"دور تنموي وديني".. لماذا يقوي نظام السيسي نفوذ الكنيسة المصرية بإفريقيا؟

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أرجعت صحيفة المونيتور الأميركية نشاط الكنيسة الأرثوذكسية المصرية في إفريقيا مؤخرا، وخاصة في دول حوض النيل، إلى عملها كوكيل عن حكومة رئيس النظام عبدالفتاح السيسي.

وتقول الصحيفة إن الكنيسة تعمل في إطار إستراتيجية القوة الناعمة لتعزيز نفوذها في ظل أزمة سد النهضة الإثيوبي الكبير.

تعزيز نفوذ

وتستفيد مصر من المشاريع الخيرية والتنموية للكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية في إفريقيا لتعزيز نفوذها في القارة، وخاصة في دول حوض النيل.

وفي 27 سبتمبر/أيلول 2021، وعد بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية البابا تواضروس الثاني، سفير بوروندي في مصر "رشيد ملاخي نيراجيرا" بأن الكنيسة ستستمر في تقديم الدعم التعليمي والصحي للشعب البوروندي.

وخلال لقائه نيراجيرا في المقر البابوي بالقاهرة، أعرب تواضروس عن أمله في أن "تظل المشروعات التي نفذتها الكنيسة في بوروندي فعالة ومفيدة للشعب البوروندي".

وأشار إلى أن "الكنيسة تدعم الدولة المصرية في بوروندي وكل دول إفريقيا".

ومن جانبه أعرب نيراجيرا عن تقدير الحكومة البوروندية للخدمات التي تقدمها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية باسم مصر لخدمة الشعب البوروندي في الصحة والتعليم.

وأشار إلى "نجاح المدرسة الفنية التي أنشأتها الكنيسة القبطية في بوروندي"، معربا عن أمله في بناء المزيد من المدارس وإنشاء مستشفى أيضا.

ولجأت الحكومة المصرية إلى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية للترويج لمبادرة صوت مصر في إفريقيا التي أطلقتها وزارة الهجرة وشؤون المغتربين المصريين في مايو/أيار 2021.

وأشادت وزيرة الهجرة وشؤون المغتربين المصريين نبيلة مكرم، بدور الكنيسة في إفريقيا بالنهوض بصوت مبادرة مصر في القارة لتعزيز نفوذ القاهرة ودورها هناك.

وجاءت تلك الإشادة خلال لقاء مكرم في 5 يوليو/تموز، الأب الأنبا جوزيف (أسقف مصر العام في إفريقيا وتحديدا في ناميبيا وبوتسوانا وملاوي وزيمبابوي).

وأضافت أن المبادرة تستند إلى استخدام القوة الناعمة مثل الكنيسة في إفريقيا بالتوازي مع الجهود الدبلوماسية الحالية التي تبذلها الحكومة المصرية لتحقيق هذه الأهداف.

وفي مارس/آذار، عين تواضروس يوسف أسقفا عاما لإفريقيا وممثلا للكنيسة بالقارة، في خطوة تهدف إلى زيادة حضورها.

وهنا، يبدو أن الحكومة تدرك أن دور الكنيسة القبطية في إفريقيا لا يقتصر على الجوانب الروحية والدينية فقط، بل يمتد إلى إقامة مشاريع تنموية ومستشفيات ومدارس، حسب الصحيفة.

وفي بوروندي، على سبيل المثال، أنشأت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية مستشفى ومأوى ودار رعاية. 

وأشاد الرئيس البوروندي بيير نكورونزيزا خلال لقائه في ديسمبر/كانون الأول 2017، الأب داود لمعي (المسؤول الكنسي لخدمة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في بوروندي) بدور مصر والكنيسة في دعم قطاعي الصحة والتعليم في البلاد. 

كما أشاد البرلمان المصري بدور الكنيسة في إفريقيا خلال اجتماع عقد في ديسمبر/كانون الأول 2018 بين رئيس لجنة الشؤون الإفريقية في البرلمان طارق رضوان وتواضروس.

وقال الأخير إن الكنيسة المصرية تلعب دورا كبيرا في إفريقيا، وتقدم خدمات في الخرطوم، إثيوبيا وكينيا وجنوب السودان، فضلا عن الخدمات الكنسية المحدودة في عدد من البلدان الأخرى.

ناهيك عن الخدمات الطبية التي تقدمها الكنيسة المصرية على نطاق واسع في العديد من البلدان الإفريقية.

مشاريع داعمة

وتحرص الكنيسة أيضا على إرسال قوافل طبية أربع مرات سنويا إلى بوروندي، كان آخرها في فبراير/شباط 2020، وفق الصحيفة.

وفي كينيا، أطلقت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 مشروعا لخدمة أطفال الشوارع والأطفال الذين تعرضوا للعنف الأسري الذي دفعهم للجوء إلى الشوارع.

كما أنشأت الكنيسة عددا من المراكز الطبية ومراكز التدريب المهني ودار حضانة في نيروبي في فبراير/شباط 2019.

وفي جنوب السودان، افتتحت الكنيسة الأرثوذكسية المصرية مركزا إنمائيا لتعليم الحرف بالإضافة إلى حضانة للأطفال وعيادة مجانية لعلاج الفقراء في يناير/كانون الثاني 2021.

كما افتتحت الكنيسة المصرية الأرثوذكسية في مارس/آذار 2017، مدرسة القديس مرقس الابتدائية في جنوب السودان.

وفي أبريل/نيسان 2019، افتتحت الكنيسة المستشفى القبطي في العاصمة الزامبية لوساكا، والذي يعد من أكبر المستشفيات في البلاد. 

وشدد الرئيس الزامبي آنذاك إدغار لونجو على أن "المستشفى يعد إنجازا للجميع في زامبيا وسيحسن الوصول إلى أفضل الخدمات الطبية عالية الجودة"، مشيدا بمساهمة الكنيسة في تحسين القطاع الصحي.

وفي جنوب إفريقيا، تمتلك الكنيسة الأرثوذكسية المصرية عددا من المشاريع الطبية، مثل المركز القبطي في جوهانسبرغ، بالإضافة إلى العديد من مراكز التنمية.

وفي السودان، تمتلك مصر 23 كنيسة في الخرطوم وأم درمان وعطبرة، بالإضافة إلى أربع مدارس ثانوية والعديد من المدارس الابتدائية والمكتبات والنوادي.

وقالت أماني الطويل، الخبيرة في الشؤون الإفريقية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية: "تستخدم الحكومة وتتعاون مع كل القوى الناعمة التي لها نفوذ في الدول الإفريقية، وأبرزها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية".

وأضافت لـ "المونيتور": "الكنيسة المصرية ومشاريعها في إفريقيا ودول حوض النيل تسهل عمل الدبلوماسية في تنفيذ خطة القاهرة لاستعادة دورها في القارة".

ويبدو من الصعب على القوى الناعمة مثل الكنيسة التدخل بشكل مباشر في أزمة سد النهضة الإثيوبي، على الرغم من تأثيرها القوي في دول حوض النيل، تقول الصحيفة الأميركية.

لكن التأثير الشعبي للكنيسة قد يجعل شعوب تلك الدول أكثر ميلا لدعم الموقف المصري، وفق الطويل.

وصرح تواضروس للصحافة في 19 سبتمبر/أيلول 2021، أن "الكنيسة تلعب دورا مهما في توضيح الموقف المصري من أزمة سد النهضة وطبيعة نهر النيل، لكن هذه القضية اتخذت الآن بعدا سياسيا بالكامل".

وشددت الطويل على ضرورة التنسيق والتعاون مع جميع القوى الناعمة مثل الكنيسة والأزهر لزيادة مشاريعهم وأنشطتهم في الدول الإفريقية.