قرار فرنسا تقليص منح التأشيرات.. كيف ترد دول المغرب العربي؟

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في قرار مفاجئ، ضربت فرنسا بقبضتها على الطاولة معلنة في 28 سبتمبر/أيلول 2021، خفض عدد التأشيرات الممنوحة لمواطني تونس والمغرب والجزائر.

وأعلن المتحدث باسم الحكومة غابرييل أتال على إذاعة "أوروبا 1" أن منح التأشيرات سيتم تشديده في غضون أسابيع قليلة لمواطني المغرب والجزائر وتونس.

هذه الدول وفق ما قال أتال "ترفض" إصدار التصاريح القنصلية اللازمة لعودة المهاجرين من فرنسا.

وبرر ذلك بقوله "إنه قرار صارم، وغير مسبوق، لكنه تم اتخاذه ضروريا لأن هذه الدول لا تقبل باستعادة رعايا لا نريدهم ولا يمكننا الاحتفاظ بهم في فرنسا". 

وبذلك أكد ما ورد في الإذاعة من انخفاض قادم بنسبة 50 بالمئة في عدد التأشيرات الصادرة لمواطني المغرب والجزائر و 33 بالمئة لمواطني تونس.

وتأتي تعهدات اليمين واليمين المتطرف بشأن الهجرة قبل سبعة أشهر من الانتخابات الرئاسية (أبريل/نيسان 2022)، وفي خضم فترة تجديد التأشيرات التي تعد مشكلة في العلاقات مع هذه الدول. 

التزام وتهديد

تدعي الحكومة الفرنسية أنها أبدت صبرا كافيا منذ المفاوضات الأولى في 2018 حول هذا الموضوع، واتهمها اليمين واليمين المتطرف بعدم التنفيذ الكافي، وتشير إلى مسؤولية البلدان المغاربية الثلاثة، وفق ما تقول صحيفة لوبوان الفرنسية.

وهو ما أكده غابرييل أتال بقوله إنه "كان هناك حوار ثم تهديدات واليوم نحن ننفذ هذا التهديد". 

وفقا للأرقام الصادرة عن وزارة الداخلية، أصدرت الجزائر بين يناير/كانون الثاني ويوليو/تموز 2021 ما مجموعه 31 جواز مرور قنصلي لـ7731 التزاما بمغادرة فرنسا، ونفذت 22 حالة طرد، أي بمعدل تنفيذ بنسبة 0.2 بالمئة.

هذا المعدل هو 2.4 بالمئة للالتزام بمغادرة التراب الفرنسي للمواطنين المغاربة و4 بالمئة للتونسيين.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي وعد في بداية فترة ولايته البالغة خمس سنوات بمعدل تنفيذ بنسبة 100 بالمئة لعمليات الترحيل إلى الحدود في جميع البلدان، دعا حكومته في يونيو/حزيران 2021 إلى اتخاذ إجراءات "تنفيذية سريعة للغاية". 

والأولوية هي: طرد الأجانب المقيمين بطريقة غير شرعية الذين ارتكبوا أعمالا إرهابية أو تم تسجيلهم بسبب التطرف وأولئك الذين ارتكبوا جرائم وانتهاكات خطيرة أخرى.

وبغض النظر عن تضارب موعد هذا الإعلان الحكومي حول المهاجرين من عدمه، فإنه يتزامن تقريبا مع تقديم مرشحة التجمع الوطني (RN) للانتخابات الرئاسية، مارين لوبان، استفتاء مقترحا بشأن الهجرة. 

لقد أعطت الحملة التمهيدية بالفعل مكان الصدارة لهذا الموضوع في الأشهر الأخيرة.  

وصول السياسي والكاتب الفرنسي إريك زمور، والذي يحافظ على التشويق بشأن ترشيح محتمل ويعيد صياغة موضوع "الاستبدال العظيم" للمسلمين، زاد من تركيز النقاش السياسي حول هذه المواضيع.

على اليمين، رحب رئيس مجلس الشيوخ، ورئيس الجمهوريين، برونو ريتايو بهذا الإجراء، مشيرا إلى أن اقتراب الموعد النهائي للانتخابات الرئاسية قد لا يكون من أجل لا شيء. 

وقد رد الرئيس المؤقت للتجمع الوطني جوردان بارديلا بأنه "سوف نحكم لاحقا على القرار المتعلق بالتأشيرات".

في الحقل الجمعياتي، يتحدث لوران دلبوس، المتخصص في قضايا الهجرة في منتدى المهاجرين، عن "ابتزاز" يمارس على  فرنسا مذكرا أنه "يمكن للدول أن تقرر من يدخل أراضيها". 

توتر العلاقات

على الصعيد الدولي، يأتي الإعلان وسط سياق دبلوماسي أصبح متوترا في الأشهر الأخيرة.

إذ دخلت على العلاقات بين باريس والرباط قضية بيغاسوس التي سميت على اسم برنامج التجسس الذي صممته شركة " مجموعة إن إس أو" التابعة لإسرائيل.

واتهم المغرب باستخدام البرنامج ضد باريس، لكن الرباط نفت، مما أدى إلى إطلاق العديد من الإجراءات القانونية، لا سيما في فرنسا. 

واستنكر وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، قرار فرنسا تشديد شروط منح التأشيرات لمواطني بلاده، واصفا إياه بـ"غير المبرر".

أما العلاقات مع الجزائر فلا تزال معقدة بسبب مسألة "ذاكرة الاستعمار".

وقد طالب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مرة أخرى في يونيو/حزيران 2021، بالاعتراف بالأحداث التي وقعت أثناء استعمار الجزائر من قبل فرنسا (1830-1962). 

بينما أجرى إيمانويل ماكرون في الأشهر الأخيرة سلسلة من الأعمال الرمزية، بما في ذلك، في بداية سبتمبر/أيلول 2021، والمتمثل بطلبه "العفو" من الحركيين باسم فرنسا.

ويزداد السياق الدبلوماسي تعقيدا بسبب قطع الجزائر علاقاتها مع المغرب، وهي القضية التي تدعو فيها باريس إلى "الحوار" من أجل "الاستقرار" في المنطقة المغاربية.

واستدعت الخارجية الجزائرية السفير الفرنسي فرانسوا غويات احتجاجا على قرار باريس تشديد إجراءات منح التأشيرة للجزائريين. 

وقالت الوزارة في بيان إن أمينها العام شكيب قايد أبلغ السفير أن "هذا القرار الذي صدر من دون تنسيق مسبق مع الجانب الجزائري خلف لغطا إعلاميا بشكل طرح تساؤلات حول دوافعه وكيفية تطبيقه".

أخيرا، مع تونس، شددت فرنسا حتى الآن على "الحاجة إلى الحفاظ على الهدوء وسيادة القانون" بعد انقلاب الرئيس قيس سعيد، الذي منح نفسه السلطة التنفيذية التي عززها لتوه على حساب الحكومة والبرلمان، والتي سيحل محلها فعليا بالتشريع من خلال المراسيم.