الدفاع الأميركية تناقش نشر قوات في آسيا الوسطى.. كيف ردت روسيا؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفتان روسيتان الضوء على مناقشة وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، نشر قوات في أوزبكستان لمكافحة الإرهاب، ودوافع إصرار الولايات المتحدة على اتخاذ هذه الخطوة.

وقالت صحيفة "لينتا دوت رو" إن واشنطن تتلقى الرفض القاطع من أوزبكستان بشأن هذه الخطوة، ويشير المسؤولون إلى وجود دوافع أخرى وراء الإصرار. 

وفي 12 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أكدت روسيا لدبلوماسية أميركية بارزة معارضتها القوية لأي وجود عسكري أميركي في آسيا الوسطى.

ووصلت وكيلة وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند إلى موسكو قبلها بيوم، في زيارة استمرت ثلاثة أيام لعقد محادثات قالت وزارة الخارجية الأميركية إنها ستتناول مجموعة من القضايا الثنائية والإقليمية والعالمية.

مناقشات صعبة

بعد اجتماع مع نولاند، قال سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إنه أكد مرة أخرى معارضة موسكو القوية لأي وجود أميركي في جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق في آسيا الوسطى، بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان نهاية أغسطس/آب.

وكانت الولايات المتحدة وحلفاؤها يأملون في التفاوض على اتفاقيات بشأن القواعد العسكرية، وحقوق تحليق الطائرات، وزيادة تبادل المعلومات الاستخباراتية مع أوزبكستان وطاجيكستان المتاخمتين لأفغانستان أو الجمهوريات السوفييتية السابقة الأخرى في آسيا الوسطى.

بيد أن روسيا، التي حافظت على علاقات سياسية واقتصادية وأمنية وعسكرية وثيقة مع دول آسيا الوسطى، شعرت بالقلق من أي وجود أميركي من هذا القبيل. 

استأجرت الولايات المتحدة قاعدة في أوزبكستان في المراحل الأولى من الحرب في أفغانستان حتى أوقفت تلك الدولة عقد الإيجار في 2005، وسط توترات مع واشنطن. 

كما استخدمت واشنطن قاعدة في قيرغيزستان، التي طلبت من الولايات المتحدة المغادرة في 2014 تحت ضغط من روسيا.

وذكرت الصحيفة أن ممثلي البنتاغون سيناقشون إمكانية نشر قوات مكافحة الإرهاب الأميركية في أوزبكستان في شهر أكتوبر/تشرين الأول، وذلك نقلا عن مصادر مطلعة على خطط الإدارة العسكرية في الكونغرس. 

وتناقش الولايات المتحدة إمكانية نشر قوات "فوق الأفق" لتسمح للجيش الأميركي "بمراقبة الأهداف وضربها بشكل أفضل في أفغانستان".

وحسب ما أعلنه وزير خارجية أوزبكستان سوديق سافوييف، فإن بلاده رفضت إجراء حوار حول القواعد العسكرية مع الولايات المتحدة.

وبين أنه لا يمكن أن تجري سلطات البلاد مثل هذه المفاوضات من حيث المبدأ، "لأن القانون لا يسمح بذلك".

وكما جاء في وكالة أنباء تاس الروسية فإن المتحدث باسم وزارة الدفاع في أوزبكستان بهروم ذو الفقاروف وصف مسألة نشر قوات مكافحة الإرهاب الأميركية في بلاده بأنها لا تستحق هذا العناء ولا يمكن مناقشتها. 

وكان من المعروف سابقا أن الولايات المتحدة مهتمة بإنشاء قواعد عسكرية في أوزبكستان وطاجيكستان، وأكدت على أن هذا ضروري لدعم حكومة أفغانستان الهاربة وردع أنشطة حركة "طالبان" المحظورة في روسيا.

وصرح سوديق سافوييف بأن سلطات البلاد لم تتلق رسائل مماثلة من البنتاغون. كما أشار إلى أن أوزبكستان ستضطر على أي حال أن ترفض طلب الولايات المتحدة ، لأن هذا محظور بموجب الدستور ولا ينص عليه قانون الدفاع في البلاد. 

وبحسب ما نشرته صحيفة "بوليتيكو" الأميركية تعليقا على القضية: "لماذا كل هذا الاهتمام؟ يقول مسؤولون أميركيون إن أوزبكستان أصبحت في قائمة الأولويات بعد انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان.

 وكانت طشقند (عاصمة أوزبكستان) منفتحة على المناقشات حول استقبال اللاجئين ونشر القوات الأميركية، على الرغم من أن محاولات الاتفاق على تفاصيل كلتا القضيتين مخيبة للآمال، وفق الصحيفة.

وتضيف أنه "ومع ذلك، تعد أوزبكستان بالنسبة لبعض المشرعين دولة ذات فرص فريدة لمساعدة الولايات المتحدة لضمان المصالح الإقليمية في المستقبل". 

وقال أحد أعضاء الكونغرس الذين زاروا أوزبكستان مؤخرا، وهو الجمهوري أوغست بفلوجر (من ولاية تكساس)، إن "وجود حليف في هذه المنطقة، والتي تقع جغرافيا بالقرب من ملاذ إرهابي محتمل مهم من وجهة نظر تكتيكية وإستراتيجية".

ويشار إلى أن ممثلي الرئيس الأميركي جو بايدن يتفاوضون منذ عدة أشهر مع أوزبكستان ودول أخرى مشتركة في الحدود مع أفغانستان، مما قد يساعد الجانب الأميركي على "حماية المصالح في المستقبل".

رفض قاطع

وحسب ما ذكرته صحيفة كوميرسانت الروسية أيضا فإن موسكو تعارض بشكل قاطع وجود القوات الأميركية في آسيا الوسطى. 

وذكرت وسائل الإعلام الأميركية في أبريل/نيسان 2021، أنه بعد مغادرة أفغانستان، تود الولايات المتحدة "أن تكون قريبة"، وما تعنيه بقولها هو حاجتها إلى مرافق عسكرية على أراضي دول آسيا الوسطى.

بالإضافة إلى ذلك، أرادت الولايات المتحدة أن تأخذ الأفغان الذين تعاونوا معها إلى المنطقة. 

نتيجة لذلك حذرت السلطات الروسية شركاء آسيا الوسطى من أن الولايات المتحدة ليست مهتمة كثيرا بالحفاظ على السيطرة على الوضع في أفغانستان، لأنها تسعى إلى استخدام بلدانهم كنقطة انطلاق لاحتواء روسيا والصين وإيران. 

وأضافت الصحيفة، أنه خلال مؤتمر القمة في جنيف في 16 يونيو/حزيران، أخبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مباشرة نظيره الأميركي جو بايدن أن موسكو لن توافق على إنشاء منشآت أميركية جديدة في المنطقة. 

وفي الوقت نفسه، عرض على الولايات المتحدة أن يتحدا بخصوص القضية الأفغانية، ويتضمن ذلك استخدام القوات العسكرية الروسية في طاجيكستان وقيرغيزستان لتبادل المعلومات الاستخباراتية.

 لم تكن الولايات المتحدة مهتمة بالأمر فور اقتراحه، ولكن بعد فترة حاولوا التفاوض مباشرة مع بلدان المنطقة، تقول الصحيفة الروسية.

وفي الوقت نفسه، لفتت السلطات الروسية انتباه الشركاء في آسيا الوسطى إلى المخاطر التي قد يتعرض لها مثل هذا التعاون مع الولايات المتحدة. 

وفسرت موسكو موقفها قائلة إن المنطقة التي سيهاجمها الإرهابيون في أفغانستان ستتحول تلقائيا إلى مقر تنظيمي الدولة والقاعدة، بحسب الصحيفة. 

وتشير كوميرسانت إلى أن روسيا تمكنت من تحقيق ضمانات مهمة لنفسها.

إذ أعلنت الدول الأعضاء في منظمة معاهدة الأمن الجماعي (CSTO) في 15 سبتمبر/أيلول لأول مرة رفض نشر مرافق البنية التحتية العسكرية للولايات المتحدة ودول حلف شمال الأطلسي "الناتو" الموجودة في أفغانستان، وكذلك طرد الأفغان الذين تعاونوا مع الجيوش الأجنبية. 

وبين عامي 2001-2014، كان للولايات المتحدة قاعدة جوية كبيرة على أراضي مطار ماناس الدولي في قيرغيزستان.

ومنذ عام 2001 حتى عام 2005 - يوجد قاعدة جوية أخرى على أراضي مطار خان آباد في أوزبكستان.

وبحسب مصادر الصحيفة فإن كلا المنشأتين العسكريتين ظهرتا في المنطقة لأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سعى إلى مساعدة الولايات المتحدة في حربها ضد الإرهاب بعد الهجمات الإرهابية التي وقعت في 11 سبتمبر/أيلول 2001. 

ومع ذلك، لطالما اعتبرت موسكو ظهور القواعد الأميركية ظاهرة مؤقتة، في حين سعت الولايات المتحدة للحصول على موطئ قدم في منطقة آسيا الوسطى لتتعمق أكثر وأكثر. 

ونتيجة لذلك، غادر الأميركيون كلا البلدين رغما عنهم، وذلك بناء على طلب السلطات المحلية.