نقيب صحفيي السودان لـ"الاستقلال": نعيش سيناريو مصر و"الشرق" مرشح لانفصال

12

طباعة

مشاركة

أكد نقيب الصحفيين السودانيين، نائب رئيس اتحاد الصحفيين العرب، الصادق الرزيقي، أن الإسلاميين في السودان "رقم صعب" رغم وجود قادتهم بالمعتقلات، وهم "أكبر قوة" منظمة في البلاد.

وأضاف في حوار مع "الاستقلال" أن منطقة شرق السودان و"نظارات البجا" (مجلس قبلي) مرشحة للانفصال عن الأرخبيل السوداني وتشكيل دولة جديدة، في ظل المؤامرات الغربية الحالية التي تسعى لتفكيك السودان، موضحا أن العسكر رفض إقحام الجيش في مواجهة نظارات البجا والجماهير الغاضبة بالمدن منعا للصدام.

وقال نقيب الصحفيين إن أوضاع السودان باتت أصعب، فغابت العدالة وانهار الأمن والاقتصاد وتعطل الدستور وأصيبت أجهزة الدولة بـ"الشلل التام" نتيجة فصل عشرات الآلاف من وظائفهم، ويسعى السودانيون في الوقت الراهن للإطاحة بالحكومة الحالية واستبدالها بمشاركة أوسع في الحكم من قوى سياسية عديدة.

وأوضح الرزيقي أن الشعب السوداني يرفض التطبيع بشكل مطلق ويتمسك بما أعلنه السودان من "لاءات الخرطوم الثلاثة" الشهيرة، مشددا على أن السودان لم يجن أي ثمار تذكر في هذا الجانب.

وأكد أنه لا يوجد دليل على وجود استثمارات لحركة حماس في السودان حاليا، وأن "الموساد" وراء الحملات التي تشنها الحكومة ضد فلسطينيين عاديين بزعم أنهم امتداد لحركة حماس في السودان رغم خروج حماس من الساحة السودانية قبل سنوات.

ولفت الرزيقي إلى أن عسكر السودان يسيرون على نفس السيناريو المصري قبل انقلاب 2013 وأن وجه الشبه بينهما كبير جدا وأنهم طامعون في مواصلة حكم السودان، وأن المدنيين لم ينفردوا بالحكم في السودان منذ استقلاله إلا نادرا. 

مرشح للانفصال

ما طبيعة وأبعاد تحركات "نظارات البجا" وإغلاقهم الموانئ؟

هذه قضية قديمة، إذ تعاني منطقة شرق السودان من التهميش السياسي والتخلف التنموي بشكل مزمن منذ عهد الاستعمار وحتى اليوم في ظل تجاهل الحكومات الوطنية المتعاقبة؛ 

لذلك تأسست أحزاب جهوية في مناطق شرق السودان منذ خمسينيات القرن الماضي، وتفجر هذا الصراع أخيرا؛ لأن أهل الشرق شعروا أن قضاياهم وهمومهم في السعي نحو العيش الكريم والمشاركة السياسية والتنمية غائبة عن المشهد السوداني كله..

إضافة إلى أن الحكومة عندما وقعت اتفاقات مع الحركات التي حملت السلاح، تبنى عدد من الشباب الذين لا وزن سياسيا لهم ولا أحزاب قضية شرق السودان، وما طالهم من ظلم وتهميش وتجاهل مطالبهم التاريخية فأعلنوا رفضهم هذا المسار، لا سيما بعدما فشلت الحكومة والمجلس السيادي في الوفاء بحل مشاكلهم منذ شهور.. 

ولقد أعذر من أنذر، حيث أعلنت "نظارات البجا والعموديات المستقلة" أكثر من مرة أنهم سيغلقون طريق ميناء بورتسودان المنفذ الوحيد للبلاد على البحر، ولذلك جاء الإغلاق هذه المرة بصورة أشمل، حيث تفجر الصراع مجددا وأخذ أبعادا أخرى.

فضلا عن أن منطقة شرق السودان أصلا مرشحة لأن تنفصل عن السودان وتشكل دولة جديدة في ظل الأرخبيل السوداني المتوقع حدوثه بمؤامرات غربية.

هل عجز المكون العسكري عن احتواء مشكلة شرق السودان؟

العسكر لم يتدخلوا في هذا النزاع، وقالوا إنها قضية سياسية تتعلق بالتهميش الذي عاشوه، وانعدام التنمية، وعدم توافر الخدمات المطلوبة، وإلغاء مسار شرق السودان والتحاور المباشر مع أهالي شرق السودان بدلا من التحاور مع شخصيات سياسية لا وزن لها شرق السودان، و"نظارات البجا" هم زعماء القبائل التي تدير هذه المنطقة، إضافة إلى النخبة المتعلمة والمثقفة من أبناء الشرق.

فالعسكر باعتبارهم يديرون هذه الفترة مع السلطة المدنية لا رغبة لهم في إقحام الجيش في هذه الأزمة، لمواجهة مدنيين أغلقوا طريقا حيويا، ورفضوا التدخل لقمع الجماهير التي أغلقت طريق الميناء، الأمر الذي فاقم من المشكلة وجعل اعتصام أهل الشرق مستمرا. 

يجب على الحكومة أن تتحاور مع أهل الشرق؛ لاحتواء الأزمة، حيث أُغلق ميناء "بيسار" أيضا المخصص لتصدير النفط السوداني ونفط جنوب السودان.

تعطل الدستور

السودان اليوم بعد الإطاحة بـ"الإسلاميين" هل أصبح في وضع أفضل؟

الأوضاع الاقتصادية تعقدت وزادت الأسعار عشرة أضعاف، وانهار سعر العملة المحلية أمام الدولار، واختفت السلع الأساسية، ووصل التضخم إلى مستوى غير مسبوق، وتراجعت صادرات السودان، رغم الكثير من الوعود الاقتصادية بعد رفع اسم السودان من "قائمة الإرهاب"، وإلغاء العقوبات المفروضة، ومحاولة دمج السودان بمؤسسات التمويل الدولية مجددا.

وللأسف كل ذلك لم يحقق أيا من مطالب الشعب في العيش الكريم أو حتى تخفيف الضائقة المعيشية الصعبة مع انهيار الاقتصاد، وانهيار نظام الدولة بفصل عشرات آلاف السودانيين من الخدمة العامة، ما تسبب في إضعاف الخدمة المدنية وانهيار مؤسسات الدولة بالكامل.

بجانب انهيار الأمن، فأصبح السلب والنهب ونشاط العصابات المسلحة وانتشار الجريمة داخل الخرطوم، وهو شيء لم يألفه أهالي العاصمة.

فضلا عن تعطل كل الخدمات وصعوبة الحصول على ضروريات الحياة، كما أقدمت الحكومة على رفع الدعم عن بعض السلع، مما فاقم من المعاناة التي يعيشها المواطنون في توفير حاجتهم من الوقود والخبز والدواء، وصارت الأوضاع لا يمكن تحملها.

أضف إلى ذلك غياب مناخ الحريات؛ لاسيما حرية الصحافة التي أصبحت تعاني، وأصبحت المعتقلات مليئة بالمواطنين، وأبسط تهمة اليوم هي الانتماء إلى النظام السابق حتى لو لم يمارس أي نشاط سياسي.

كما تم تقييد كافة الاتحادات المهنية والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات العمل الخيري والإنساني، وتعطيل الدستور الذي وضعه السودانيون عام 2015 واستبدل بوثيقة دستورية مزورة.

ويتلاعب شركاء الحكم الآن بهذه الوثيقة ويتبادلون الاتهامات بأنهم زوروها لمجرد تمرير أجندتهم؛ كذلك لا يوجد قضاء مستقل، ولا عدالة مستقلة، وتم تسييس أجهزة العدالة من القضاء والنيابة العامة وحتى أجهزة الشرطة، إضافة إلى التطبيع مع العدو الصهيوني، وكل هذه الملفات الشائكة تستوجب من السودانيين وقفة ضرورية لإصلاح هذه الأوضاع.

لاءات الخرطوم الـثلاثة

فتح أبواب التطبيع على مصراعيه، هل يخرج السودان من أزمته الاقتصادية والسياسية الإقليمية والدولية؟ 

الشعب السوداني ملتزم بموقفه التاريخي الداعم للقضية الفلسطينية والرافض للتطبيع مع العدو الصهيوني؛ ومتمسك بـ"لاءات الخرطوم الثلاثة" منذ 1967 بـأنه "لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف" بإسرائيل.

الشعب يرفض التطبيع رغم الزيارات الخاصة والمتنوعة لإسرائيل خاصة سماسرة التطبيع من المكون العسكري أو حتى المدني، بسبب الدور الإماراتي المشبوه في مشروع ما يسمى بـ"الاتفاقات الإبراهيمية"، وأن التطبيع قضية فوقية، الشعب غير معني بها، ويعي مخاطر التطبيع، ولم تستفد دولة عربية من هذا التطبيع، والمستفيد الوحيد هو الكيان الصهيوني.

كما أنه لا يمكن اختراق الشعب في هذا المجال، ويبدو أن هناك ضغوطا أميركية كبيرة على السلطة الجديدة في السودان؛ لأنها سلطة ضعيفة لا تمتلك تأييدا شعبيا واسعا، وليس لديها أحزاب ذات خبرة كبيرة.

وحتى الأحزاب المشاركة حاليا في السلطة قومية عربية كـ"البعث العربي الاشتراكي" و"الأمة" و"الشيوعي" الذين ظلوا يتشدقون بشعارات القومية والعداء للصهاينة؛ تنكروا لتلك الشعارات وصاروا من كبار مؤيدي التطبيع، ويتقدمهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، ولذلك فقضية التطبيع لا يمكن تمريرها بين أبناء الشعب رغم محاولات سماسرة التطبيع.  

ما التفسير الحقيقي لملاحقات رجال أعمال فلسطينيين يستثمرون في السودان ومصادرة ممتلكاتهم؟

ما تتعرض له الجالية الفلسطينية في السودان "أمر معقد"، والحديث عن مصادرات لأموال وعقارات واستثمارات فلسطينية في السودان بحجة أنها تتبع لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" ليس صحيحا، والحقيقة أنه ليس هناك دليل على وجود استثمارات لحركة "حماس" في السودان حاليا.

صحيح الحركة كانت علاقتها قوية جدا مع الرئيس السابق عمر البشير الذي كان داعما للقضية الفلسطينية ولحقوق شعبها بقوة، ولكن التوجهات التي تأتي مباشرة من إسرائيل للسلطة الجديدة في السودان بضرورة استبعاد كافة الفلسطينيين كمواطنين عاديين وكأشخاص، للتضييق على حركة "حماس".

كما أن إسرائيل كانت تظن أن السودان هو المعبر الرئيس لسلاح المقاومة إلى غزة، وأن المقاومة الفلسطينية كانت تستفيد من التصنيع الحربي في السودان، وأن الأسلحة كانت تأتي للمقاومة من بلاد مختلفة عبر الخرطوم، فإسرائيل كانت حريصة على وقف أي نشاط لحماس أو وجود أية منظمات فلسطينية داخل السودان.

ما مستقبل الاستثمارات الفلسطينية في السودان؟

ليس لدي أي معلومات بأن هناك استثمارات فلسطينية كبيرة في السودان من حيث الأصل، فضلا عن أنه لا يوجد استثمارات لرموز "حماس" في السودان ببساطة؛ لأن حماس لا تمتلك أية استثمارات، لأنها قامت بتصفية استثماراتها منذ عدة سنوات.

وإن وجدت بعض الاستثمارات الصغيرة مثل مطاعم أو ماركتات أو حتى مزارع صغيرة، فهي ملك لأفراد وليست للحركة التي خرجت من المشهد السوداني وسحبت استثماراتها وخرجت قبل سنوات.

هل يحل التطبيع أزمات السودان المزمنة؟

بالطبع لن يحل التطبيع أزمات السودان، والتجارب للدول التي طبعت مع الكيان خير شاهد على ذلك؛ فـ"العدو الصهيوني" يأخذ فقط ولا يعطي، وإذا كان السودان يريد من هذه العلاقة أن تمهد الطريق مع الغرب ويصل بسرعة إلى قلب أميركا فأعتقد أن هذا التقدير السياسي ليس دقيقا، لأن أميركا لها تقدير سياسي مختلف عن إسرائيل.

وقد تكون النظرة الأميركية للسودان مثل الإسرائيلية في مشروع التطبيع فقط، واستغلال موارد السودان من أراض خصبة ومعادن، أو منع الخرطوم من دعم المقاومة الفلسطينية وقضيتها.

بينما لن يستفيد السودان شيئا سوى "أمور شكلية" تتمثل في رفع اسمه من قوائم الإرهاب الأميركية وإدماجه مع مؤسسات التمويل الدولية.. ففي الحقيقة لم يجن السودان أية ثمار تذكر في هذا الجانب منذ طبع مع الكيان الإسرائيلي.

سيناريو مصري

هل تعتقد أن رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان يسير على نهج رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي؟

ما يتم في السودان الآن هو سيناريو شبيه بالسيناريو المصري، والآن أصبح هناك أكثر من دليل على أن الأمور تمضي على ذات السيناريو المصري دون أن تتوافر معلومات دقيقة حول ما إذا كان هناك تعاون أو تنسيق أو تدخل مصري مباشر في هذا الجانب أم لا.

هل هناك اختلافات بين الشعبين المصري والسوداني تصعب على عسكر الخرطوم ابتلاع الدولة كما حصل في مصر؟

ليس هنالك اختلافات كبيرة بين الشعبين المصري والسوداني، وقصة ابتلاع العسكر للدولة، يمكن فهمها في سياق أن هناك تشابها كبيرا بين سلوك الجيشين المصري والسوداني.

فنجد أن الجيش المصري يمتلك الكثير من المشروعات والشركات والاستثمارات ومتداخل في السياسة؛ وكذلك الجيش السوداني منذ نشأته يتدخل في السياسة، كما أن الفترات التي حكم فيها العسكر السودان طويلة جدا مقارنة بفترة الحكومات المدنية، وللجيش السوداني أيضا العديد من المصانع والاستثمارات والشركات، ولكن كلها تعمل لتطوير الجيش..

فأنا لا أرى هنالك اختلافات بين الشعبين، ولا اختلافا في دور الجيشين المصري والسوداني، ويجب أن نعلم أن الجيشين قبل استقلال السودان كانا في الأصل جيشا واحدا.

يتحدث البعض عن أن محاولات الانقلاب المعلن عنها مصطنعة من قبل المكون العسكري من أجل تجاوز تسليم الرئاسة والأجهزة الحساسة للمكون المدني؟ 

الواضح أن هناك خلافا بين شركاء الحكم المدنيين والعسكريين، وهذا الخلاف وصل إلى مرحلة اللاعودة، ويصعب حل هذا المشكل، حيث إن الشق العسكري يقول إن حكومة بمكونها المدني ضعيفة وغير مؤهلة للعبور بالسودان إلى الضفة الأخرى، وطالبوا بتغيير الحكومة وإجراء إصلاحات وتوسيع قاعدة الحكم من شركاء الانتفاضة والثورة ضد النظام السابق والذين أبعدوا.

حتى إن الحاضنة السياسية للحكومة من قوى "الحرية والتغيير" انقسمت على نفسها، فأصبح غالبية الأحزاب السياسية والحركات الموقعة على السلام في جانب، وأربعة أحزاب فقط تحتكر السلطة، وهي "الأمة" الذي كان يرأسه المرحوم الصادق المهدي، ثم "البعث" و"التجمع الاتحادي" و"المؤتمر السوداني".

هذه الأحزاب صغيرة جدا عدا حزب "الأمة"، ولم تختبر في انتخابات سابقة، فحزب "البعث" لم يفز في دائرة انتخابية واحدة من قبل، ولم يحقق نجاحا واحدا طوال انتخابات السودان منذ عام 1953.

فالقضية شائكة جدا الآن، وهناك أحزاب وقوى اجتماعية وزعامات قبلية تتوحد، وسيتم تغيير الحكومة وتركيبتها السياسية الموجودة حاليا، وربما يكون ذلك أفضل؛ لوضع حد لاحتكار الأحزاب الأربعة للسلطة وإفساح المجال أمام هذه القوى التي أبعدت عن السلطة.

هل بقاء سيطرة المكون العسكري في السودان مرهون بمواصلة التطبيع مع إسرائيل؟

المكون العسكري موجود في السلطة "وجودا شرفيا"، ولكن السلطة موجودة في يد الحكومة المدنية، والمؤسسة العسكرية مسؤولة عن حماية الفترة الانتقالية، كما أن التطبيع الذي بادر به البرهان تم بالتنسيق مع حمدوك، بزعم أنه مطلوب حتى يحسن علاقة الخرطوم مع الغرب ويرفع عن كاهل البلاد الضغوط الاقتصادية والعزلة الدولية وهو الأمر الذي لم يتحقق حتى الآن. 

هل ستلقى قوى "الحرية والتغيير" نفس مصير "الحرية والعدالة" الإسلامية في مصر؟

بالطبع يوما ما سيكون مصيرها نفس مصير الماركسيين والأحزاب الإسلامية الأخرى التي أبعدت من السلطة.

النموذج الغربي

هل يحتضن الغرب العلمانيين واليسار السوداني لحمايتهم من "غدر" العسكر؟

بالفعل، الغرب يحتضن العلمانيين واليسار السوداني؛ لأن أغلب القيادات اليسارية تعمل مع أجهزة المخابرات الغربية لتطبيق نموذجها.

وأصبح لدينا في السودان مجموعة اليسار الأميركي الذين أصبحوا يؤيدون التوجهات الغربية الأميركية، وهم يتزعمون الدعوة لسن قوانين المثليين "إباحة الشذوذ"، وتغيير نظام المجتمع وإلغاء قوانين الميراث والأحوال الشخصية، وإبعاد القيم الإسلامية من مناهج التعليم والإعلام.. وهؤلاء يستوعبهم الغرب وينسق نشاطهم مع أجهزة الاستخبارات الغربية لعلمنة السودان.

ماذا تعني التحذيرات الغربية من محاولات الانقلاب على المسار السياسي والمرحلة الانتقالية في السودان؟

لا يوجد تحذيرات غربية من محاولات الانقلاب على المسار الانتقالي، فحسب علمي، الغرب ليس لديه مشكلة في التعامل مع الإصلاح، كما أنه ليس لديه مشكلة في التعامل مع المكون العسكري نفسه إذا حاول أن يتعامل مع أحزاب أخرى من أجل الإصلاح على أن ينهي الفترة الانتقالية بانتخابات عامة في السودان.

والغريب أن العسكريين الآن ينادون بضرورة إنهاء الفترة الانتقالية في آجالها المحددة؛ بينما يرفض المدنيون ذلك، كما يرفضون أيضا توسيع قاعدة المشاركة السياسية في الحكومة.

كيف يتم التعاطي مع قضية وحدة أراضي السودان وما يحدث من انتفاضات انفصالية ومطالب فصائلية في دارفور والشرق وغيرها؟

هذه التحركات الانفصالية في مختلف مناطق السودان يمكن احتواؤها بمزيد من التحاور بين السودانيين أنفسهم، وإعطاء هذه المناطق حقوقها ومطالبها المشروعة في التنمية والمشاركة السياسية وإنهاء التهميش، وإفساح المجال لمشاركتها في السلطة، وإذا تم ذلك يمكن أن يكبح أية مطالب انفصالية.

مخطط حقيقي

كيف ترى مستقبل ملف سد النهضة في ظل التعنت الإثيوبي وخطورة ذلك على السودان؟

قضية سد النهضة وصلت إلى مرحلة يصعب معها رجوع إثيوبيا عن مواصلة هذا المشروع، والحل هو التحاور والتفاهم بين أطراف الأزمة الثلاثة كسبيل وحيد لمعالجة هذا الملف، كما أن كل الخبراء والفنيين السودانيين لا يرون خطورة على السودان من بناء سد النهضة، إلا إذا كان لدى إثيوبيا مخطط حقيقي أو إستراتيجية مرسومة لحجب المياه عن السودان.

ولكن هذا السد الهدف منه توليد الكهرباء المائية، ولذلك يستحيل معه حجب مرور المياه؛ إلا إذا أرادت إثيوبيا ذلك بمنع المياه عن السودان وهنا يكون مكمن الخطورة.  

التنسيق المصري السوداني في ملف سد النهضة.. إلى أين وصل وما مستقبله؟

هنالك بالفعل تنسيق بينهما وصل حتى مجلس الأمن إلا أنهما لم يتمكنا من الحصول على قرار واضح من مجلس الأمن أو من الأمم المتحدة، ولكن يوجد تنسيق على المستوى الإفريقي من أجل التفاوض في هذا الملف للتوصل إلى حل يرضي الجميع.

الصراع الحدودي على مدينة الفشقة وغيرها ما بين أديس أبابا والخرطوم، ما انعكاسه على قضية سد النهضة؟

هذا صراع قديم متجدد وليس مرتبطا بقضية سد النهضة، ولكنه موجود منذ فترة طويلة بسبب تعديات مجموعات إثيوبية مسلحة على هذه الأراضي الخصبة في الفشقة.

يبدو أن هناك تدخلات من بعض الدول بالخليج في الصراع نتيجة وجود استثمارات لها في إثيوبيا حيث إن هذه الأراضي الأفضل لزراعة السمسم وبعض الحبوب الزيتية كالذرة وزهرة الشمس، وتوجد مطامع في هذه المنطقة.

عندما استعاد الجيش السوداني هذه المنطقة اندلعت مواجهات، ولكنه سيطر على الوضع، والأمور حاليا هادئة ومستقرة ولا يوجد اشتباكات عبر الحدود، وإن كان يحدث من فترة لأخرى مناوشات ولا توجد رغبة لدى الطرفين للدخول في حرب مباشرة.

المجلس الذي دشنته قوى "الحرية والتغيير" بالتوازي مع الحكومة الحالية، ما أهميته وما مستقبله؟

ما تم تدشينه هو تحالف جديد لقوى "الحرية والتغيير" التي تم إقصاؤها من السلطة بواسطة الأحزاب الأربعة التي هيمنت على السلطة باسم "الحرية والتغيير"، وهذه الأحزاب التي أقصيت استعادت هذا الاسم القديم وكونت جسما جديدا سيكون له مستقبل بعد حل الحكومة، وبعد أن أعطى العسكر ظهره للأحزاب الأربعة التي كانت تحتكر السلطة.

هل يسعى العسكر للتخلص التام من "الدولة العميقة" في السودان؟

العسكر لديه رغبة في استمرار حكمهم في السودان بصورة ممتدة، ولا أعتقد أن النظام السابق (الدولة العميقة) استسلم؛ لأن هناك تحالفات جديدة، وهناك قضايا في المحاكم، وهناك شكل من أشكال المقاومة من فترة لأخرى.

ما مستقبل الإسلاميين في السودان؟

الإسلاميون هم أكبر قوة منظمة الآن في السودان، ولديهم امتدادات أفقية كبيرة، ونظرتهم كانت إستراتيجية للأوضاع في السودان، ولذلك فهم "رقم صعب" على الأرض وإن كان رموزهم من الصف الأول موجودين حاليا في السجون والمعتقلات دون أن يقدموا إلى محاكمات حتى الآن، وهذه قضية حقوقية يجب أن تلتفت إليها أنظار العالم كله..

كما أنه يوجد الآن حركة كبيرة في السودان على مستوى حقوق الإنسان، ولا يمكن بحال أن يلغى وجود الإسلاميين ومستقبلهم؛ لأن وجودهم تجاوز الوجود السياسي.

الإسلاميون في السودان حركة مجتمع واسعة جدا وكبيرة، ولديها عمق وجذور داخل المجتمع، ودعوتهم تقوم على دين وعلى الموروث العقدي والتراثي، ولا يمكن إلغاء الإسلاميين إلا إذا ألغي السودان نفسه.