إسقاط الحكم الدكتاتوري.. مطلب جزائري بعد ضعف الرد الرسمي على إهانة ماكرون

12

طباعة

مشاركة

أثار إنكار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وجود "أمة جزائرية" قبل الاستعمار الفرنسي للبلاد عام 1830، غضب الناشطين على تويتر، ودفعهم لمطالبة السلطات الجزائرية "الرد بقوة".

تصريحات ماكرون جاءت خلال استقباله في 30 سبتمبر/أيلول 2021 مجموعة من الفرنسيين ذوي الأصل الجزائري ومزدوجي الجنسية لمناقشة قضية "مصالحة الشعوب"، وفقا لما نقلته "لوموند".

وفي سياق حديث ماكرون عن الماضي التاريخي لفرنسا في الجزائر، أشار إلى أنه يرغب في إعادة كتابة التاريخ الجزائري باللغتين العربية والأمازيغية لـ"كشف تزييف الحقائق الذي قام به الأتراك الذين يعيدون كتابة التاريخ".

وأضاف: "أنا مندهش لقدرة تركيا على جعل الناس ينسون تماما الدور الذي لعبته في الجزائر والهيمنة التي مارستها، وترويجها لفكرة أن الفرنسيين هم المستعمرون الوحيدون. وهو أمر يصدقه الجزائريون".

تصريحات مسيئة

الناشطون عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة، أبرزها #طرد_السفير_الفرنسي_مطلب_شعبي، #ماكرون، #تبون، #مقاطعة_المنتجات_الفرنسية، #فرنسا_دولة_عدو، وغيرها وصفوا تصريحات ماكرون بـ"الكاذبة" وعددوا جرائم فرنسا في الجزائر خلال فترة الاستعمار.

وأجمعوا على أن ما تمر به بلادهم اليوم، هو نتاج الاستعمار الفرنسي لها، معتبرين هجوم ماكرون على الجزائر، افتتاحا لحملة الانتخابات الرئاسية الفرنسية، في إطار التسابق على اجتذاب الأصوات العنصرية.

وطالب الناشطون السلطة في الجزائر بالرد بقوة على ماكرون باسم الأمة والدولة التي يتهكم عليها، وباسم الشعب الذي لم ينس لفرنسا الاستعمارية جرائمها، معتبرين رد الرئاسة الفرنسية واستدعاء السفير من باريس "ضعيفا وغير كاف"، وطالبوا بإسقاط الحكم العسكري عن بلادهم.

الرئاسة الجزائرية، وصفت عبر بيان لها في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2021، تصريحات ماكرون بـ"المسيئة" حول الفترة الاستعمارية للجزائر والوضع الداخلي في البلاد، وعدتها "مساسا غير مقبول" بذاكرة أكثر من 5 ملايين و630 ألف مقاوم وشهيد قتلهم الاستعمار الفرنسي.

وأضاف أن "جرائم فرنسا الاستعمارية، التي لا تعد ولا تحصى، هي إبادة ضد الشعب الجزائري، وهي غير معترف بها (من قبل فرنسا)، ولا يمكن أن تكون محل مناورات مسيئة"، لافتا إلى أن  التصريحات المنسوبة لماكرون "لم يتم تكذيبها رسميا".

وأفاد بيان الرئاسة بأنها استدعت السفير الجزائري لدى باريس للتشاور.

عداء ماكرون

وهاجم ناشطون الرئيس الفرنسي، معتبرين هجومه على الجزائر يأتي في سياق محاربته للإسلام والمسلمين، بالإضافة إلى أنه يحمل أهدافا انتخابية.

الناشط السياسي والحقوقي أسامة رشدي، رأى أن "ماكرون يؤكد كل يوم أن عداءه ليس لحركات يصفها بالإسلاموية في محاولة لتبرير إجراءاته العنصرية ضد المسلمين الفرنسيين، بل يكشف اليوم عن عمق العداء التاريخي ونظرته للجزائريين بعد كل المآسي التي خلفها استعمارهم لـ 132 عاما واحتفائه بعملاء فرنسا من الحركة".

المحامي محمود رفعت، وصف تصريحات ماكرون التي ادعى فيها أنه لم تكن هناك أمة جزائرية قبل الاحتلال الفرنسي "كذب رخيص" هدفه إرضاء متطرفي فرنسا بتحقير الشعب الجزائري لاعتبارات انتخابية.

وأكد أن "الجزائر تاريخ أكبر من الدفاع عنه، وأفعال ماكرون التحريضية على العرب والإسلام ستنتهي بكارثة داخل فرنسا القائمة على المسلمين".

فيما رأى الكاتب ياسر الزعاترة، أن ماكرون في ذروة الوقاحة مع الجزائر، لافتا إلى تساؤله: "هل كانت هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟"؛ واستدلاله بحكم العثمانيين قبل ذلك.

وأضاف: "هو يعبر عن قهره من تقارب الجزائر وتركيا، وينفس أحقاده في آن"، متوقعا أن "يزداد تطرفا حيال المسلمين مع اقتراب الانتخابات كي يزايد على اليمين المتطرف".

وأشار مصطفى النعمي، إلى أن فرنسا تخسر يوميا كل مكاسبها، إذ اتسعت حالة الرفض لكل ما هو فرنسي في إفريقيا من مالي إلى الجزائر التي استدعت سفيرها، وكذا المغرب وتونس.

وأكد النعمي أن "كل هذه الخسائر يتكبدها الشعب عبر خسائر اقتصادية وضياع فرص الاستثمار، فيما ماكرون كل همه وشغله تمرير أجندة إيران وتسويق حكومتها في لبنان".

حامي العسكر

وأجمع ناشطون على أن ماكرون جاهل بالتاريخ، وكان يحمي النظام العسكري في الجزائر، مذكرين بجرائم فرنسا في الجزائر.

الإعلامي أحمد منصور، أشار إلى أن "فرنسا وإسرائيل استخدما الجزائر وشعبها حقلا لتجاربهما النووية خلال الاحتلال الفرنسي للجزائر، ولا زالت آثار هذه الجرائم باقية حتى اليوم دون حساب، حيث يعاني الجزائريون من آثار الإشعاع".

وتهكم الإعلامي فيصل القاسم على تصريح ماكرون بأن رئيس الجزائر عبد المجيد تبون عالق داخل نظام عسكري سياسي صعب في الجزائر، قائلا: "يعني على أساس أن فرنسا لا علاقة لها بنظام الجنرالات في الجزائر وأن هذا النظام ليس ابنها البار". وقال المغرد ناصر بكري: "لو أن الرئيس الأميركي الأسبق أندرو جاكسون على قيد الحياة لتولى هو الرد على ماكرون، وأكد له أن الجزائر قبل الاحتلال الفرنسي كانت أمة وكان الأميركيون يدفعون لها أموالا مقابل حماية أساطيلهم في البحر المتوسط"، مضيفا أن "ماكرون يجهل التاريخ كما يجهل الدين". المغرد بحساب "بربر مهدي"، أوضح أن الإبادة الجماعية هو عنوان احتلال فرنسا للجزائر والأخيرة عليها أن تتقدم بطلب محاكمة فرنسا دوليا وطلب تعويضات جراء ذلك، لافتا إلى "وقوع أكثر من 5 ملايين و600 ألف شهيد على مر 132 سنة من الاحتلال، بمعدل 42 ألف شهيد سنويا و115 شهيدا يوميا على مدار الساعة".

ضعف تبون

وصب ناشطون غضبهم على الرئيس الجزائري وطالبوا بإسقاط الحكم العسكري في البلاد والتحول لحكومة مدنية، مستنكرين ضعف الرد الحكومي على التطاول الفرنسي.

الناشط السياسي الجزائري وليد كبير، رأى أن "قرار الجزائر إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات العسكرية الفرنسية، غير كاف"، مؤكدا أن "الحل بإسقاط نظام الحكم الدكتاتوري المستبد وبناء دولة مدنية ديمقراطية أساس حكمها إرادة الشعب!".

وأضاف: "يجب إسقاط حكم المنافقين!".

المدون ياسين الهادي، قال إن "نظام الكابرانات (أدنى رتبة عسكرية) بالجزائر أقصى ما يمكن أن يفعله هو أن يستدعي سفيره من فرنسا للتشاور ثم يعيده لمكانه، لأن هذا النظام لا يمتلك أية ورقة ضغط يلعب بها مع ماكرون لا اقتصاديا ولا دبلوماسيا ولا حتى عسكريا، مضيفا: "تبون بلع ريقك فرنسا دولة عدو، فرنسا العدو الأبدي". الكاتب محمد مصطفى العمراني، أكد أن "الرد الجزائري المطلوب على الإساءات الفرنسية للجزائر هو إنهاء النفوذ الفرنسي في الجزائر والبداية بمنع التحدث باللغة الفرنسية واعتماد التدريس في كل الجامعات والمدارس باللغة العربية واعتبار الفرنسية لغة المستعمر الهمجي ويجب محاربتها". وقال مغرد آخر بحساب "أمرات محمد"، أن "فرصة العمر جاءت للجزائريين ليصبحوا أبطالا قوميين وتكتب أسماؤهم بأحرف من ذهب، الشعب الجزائري ينتظر بشغف قطع العلاقات مع المستعمر الفرنسي ورد الصاع صاعين له". وتساءل رئيس موقع "بغداد بوست"، سفيان السامرائي: "هل ستقطع الجزائر علاقاتها مع فرنسا وتغلق أجواءها البحرية والجوية عنها بسبب تصريحات ماكرون، كما فعلت مع جارتها المملكة المغربية المسالمة التي لم تمسها بأي سوء أو تصريحات تصعيدية، أم أن جنرالات اليسار العسكراتي الموالي لإيران والبوليساريو يخشى غضب باريس؟".