مسيّرات بيرقدار تصل المغرب.. "طريق الحرير التركي" يتوسع حول العالم

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

اعتبرت مجلة إيطالية أن الطائرات بدون طيار تعد وسيلة بالنسبة لتركيا لربط الصفقات العسكرية بالمسائل السياسية الدولية، ما يسهل تحرك أنقرة حيث لا يتحرك الآخرون، وبالتالي "تمارس نفوذا بموافقة من الولايات المتحدة".

وأشارت مجلة "فورميكي" إلى أن أول مسيرة تركية وصلت إلى المغرب منذ أيام قليلة (17 سبتمبر/أيلول 2021)، ضمن صفقة بإجمالي 12 طائرة بدون طيار، في إطار "اتفاق هام تكتيكيا وإستراتيجيا مبرم بين الطرفين في أبريل/نيسان 2021". 

ونوهت بأن أسطول القوات المغربية سيتدعم بمسيرات تركية من طراز "بيرقدار تي بي 2" عالية الأداء تكنولوجيا، من تصنيع شركة "بايكار" التي يتولى إدراتها المهندس المتميز من مواليد 1979، سلجوق بيرقدار، صهر الرئيس رجب طيب أردوغان.

سلسلة من التحالفات

ووصفت المجلة، المسيرات التركية عامة من إنتاج عائلة بيرقدار وشركات أخرى، بـ"طريق الحرير التركي" والداعمة لسلسلة من التحالفات التي تمتد من ليبيا إلى سوريا، من إقليم قره باغ إلى أوكرانيا وقطر. 

وأشارت إلى أن "التحالفات تتجه الآن إلى المغرب، وعلى الأرجح ستشهد توسعا إلى دول إفريقية أخرى". 

وذكرت على سبيل المثال، توقيع تونس لصفقة شراء للمسيرة الحربية التركية "العنقاء"، وأيضا إلى الشرق الأوسط على ضوء المحادثات الجارية مع السعودية في هذا الصدد، إلى جانب بلدان آسيوية أبدت اهتماما بهذا السلاح على غرار كازاخستان وإندونيسيا.

ونوهت المجلة الإيطالية بالدور الذي لعبته هذه الطائرات بدون طيار في الأزمة السورية، تحديدا في معركة إدلب وتصديها لقوات نظام بشار الأسد، كما كان دورها حاسما في صد هجوم الانقلابيين بقيادة خليفة حفتر على العاصمة الليبية طرابلس ومحاولتهم إسقاط حكومة الوفاق، وأسهمت أيضا في نصر أذربيجان في إقليم قره باغ. 

ولفتت إلى أن المسيرات التركية بإمكانها أن تشكل رادعا يمكن أن تستخدمه كييف ضد انفصاليي دونباس، إذا ما تم استغلالها خارج نطاق الدوريات والمراقبة.

وبحسب فورميكي، تعتبر "بيرقدار تي بي2" فعالة للغاية في تنفيذ مهمات بعيدة المدى، ما أهلها إلى تحقيق نتائج مهمة في هذا المجال، ولهذا السبب أيضا لا تعارض أنقرة استخدامها. 

وأضافت: "لذلك يثير هذا السلاح إغراء عديد البلدان خصوصا، المصنعة مثل الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى ترفض إمداد العديد من الدول بأسلحة معينة خاصة التي لا تملك رصيدا جيدا من الديمقراطية وعلى مستوى إدارة السياسة الخارجية، لكن تقييم أنقرة أقل حدة".

وقالت فورميكي إن "الصين تفعل الشيء نفسه، لكن واشنطن لا تمانع في أن تتجه صفقات الشراء نحو المنتجات التركية أمام العرض الصيني، خصوصا وأن تركيا عضو في حلف الشمال الأطلسي (الناتو) وجزء من نظام تواصل مع الغرب أفضل بالتأكيد من بكين أو موسكو".

يحدث هذا رغم أزمة أنظمة الدفاع الصاروخي الروسية "إس 400" التي تعارض الولايات المتحدة حصول أنقرة عليها، واستبعاد تركيا من الحصول على برنامج تصنيع مقاتلات "إف 35".  

محل تقدير

وأوضحت المجلة أن كازاخستان، العضو في العالم التركي، قررت اختيار الطائرات بدون طيار التركية محل المنتجات الصينية، رغم وجودها في منتصف مبادرة الحزام والطريق. 

كما يريد السعوديون أيضا الحصول على المسيرات "بيرقدار تي بي 2"، وقد جاء الطلب على إثر انخفاض التوترات بين الرياض وأنقرة في أعقاب "مصالحة العلا".

ويذكر أن السعودية طلبت منذ فترة طويلة من الولايات المتحدة طائرات بدون طيار مسلحة، قبل أن تعوض الرفض بشراء المسيرات "وينغ لونغ" الصينية، والآن توجه طلبها إلى أنقرة.

وأردفت المجلة بأن الطائرات بدون طيار التركية "مثال جيد يظهر كيف أن التكنولوجيا العسكرية عامل محفز للسياسة الخارجية والديناميكيات الجيوسياسية". 

وأشارت إلى أن العمل بهذا التوجه بدأ في أوائل العقد الأول من القرن الـ21، ما أدى أيضا إلى نمو الصادرات العسكرية التركية بأكثر من ثلاثة مليارات دولار سنويا، وبذلك تحولت تركيا إلى مصدر وشريك يمكن للدول الصغيرة من خلاله تلبية احتياجاتها.

وتتوقع المجلة أن يستخدم المغرب الطائرات بدون طيار ضد جبهة "البوليساريو" التي تعزز موقعها في إقليم الصحراء الغربية، وهي المنطقة التي اعترفت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بالسيادة المغربية عليها مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل. 

وأضافت أن الرباط تسعى إلى استعادة النفوذ على جبهات أخرى بفضل هذا السلاح، لذلك تفرض صفقة الشراء ضغطا على الجزائر خاصة بعد التوتر في العلاقات بين البلدين. 

كما أن أنقرة شريك تجاري للجزائر، إلا أن مواقفهما غير منسجمة إستراتيجيا، تلاحظ المجلة. 

وأكدت فورميكي أن "هذا الدور كلاعب فاعل في القطاع العسكري لا سيما في عالم متطور تقنيا، محل طلب وتقدير من القوى العالمية، وعلى سبيل المثال، دفعت لندن، التي تتنافس في قطاعات أخرى مع أنقرة، للإقرار على لسان وزير دفاعها بتفوق الطائرات بدون طيار التركية في تغيير مصير الحروب".