مهرداد آبدارباشي.. ضابط إيراني منشق أفشلت تركيا اختطافه مرتين

يوسف العلي | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

في عملية أمنية استباقية، استطاعت السلطات التركية إفشال محاولة لاختطاف الطيار الإيراني المنشق مهرداد آبدارباشي، دبرتها مجموعة مرتبطة بنظام طهران في ولاية "وان" التركية، حيث أعلنت القبض على 8 أشخاص، بينهم عميلان لطهران.

وذكرت وكالة "الأناضول" للأنباء الرسمية في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أن المخابرات الإيرانية عملت على تشكيل شبكة عملاء بميزانية قدرها 30 ألف دولار للقبض على عسكري إيراني سابق، مؤكدة أن العملية الأمنية نفذتها السلطات التركية في 24 سبتمبر/أيلول 2021.

طيار منشق

آبدارباشي يبلغ من العمر نحو 40 عاما، هو طيار إيراني برتبة رائد، انشق عن جيش بلاده بعدما أراد "فيلق القدس" الإيراني إرساله إلى سوريا عام 2018.

وأوضح الطيار المنشق لقناة "صداي أميركا" (صوت أميركا) التي تبث باللغة الفارسية في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أنه بعد عدة مراحل من الاستجواب من طرف الاستخبارات التابعة للحرس الثوري، طلب من مسؤوليها مهلة للاستعداد من أجل السفر إلى سوريا.

غير أنه تمكن خلال أسبوعين من مغادرة إيران وطلب اللجوء إلى تركيا، وعقب مغادرته طهران تواصلت معه قوات الأمن عن طريق امرأة وخططت لاختطافه.

وأضاف آبدارباشي أنه أخبر قوات الأمن التركية بعدما اتصلت به امرأة في تركيا لإكمال دورة "التدريب المالي"، وكان من المخطط أن تعطيه مشروبا مسموما أثناء حفل عشاء، وتحمله بعدها القوات الأمنية إلى إيران بذريعة نقله إلى المستشفى.

وفي وقت سابق، نقلت وسائل إعلام تركية عن مسؤولين أمنيين أتراك قولهم إن جهاز الأمن كان على معرفة بخطة اختطاف هذا العسكري الإيراني السابق قبل نحو ثمانية أشهر.

وحسب معلومات وكالة "الأناضول" فقد عرضت الشبكة الاستخباراتية الإيرانية 10 آلاف دولار على زوجة المطلوب لمساعدتهم في القبض على زوجها، وأنه جرى تهديدها بإيذاء عائلتها التي تعيش في إيران حال رفضها العرض.

ولدى كشف الاستخبارات التركية إرسال شخصين من إيران إلى ولاية "وان" لنقل الطيار المنشق بسيارة في 24 سبتمبر/أيلول 2021، جرى القبض على عناصر الشبكة بـ"الجرم المشهود".

وذكرت "الأناضول" أنه مساء 24 سبتمبر/أيلول 2021، جرى إلقاء القبض على الإيراني "س س" والتركي "م ي أ" أثناء دخولهما إلى مكان إقامة العسكري الإيراني "م ا" (مهرداد آبدارباشي)، وفي إطار العملية الأمنية قبض على أفراد آخرين في الشبكة وهم ستة أتراك.

وفي السياق، ذكرت صحيفة "إندبندنت" الفارسية في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2021 أن عملاء مخابرات طهران تعاونوا مع طالبة إيرانية اتصلت بآبدارباشي بحجة تعلم "الفوركس" (بورصات التبادل عبر شبكات الاتصال)، وجمعت معلومات مهمة عن أنشطته اليومية وقدمتها إلى وزارة الاستخبارات، بهدف إبعاده عن مقر إقامته في "وان".

معارض عنيد

وفي رواية أخرى لأسباب خروجه من إيران بعد 18 عاما من الخدمة في القوات الجوية، ذكرت صحيفة "إندبندنت" بنسختها الفارسية أنه "بعد عدم موافقة الجيش الإيراني على استقالته، اضطر آبدارباشي لمغادرة إيران عام 2018، بسبب مشاكل معيشية".

وبعد دخول تركيا وحصوله على حق اللجوء في "وان" الشرقية قرب حدود إيران، وفي بداية حياته في تلك المدينة، كان قادرا على خلق مصدر دخل من خلال إنشاء مطعم، لكن أدى تفشي فيروس كورونا إلى إغلاق مطعمه وأُجبر في النهاية على جني الأموال عبر تدريب "الفوركس".

وذكرت الصحيفة أن "مواطنا تركيا ومترجما للاجئين الإيرانيين في تركيا تمكن من التعرف على آبدارباشي في مدينة وان، وبعد إبلاغ وزارة المخابرات الإيرانية بوجوده في وان، تم تكليفه بخطفه".

وحاول المواطن التركي وزوجته الإيرانية، في المرة الأولى اقتياده إلى قرية قرب الحدود ونقله إلى داخل إيران، لكن بعد اكتشاف المخابرات التركية تآمره فشلت الخطة.

وبعد ذلك، بحسب الصحيفة الناطقة بالفارسية، اتصلت وزارة المخابرات بآبدارباشي عبر طالبة إيرانية تعيش في تركيا لاختطافه ونقله إلى إيران، لكن المحاولة الثانية باءت بالفشل أيضا.

وأفادت "إندبندنت" بأن وزارة المخابرات الإيرانية أنفقت أكثر من 100 ألف دولار لتوظيف 12 تركيا لاختطاف آبدارباشي.

وفي هذا الصدد، تولى اثنان من أهم عناصر هذا الجهاز الأمني ​​على الأراضي التركية، كانا في السنوات الماضية يتجسسان على المعارضة في تركيا، مهمة التخطيط وتوفير التسهيلات لتنفيذ هذه العملية.

فاضح النظام

عقب فشل محاولة اختطافه الثانية من "وان"، كشف آبدارباشي خلال حديثه مع وسائل إعلام إيرانية معارضة نشرته على موقع "يوتيوب" في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2021، عن فضائح تتعلق بقادة النظام الإيراني.

واتهم الرائد الطيار المنشق خلال المقابلة التلفزيونية قادة في القوات المسلحة الإيرانية بـ"اغتصاب زوجات بعض الضباط الذين يجرى إرسالهم في مهام طويلة المدى".

وعام 2020، اختطف جهاز الاستخبارات الإيراني حبيب أسيود من السويد إلى تركيا عبر إحدى ضابطات المخابرات تدعى صابرين سعيدي، وأدرجت السلطات الأمنية التركية الضابطة ضمن لوائح المطلوبين دوليا، لارتكابها جريمة الاختطاف على الأراضي التركية.

ويستخدم جهاز الاستخبارات الإيراني النساء، أو من يطلق عليهن "طائر السنونو" لاستدراج واختطاف أو اغتيال المعارضين الناشطين في المنفى.

وإلى جانب سعيدي، برز اسم شيرين نجفي، إحدى "سنونوات" المخابرات الإيرانية في عملية اختطاف الصحفي الإيراني روح الله زم من العراق في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، والذي أعدم نهاية ديسمبر/كانون الأول 2020.

وكذلك تتهم طهران باغتيال المعارضين في تركيا، ففي 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، اغتال مسلحون المعارض الإيراني مسعود مولوي أثناء وجوده بمدينة إسطنبول.

وسقط مولوي قتيلا بعد تلقيه 11 طلقة نارية عندما كان يسير في حي "شيشلي" بإسطنبول، وأعلنت الشرطة التركية وقتها أنها اعتقلت خمسة من المشتبه بهم، أربعة منهم مقربون من الضحية، وأقروا بعدها أنهم تصرفوا بأوامر ضباط مخابرات في القنصلية الإيرانية.