عضوية الإمارات بمجلس حقوق الإنسان الأممي.. هل تبيض "سجلها الأسود"؟

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

للمرة الثالثة، تنتخب الإمارات عضوا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، رغم التقارير الكثيرة للمنظمات الحقوقية الدولية التي تتحدث عن الانتهاكات الخطيرة التي ترتكبها سلطات أبوظبي داخل الحدود وخارجها.

وعبر حسابها على "تويتر" قالت الأمم المتحدة في 14 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 إنه "جرى انتخاب الإمارات العربية المتحدة للخدمة في مجلس حقوق الإنسان، خلال فترة عضويتنا في مجلس حقوق الإنسان، سنعمل على تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها".

وتمتد مدة العضوية هذه في مجلس حقوق الإنسان إلى عامين من 2022 وحتى 2024، إذ سبق وجرى انتخاب الإمارات في الفترتين ما بين أعوام 2013-2015 و2016-2018.

وفي وقت احتفت فيه الإمارات، وزعمت أن تجربتها في ملف حقوق الإنسان "ناجحة"، حسبما غرد مستشار رئيس الدولة، أنور قرقاش، في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2021، فإن تساؤلات برزت عن مدى تغيير هذه العضوية من صورة أبوظبي لدى المنظمات الحقوقية وشعوب المنطقة.

سجل أسود

منظمات حقوقية دولية انتقدت انتخاب الإمارات لعضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، مؤكدة السجل الحقوقي "الأسود" لأبوظبي، رغم بذل قادة الإمارات جهودا كبيرة لتقديم البلاد على أنها تقدمية، ومتسامحة وتحترم الحقوق.

وقالت المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب (OMCT) في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2021 إن "حكومات مثل الإمارات التي تنتهك حقوق الإنسان بشكل خطير في الداخل والخارج لا يجب أن تنتمي إلى مجلس حقوق الإنسان".

وذكرت المنظمة على حسابها في "تويتر" عددا من معتقلي الرأي الإماراتيين ودعت للإفراج عنهم، بالقول إن "أحمد منصور (معتقل منذ 2017) ومحمد الركن (منذ 2012) وكثيرين غيرهم معتقلون في الإمارات بسبب تعبيرهم السلمي عن آرائهم. يجب إطلاق سراحهم جميعا على الفور".

وقبل ذلك، قالت "هيومن رايتس ووتش" في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2021 إن انتخابات الأمم المتحدة غير التنافسية لأعضاء "مجلس حقوق الإنسان" تضمن فعليا مقاعد لبلدان مرشحة تملك سجلا حقوقيا سيئا جدا.

واعتبر مدير قسم الأمم المتحدة في هيومن رايتس ووتش، لويس شاربونو أن "غياب المنافسة في انتخابات مجلس حقوق الإنسان لهذه السنة، هو سخرية من كلمة (انتخابات). انتخاب منتهكين خطيرين لحقوق الإنسان مثل الإمارات يوجه رسالة مخيفة مفادها أن أعضاء الأمم المتحدة غير جادين حيال مهمة المجلس الأساسية في حماية حقوق الإنسان".

وأشار إلى أن "قادة الإمارات بذلوا جهودا كبيرة لتقديم البلاد على أنها تقدمية، ومتسامحة وتحترم الحقوق، ولكن حالة حقوق الإنسان فيها لا تزال سيئة. المدافع الإماراتي البارز عن حقوق الإنسان أحمد منصور مسجون بدون فراش في عزلة شبه كاملة".

وشددت المنظمة الدولية على أنه "لسنوات، تجاهلت الإمارات آليات وخبراء مجلس حقوق الإنسان، ولم تسمح لأي مقرر خاص للأمم المتحدة بزيارة البلاد منذ 2014".

وفي 11 أكتوبر/تشرين الأول 2021، قالت مديرة برنامج مجلس حقوق الإنسان بالخدمة الدولية لحقوق الإنسان، سلمى الحسيني: "مجرد انتخاب الإمارات في النهاية يعد أمرا مثيرا للغضب".

وأضافت أن "عضوية أهم هيئة حقوقية لدى الأمم المتحدة يجب أن تقتصر على الدول التي لا تجرم وتحبس وتعذب أولئك الذين يسعون إلى إتاحة أو توفير المعلومات عن حالة حقوق الإنسان في بلادهم".

"تحسين الصورة"

وعلى الصعيد ذاته، انتقد "مركز الإمارات" لحقوق الإنسان، في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2021 احتفال سلطات أبوظبي بفوزها بعضوية مجلس حقوق الإنسان للفترة 2022-2024 عن المجموعة الآسيوية، في ظل استمرار اعتقال المئات في سجونها من الأكاديميين والمفكرين الإماراتيين.

وقال المركز المعني بحقوق الإنسان في الدولة إن "احتفال الإمارات بمقعد في المجلس الدولي لحقوق الإنسان في حين يقبع معتقلو الرأي فيها وسط ظروف احتجاز مهينة، يعتبر استخفافا وزيفا تمارسه السلطات لمحاولة تحسين صورتها الحقوقية السيئة".

وتساءل المركز في معرض رده على تغريدة المستشار الدبلوماسي لرئيس الدولة، بأن فوز الإمارات بعضوية في مجلس حقوق الإنسان للعامين المقبلين، إضافة نوعية للمجلس بالقول: "هل يعرف قرقاش عن حالة المعتقلتين أمينة العبدولي ومريم البلوشي؟".

وبالموازاة، طالبت "المنظمة العربية لحقوق الإنسان" في بريطانيا، الدول الأعضاء التي تحترم المبادئ الدنيا لحقوق الإنسان في الجمعية العامة للأمم المتحدة بمنع حصول الإمارات على غالبية الأصوات التي تؤهلها لعضوية مجلس حقوق الإنسان نظرا لسجلها "السيئ والمشين" في مجال حقوق الإنسان.

ووجهت المنظمة نداء إلى هذه الدول في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2021 للنظر عن كثب في سجل حقوق الإنسان لكل دولة تحاول الفوز في انتخابات هذا المجلس، وحرمان الإمارات من هذا المنصب.

وأشارت إلى سجل الإمارات "المشين" فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وقمعها للناشطين وسوء معاملة السجناء، إضافة إلى دورها الدموي في تأجيج الحرب اليمنية، والليبية، والمشاركة في ارتكاب جرائم ترتقي للجرائم ضد الإنسانية.

وشددت المنظمة على أن أحد المكونات الرئيسة لعمل مجلس حقوق الإنسان يتمثل في "مراجعة سجلات حقوق الإنسان لجميع الدول الأعضاء؛ وإدارة إجراءات الشكاوى الخاصة بالمفوضية، حيث يمكن للأفراد أو الجماعات أو المنظمات غير الحكومية تقديم شكوى من انتهاكات حقوق الإنسان في دولة عضو".

وتابعت: "مجرد إلقاء نظرة عابرة على سجل حقوق الإنسان في الإمارات من شأنه أن يكشف أن التزاماتها الخاصة بقضية حقوق الإنسان محض تزييف، ولا تستطيع المساهمة بأي صورة إيجابية في مهمة المجلس، خاصة في ظل ما هو معروف عن سياستها بمعاداة حرية الرأي والتعبير في المنطقة العربية، ودعم الأنظمة المستبدة، وتأجيج الصراعات المسلحة".

وانتقدت المنظمة، "النظام الحالي الذي يجرى على أساسه انتخاب أعضاء المجلس وهو نظام يتسم بالجبر في انتخاب دول معروفة مثل الصين وروسيا بانتهاكاتها الواسعة في مجال حقوق الإنسان والتي ترقى في بعض الأحيان إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مما يستدعي تغيير هذا النظام لمنع تبوء هذه الدول مقاعد في المجلس".

صفر تسامح

وفي ظل الانتقادات التي وجهت للإمارات بعد حصولها على عضوية مجلس حقوق الإنسان، قال الكاتب الفلسطيني، فراس جابر، عبر "تويتر" في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2021 إنه "على هامش اختيار الإمارات لعضوية مجلس حقوق الإنسان، نستطيع القول إن النفاق السياسي الأممي يصل لأعلى مراحله في حال توفر المال والتطبيع مع الاحتلال".

من جهته، قال رئيس مركز الخليج لحقوق الإنسان، خالد إبراهيم، خلال مقابلة مع مركز "مناصرة معتقلي الإمارات" في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2021 إن "انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات مستمرة، والحريات العامة مصادرة، والسجون مليئة بالمفكرين والأكاديميين والمصلحين والمدافعين عن حقوق الإنسان".

ورأى خالد أن واقع حقوق الإنسان في الإمارات "سيئ للغاية، فانتهاكات حقوق الإنسان مستمرة، والحريات العامة مصادرة، والسجون مليئة بالمفكرين والأكاديميين والمصلحين والمدافعين عن حقوق الإنسان، ومما يزيد الطين بلة هو استعداد الأسرة الحاكمة لعمل كل ما لا يخطر على الأذهان من أجل ديمومة سلطتها القمعية".

وعن أسباب تبني الإمارات سياسة "صفر تسامح" مع معتقلي الرأي، قال خالد: "لا شك أن الدافع الأول هو إرهاب كل من يفكر في رفع راية حقوق الإنسان داخل الإمارات، فعقلية حكامها تعتبر الرأي الآخر خطرا يهدد قبضتها على الحكم، وأن الحل الوحيد للتعامل مع أصحاب الرأي الآخر ليس احترامهم ولا الاحتفاء بهم، بل قمعهم حتى لا يكونوا نموذجا لغيرهم".

وأردف: "لذلك فإن النظام الإماراتي يعامل معتقلي الرأي معاملة أسوأ من المجرمين، فبينما تفرج السلطات الإماراتية عن المجرمين ضمن مراسيم العفو بانتظام، وتسمح لهم بالسفر إلى أي مكان يريدونه في يوم إطلاق سراحهم، فإنها تحرم معتقلي الرأي من مراسيم العفو السنوية أو حتى من اختيار البلاد التي يسافرون إليها عند ترحليهم خارج البلاد".

وأوضح أن "المدافعين عن حقوق الإنسان في الإمارات يواجهون كل أشكال القهر والقمع والترهيب، ولذلك فهم إما غادروا البلاد أو يقبعون في السجون يواجهون ظلما لا مثيل له، وبعد سجن زميلي أحمد منصور لم يتبق حتى مدافع واحد يدافع علنا عن حقوق الإنسان داخل الإمارات".

وأكد خالد أن "الإمارات بمصادرتها حق الرأي واعتقال أصحاب الآراء الأخرى، تخسر سمعتها وأنها أيضا تصبح مثلا للظلم والقمع يجرى الإشارة إليه في كل المناسبات الدولية، كما أن سجلها الأسود في مجال حقوق الإنسان يجعل من السهل التدخل في شؤونها الداخلية وفرض عقوبات دولية عليها".