موسى القرني.. داعية سعودي طالب بـ"العدل والإصلاح" فمات في المعتقل

يوسف العلي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

غيب الموت الداعية السعودي موسى القرني في 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، بعد 15 عاما قضاها بالسجن من أصل 20 حكمتها عليه السلطات السعودية، بعد اتهامات عدة منها "الخروج على ولي الأمر" و"التخطيط لتأسيس حزب سياسي" و"التواصل مع جهات أجنبية".

واعتقل القرني في فبراير/ شباط 2007، وفي مايو/أيار 2018، فجع ذووه بتعرضه لجلطة دماغية، تسببت في نقله إلى مستشفى للأمراض العقلية في جدة، بحسب مصادر حقوقية.

قتل بطيء

منظمة "سند" الحقوقية التي نعت الداعية السعوي موسى القرني (66 عاما)، بعد معاناة طويلة مع المرض وإهمال طبي متعمد داخل معتقلات النظام، حيث تدهورت حالته الصحية بشكل كبير في السنوات الأخيرة دون أن يتلقى أي رعاية طبية.

وأوضحت عبر بيان لها في 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 أن وفاة القرني جاءت بعد قضائه 15 عاما في معتقلات النظام، حيث كان يقضي حكما جائرا بالسجن مدة 20 سنة، يليها 20 سنة منع من السفر.

وحملت الحكومة السعودية مسؤولية وفاته داخل المعتقل وأسلوب القتل البطيء الذي مورس ضده والذي يعد جريمة في كل القوانين الدولية.

وأشارت المنظمة إلى أن القرني اعتقل مع مجموعة من الحقوقيين بسبب مطالبتهم بإنشاء جمعية لحقوق الإنسان في السعودية، مؤكدة أنه "تعرض لصنوف الأذى والتعذيب والتضييق أثناء اعتقاله وحبس في العزل الانفرادي لفترات طويلة وتدهورت حالته الصحية في السنوات الأخيرة دون مبالاة من السلطة".

ووجهت هيئة الادعاء العام في السعودية للقرني و15 شخصية أخرى مشمولة بقضية "التنظيم السري" 75 تهمة.

وادعت أن غالبيتهم اشترك بـ"التورط في تأسيس تنظيم سري كان يهدف للاستيلاء على السلطة في البلاد".

وزعمت هيئة الادعاء أن هؤلاء "أرادوا قطف ثمار نشاط (تنظيم) القاعدة الإرهابي في السعودية، وذلك عبر دعمه بالمال، ومباركة أعماله، من أجل إحداث الفوضى، والوصول إلى السلطة".

استمرت التحقيقات في القضية ثلاث سنوات ونصف دون صدور أحكام، ونقل سبعة من المعتقلين التسعة بعد انقضاء سنة من السجن إلى سجن خاص، مع الإبقاء على سعود الهاشمي وموسى القرني في سجن انفرادي، ثم أفرج عن عصام بصراوي إثر تردي حالته الصحية في السجن.

في أغسطس/آب عام 2010 انطلقت المحاكمات بعد نقل المعتقلين من سجن الحائر في الرياض إلى سجن ذهبان في مدينة جدة، وامتدت المحاكمات عاما كاملا لعدة جلسات تجاوزت الأربعين جلسة.

وفي هذه الأثناء رفع طلب الإفراج عن المتهمين منذ مدة طويلة وجرى تداوله مع القاضي كثيرا، فأصدر القاضي طلب الإفراج، لينفذ للجميع باستثناء: سعود الهاشمي، وموسى القرني، وعبد الرحمن الشميري، وسيف الدين الشريف، عبد الرحمن مؤمن خان، ووليد العمري، حيث تقرر الإبقاء عليهم في السجن، وكان ذلك في شهر مايو/أيار عام 2011.

وفي 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، قضت المحكمة الجزائية المتخصصة بالسجن 228 عاما على 16 متهما.

تراوحت الأحكام وقتها بين 5-30 سنة، إضافة إلى منع السفر لبعض المحكوم عليهم بعد انتهاء عقوبتهم، وكان منهم الداعية موسى القرني.

داعية وأكاديمي

موسى بن محمد بن يحيى القرني ولد عام 1954 في منطقة جازان بمدينة باش السعودية، متزوج ولديه 6 من الأبناء و6 من البنات، والده الشيخ محمد بن يحيى القرني الذي عمل في القضاء لمدة 42 عاما إلى أن تقلد درجة قاضي تمييز واستقال من القضاء.

والقرني داعية وأكاديمي، حصل على درجة الماجستير في أصول الفقه وفي هذه المرحلة اختارته إدارة الجامعة الإسلامية حينما كان رئيسها الشيخ عبد العزيز بن باز ليكون معيدا فيها ومبتعثا للدراسة في مكة وذلك قبل أن يجري افتتاح قسم للدراسات العليا في الجامعة الإسلامية .

وأكمل مرحلة الدكتوراه في أصول الفقه في مكة بعدما تحولت إلى جامعة أم القرى.

وحصل على درجة الدكتوراه في تخصص أصول الفقه، ثم عمل في الجامعة الإسلامية وكيلا، وبعدها عميدا لشؤون الطلاب، ثم أستاذا لأصول الفقه في كليتي الشريعة والحديث وقسم الدراسات العليا في الجامعة ثم رئيسا لقسم أصول الفقه في الجامعة .

وعمل أستاذا متعاونا لتدريس مادة العقيدة في فرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالمدينة (كلية الدعوة والإعلام) وأشرف وناقش عددا من رسائل الماجستير والدكتوراه في الجامعة الإسلامية وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وجامعة أم القرى وأكاديمية الأمير نايف وبلغ عدد الرسائل التي أشرف عليها وشارك في تقييمها ما يقارب 30.

وعمل في التدريس في جامعة "الدعوة والجهاد" و"المعهد الشرعي" في بيشاور الباكستانية وأشرف على الأكاديمية الإسلامية للعلوم والتقنية التابعة لهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية ورابطة العالم الإسلامي في تلك المدينة، ثم مديرا لها بعد أن أصبحت الجامعة الإسلامية للعلوم والتقنية.

وأشرف علميا على عدد من المعاهد الشرعية في مخيمات المهاجرين الأفغان التابعة للجنة "البر" الإسلامية.

مناهض للتطرف

ورغم محاولة السلطات ربطه بالإرهاب، بالاستناد إلى ذهابه سابقا لأفغانستان وباكستان، ومعرفته بزعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن، إلا أن موسى القرني ذهب وعاد في الفترة التي كانت تدعم فيها السعودية "الجهاد الأفغاني".

وأيد القرني في تصريحات صحفية ما تفعله وزارة الداخلية من محاورة أصحاب الفكر المتشدد في السجون، إلا أنه لم يسلم من الاعتقال لاحقا، حسبما ذكر تقرير لموقع "سعودية ليكس" في 3 مايو/أيار 2020.

وكذلك ظهر في مقابلة مع الإعلامي السعودي داود الشريان منشورة على "يوتيوب" في فبراير/ شباط 2014، أيد فيها مقاتلة القوات الأميركية في العراق، كونها تعد احتلالا، وبذلك لهم حق الدفاع، ودفع الاعتداء.

وفي 9 يوليو/ تموز 2021 قال مغردون إن السلطات السعودية اعتقلت "محمد بن علي الحازمي"، وهو صهر الداعية موسى القرني، مدرس أصول الفقه ومدير الجامعة الإسلامية للعلوم والتقنية السابق.

وأكدوا أن قوة أمنية سعودية كبيرة داهمت منزل "الحازمي" في مدينة أبها الجنوبية.

وقال حساب "معتقلي الرأي"، الذي يعنى بأخبار المعتقلين السياسيين في السعودية: "تأكد لنا أن قوة أمنية كبيرة مكونة من 24 عنصرا داهموا منزل الدكتور محمد بن علي الحازمي في أبها، وقاموا بتفتيشه وبعثرة محتوياته وقلبه رأسا على عقب، ثم اقتادوا الشيخ إلى مكان مجهول". وأضاف: "الحازمي كان القائم بشؤون بيت وأهل الشيخ موسى القرني".

وللراحل الداعية موسى القرني، مؤلفات عدة هي: "مرتقى الوصول إلى تاريخ علم الأصول، التصورات الأولية للمبادئ الأصولية، وله مؤلفات وتحقيقات ودواوين شعر لم تطبع".

خلال مرحلة اعتقاله بعث القرني قصيدة مؤثرة إلى أهله جاء فيها: 

"إلهي لقد جاروا علينا لأننا.. إلى العدل والإصلاح ندعو وننذر

وندعو إلى الشورى التي قد دعا لها.. نبي الهدى والظلم والقهر ننكر

لكن قوما من ولاة أمورنا.. علينا عدوا ظلما ولم يتبصروا

إلى السجن ساقونا وذلوا رقابنا.. وذلوا أهالينا وفينا تجبروا".