لتحقيق أهدافها.. مركز تركي: هكذا تخطط إسرائيل لاستخدام نظام السيسي

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

نشر مركز دراسات تركي مقالا عن العلاقات المصرية الإسرائيلية منذ حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، لا سيما في عهد رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، ومستقبل العلاقات بينهما.

بدأ مقال مركز "التفكير الإستراتيجي" للكاتب إلياس سوبورغيجي، بالإشارة إلى أن "آخر عهد مصر بالحرب مع إسرائيل دارت رحاها في يوم الغفران (من 6 إلى 15 أكتوبر/ تشرين الأول 1973)، مع أن مصر معروفة بصراعاتها مع إسرائيل منذ تأسيسها".

وقال المركز: "رغم انتصارها في هذه المعركة، بدا وكأن إسرائيل بدأت تفقد حظها في مواجهاتها ضد العرب".

وأضاف: "لذلك، بدأت إسرائيل محاولاتها لإنهاء التحالف بين العرب وكانت مصر الدولة التي وقع الاختيار عليها لتحقيق هذا الهدف، بما أنها واحدة من أقوى دول المنطقة، غير أن المشاريع والتعاون المشترك بين الحكومتين لم يحظ بأي نوع من أنواع الدعم من شعوب البلدين".

فرصة مواتية

ومؤكدا على ذلك، قال سوبورغيجي: "فقد تم اغتيال قادة البلدين في ذلك الوقت، أنور السادات وإسحاق رابين بيد أفراد من شعوبهم عقب اتفاقية السلام التي تم توقيعها عام 1979 بوساطة من الولايات المتحدة، والتي لعبت دورا رئيسا في ترسيخ الوجود الإسرائيلي. ولهذا تماما، يطلق على هذه الاتفاقيات اسم (السلام البارد) في إسرائيل".

وتابع: "كما يتضح من المسمى، كان هذا السلام ينطبق على المستوى الإداري للدولتين (القنوات العسكرية والاستخباراتية في الغالب)، أكثر منها على الشعوب".

لكن، ومع قدوم "الربيع العربي" والذي أطلق عليه "العاصفة المثالية" في تقييمات مراكز الأبحاث الإستراتيجية الإسرائيلية، تم انتخاب رئيس الجمهورية محمد مرسي (عام 2012) من قبل الشعب لأول مرة في تاريخ مصر، ما أثار القلق في إسرائيل.

وأوضح ذلك بالقول: "إذ كان هذا التغيير في مصر ذا قوة من شأنها أن تغير المنطقة العربية كلها، مما يعني أنها تشكل تهديدا كبيرا على مصالح إسرائيل والصهيونية".

ولم يمض وقت طويل حتى أطيح بمرسي بانقلاب قام به وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي بدعم خارجي، لـ"يدمر الأمل في الديمقراطية قبل تفتحها"، فيما تحركت إسرائيل سريعا لتشكيل تحالفات لزيادة نفوذها في المنطقة بما أن الرياح أصبحت تجري أخيرا بما تشتهي، وفق سوبورغيجي.

ومؤخرا، دعا السيسي، رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إلى مصر وعقد لقاء بينهما في 13 سبتمبر/أيلول 2021، في مدينة شرم الشيخ.

وبما أن آخر لقاء تم بهذا المستوى كان قد عقد في عهد الرئيس المتنحي حسني مبارك خلال زيارة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو إلى مصر عام 2011، يبرز السؤال الأهم، ما مدى إمكانية تسخين "السلام البارد" بين البلدين اليوم؟ يتساءل الكاتب التركي.

وأردف: "الإجابة على هذا السؤال لمسألة مهمة لأجل منطقة الشرق الأوسط الكبير وشرق البحر الأبيض المتوسط، إذ إن طبيعة سير العلاقات بين مصر وإسرائيل مهمة بالنسبة للقوى العظمى والإقليمية كبلدين مهمين في المنطقة التي تشهد أشد صراعات القوة العالمية منذ فجر التاريخ".

وشرح قائلا: "إسرائيل ومصر دولتان تقعان شرق المتوسط على ملتقى قارات آسيا وإفريقيا وأوروبا، ولهذا السبب كانت العلاقات بينهما تحت تأثير القوى العظمى التي تملك مصالح بالمنطقة، وخاصة أميركا صاحبة الدور الكبير في التطورات السياسية التي شكلت المنطقة خلال العقدين الماضيين وهدفت لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية وتطويرها".

لذلك "من الضروري جدا أن نتتبع انعكاسات الديناميكيات العالمية وصراع القوة العالمي على المنطقة إلى جانب الديناميكيات الإقليمية، وننظر في طبيعة الشراكة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لتشكيل المنطقة بما يتماشى ومصالحهم الخاصة، وذلك عند تقييم العلاقات بين إسرائيل ومصر"، وفقا لما يراه الكاتب.

توقعات الطرفين

وبحسب سوبورغيجي، عبر بينيت عن هدفه من زيارته لمصر في جملة واحدة قائلا: "لقد وضعنا الأسس لعلاقات أعمق..".

فيما ذكر رئيس "معهد القدس للدراسات الأمنية"، إفرايم إنبار، في مقاله المنشور في 14 سبتمبر/أيلول 2021 بعنوان "الأجندة الإستراتيجية المشتركة بين مصر وإسرائيل"، أن "اهتماماتهما تلتقي في غزة وشبه جزيرة سيناء وسوريا وليبيا وتركيا والقضايا الإقليمية الأخرى".

أما في النسخة العبرية لنفس المقال فقد كان العنوان ما معناه، إن "مصر شريك إستراتيجي مهم لإسرائيل وتستحق أولوية قصوى في سياستها الخارجية الحالية".

واعتبر إنبار أن مصر "شريك إستراتيجي مهم، لإسرائيل وتستحق أن تعتلي قائمة أولويات إسرائيل في سياستها الخارجية الحالية، ورجاؤنا أن تفهم حكومة بينيت ذلك".

ووفقا لوسائل الإعلام الإسرائيلية، كان تطوير العلاقات في المجالين التجاري والاقتصادي بالإضافة إلى تعميق العلاقات وتطويرها في المجالين السياسي والأمني من بين أهداف زيارة بينيت إلى مصر، ويتوقع أن تتطور العلاقات في مجالات الطاقة والمياه والزراعة والسياحة والنقل أيضا، يلفت الكاتب التركي.

وتابع: "تطوير العلاقات مع مصر مهم جدا لنشر النفوذ الإسرائيلي إقليميا، لذلك تخطط إسرائيل لتحقيق أهدافها الإقليمية باستخدام مصر. ومع ذلك، وكما ذكرنا سابقا، يبدو أن هذا سيبقى مجرد مشروع تحاول إدارتا البلدين تنفيذه بتأثير خارجي على مصر بما أنه لا يلقى دعما من القاعدة الشعبية".

واستدرك سوبورغيجي قائلا: "أما مصر، فلم تذكر توقعاتها من هذه الزيارة بوضوح، غير أنه كانت هناك الكثير من التعليقات حول هذا الموضوع في وسائل الإعلام العبرية".

وبحسب الجانب الإسرائيلي فإن توقعات مصر من إسرائيل مدرجة تحت العناوين التالية، إنهاء الضغط الأميركي على النظام المصري بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، واستمرار الدعم السياسي والاقتصادي المقدم من أميركا (بقيمة مليار و300 مليون دولار سنويا مقابل ضمان استمرار السلام)، وتسهيل توريد الأسلحة من الولايات المتحدة من خلال اللوبي اليهودي.

وأيضا، دعم الجانب المصري في أزمة بناء سد النهضة على نهر النيل ذي الأهمية الحيوية، ودعم مصالح القاهرة وسياستها في ليبيا، استمرار الدعم الإسرائيلي ضد إرهاب "تنظيم الدولة" في منطقة سيناء، والذي تركته إسرائيل لمصر بشروط معينة مقابل السلام، وضمان دعم اللوبي اليهودي في علاقات مصر مع أوروبا.

أجواء مصطنعة

اعتبر سوبورغيجي أن التطورات العالمية والإقليمية التي تركت بصماتها على العشرين سنة الماضية في منطقة الشرق الأوسط، وما آلت إليه الأمور في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية، "تدفع إسرائيل ومصر لتطوير علاقاتهما، مع أن أجواء من عدم الثقة والبرودة خيمت على العلاقات المصرية والإسرائيلية لسنوات طويلة".

وقال: "تدعم واشنطن رغبة إدارتي البلدين في تعميق العلاقات وتطويرها. وبالنظر إلى الشراكة العالمية بين واشنطن ولندن، لن يكون من المبالغة القول أنهما تعملان على تشجيع الحكومتين المصرية والإسرائيلية على الاستمرار، بما أن هذا يشكل جزءا من خططهما لإعادة تشكيل المنطقة وحماية مصالحهما فيها".

وبالنظر إلى الإمكانيات الكبيرة التي يملكها البلدان، لا بد من تحليل دقيق للتأثير الذي قد يخلفانه معا في المستقبل، على التوازنات في المنطقة، خاصة في ظل وجود علاقة غير متكافئة بينهما، إذ من الواضح أن إسرائيل والصهاينة هم القوة المهيمنة والفاعلة في هذه العلاقة، وأن مصر في موقف سلبي ويمكن استغلالها بسهولة. يشدد سوبورغيجي.

وأوضح: "إذ إن حقيقة محاولة القوات البحرية المصرية شراء غواصات من إنتاج ألمانيا في عهد نتنياهو، يفسر مستوى ودوافع العلاقة بين إسرائيل ومصر. فمع أن الصهاينة يرون في تعزيز قوة الجيش المصري تهديدا عليهم في ظل الظروف العادية، فقد أيدوا تعزيز قوة البحرية المصرية لتصبح أكثر فاعلية بالمنطقة في ظل الظروف الإقليمية والعالمية المتغيرة".

وختم سوبورغيجي مقاله قائلا: سيخبرنا الوقت عن مدى إمكانية تسخين "السلام البارد"، غير أنه من الواضح أن الأجواء المصطنعة التي تستهدف تركيا، ألقت بظلالها على بيئة السلام والهدوء في المنطقة، وأنه من الواضح كذلك أن مساعي إسرائيل في تشكيل جبهة معارضة لتركيا في الشرق الأوسط وشرق البحر المتوسط ​​لا تؤتي ثمارها.

وأردف: "من ناحية أخرى، سيتبين عما قريب أن هذه العلاقة المصطنعة لن تجد انعكاسا في القاعدة الشعبية، وأنها لن تكون ذا تأثير على المدى المتوسط ​​والطويل. إذ يخبرنا التاريخ أن كل الهياكل والعلاقات المبنية بعيدا عن الحقائق التاريخية والدينية والثقافية غير ناجحة، وأن السياسات التي لا تستند إلى الحقائق لا يمكن أن تتعدى كونها حلما مستحيلا".