أصغر دولة في القرن الإفريقي.. لماذا تجذب أنظار العملاق الصيني؟

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

مع أن جيبوتي تعتبر أصغر دولة في القرن الإفريقي من حيث المساحة، فإن موقعها القريب من الشرق الأوسط على مضيق باب المندب وأهميتها في طرق نقل الطاقة تجعل منها القبلة الأولى للدول الكبرى مثل الصين. 

وجاء اهتمام بكين بالقارة الإفريقية وخاصة بجيبوتي كنتيجة طبيعية لسياسة الانفتاح التي اتبعتها الصين في السنوات الـ41 الماضية في إطار سياسة الاندماج مع العالم الخارجي. 

ولذلك تعطي العلاقات الثنائية فكرة أوضح حول تأثير إدارة بكين على القارة الإفريقية، وفق ما يقول مركز "أنقرة لدراسة السياسات والأزمات" التركي في مقال للكاتب غوكتوغ تشاليشكان.

موقع فريد

واستدرك تشاليشكان: بدأت العلاقات الدبلوماسية بين الصين وجيبوتي في 8 يناير/كانون الثاني 1979، ومنذ ذلك الحين والتعاون بين البلدين مستمر دون عوائق. 

ومع تعمق الثقة السياسية بين البلدين، تعززت العلاقات الثنائية أيضا، حتى كان عام 2017 عندما وقع الطرفان اتفاقية تهدف إلى إقامة شراكة إستراتيجية، لتبدأ بعد ذلك حقبة جديدة.

وأوضح ذلك بالقول: فبعد الاتفاقية المذكورة، أنشأت إدارة بكين قاعدة عسكرية في جيبوتي، لتصبح هذه القاعدة أول قاعدة رسمية للصين خارج حدودها.

وتظهر هذه الخطوة أن الصين باتت ترغب في أن يكون لها وجود عسكري دائم خارج حدودها. 

إضافة إلى ذلك، كانت جيبوتي إحدى الدول الإفريقية التي وقعت اتفاقية مع الصين في إطار مشروع الحزام والطريق. 

لذلك ينبغي أن لا يتم إغفال دراسة العلاقات بين الصين وجيبوتي في سياق مصالح بكين وسياساتها الاقتصادية تجاه منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ينوه الكاتب.

ويقول: ترى بكين في جيبوتي مركزا تجاريا مهما في سياق استثماراتها الخارجية ومصالحها الاقتصادية في القارة الإفريقية.

 والسبب الأول لذلك عائد إلى الموقع الإستراتيجي الذي تتمتع به جيبوتي. إذ تقع هذه الدولة على أحد أكثر الطرق البحرية ازدحاما في العالم ما يجعلها أرضا خصبة لاقتصاد الصين. 

ويضيف: لدى بكين تبادل تجاري مع دول الاتحاد الأوروبي بما يزيد على المليار دولار يوميا وتنقل جزءا كبيرا منه عبر خليج عدن.

كما تنقل بكين ما لا يقل عن 40 بالمئة من وارداتها النفطية عبر المحيط الهندي، ومن هنا يتضح سبب اهتمام الصين بجيبوتي أكثر فأكثر.

ويتابع: تتمتع جيبوتي بموقع جغرافي يتحكم في الوصول إلى كل من البحر الأحمر والمحيط الهندي، ويربط منطقة آسيا والمحيط الهادئ والخليج الفارسي والقرن الإفريقي ببعضهم البعض، ويوفر أيضا وصولا مباشرا إلى منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط.

ويردف: أما السبب الثاني فهو الدور اللوجيستي الذي تولته جيبوتي على طريق تجارة بكين في إطار مشروع الحزام والطريق الذي بدأ تنفيذه في 2013، والذي يمتد من الصين إلى المحيط الهندي فخليج عدن، ومن هناك إلى البحر الأحمر وقناة السويس ثم إلى البحر الأبيض المتوسط.

إضافة إلى ذلك، ترغب الصين في بناء سكة حديد من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا إلى جيبوتي بتكلفة تبلغ 3.4 مليار دولار. 

وهذا يضيف ميزة جديدة إلى جيبوتي ذات الموقع الإستراتيجي والحيوي في مشروع الحزام والطريق، بحسب الكاتب التركي.

ويستطرد: والسبب الثالث يعود إلى الدور الذي تلعبه جيبوتي في ضمان أمن الطاقة التي تستوردها الصين. 

فعلى الرغم من أن 3 بالمئة فقط من واردات بكين من النفط الخام و4 بالمئة فقط من واردات الغاز الطبيعي تمر عبر مضيق باب المندب، فإن الصين تسهل مرور النفط والغاز الطبيعي عبر المضيق وتضمن أمنها بوجود قاعدتها العسكرية هناك. 

ويضيف: أما السبب الأخير فيتعلق بالمصالح الاقتصادية والاستثمارات الصينية في جيبوتي. 

إذ إن معظم مشاريع البنية التحتية والتي تبلغ قيمتها 14.4 مليار دولار في البلاد تمول من قبل البنوك الصينية. 

ميزة واضحة

ووفقا لتشاليشكان، تحول اهتمام الدول الغربية إلى جيبوتي مرة أخرى بعد أن أنشأت الصين قاعدة عسكرية فيها. 

وعلى الرغم من أنه من المتوقع أن ترغب الصين في زيادة نفوذها في البلاد، فإنها تقول إن القاعدة توفر الدعم اللوجيستي والحماية للسفن التجارية الصينية التي تمر عبر خليج عدن.

ويقول الكاتب: هناك دول غربية تملك بالفعل قواعد عسكرية في جيبوتي مثل الولايات المتحدة التي لديها 4000 آلاف جندي، وفرنسا التي تملك 1000 جندي. 

غير أن أيا من هذه الدول ليست مهتمة بالاستثمار في جيبوتي كما تفعل الصين، بحسب تقديره.

وبطبيعة الحال تدفع الدول الغربية إيجارات لجيبوتي مقابل إنشاء قواعد، لكنها لا تستثمر هناك.

أما الصين فتنفذ استثمارات في البنية التحتية في سياق مشروع الحزام والطريق. وبالطبع، فهي تفعل ذلك من أجل مصالحها الاقتصادية الخاصة.

غير أن هذه الاستثمارات تخلق أيضا فرصا جديدة لتنمية جيبوتي. لذلك لقيت هذه الخطوات ترحيبا واسعا من قبل صناع القرار في البلد الإفريقي.

وبفضل الاستثمارات الصينية التي بدأت في 2015، تجاوز النمو الاقتصادي حاجز الـ 5 بالمئة وسجل نموا نسبته 6.7 بالمئة في عام 2017، يلفت الكاتب.

ويستدرك: في الواقع، لم تكتف الصين بهذا وهي تخطط لمشاريع مستقبلية أيضا. 

فمثلا من المقرر تنفيذ مشروع منطقة تجارية حرة في جيبوتي بما قيمته 3.5 مليار دولار، على أرض مساحتها 4800 هكتار. وبالفعل، تم افتتاح المرحلة الأولى من المشروع المذكور عام 2018.

وباكتمال المشروع، ستصبح جيبوتي مركزا تجاريا مهما، كما ستغدو أكبر منطقة تجارة حرة في إفريقيا.

علاوة على ذلك، سيوفر المشروع أكثر من 50 ألف فرصة عمل لشعب جيبوتي بحلول عام 2025.

لذلك، تتبنى جيبوتي حكومة وشعبا، موقفا إيجابيا تجاه الصين ومشاريعها واستثماراتها، على عكس نظرتها إلى الدول الغربية. 

أعداد الذين يخشون من الاعتماد على الصين ليس صغيرا أيضا، إذ إن السؤال عن كيفية سداد القروض المأخوذة من بكين أمر مقلق وداع إلى إعادة التفكير، يقول الكاتب التركي.

ويوضح أن جيبوتي تقع في موقع إستراتيجي فيما يتعلق بالسياسات الأمنية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، الأمر الذي يزيد من أهميتها من حيث التجارة والأمن، خاصة وأنها تملك زمام التحكم في الوصول إلى المحيط الهندي والبحر الأحمر عبر مضيق باب المندب.

ويضيف: وبسبب ذلك، كانت ولا تزال جيبوتي قبلة القوى العظمى مثل الولايات المتحدة وفرنسا والصين، ما جعلها أيضا عرضة لأن تصبح ساحة تنافس بين واشنطن وبكين.

غير أنه يمكن القول إن نفوذ الصين أعمق بكثير من الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة.