سيناريو انقلابي.. ما نوع العلاقة التي تجمع السيسي وقيس سعيد؟

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

سلطت مجلة "جون أفريك" الفرنسية الضوء على تقارب العلاقة بين كل من رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس التونسي قيس سعيد.

وقالت المجلة إن "السيسي وسعيد قد ضاعفا من بوادر الصداقة بينهما لدرجة أن البعض يتساءل: هل يتطلع رئيس تونس إلى النموذج المصري؟".

وفي هذا السياق، أشارت رئاسة النظام المصري في بيان 13 أكتوبر/تشرين الأول 2021، عقب مكالمة هاتفية بين السيسي وسعيد إلى "الدعم والفخر بالروابط الأخوية بين كلا البلدين".

ولفتت المجلة إلى أن "السيسي أراد تهنئة نظيره التونسي بإعلان تشكيل الحكومة مؤخرا، وهو إعلان طال انتظاره رغم كل شيء، إذ مضى أكثر من شهرين ونصف الشهر منذ أن منح سعيد لنفسه السلطات الكاملة وحكم البلاد بدون وزراء، مع برلمان مجمد".

واستدركت موضحة: "لكن هذه التهاني لا تأتي بعد فترة من الاستنكار أو القلق بشأن الوضع التونسي، بل على العكس تماما، تتمتع مصر السيسي وتونس سعيد بعلاقات جيدة منذ مارس/آذار 2020 على الأقل، إذ حققا أول رقم قياسي علني للمكالمات الهاتفية بينهما"، حيث تكررت المكالمات الهاتفية منذ ذلك الحين.

تقارب غير مسبوق

وقالت جون أفريك إن "الجانبين يواسيان بعضهما خلال المآسي (حادث قطار مميت أو تحطم طائرة عسكرية، أو إرسال مساعدات في مواجهة كورونا) ويهنئان بعضهما خلال الاحتفالات".

وتابعت: "اتصل رئيس تونس بشقيقه، في 6 أكتوبر/تشرين الأول 2021، بمناسبة الذكرى الـ48 لحرب 6 أكتوبر".

وتحتفل مصر سنويا بذكرى الانتصار على إسرائيل في حرب 6 أكتوبر/تشرين الأول 1973، والتي خاضتها لتحرير أرضها المحتلة في شبه جزيرة سيناء، وتلاها توقيع معاهدة سلام بينهما عام 1979.

 وأوضحت الباحثة نادرة الشريف، المهتمة بعمليات الانتقال في العالم العربي بعد عام 2011 أن "هذا التاريخ مهم للغاية من الناحية الرمزية في مصر".

وأضافت "أعتقد أن سعيد قرر الاحتفال بهذه الذكرى، في سياق تعاون إستراتيجي مع مصر".

المؤكد أن الأمر لا يتعلق بالبعد الإسرائيلي الفلسطيني للحدث، إذ لم تشر الرئاسة مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2021 إلى القصف الإسرائيلي الذي وقع في مدينة حمام الشط التونسية عام 1985 ضد منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت لاجئة في تونس في ذلك الوقت، تقول الشريف.

ولفتت إلى أن "التقارب المصري التونسي الذي يحدث اليوم غير مسبوق في تونس منذ سقوط زين العابدين بن علي (عام 2011)".

وأشارت إلى أن "الرئيس الأسبق منصف المرزوقي اتصل بمصر فقط في عهد الرئيس الراحل محمد مرسي، في غضون ذلك بدا أن الباجي قائد السبسي يحافظ على علاقات ودية مع السيسي، لا أكثر".

بالنسبة للشريف، فإن "المسألة الليبية لها علاقة كبيرة بهذا التطور في الروابط بين البلدين".

وقالت إن ذلك يتجلى "سواء على المستوى الاقتصادي، أو عبر ضمان الاستقرار ومنعها من الانزلاق مرة أخرى نحو الصراع وأن تصبح أرضا خصبة للإرهاب، وفي حين أن مصر لديها الوسائل العسكرية لإبراز نفسها خارج أراضيها، لا تستطيع تونس قول الشيء نفسه".

إعجاب أم استلهام؟

ولكن بصفة تونس عضوا غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يمكنها "العمل كوسيط لدعم أو نقل مواقف معينة لمصر أو دول عربية أخرى في هذا الشأن حول المسألة الليبية، وليس ذلك فقط".

وبعد أن استأنفت إثيوبيا ملء سد النهضة المثير للجدل، أحالت تونس، في يوليو/تموز 2021، الأمر إلى الأمم المتحدة من خلال تقديم "مشروع قرار لشركائها الـ14 في مجلس الأمن، يدعو إلى وقف ملء الخزان"، وفقا لمصادر دبلوماسية.

قبل ذلك بثلاثة أشهر، قال سعيد، أثناء زيارته مصر بدعوة من السيسي، إنه يبحث عن "حلول عادلة" للقضية، قبل أن يضيف: "أمن مصر من أمننا، ومواقف مصر الخارجية هي أيضا مواقفنا".

وعلقت جون أفريك: "كلمات قوية، لا بد أن يتردد صداها في تونس، وقد أثارت مخاوف لدى البعض من الميول العسكرية لدى الرئيس سعيد، إذ رغم كل شيء، فإن الرئيس التونسي لا يتوقف عن التعبير عن إعجابه بالجيش المصري".

وقالت: "تم الترحيب به على السجادة الحمراء ومن قبل الخيول عند مدرج الطائرة، واستغل زيارته للذهاب لرؤية خط بارليف الشهير، موقع هذه المعجزة العسكرية عام 1973".

وأضافت: "لا يزال يشيد بالبراعة العسكرية لمصر عندما استقبل، بعد أيام قليلة، وزير خارجية النظام المصري سامح شكري، مستأنفا في ذلك اللقاء أجواء الأستاذ التي يلقي درسا في المدرج".

وتتذكر الباحثة الشريف قائلة: "يجب ألا ننسى أنه كانت له بعض العلاقات في الأوساط القومية العربية، إذن فهو لديه هذا الحماس لتاريخ الجيش المصري".

وتابعت: "في حين أنه من الصعب الحكم على نوايا سعيد، إلا أنه في الأشهر الأخيرة، كثرت الرموز العسكرية في اتصالاته الرسمية، حيث إنه غالبا ما كان يقف جنبا إلى جنب مع الجيش، كما هو الحال  خلال خطابه في 25 يوليو/تموز 2021، ومن هناك تتخيل أنه يستوحي تصرفاته من النموذج العسكري المصري".

واعتبرت أن "اقتراب سعيد من الجيش يمكن تفسيره، من ناحية، بأنه تصرف سياسي، إذ إنه كان معزولا تماما، ولم يكن لديه الوسائل ليقول: لدي حزب جماهيري خلفي، ومن ناحية أخرى، كانت طريقة للقول لخصومه: إذا كان هناك رد فعل عنيف، فإن القوات المسلحة إلى جانبي، لكن هذا لا يعني أن الجيش يجب أن يشارك في السياسة".

وختمت الشريف تحليلها بالقول: إن "الانتقادات الموجهة لسعيد هي إما خوف من عودة الديكتاتورية، أو -وهو أمر لم يسمع به في التاريخ الحديث للبلاد- سيناريو مصري".