سياحة المطاعم بتركيا.. هكذا ساهم الرؤساء والمشاهير في انتشارها

توافد على تركيا في عام 2018، أكثر من 46 مليون سائح من جميع دول العالم، شكلت نسبة العرب بينهم نحو 10 بالمئة، وبالإضافة إلى جمال البلد وإغراء التسوق فيها، فإن عددا كبيرا من السياح العرب يهتمون بسياحة المطعام، وقد تكون هي من تجذبهم بالدرجة الأولى.

وتتقن المطاعم التركية فنّ تقديم كل ما هو جديد ومتنوع لجذب السياح، لكن هناك من تعدت شهرتهم الحدود، وأصبحت زيارة السياح لهم ليس بمحض الصدفة، بل إن الأمر يتم بتخطيط مسبق.

ويقصد الزائر لتركيا من ضمن برنامجه لزيارة مطعم "الشيف نصرت" و"الشيف بوراك" والتقاط صور معهما، ومشاركتها على مواقع التواصل الاجتماعي. هذا جزء أصبح مهما من البرنامج السياحي، وإحدى علامات زيارة إسطنبول.

فما الذي ساهم في شهرة هؤلاء وجعلهم يحققون هذا الانتشار؟ وما علاقة رؤساء الدول والمشاهير بالأمر؟

حبيب الملح

اختارت له الصحافة لقب "حبيب الملح" نسبة إلى الحركة التي اشتهر بها وهو يرش الملح على الطعام. لا يقدم نصرت غوكشيه، الطعام التركي، وإنما اختصاصه اللحم المشوي.

حقق الشيف التركي انتشارا واسعا منذ سنتين، بفضل مواقع التواصل الاجتماعي والصور والفيديوهات التي ينشرها عليها. كان الاختلاف والغرابة في الطريقة التي يقطع بها اللحم، وهو يلعب بالسكين بطريقة استعراضية مثيرة، زيادة على طريقة رشه للملح.

 

 

بدأت صور نصرت تنتشر مع المشاهير من عالم الفن لتتجاوزها إلى رؤساء الدول، إذ ظهر مع حاكم دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، وملك الأردن عبد الله الثاني بن الحسين.

وأثارت صوره التي نشرها نصرت من مطعمه بإسطنبول على "إنستغرام" مع الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، الكثير من الجدل، إذ تزامنت مع دخول البلد في أزمتها الاقتصادية.

وانهالت على صوره آلاف التعليقات الغاضبة من مواطنين فنزويليين، اعتبروا أن رئيسهم "لا يشعر بمعاناتهم". ما دفع الطباخ التركي الشهير إلى حذف جميع الصور والفيديوهات التي يظهر فيها رئيس فنزويلا.

بعد الشهرة التي حققها الطاهي في تركيا فتح فروعا لمطعمه في كل من دبي وأبو ظبي والدوحة وميامي ونيويورك، لكن فرعه الأخير جر عليه الكثير من المتاعب. إذ انتقدت صحيفتي "نيويورك تايمز" و"إندبندنت" ومدونة الطعام "إييتير"، تجربة الأكل في المطعم ووصفت أسعار الوجبات بـ"المُبالَغ فيها".

وانتقد الكاتب وناقد الطعام الأمريكي، ستيف كوزو، الأسعار الباهظة لقائمة الوجبات التي يقدمها المطعم في نيويورك. وقيّم كوزو، مستوى اللحم بدرجة متوسطة، معبرا عن استيائه من التجربة ككل.

حبيب العرب

يتابعه أكثر من 7 ملايين على "إنستغرام" ونحو 800 ألف على "فيسبوك"، بدأت شهرة الطاهي التركي بوراك أوزدمير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والفضل في ذلك يعود للفيديوهات التي كان يشاركها وطريقته الاستعراضية في طهي الطعام بأحجام وكميات مهولة.

ذاع صيته بشكل كبير في 2018، رغم تواجده على الشبكات الاجتماعية منذ 2012. وتحديدا بعد شهرة "حبيب الملح" ساحبا البساط من تحت قدميه، على الأقل على مستوى تركيا.

يمارس بوراك البالغ من العمر 26 سنة الطهي منذ سن الـ16، وقد ورث المهنة من جده وجدته اللذان يمتلكان مطعما بمدينة هاطاي من حيث ينحدر.

واحترف الطبخ بعد أن درسه في الجامعة، وقرر هو ووالده أن يفتحا مطعما خاصا بمطبخ هاطاي، فبدأ المشروع من منطقة أكسراي الشعبية والتي تستقطب سياحا كثر، ثم شارع الاستقلال بتقسيم وسط إسطنبول، قبل أن يفتتح فرعا جديدا منطقة "إتلير"، إحدى أرقى المناطق بالمدينة.

زيارة عدد من النجوم الأتراك والعالميين، ساهم بشكل كبير في شهرة بوراك، منهم الممثلة الأمريكية أنجلينا جولي، ولاعب كرة القدم البرازيلي رونالدينيو.

لم يقف الأمر عند مشاهير الفن والكرة، بل إن الطاهي أصبح يستقبل في مطعمه رؤساء الدول، إذ استقبل الشيف بوراك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ثم أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني. ما جعل شهرته تزداد على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا بعد مشاركة فيديوهاته مع الرؤساء.

يستثمر بوراك في الشهرة التي يحظى بها على الشبكات الاجتماعية، إذ من خلالها يستقطب زبائنه ويروج لمطعمه. اختار طريقة خارجة عن المألوف حتى يحقق هذا الانتشار الواسع، إذ تكون وجباته التي يعدها أمام الكاميرا بأحجام ضخمة.

ويستهدف بوراك العرب بشكل أكبر، ومن الخليج العربي على وجه الخصوص، إذ حاول التحدث بالعربية في إحدى لقاءاته الصحفية، كما أن قائمة الطعام في فرع "إتلير" الذي يتواجد فيه الشيف مكتوبة باللغة العربية.

مع زيادة شهرته زادت أسعار الوجبات في المطعم، ما جعل الزبائن رقم واحد فيه هم العرب الذين يأتون إلى إسطنبول لأجل السياحة.

سلسلة "مادو"

تستقطب سلسلة مطاعم "مادو" عددا كبيرا من السياح الذين يتوافدون على تركيا، إذ تنتشر فروع المطعم بشكل كبير. يتخصص المطعم بالأساس في البوظة ثم الحلويات وأنواع الطعام التركي.

يتميز المطعم زيادة على جودة أطعمته وحلوياته بطريقة التقديم، التي غالبا ما تجذب الزبائن، ولاسيما الكنافة التركية. وتعرف فروعه في المناطق السياحية توافدا كبيرا من العرب بشكل خاص.

ويعود تاريخ بداية السلسلة إلى عام 1960 بمدينة كهرمان ماراش التركية، إذ تأسست الشركة من يشار كانبور. وفي عام 1989 قامت شركة "مادو" بشراء مصنع للحليب وقامت بإعادة بنائه بالكامل لاستخدامه في صناعة الأيس كريم. تجاوزت شهرتها تركيا وتمكنت الشركة من فتح فروع لمطاعمها في عدة دول عبر العالم.

أما التسمية، فقد أخذت من كلمتين، إلى Maraş"" اسم المدينة التي أنشأت فيها الشركة، وكلمة "Dondurma"، أي بوظة باللغة التركية.

حافظ مصطفى

يقتصر ما يقدمه المطعم على الحلويات، بكل أنواعها، التركية والأجنبية أيضا. تعج فروع المطعم الموجودة في المناطق السياحية بشكل أكبر بالسياح العرب، وتواصل بعض فروعه العمل طيلة 24 ساعة بسبب الإقبال الكبير عليها.

ويعود تاريخ المطعم إلى العهد العثماني، إذ افتتح بائع الحلويات الحلقوم التركية، حافظ مصطفى، محله الخاص بإنتاج الحلويات والسكريات في بداية سنة 1864 في عهد السلطان العثماني عبد العزيز، وكان فرع إيمينونو (المدينة العتيقة) هو الأول.

وأوضحت مواقع مهتمة بالسياحة التركية، أن حافظ مصطفى هو أول من عرف واكتشف حلوى "البوغشابي" في تركيا. وقد حصلت سلسلة المطاعم على 11 جائزة في أوروبا بفضل جودة مذاق حلوياتها ومنتجاتها.

"عشق" على البوسفور

اكتسب مقهى ومطعم عشق انتشارا واسعا بين العرب، والفضل في ذلك يعود إلى إطلالته المباشرة على مضيق البوسفور، وشكله الداخلي الذي يشبه الحدائق وديكوراته. هو واحد من مقاهي إسطنبول الحاصلة على تقييمات عالية من زائريه. وهو أحد الأماكن الراقية التي رغم غلاء أسعارها يتوافد عليها عدد كبير من الزوار.

يقدم المطعم أنواعا مختلفة من المأكولات والحلويات التركية، يتميز أيضا بطريقة تقديمه للأكل وبموقعه. ففي تغريدات لهم عن المقهى أجمع عدد من رواده أن الطبق المميز الذي يقدمه المقهى هو طبق "العشق الممنوع".

أما مطعم ومقهى "أولوس"، فيقع وسط حديقة أولوس المرتفعة والمطلة على مضيق البوسفور، وهي من أجمل حدائق إسطنبول. أغلب زواره من السياح العرب، ويقدم قائمة طعام متنوعة. وتعود ملكيته لبلدية إسطنبول وتشرف عليه إحدى الشركات الخاصة في خدمات المطاعم.