يتلاعب بالقانون.. ما أهداف السيسي الحقيقية بإعلان إلغاء الطوارئ في مصر؟

القاهرة- الاستقلال | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

منذ اليوم الأول للانقلاب العسكري في مصر في 3 يوليو/تموز 2013، يعامل الشعب المصري بمقتضى قانون الطوارئ بشكل غير رسمي، ومع وقوع تفجيرات انتحارية لكنيستين في أبريل/نيسان 2017، رجح معارضون أنها مفتعلة، أقر رئيس الانقلاب المصري عبدالفتاح السيسي تطبيقه رسميا.

وخلال أربع سنوات وستة أشهر، ظل السيسي يمدد حالة الطوارئ كل 3 أشهر بشكل دوري، في أنحاء البلاد كافة، حتى قرر في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، وقف تطبيقها، بدعوى أن "مصر باتت واحة للأمن"، بحسب ما كتبه على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي. 

ناشطون قابلوا قرار السيسي بسخرية واستهجان، وذكروا بتجاوزات النظام وتنكيله بالشعب والزج بالآلاف في السجون قبل إعلان حالة الطوارئ وبعدها بذريعة تطبيق القانون، ووصفوا القرار بعدة توصيفات أبرزها أنه "شكلي، وصوري، وحبر على ورق، وتحصيل حاصل" وغيرها من التوصيفات الأخرى.

وأشاروا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم على وسمي #السيسي، #إلغاء_الطوارئ إلى أن القرار يهدف لإرضاء الخارج وتلميع صورة البلاد عالميا، ومجرد إجراء موجه لأميركا والكونغرس لفك يده عن المساعدات المقدمة لنظام السيسي.

قنبلة دخان

وبرز حديث الناشطين عن تطويع النظام العسكري المصري منذ استيلائه على السلطة للقوانين وإقرار الحبس الاحتياطي لتحل تلك الإجراءات محل الطوارئ، إضافة إلى تمكين الجهات القضائية من التنكيل بالمعتقلين بطرق مختلفة دون الحاجة إلى قانون.

وتوقع ناشطون ألا تتوقف الزيارات الليلية لأمن الدولة، والاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري وتدوير المعتقلين، والمساءلات خارج طلبات الضبط والإحضار، وغيرها من الانتهاكات والتجاوزات التي انتهجها العسكر تحت مظلة قانون الطوارئ.

الناشطون أرجعوا عدم ارتياحهم لإلغاء حالة الطوارئ، بعدم اقترانه بإجراءات أخرى ضرورية كتوقف الانتهاكات والإفراج الفوري عن المعتقلين كافة بموجب ذلك القانون خلال السنوات الماضية وتعويضهم عن معاناتهم، مؤكدين أن الهدف من القرار إرضاء واشنطن.

رئيس تحرير صحيفة المصريون جمال سلطان، أشار إلى أن جميع الاعتقالات للمعارضين والمصادرات والمنع من السفر والإجراءات القمعية كافة في مصر هي بإمضاء القضاء والنيابة ولا صلة لها بحالة الطوارئ.

وأكد أن الإخفاء القسري والتصفيات لا صلة لها بالطوارئ ولا بالقانون من أساسه، والإعلان الاحتفالي برفع حالة الطوارئ قنبلة دخان للتسويق الخارجي.

المتحدث باسم الجبهة السلفية خالد سعيد، رأى أن كل ما يثبته إلغاء النظام لقانون الطوارئ؛ هو انصياعه للإملاءات والأوامر الأميركية، فقد تحولت جميع قوانين الدولة إلى طوارئ، ومحاكمها إلى جهة لتنفيذها، قائلا: "لو كان يشكل فارقا؛ لتم الإفراج فورا عن عشرات الآلاف من أبناء مصر!".

ورأى الممثل المعارض عمرو واكد، أن إلغاء العمل بقانون الطوارئ لا قيمة له إذا لم يتم الإفراج عن جميع سجناء الرأي.

قوانين بديلة

ورجح ناشطون بقاء إجراءات القمع المتعلقة بالطوارئ سارية المفعول إلى أجل غير مسمى، رغم إلغاء حالة الطوارئ المعلن بسبب تطويع النظام للقوانين لصالحه، مشيرين إلى أن مصر تعيش الطوارئ بصورة متطرفة وسادية.

السياسي عمرو عبدالهادي، قال: "صحيح أن إلغاء حالة الطوارئ حدث مهم لكن لا جدوى له في جمهورية السيسي لأن عشرات القوانين الاستثنائية في حد ذاتها لا تزال قائمه وهي غير دستوريه في الأساس".

وأوضح حور محب، أن القوانين التي سنها السيسي (أكثر من 600 قانون) ومررها خلال شهر واحد من انتخاب مجلس شعب تعطي نظامه صلاحيات "دائمة" موجودة في قانون الطوارئ بشكل "مؤقت"!، مؤكدا أن إلغاء حالة الطوارئ تحصيل حاصل.

الناشط الحقوقي أحمد مفرح، تساءل: "إذا أنهى السيسي قانون الطوارئ فمتى سينهي قوانين مكافحة الإرهاب والكيانات الإرهابية وقانون حماية المنشآت العامة وتعديلات قانون العقوبات التي توفر الدعم التشريعي والقانوني ونفس الدعم الاستثنائي المنصوص عليه في قانون الطوارئ لرجال الجيش والشرطة؟"

وبين الباحث في التاريخ محمد إلهامي، أن إلغاء السيسي لحالة الطوارئ يبدو خطوة عظيمة، بينما الواقع أنه نقل كل حالة الطوارئ لتصير نظاما قانونيا، وذلك بتعديلات هائلة في القوانين وبتوسيع صلاحيات المحاكم العسكرية والاستثنائية.

ليس إنجازا

ورفض ناشطون الاحتفاء بقرار إلغاء العمل بقانون الطوارئ، والتعامل معه كإنجاز يحسب لرئيس النظام المصري، والزعم أنه انتصار على الإرهاب.

وفي إسقاط للأحداث في مصر على ما تشهده الخرطوم من انقلاب عسكري، قال الكاتب وائل قنديل: "تخيل لو ألغى (رئيس مجلس السيادة) عبد الفتاح البرهان مد حالة الطوارئ بعد سبع سنوات، مثلا، يكون خلالها قد أحكم قبضته على السودان وثبت انقلابه وقتل معارضيه وسجنهم ونفاهم واطمأن تماما إلى أنه القانون والسلطة المطلقة".

وتساءل: "هل تصفق له وتعتبر هذا قرارا حكيما يستحق الإشادة وتسقط عشرات الآلاف من الجرائم ضد أبرياء؟"

الكاتب علاء الروبي، سخر قائلا: "ألغى حالة الطوارئ.. ممتاز جدا أوي خالص، لكنه لا يزال قاتلا، خائنا للعهد، حانثا باليمين، غادرا بمن ائتمنه، مواليا لأعداء الأمة، مضيعا لأمانات الغاز والمياه والأرض، مضيعا لميزانية مصر فيما لا ينفع، مكبلا لمستقبل مصر بالقروض العبثية المتصاعدة".

وخاطب مغرد آخر المهللين بإلغاء الطوارئ قائلا: "إن كان في ظاهرها إلغاء الظلم وكبت الحريات لكن للأسف بنود الطوارئ وزعت على قوانين أخرى تقيد الحريات فأصبح قانون الطوارئ هو والعدم سواء".

قرار شكلي

واستنادا إلى الطريقة التي تتعامل بها الشرطة المصرية والنيابة من اقتحام للمنازل وتوقيف في الطرقات وما يتبعها من إخفاء قسري طوال فترة حكم العسكر وما سبق ذلك إبان فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي فرض تلك الإجراءات إثر اغتيال سلفه أنور السادات في 1981، عد الناشطون قرار إلغاء الطوارئ صوريا موجها للخارج.

عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالبرلمان سابقا ممدوح إسماعيل، وصف إلغاء حالة الطوارئ في مصر بأنه "قرار شكلي لمغازلة أميركا فقط، وتنفيذه في إلغاء لفظ طوارئ من بعض المحاكم وتحقيق درجتي تقاض". 

وأوضح أن القضاء واقعيا "مسيس تماما ينفذ أوامر العسكر، والشرطة تفعل ما تشاء بالتلفيقات ولا أحد يحاكمها"، قائلا إن مصر يحكمها قانون ظلمستان العسكري ولن يسقط إلا بسقوطهم من الحكم.

وأشار حسام عرباوي، إلى أن الداخلية المصرية لا تعرف القيام بدورها المتمثل في السيطرة الاجتماعية وسحق أي عمل فردي أو جماعي هدفه التغيير وقهر أي تهديد سياسي للنظام بدون قانون الطوارئ.

وأضاف: "لو اتلغى رسميا فعلى أرض الواقع هو مستمر، وجرب تسألهم عن إذن النيابة لما يكسروا عليك باب الشقة".

وأعاد الكاتب عمرو بقلي، نشر تغريدة سابقة له قال فيها إن السيسي محتاج قروض جديدة بسبب الأزمة التمويلية الحالية وتفاقم عجز الموازنة وخدمة الدين، مؤكدا أن رفع حالة الطوارئ هدفه استعمال خارجي لا أكثر.