العقل المدبر لإبادة رواندا.. "لوموند" تسرد حياة باغوسورا بعد وفاته بالسجن

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

دون استكمال مدة محكوميته، توفي العقل المدبر للإبادة الجماعية ضد التوتسي برواندا، العقيد تيونيستي باغوسورا، في 25 سبتمبر/أيلول 2021، عن عمر ناهز 80 عاما، في سجن كوليكورو بضواحي العاصمة المالية باماكو، حيث كان يقضي عقوبته بتهمة "الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب".

باغوسورا كان يلقب بـ"هيملر رواندا" أو "عقيد نهاية العالم"، فبعد وصوله إلى أعلى دوائر السلطة بفضل سجل مهني عسكري حافل، أصبح "العقل المدبر" للإبادة الجماعية في رواندا عام 1994.

وفي 2008، حكمت عليه المحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا (ICTR) ومقرها أروشا (تنزانيا) بالسجن المؤبد، وخففت العقوبة إلى 35 عاما عند الاستئناف في 2011.

صراع الفناء

وقالت صحيفة "لوموند" الفرنسية، إن الشخص (باغوسورا) الذي شغل رسميا منصب مدير ديوان في وزارة الدفاع الرواندية عام 1994 نفى دائما الدور الذي يمنح له في الإبادة الجماعية التي قتلت في مئة يوم، 800 ألف شخص، ومعظمهم من أقلية التوتسي، وفقا للأمم المتحدة".

وأمام قضاته، نفى أيضا أنه أكد قبل 15 عاما، وتحديدا في 1993، بنفس مدينة أروشا، أنه كان عائدا إلى رواندا لـ"إعداد صراع الفناء"، وأنه قد أغلق باب المفاوضات بين السلطات الرواندية ومتمردي التوتسي التابعين للجبهة الوطنية الرواندية (RPF).

وخلال تلك المحادثات في تنزانيا، كان في صراع دائم مع وزير الخارجية بونيفاس نغورينزيرا، الذي اتهمه بتقديم الكثير من التنازلات للمتمردين.

تم اغتيال نغورينزيرا في 11 أبريل/نيسان 1994 من قبل الجيش، بعد خمسة أيام من الهجوم على طائرة الرئيس جوفينال هابياريمانا، مما أدى إلى اندلاع أحداث الإبادة الجماعية.

وباغوسورا، عضو بارز في مجموعة "أكازو" (البيت الصغير)، المقربة من الرئيس هابياريمانا ولكن منذ ذلك التاريخ، تصادمت نظريتان حول موضوع هذا الهجوم، إحداهما تحمل المسؤولية للجبهة الوطنية الرواندية، والأخرى تولي المسؤولية الأولى للمتطرفين من الهوتو.

تم الكشف في عام 2019 عن مذكرة استخبارات فرنسية تعود إلى سبتمبر/أيلول 1994، تصور باغوسورا على أنه "متطرف في النظام"، وأحد "الرعاة" الرئيسين لهجوم 6 أبريل/نيسان 1994 ، إلى جانب رئيس الأركان السابق للجيش الرواندي وقائد القوات الجوية الرواندية، لوران سيروبوغا.

وذكرت المذكرة أن "هذه العملية كانت مدبرة لفترة طويلة من قبل المتطرفين الهوتو (...)، وأن اغتيال وزراء المعارضة المعتدلة والتوتسي، بعد أقل من نصف ساعة من انفجار الطائرة الرئاسية، سيؤكد الدرجة العالية للتحضير لهذه العملية".

باغوسورا وسيروبوغا "لطالما اعتبروا أنفسهم الورثة الشرعيين للنظام"، وفق "لوموند".

وتعود الصداقة بين باغوسورا وهابياريمانا، اللذين ينحدران من مقاطعة جيسيني في شمال غرب رواندا، إلى أكثر من 20 عاما.

ولعب الضابط باغوسورا على رأس وحدته دورا مهما بشكل ملحوظ في انقلاب 5 يوليو/تموز 1973 ضد الرئيس المدني غريغوار كايباندا، والذي أوصل هابياريمانا إلى السلطة.

مسؤول عن المأساة

كانت أغاثا كانزيغا، وهي الأم الروحية لابنته الكبرى التي ولدت عام 1967، زوجة هابياريمانا القوية والتي تعتبر في كثير من الأحيان واحدة من قادة النظام "المتشدد" للهوتو.

وينحدر الشاب باغوسورا من عائلة مسيحية في قرية جيسييني، وقد انضم أولا إلى المدرسة الثانوية الكاثوليكية قبل الالتحاق بمهنة عسكرية.

وسيتزامن تكوينه هذا بالعديد من الأعمال العسكرية التي ستؤدي إلى جانب صداقته مع هابياريمانا إلى تولي وظائف في وزارة الدفاع وداخل قيادة الجيش.

في 1992، كان باغوسورا وراء إنشاء قوائم "الأعداء" التي استخدمها الجيش ومليشيات "إنتراهاموي" المتطرفة لقتل التوتسي والمعتدلين من الهوتو.

وعام 1994، كان مديرا لديوان وزارة الدفاع.

بعد الهجوم على هابياريمانا، كان بحكم الواقع على رأس أعلى سلطة عسكرية في البلاد بين 6 و 9 أبريل/نيسان 1994، في الأيام الأولى للإبادة الجماعية، التي شهدت فيها البلاد "حالة من الرعب".

كان وزير الدفاع حينها في مهمة بالخارج وتوفي للتو رئيس أركان الجيش إلى جانب الرئيس.

وأكدت لوموند أن "المحاكم التي أدانت باغوسورا قد حملته بشكل خاص المسؤولية في هذا الصدد".

وأوضحت "إذا لم تجد دائرة الاستئناف أن العقيد قد أمر بالجرائم التي اتهم بارتكابها -على عكس قضاة المحاكمة- فقد اعتبرت أنه يعلم أن هذه الانتهاكات سترتكب وأنه لم يفعل شيئا لمنعها في الوقت الذي كانت لديه الوسائل لفعل ذلك".

وختمت لوموند قائلة: "كان باغوسورا أول بطل حقيقي للإبادة الجماعية يتم القبض عليه خلال مارس/آذار 1996 في العاصمة الكاميرونية ياوندي، حيث أقام هناك بعد أن مر عبر بغوما وكينشاسا في جمهورية الكونغو الديمقراطية".