آفاق التصعيد الأمريكي الأخير ضد إيران وخلفياته

رائد الحامد | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

خلال الأسابيع الماضية اتخذت الإدارة الأمريكية سلسلة من القرارات لزيادة الضغط على إيران وتضييق خياراتها لإرغامها على الجلوس إلى طاولة المفاوضات وتقديم تنازلات في الملفات العالقة، البرنامج النووي وتطوير الصواريخ الباليستية متوسطة المدى ودعم وتمويل الإرهاب.

تتلخص الإستراتيجيات الأمريكية تجاه إيران في فرض المزيد من العقوبات في قطاعات الطاقة والمصارف لجعلها تتوقف عن دعم الجماعات المسلحة، ووقف برنامجها لتطوير الصواريخ، وأيضا ما يتعلق ببرنامجها النووي الذي تدرس القيادة الإيرانية في هذه الأثناء إعادة النظر في التزاماتها السابقة بموجب الاتفاق الذي عقدته مع الدول الخمس الكبرى بالإضافة إلى ألمانيا في عام 2015.

وتسعى الولايات المتحدة إلى استخدام أدوات "الضغط" السياسي والاقتصادي، والعسكري أيضا، لمنع إيران من مواصلة الانخراط في عدد من ساحات الصراعات الداخلية التي تشهدها دول المنطقة مثل سوريا واليمن.

تسارعت الخطوات الأمريكية في سياق "حملة الضغط الأقصى" على إيران منذ 8 أبريل/نيسان الماضي حيث أدرجت الولايات المتحدة الحرس الثوري الإيراني على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية.

وفي 23 أبريل/نيسان الماضي ألغت الإدارة الأمريكية الإعفاءات لثماني دول من توريد النفط الإيراني اعتبارا من 2 أيار/مايو والتهديد بعقوبات إضافية على الدول التي لا تلتزم بوقف شراء النفط الإيراني الذي تهدف الولايات المتحدة لبلوغه "صفر برميل يوميا".

 وأرسلت الولايات المتحدة، الأحد 5 أيار/مايو، حاملة الطائرات إبراهام لينكولن ومجموعة من السفن الحربية وقاذفات قنابل إستراتيجية إلى منطقة الخليج العربي بعد الاطلاع على تقارير استخبارية رصدت نشاطات جديدة للحرس الثوري الإيراني في العراق.

مساء الأحد 5 أيار/مايو أعلن مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، أحد أشد "أعداء" إيران في الإدارة الأمريكية، أن حاملة الطائرات إبراهام لنكولن وقاذفات إستراتيجية تابعة لسلاح الجو الأمريكي يتم نشرها في منطقة الخليج العربي لتهديد إيران أو لمواجهة أي ضربات محتملة تستهدف مصالح الولايات المتحدة والدول الحليفة لها في الخليج العربي وسوريا والعراق، وفي البحر الأحمر أيضا.

وتؤكد تصريحات بولتون وجود "مؤشرات وتحذيرات تثير القلق" من هجمات محتملة سواء بالوكالة أو عبر الحرس الثوري أو القوات النظامية.

وفي تصريحات للمتحدثة باسم وزارة الدفاع الأمريكية لشؤون القيادة الوسطى في الشرق الأوسط والخليج كشفت عن إن حاملة الطائرات والسفن المرافقة لها المتجهة للخليج ستعمل كقوة ردع في مناطق عدة في الشرق الأوسط لحماية القوات الأمريكية ومصالحها في المنطقة.

ونقلت وكالات أنباء عالمية عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن نشر القوات الأمريكية جاء استجابة للتوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة وإيران، وضرورة تعزيزها في المنطقة لمواجهة "استعدادات" لقوات إيرانية أو قوات حليفة لها لشن هجمات "محتملة" على جنود أمريكيين في العراق وسوريا ومصالح أمريكية في دول عدة بالمنطقة.

رسالة قد تكون الأولى الأكثر وضوحا والتي "لا لبس فيها" تؤكد استعداد الولايات المتحدة لمهاجمة إيران ردا على معلومات تلقتها دوائر أمريكية تفيد بنية إيرانية لتوظيف بعض القوات الحليفة لها في المنطقة لضرب مصالح أمريكية أو مصالح دول حليفة لها في المنطقة.

وتشير تقارير صحفية أمريكية إلى أن التصعيد الأخير جاء استنادا إلى معلومات استخبارية مصدرها إسرائيل أفادت بأن إيران تخطط لاستهداف مصالح أمريكية بهجمات متزامنة في دول عدة بالمنطقة تشمل عمليات اغتيال وتفجيرات وغارات بطائرات مسيرة استدعت قيام الولايات المتحدة بنشر حاملة الطائرات إبراهام لينكولن وقطع بحرية مساندة لها وقاذفات قنابل استراتيجية B-52S في منطقة الخليج العربي.

وكان مسؤولون في الاستخبارات الإسرائيلية قد أطلعوا نظراء لهم في الإدارة الأمريكية قبل أقل من شهر على معلومات تؤكد استعدادات إيرانية؛ لشن هجمات "متزامنة" على أهداف أمريكية في العراق وسوريا والسعودية والإمارات وفي الخليج العربي والبحر الأحمر.

ويتحدث مسؤولون أمريكيون عن "تهديدات جدية" تقف خلف نشر المزيد من القوات الأمريكية في المنطقة على خلفية رصد نشاطات إيرانية قال عنها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أنها تشكل "تصعيدا من جانب إيران" دون أن يكشف طبيعة تلك النشاطات.

وعلى صلة بالتصعيد العسكري الأمريكي الأخير، ألغي وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو زيارة مقررة إلى برلين متوجها بدلا منها إلى بغداد لبحث "مسائل ملحّة" مع القيادة العراقية لاطلاعها على تفاصيل التهديدات الإيرانية والتحدث إليهم حول توفير الحماية للجنود والموظفين الأمريكيين العاملين في العراق.

وقبيل زيارته "غير المعلنة" إلى العراق أخبر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الصحفيين خلال حضوره اجتماع وزراء مجلس القطب الشمالي في فنلندا أن بلاده "ستحمل إيران مباشرة كامل المسؤولية عن أي هجمات ضد مصالحها حتى لو نفذتها قوى حليفة لها". 

وتحتفظ الولايات المتحدة بوجود عسكري لأكثر من 5200 جندي ينتشرون في ثماني قواعد شمال وشمال غرب بغداد وفي إقليم كردستان ومحافظة الأنبار غرب بغداد.

وفي ذات الوقت الذي تؤكد فيه واشنطن على عدم سعيها إلى شن حرب على إيران، فإنها تؤكد على استعدادها للرد على أي هجوم سواء بقوات نظامية أو بقوات تابعة للحرس الثوري الإيراني أو قوات حليفة تخوض الحروب الإيرانية بالوكالة في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

وتشير التحركات العسكرية الأمريكية الأخيرة إلى استعدادات "غير مسبوقة" لمواجهة أي استفزازات إيرانية "محتملة" يمكن أن تؤدي إلى مواجهة مفتوحة بين الولايات المتحدة وقوات حليفة لإيران مع استبعاد أي احتمال لدخول إيراني مباشر سواء من خلال القوات المرتبطة بوزارة الدفاع أو الأخرى المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني.

في مقابل ذلك، من ناحية القدرات العسكرية، يمكن للحرس الثوري أن ينفذ هجمات عنيفة تستهدف مصالح أمريكية ومصالح دول حليفة لها في المنطقة؛ غير أن قيادة الحرس الثوري "قد" لا ترى من الحكمة زج الحرس الثوري بهجمات كهذه طالما توفرت لديها بدائل عبر قوات حليفة لها سواء الحشد الشعبي في العراق، أو جماعة أنصار الله (الحوثي) في اليمن أو حزب الله اللبناني ومجموعات شيعية مسلحة حليفة لإيران تنشط في سوريا منذ سنوات.