اتجاه لتشكيل حكومة "إشارات المرور" في ألمانيا.. هذه أبرز التوقعات

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أخيرا، توصلت أحزاب "الاشتراكيين الديمقراطيين" و"الخضر" و"الديمقراطي الحر" إلى اتفاق مبدئي على تشكيل الحكومة المقبلة في ألمانيا بعد مفاوضات صعبة.

وفي 15 أكتوبر/تشرين الأول 2021، قال أولاف شولتز وزير المال وزعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي والمرشح الأبرز لخلافة أنغيلا ميركل في المستشارية: "اتفقنا على نص".

وتابع: "هذه نتيجة جيدة جدا وتظهر بوضوح بأنه يمكن تشكيل حكومة في ألمانيا تهدف إلى ضمان تحقيق تقدم".

وتتبنى الأحزاب الثلاثة برامج مختلفة جدا، وتجري مشاورات أولية منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول في محاولة لتشكيل هذا التحالف غير المسبوق، دون المحافظين بقيادة ميركل الذين سجلوا أسوأ نتيجة في تاريخهم خلال الانتخابات التشريعية في 26 سبتمبر/أيلول.

وبذلك، أعلن شولتز بدء مفاوضات رسمية مع نظرائه من حزب الخضر، أنالينا بيربوك، وكريستيان ليندنر من الحزب الديمقراطي الحر. 

"إشارات المرور"

بدوره، قال موقع "معهد الدراسات السياسية الدولية" الإيطالي إن التحالف الذي سيحكم ألمانيا بعد عهد المستشارة ميركل، أطلق عليه اسم ائتلاف "إشارات المرور" في إشارة إلى ألوان الأحزاب الثلاثة المكونة له.

فالأحمر يشير إلى الحزب الديمقراطي الاشتراكي، والأخضر نسبة لحزب الخضر، أما الأصفر فهو لون الحزب الديمقراطي الحر.

وأضاف أن شولتز يتقدم بخطى كبيرة ليصبح المستشار الألماني القادم بينما يتجه حزب ميركل، الديمقراطي المسيحي نحو المعارضة لأول مرة منذ 16 عاما. 

وأورد أنه بعد محادثات استكشافية استمرت على مدى الأسابيع القليلة الماضية، أصدرت الأطراف الثلاثة وثيقة من 12 صفحة تحدد الأساس لمفاوضات الائتلاف الرسمية.

من جانبه، أوضح شولتز خلال المؤتمر الصحفي لعرض الوثيقة، أن الحكومة الجديدة تهدف إلى إطلاق "أكبر مشروع تحديث صناعي في ألمانيا منذ أكثر من 100 عام"، مع التركيز على الانتقال الطاقي والاستثمارات العمومية والخاصة لمكافحة تغير المناخ. 

كان شولتز قد أوضح في اليوم التالي للانتخابات العامة أن "الناخبين عبروا عن إرادتهم بوضوح شديد، وهو ما يخول الأحزاب الثلاثة قيادة الحكومة الجديدة". 

بالنسبة للكثيرين، يعتبر عمدة هامبورغ السابق، وزير المالية الأسبق ونائب المستشارة المنتهية ولايتها، "الوريث الطبيعي" لأنغيلا ميركل.

ورغم انتمائه إلى حزب آخر، نظم شولتز حملة انتخابية اتسمت بالاستمرارية مع سياسات السنوات الـ 15 الماضية.

وأوضح الموقع الإيطالي بأنه رغم اقتراحه إصلاحات تقدمية مثل رفع الحد الأدنى للأجور وفرض ضرائب على أصحاب الدخل العالي، فإنه تمكن من الفوز بأصوات الوسط والمعتدلين.

ونوه بالقول "إن ذلك بفضل ما وجده الناخبون في شخصية شولتز من البساطة وروح الدعابة المرهفة وهدوء المستشارة ميركل". 

وتابع بأن هذا النهج كان مقنعا وأسهم في تحقيق نتائج ملموسة حيث حصد الحزب في انتخابات 26 سبتمبر/ أيلول نسبة 25.7 بالمئة من أصوات الناخبين بعد أن كان متراجعا في استطلاعات الرأي عند حوالي 15 بالمئة. 

وألمح إلى "أنه إذا تمكن من إتمام الاتفاق حول تشكيل الحكومة، كما يوحي كل شيء الآن، فسيكون المستشار القادم لألمانيا وهو ما توقعته استطلاعات الرأي سابقا".

تساءل الموقع الإيطالي عما يرتكز عليه هذا التحالف الثلاثي الذي يهدف إلى قيادة ألمانيا؟ 

وأجاب أن المحادثات الاستكشافية بينت كيف يمكن للمصالح والبرامج السياسية المختلفة أن تتعايش فيما بينها، وخاصة ماهية التنازلات التي بإمكان مختلف الأطراف المعنية تقديمها وأي النقاط تعتبر بدلا من ذلك "غير قابلة للتفاوض".

انعكاسات التحالف

 من جهته، يقترح الحزب الديمقراطي الاشتراكي الزيادة في الحد الأدنى للأجور بقيمة 12 يورو على الساعة في عام 2022، وبناء 400 ألف شقة جديدة سنويا.

ولا ينوي إجراء تغيير في سن التقاعد أو أي تخفيضات في المعاشات العامة إلى جانب تنفيذ المشروع الطموح لـ"التحديث الصناعي".

من جانبهم، يطالب الخضر بالتسريع في التخلي عن الاعتماد على الفحم بحلول عام 2030، والتنقل المستدام وفرض إلزامية ألواح الطاقة الشمسية على كل سطح جديد. 

من ناحية أخرى، يؤيد حزب الليبراليون (الديمقراطي الحر) عودة توازن الميزانية وبالتالي كبح الدين الذي لا يسمح، وفقا للدستور الألماني، بتجاوزات فوق 0.35 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي ما لم يكن هناك أزمة أو حالة طوارئ. 

أفاد موقع المعهد الإيطالي بأنه سيتعين انتظار الجولة الثانية من المفاوضات التي تهدف إلى الدخول في تفاصيل اتفاق الحكومة لفهم ما إذا كان سيتم تأكيد المبادئ السابق ذكرها وإلى أي مدى.

لا يستبعد الموقع أن يكون لاتفاق الحكومة التي يتم تشكيلها في برلين تداعيات حتمية على مستقبل أوروبا أيضا. 

ويشرح أن من بين المسائل الأوروبية المتفاوض عليها والتي تشهد اختلافا في وجهات النظر بين الخضر والليبراليين تلك المتعلقة باتفاق دبلن بشأن سياسة الهجرة وقواعد استقبال طالبي اللجوء.

بالإضافة إلى سداد الدين العام الأوروبي الذي يمول خطة "NextGenerationEu" حتى عام 2026، إلى جانب مواجهة التغير المناخي وسياسة الطاقة في الاتحاد ومسألة الاتحاد المصرفي. 

وأضاف الموقع أن المسائل الخلافية تتعلق أيضا بالخطط الخاصة بسياسة مالية "أوروبية" مستقبلية وإصلاح معاهدة "الاستقرار والنمو"، التي تم تعليقها في خضم وباء كورونا والتي، إذا لم يتم تعديلها، ستدخل حيز التنفيذ مرة أخرى في عام 2023. 

وذكر أن  الأطراف الثلاثة أكدت في الوثيقة المنشورة في اليوم التالي للمحادثات الاستكشافية، أن "الميثاق يتمتع بمرونة كافية"، وعلى هذا الأساس، "نريد ضمان النمو والحفاظ على القدرة على تحمل الديون وضمان الاستثمارات المستدامة والصديقة للمناخ". 

اعتبر الموقع الإيطالي أن هذا غير كاف لفهم ما يمكن أن يعنيه ذلك بشكل ملموس للمناقشات حول إصلاح قواعد الميزانية التي تستعد المفوضية الأوروبية لفتحها، والتي لن تبرز، في جميع الاحتمالات، إلا بعد تشكيل الحكومة الألمانية الجديدة.

وخلص إلى القول إن مستقبل أوروبا يمر أيضا من القيادة الجديدة لبرلين.

في الختام، علق مدير قسم البحوث بالمعهد الإيطالي أنطونيو فيلافرنكا، أنه يبدو أن ألمانيا بقيادة تحالف "إشارات المرور" تركز على الاستثمارات للتعويض عن تخلفها عن ركب الرقمنة والتحول الأخضر.