مجلة أميركية: تقاعس بايدن يشجع ابن سلمان على تصعيد قمعه لمعارضيه

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكدت مجلة "ذا هيل" الأميركية أن تقاعس إدارة الرئيس جو بايدن في كبح جماح المملكة العربية السعودية في مجال حقوق الإنسان، دفع ولي العهد محمد بن سلمان لمواصلة حملة القمع ضد معارضيه ومنتقديه.

فقبل تولي بايدن منصبه وصف السعودية بـ"المنبوذة" ووعد بوضع حقوق الإنسان في قلب سياسته الخارجية، لكن المدافعين والخبراء الإقليميين يقولون إن الرئيس الأميركي فشل في فرض رؤيته على الرياض.

وهو ما شجع ابن سلمان على التصرف دون عقاب عندما يتعلق الأمر باحترام حقوق الإنسان، بما في ذلك استهداف المنشقين، تقول الصحيفة. 

طرح بارد

وتؤكد الإدارة الأميركية أنها تطرح قضية حقوق الإنسان في اجتماعاتها مع المسؤولين السعوديين، وتواصل إثارة مقتل الصحفي جمال خاشقجي في 2018 على يد فرقة اغتيال سعودية تعمل بموافقة ولي العهد، لكنها تنظر أيضا إلى العلاقة بين واشنطن والرياض على أنها حيوية.

وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن في مؤتمر مشترك من واشنطن مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان منتصف أكتوبر/تشرين الأول، إن البلدين يعملان معا على "قضايا مهمة للغاية، من المناخ إلى الطاقة ومن اليمن إلى إيران".

وأضاف الوزير الأميركي أنه تحدث أيضا "عن التقدم المستمر الذي نأمل أن نراه في المملكة العربية السعودية في مجال الحقوق"، لكن النقاد يجادلون بأن السعوديين يرفضون مثل هذا الخطاب من الإدارة.

ويقول المدافعون عن حقوق الإنسان إن اختفاء وسجن المعارضين مستمر، وإن ظاهرة التعذيب في السجن منتشرة، فيما تصل العقوبات إلى عقود ولا تتناسب مع الجرائم المزعومة. 

وقال بروس ريدل الزميل البارز ومدير مشروع بروكينغز الاستخباراتي الذي عمل مع أربعة رؤساء كمستشار لشؤون الشرق الأوسط: "أعتقد أن السعوديين يظهرون ازدراءهم المطلق لسياسة جو بايدن في مجال حقوق الإنسان".

وأوضح التقرير "توصل السعوديين بعد أكثر من ثمانية أشهر، إلى استنتاج مفاده أن الإدارة الأميركية ليست جادة بشأن هذه المسألة".

أريج السدحان التي حكم على شقيقها عبد الرحمن بالسجن لمدة 20 عاما وحظر سفر لمدة مماثلة بسبب إدارته حسابا ساخرا على تويتر اعتبر منتقدا للمملكة، تطالب بايدن بمحاسبة الرياض بقوة أكبر.  

ويعد شقيق السدحان واحدا من 89 شخصا، تقدر منظمة مبادرة الحرية (مقرها واشنطن) اختفاءهم أو احتجازهم أو حظر سفرهم في وقت ما عام 2021 في المملكة، وفقا لتقرير نشر خلال أكتوبر/تشرين الأول.

وأيدت محكمة استئناف سعودية حكما بالسجن لأربعة عقود على عبد الرحمن منتصف ذات الشهر، مما أدى إلى إصدار بيان إدانة من وزارة الخارجية الأميركية.

وقال مسؤول كبير في الإدارة، ردا على استفسار من صحيفة "ذا هيل"، إن كبار المسؤولين في الحكومة الأميركية أثاروا قضية عبد الرحمن مباشرة مع نظرائهم السعوديين، بما في ذلك محمد بن سلمان.

وأوضح المسؤول أن مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، أثار خلال زيارته السعودية في سبتمبر/أيلول 2021، أيضا قضايا مواطنين أميركيين محتجزين في البلاد. لكن السدحان التي تحمل الجنسية الأميركية قالت إن هذا لا يكفي.

وبينت السدحان في مقابلة مع الصحيفة: "من الواضح أنه لم يكن هناك ما يكفي من المساءلة عن القتل الوحشي للصحفي جمال خاشقجي وهذا بحد ذاته شجع المسؤولين السعوديين على الاستمرار في ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان". 

وأضافت "أحد الأمثلة هو ما يحدث مع أخي وعائلتي بشكل مباشر".

وكانت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي تحدثت عن مخاوف من تعرض عبد الرحمن للتعذيب حسبما زعم أثناء وجوده في السجن. ووصفت عقوبته بأنها "اعتداء" على حرية التعبير. 

وقالت السدحان "أنا أقدر كثيرا ما تفعله حكومتي، الحكومة الأميركية، ووزارة الخارجية، وخاصة رئيسة مجلس النواب، لقد كانت داعمة للغاية".

واستدركت أن "النقطة المهمة هي أننا نحتاج حقا إلى المزيد، نحتاج إدانة البيت الأبيض لهذا الأمر علنا واتخاذ إجراءات حقيقية لوقف هذه الانتهاكات".

وبينت أن خطاب بايدن الصارم تجاه السعودية خلال الحملة الرئاسية وفي الأسابيع القليلة الأولى من توليه منصبه، أعاد الأمل في إمكانية إثارة قضايا السجناء السياسيين مثل قضية شقيقها أو تخفيف الأحكام، مع سعي الرياض لكسب ود واشنطن.

وفي الأسابيع التي سبقت، وأعقبت تنصيب بايدن يناير/كانون الثاني 2021، بدا أن المملكة العربية السعودية اتخذت خطوات لمعالجة بعض سلوكياتها الأكثر تعرضا للانتقاد. 

وشمل ذلك الإفراج في فبراير/شباط عن الناشطة البارزة في مجال حقوق المرأة لجين الهذلول التي حكم عليها سابقا بما يقرب من ست سنوات في السجن بسبب احتجاجها على حظر قيادة المرأة للسيارة.

وأجرى بايدن مكالمة هاتفية مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز في ذلك الوقت حيث "لاحظ بشكل إيجابي" إطلاق سراح الهذلول وناشطين سعوديين أميركيين آخرين. 

قمع مستمر

وفي نفس الشهر، قالت السدحان إن عائلتها تلقت مكالمة مشجعة من شقيقها الذي قال إنه يتوقع إطلاق سراحه من السجن. 

وجاءت المكالمة قبل إصدار تقرير استخباراتي أميركي رفعت عنه السرية في 26 فبراير/شباط، يربط مقتل خاشقجي بابن سلمان.

وقالت السدحان: إن الوضع مع شقيقها تغير بسرعة "عندما لم يكن محمد بن سلمان مشمولا في حزمة عقوبات فرضتها الإدارة تستهدف مهاجمي خاشقجي".

وفي غضون أسبوع، عندما علم محمد بن سلمان أنه تخلص من المأزق، سرعان ما تغير الوضع، "وجرى جر أخي إلى جلسات استماع سرية، ومحاكمات صورية وقائمة من الاتهامات الغامضة والسخيفة دون أي دليل حقيقي"، وفق قولها. 

ودافع البيت الأبيض عن قراره تأجيل معاقبة ولي العهد، حيث قالت السكرتيرة الصحفية جين بساكي في ذلك الوقت إن حزمة العقوبات "تعالج من الناحية الهيكلية نمطا غير مقبول من الاستهداف والمراقبة والمضايقة والتهديد للمعارضين والصحفيين".

لكن كاثرين جروث الباحثة المشاركة في منظمة فريدوم هاوس التي تركز على حقوق الإنسان والديمقراطية، قالت إنهم يواصلون توثيق استهداف السلطات السعودية للنقاد والصحفيين الصريحين بالمراقبة والعقوبات الجنائية غير المتناسبة والمضايقات عبر الإنترنت وفي العالم الحقيقي. 

وتابعت جروث: "لا يزال هناك مئات من الصحفيين والناشطين والمدونين ومنتقدي الحكومة يتعرضون للمضايقة باستمرار".

وأضافت "في العام 2020 فقط، كانت هناك تقارير عن تعذيب لا يصدق في السجون السعودية، وإساءة معاملة المحتجزين. كل هذا يرسم صورة قاتمة للغاية".

وأوضحت جروث أن قضية عبد الرحمن تبرز بشكل خاص في الحكم بالسجن 40 عاما، واصفة إياها بأنها "واحدة من أطول القضايا التي شهدناها، وتحديدا جرائم الإنترنت، على الأقل في السنوات القليلة الماضية".

وقالت فارشا كودوفايور، المحلل الجيوسياسي في شركة التحليل الأمني ​​Valens Global، إن تداعيات خروج إدارة بايدن الفوضوي من أفغانستان جعلها أكثر اعتمادا على الشركاء الإقليميين، مع إعطاء الأولوية للتعاون الوثيق على الجهود المبذولة للضغط من أجل إصلاحات حقوق الإنسان.

وواصلت: "لقد وضعت الإدارة نفسها في مأزق حيث لا يمكن أن تكون قوية في مجال حقوق الإنسان دون أن تخشى فقدان بعض التعاون مع السعودية أو تعطيل إستراتيجيتها الإقليمية".

ورأت أنه "كان هناك مساحة لمتابعة حقوق الإنسان مع الحفاظ أيضا على مجالات التعاون مع المملكة، لكن الإدارة لم تتابع ذلك بقوة كافية".

ومن غير المرجح أن تتعرض الإدارة لضغوط كبيرة من الكونغرس، بحسب الصحيفة. 

وقال ريديل من معهد بروكينغز: "القلق موجود تقريبا لدى الحزب الديمقراطي، لا أعتقد أن الجمهوريين بشكل عام يهتمون بالأمر".

ووجه الديمقراطيون بعض الانتقادات إلى بايدن لرفضه محاسبة ابن سلمان، وقدموا تشريعات تهدف إلى معاقبته ومنعه من دخول الولايات المتحدة.

ونجح النائب جيري كونولي (ديمقراطي من فرجينيا)، يمثل المنطقة التي عاش فيها خاشقجي، في تمرير مشروع قانون مهم في مجلس النواب في أبريل/نيسان.

وأطلق على هذا القانون اسم "حماية المنشقين السعوديين"، وقد أحيل إلى لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ.

ويبدو أن هذه الجهود قد تلاشت وسط معارك حزبية مشحونة على أجندة السياسة الداخلية والتركيز على أهداف سياسية إقليمية أخرى تتعلق بالشرق الأوسط.

ويشمل ذلك إشراك الرياض في إنهاء الحرب الأهلية باليمن، واتخاذ خطوات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل وتعزيز حقوق الفلسطينيين، وعزل الصين عن المنطقة ومواجهة أعمال إيران المزعزعة للاستقرار في سوريا والعراق واليمن، فضلا عن كبح جماح طموحاتها النووية، توضح الصحيفة. 

ومع ذلك، تقول إدارة بايدن إنها تركز على حقوق الإنسان.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس ردا على سؤال من الصحيفة: "حقوق الإنسان هي عنصر أساسي في محادثاتنا مع شركائنا في جميع أنحاء العالم وهذا يشمل السعوديين". 

وتابع: "لم نخجل من التحدث عندما يتعلق الأمر بأوجه القصور في هذا المجال، أوضحنا أننا نشعر بخيبة أمل كبيرة من التقارير التي تفيد بأن المحكمة السعودية أيدت حكم السجن وحظر السفر الممنوح لعبد الرحمن السدحان".