنة القيادية للحزب توسعت، والمؤتمر الانتخابي كان ذا خصوصية في تاريخ الاتحاد الوطني"،

وتابع: "مداخل الاتحاد ومشاكله السياسية والفكرية والتموينية والاقتصادية والتراكمات صنعت القيادة باسم اللجنة العليا، واللجنة الأخرى باسم اللجنة القيادية للاتحاد".

وكذلك يرفض بختيار التوريث العائلي لقيادة "الاتحاد الوطني الكردستاني" موضحا: "شخصيا أرفض كل قيادة توارثية ولا أؤمن بها أبدا، لا داخل الحزب ولا خارجه".

وأشار إلى أن "الاتحاد انتخب 24 عضوا قياديا في اللجنة القيادية و9 من القياديين البارزين في اللجنة العليا للاتحاد، وداخل هذه اللجنة موجود فقط بعض من ينتمون إلى عائلة مام جلال وعددهم لا يتجاوز الستة".

وبخصوص مدى إمكانية دمج أكبر حزبين كرديين (الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني) أجاب بختيار: "أرى أن ذلك لا يصب في مصلحة الحركة الديمقراطية في كردستان، لا من الناحية المبدئية ولا من الناحية الإستراتيجية، هذا أولا، أما ثانيا فإن عهد الحزب الأوحد أو الواحد انتهى في تاريخنا وفي تاريخ الأمة العربية وتاريخ شعوب الشرق الأوسط".

وتابع: "بالعكس نعيش في زمن العولمة والتواصل الاجتماعي، أي نعيش في زمن التعددية الفكرية والأيديولوجية المتعددة، هذا قاتل أن نتصور حزبا واحدا يسيطر على الوضع القائم، ويخنق التنافس الديمقراطي للأحزاب والاتجاهات الأخرى داخل المجتمع".

ويرى بختيار أن "أكثرية الأحزاب في العالم عندها مشتركات، وأكثرية الأحزاب الديمقراطية في العالم لديها مشتركات، وكذلك الأحزاب القومية في العالم تملك مشتركات، وهكذا بالنسبة للأحزاب الإسلامية، ربهم واحد ونبيهم واحد وقرآنهم واحد، ومع ذلك فإنها متعددة".

وتعصف منذ شهور عدة خلافات في الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي كان يتزعمه الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني قبل أن يصار لاختيار إدارة مشتركة للحزب بعد وفاته عام 2017، بين نجله بافل الطالباني وابن شقيقه لاهور الشيخ جنكي.

وقاد بافل انقلابا وصف بـ"الأبيض"، في أغسطس/آب 2021، أطاح بالرئيس المشترك معه في إدارة الحزب، شيخ جنكي، وجرده من عدة مناصب وأقصى عددا من المحسوبين عليه في إدارة الأجهزة الأمنية الحساسة في مدينة السليمانية الخاضعة لإدارة الحزب.

داعم للحراك

بختيار وصف ما حصل من حراك شعبي في أكتوبر/تشرين الأول 2019 بأنه "ثورة حقيقية، وما يجري في ساحة الاعتصام والتظاهر ببغداد والنجف وكربلاء وذي قار والديوانية والبصرة، انتفاضة ثورية حقيقية".

وقال: "رغم أن إستراتيجية المتظاهرين غير متبلورة ولا تملك أيديولوجية واضحة ولا فلسفة ثورية واضحة، لكن كبداية انتفاضية في العراق والمنطقة والعالم أراها حركة جديدة برزت في زمن العولمة أي بعد نحو 20 عاما من انبثاق العولمة".

وأضاف "نحتاج إلى وقت من خلال مخاض هذه الحركة الثورية، لبلورة الإستراتيجية والأيديولوجية والفلسفة التي تنسجم مع التغييرات الحاصلة في المنطقة والعالم، نحتاج إلى وقت لكن البداية تعد مجيدة، وأراها مهمة جدا".

وأردف: "كل حركة تغييرية وانتفاضية في التاريخ يواكبها أخطاء قاتلة، في البداية، لكن مع مرور الزمن، جرى حل المشاكل وفرز القادة والأفكار والتطلعات والإستراتيجية، وكيف يأتي البديل الديمقراطي الحقيقي، أي أننا نحتاج إلى وقت ولكن بدون هذه الحركة لا يمكن أن يولد البديل الديمقراطي في المستقبل".

وبخصوص أن التظاهرات الاحتجاجية ترفض كل الإرث الذي جاء به الوضع السياسي بعد أبريل/نيسان 2003 من محاصصة وفساد وانهيار، قال بختيار: "هم يريدون إنهاء الطبقة الفاسدة، وهذا حق لهم، لكن إنهاء الأحزاب صعب جدا، ولكن كطبقة فاسدة وأي فاسد في الحزب أو السلطة، سواء كان مختفيا أم معلنا فإن من الحق محاكمته، هذا حق".