قيادات ضعيفة وهزائم متتالية.. كيف خرج سنة لبنان من المعادلة الوطنية؟

مصطفى العويك | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

منذ اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري عام 2005، يعيش أهل السنة في لبنان حالة من الضياع و"اللااستقرار"، رغم وجود العديد من القيادات السنية على المستويين الوطني والمناطقي.

وعقب الاغتيال، شعر سنة لبنان بـ"اليتم السياسي"، وأن قائدهم وممثلهم والمتحدث باسمهم رحل، وأن بمقتله رحلت كل المكتسبات التي عمل على تحقيقها لصالحهم على مدى 15 سنة.

ولم يستطع خلف رفيق، ابنه سعد، أن يعوض غيابه، رغم التفاف الناس حوله وفوزه في الانتخابات التشريعية على دورتين متتاليتين، 2005، و2009، وإن كان "عامل الدم" هو الأبرز لانتخابه.

ومع اجتياح "حزب الله" لبيروت صيف 2008، توحد السنة إلى حد كبير خلف الحريري، إلا أن ذلك لم يصل إلى "استثماره سياسيا"، بل اضطر الحريري على إثره أن يوقع "اتفاق صلح"، في العاصمة القطرية الدوحة، عام 2009.

 تسوية الذل

بعد "اتفاق الدوحة"، والفوز المدوي للحريري، وخطابه الشهير يومها أنه يمد اليد لخصمه الرئيس في البلاد أي حزب الله، لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وأهل السنة في مسار تنازلي على المستوى السياسي والحضور الوطني الوازن.

توج ذلك عام 2016 برضوخ الحريري لحزب الله عبر تبني ترشيح الجنرال ميشال عون مرشح حزب الله لرئاسة الجمهورية رئيس التيار الوطني الحر آنذاك.

وكان الحريري قد عقد تسوية سياسية مع عون، شملت تفاهمات على نقاط عديدة في السياسة والاقتصاد.

 وكان مفادها أن يسلم الحريري إدارة البلاد إلى عون مقابل أن يبقى رئيسا للحكومة طيلة فترة ولاية الرجل في الرئاسة.

وأتت انتخابات 2018 النيابية، التي تحالف فيها رئيس "تيار المستقبل" الحريري، مع خصمه القديم عون وصهره جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر (انتخب رئيسا للحزب بعد تولي عمه مقاليد رئاسة الجمهورية) بخلاف الإرادة السنية الجماهيرية والرسمية.

الأمر الذي انعكس سلبا على نتائج الانتخابات، حيث خسر الحريري أكثر من نصف المقاعد النيابية التي حصل عليها في برلمانيات 2009.

"تسوية الذل" هذه كما وصفها كثيرون، كان بطلها وقائدها جبران باسيل، الذي استغلها للمطالبة بالعودة إلى ما قبل "اتفاق الطائف" الذي أنهى الحرب في لبنان عام 1990، وهو مطلب عون منذ أن كان منفيا في باريس (عاد إلى البلاد عقب اغتيال الحريري الأب).

معركة الصلاحيات

هذا الاتفاق منح مجلس الوزراء صلاحيات أوسع من ذي قبل، وجعل من رئيس الجمهورية حكما لا يسمح له بالتصويت داخل الجلسات.

وهذا ما أراد باسيل العمل على تغييره تحت ذريعة استعادة حقوق المسيحيين، التي لا يفهم منها سوى مصادرة حقوق السنة في الإدارة والحكم وإرجاعها إلى المناصب والشخصيات المسيحية.

وكان باسيل يعبر عن كل ذلك بقوله إنه يريد تغيير الدستور بالممارسة. 

وكذلك مستشار عون للشؤون القانونية، وزير العدل الأسبق سليم جريصاتي، الذي يعد العقل المدبر لكل "الألاعيب الدستورية" التي ينفذها الأخير، والذي تحدث في أكثر من مناسبة عن ضرورة إقدام رئيس الجمهورية على ملء "المساحات الرمادية" في الدستور، على حساب رئاسة الحكومة السنية.

وقد عمل باسيل مع عمه على إدخال تعديلات جوهرية على آليات تشكيل الحكومة تبدأ من الشكل والكيفية، لتصل إلى مرحلة فرض "التيار الوطني الحر" ما بات يعرف في لبنان بحصة الرئيس الوزارية أو "الثلث المعطل" في الحكومة.

وهو الأمر الذي ترفضه الأحزاب المناهضة لعون، كالمستقبل وحركة أمل الشيعية التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري.

وقال رئيس مجلس النواب الأسبق حسين الحسيني، الذي كان حاضرا إبان "اتفاق الطائف" ويحتفظ حتى الآن بمحاضر جلساته، إن الاتفاق وضع رئيس الجمهورية فوق نزاعات السلطة والمعارضة وجعله حكما مسؤولا عن تشكيل حكومات متوازنة لا تمتلك أي جهة فيها الثلث المعطل.

وأضاف الحسيني في حديث مع جريدة "الجمهورية" اللبنانية عام 2019، "باسيل لم يقرأ اتفاق الطائف، لأن عمه عودهم على ذلك بسبب كراهيته له".

خيبات وتنازلات

ويرى أنه "لا شيء اسمه ثلث معطل في الدستور، وكذلك في اتفاق الطائف"، رادا كل حركات باسيل إلى "شهوة السلطة".

وهذا ما ثبت بالفعل في الحكومة التي تشكلت مؤخرا في لبنان (صدرت مراسيم تشكيلها في 19 سبتمبر/أيلول 2021) برئاسة نجيب ميقاتي الذي يحظى بدعم الحريري.

كان  الرابح الأول في الحكومة هو الرئيس عون، والذي كان يصر على حصوله على ثلث الوزراء، فإذا به يحصل على النصف، وفق مراقبين.

أما الخاسر الأكبر فهي الطائفة السنية التي تقزم دورها كثيرا في المعادلة السياسية، وأصبحت الفئة المستضعفة، ومن دون أدنى تأثير. 

ويرى الصحفي صهيب جوهر أن من دلالات ذلك، إصدار المحقق العدلي في قضية انفجار ميناء بيروت (أغسطس/آب 2020)، مذكرة جلب لرئيس الحكومة حسان دياب، سلف ميقاتي، وهي الأولى من نوعها في تاريخ الجمهورية.

وجاء ذلك بذريعة معرفته بوجود مادة الأمونيوم التي أدت إلى الانفجار والامتناع عن التصرف رغم علمه بمخاطرها.

وهو الأمر الذي يتساوى فيه دياب مع رئيس الجمهورية الذي تصرف مثله، لكن المحقق العدلي امتنع حتى عن الاستماع للأخير كشاهد.

ويضيف جوهر لـ"الاستقلال"، "كذلك نفذ وزير الصحة الأسبق حمد حسن حملة مداهمات على المستودعات التي تخزن الأدوية، والتي نتج عنها اعتقال السنة فقط، في حين غض الطرف عن المسيحيين والشيعة".

ويتابع: "كل ذلك وغيره الكثير من وصف السنة في لبنان من قبل عون نفسه بالإرهابيين، واعتقال شبابهم وزجهم في السجون دون محاكمات، مما زاد من منسوب الإحباط لدى الجمهور السني الذي بدأ مراكمة الخيبات والتنازلات المؤلمة منذ اتفاق الدوحة عام  2008".

صفقات كارثية

وكان الحريري، بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية برئاسته 2009، قد مني بضربة سياسية من العيار الثقيل، حيث استقال ثلث وزراء حكومته وهو يهم بالدخول إلى البيت الأبيض عام 2011 للقاء الرئيس الأسبق باراك أوباما.

وكلف حزب الله يومها ميقاتي نفسه بتشكيل حكومة عون - الحزب عام 2011. 

على إثره غادر الحريري لبنان لأربع سنوات متتالية، تاركا تياره وجمهوره والطائفة التي يمثلها وحيدة في مواجهة غير متكافئة مع حزب الله، ومن دون أن يقدم أي سند أو دعم لها.

وفي العام 2016، عاد الحريري ليطرح المبادرة الأكثر كارثية عليه وعلى السنة في لبنان، والتي تمثلت بانتخاب "عدو السنة الأول" عون رئيسا للجمهورية، على حد تعبير الباحث سامر زريق.

يشير زريق لـ"الاستقلال" إلى أن كل تسوية عقدها الحريري، كان يبدد عبرها مكتسبات السنة التي حصلوا عليها في اتفاق الطائف، وكان السنة يخسرون جزءا من نفوذهم السياسي، حتى أوشك أن يضمحل.

ويضيف: "قدم الحريري التنازلات المتتالية لعون وحزب الله، والتي أغضبت جمهوره، وجعلته يخسر الانتخابات البلدية في مدينة طرابلس المعقل الأكبر للسنة عام 2016، وكذلك حوالي نصف كتلته النيابية في الانتخابات التشريعية 2018، بالإضافة الى انفضاض عديد القياديين من حوله".

ويرى الصحفي أحمد الأيوبي أنه "كلما أمعن الحريري في تنازلاته، كلما تعمق عون في ابتزازه، حتى خسر موقع رئاسة الحكومة الكثير من قوته وألقه الذي صنعه والده، دون أن يحصد شيئا مقابل كل تنازلاته".

ويضيف في حديث لـ"الاستقلال": "تراجع الدور الفاعل لرئيس الحكومة إلى درجة تحكم صهر الرئيس بمواعيد عقد جلساتها وجدول أعمالها، وهي من صميم صلاحيات رئاسة الحكومة". 

ويرى الأيوبي أن الهدف من ذلك كله، هو تطبيق باسيل لكلام قاله علنا في يونيو/حزيران 2019 خلال لقاء شعبي له في منطقة بعلبك.

وفحوى هذا الكلام أن التيار الوطني الحر الذي يرأسه باسيل، "يريد القضاء على السنية السياسية".

وهو كلام لم يقابل بأي ردة فعل لا من قبل الحريري ولا حتى من قبل السنة الذين يزايدون على الأخير في شارعه.

هذه التنازلات المؤلمة، بالإضافة إلى أمور خاصة مرتبطة بأعمال الحريري في السعودية أغضبت الرياض، ولا سيما انتخاب عون رئيسا للجمهورية، رغم النصائح الكثيرة التي وجهها كبار المسؤولين السعوديين للحريري بعدم الإقدام على ذلك. 

فتوقف الدعم السعودي للحريري وتياره، خاصة بعد تحول لبنان إلى منصة للهجوم على الرياض، وبعد اعتبارها أن الحريري لم يقم بالدور المطلوب منه سياسيا لمواجهة حزب الله وكيل إيران في لبنان.

فالرياض التي أنفقت المليارات في لبنان على قوى "14 آذار" وجدت أن أموالها ذهبت هدرا، وأن عدوها الإيراني سيطر أكثر على الساحة اللبنانية، ما أفقدها الكثير من الحضور الوازن في المنطقة، وأوراقا تفاوضية يمكن استخدامها في إحداث التوازن المطلوب مع طهران.

وهو ما أكده حيدر مصلحي، وزير الاستخبارات الإيراني الأسبق في حكومة أحمدي نجاد، في تصريح له في 2 أبريل/نيسان 2015 بقوله إن طهران "تسيطر فعلا على أربع عواصم عربية من ضمنها بيروت".

أضف الى ذلك امتناع وزير الخارجية باسيل عن دعم السعودية إثر تعرض قنصليتها في إيران للهجوم عام 2016، ومن بعدها منشآت شركة أرامكو (بشكل متكرر من قبل الحوثيين)، ما فجر أزمة في العلاقات فشل الحريري في احتوائها، حيث بدا بلا حول ولا قوة.

عندها حجبت السعودية تماما دعمها عن الحريري، ما أدى الى انهيار المؤسسات الإعلامية والاجتماعية والخيرية التابعة له والتي كانت تمولها السعودية.

وتوج ذلك بإفلاس شركة "سعودي أوجيه" جوهرة التاج في إمبراطورية رفيق الحريري التي ورثها نجله سعد، وبيع عقارات الحريري في المزاد العلني. 

هذا الانهيار خلف جيشا من السنة العاطلين عن العمل والذين لم يحصلوا على حقوقهم المالية، ما أنتج غضبا عارما على الحريري لا تزال آثاره ظاهرة حتى اليوم.

ومنذ ذلك الحين، أدارت الرياض ظهرها للحريري، حتى أن السفير السعودي لدى بيروت، وليد البخاري، توقف عن زيارته منذ عدة أشهر. 

كما امتنعت السعودية كذلك عن دعم أي شخصية سنية أخرى، تاركة السنة في لبنان يتخبطون من هزيمة إلى تنازل إلى انكسار.

ولم تفلح الضغوط الأميركية والوساطات العربية في تغيير موقف المملكة التي ترى أن لبنان في عهد عون، أصبح بالكامل تحت تأثير إيران.

 وهو ما قاله وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، في 4 أبريل/نيسان 2021، في مقابلة مع قناة "سي إن إن" الأميركية.

ضعف قيادي

ومؤخرا وإثر اعتذاره عن تشكيل الحكومة، قال الحريري في مقابلة مع قناة "الجديد" المحلية، في 7 يوليو/تموز 2021، إنه لن يرشح أحدا لرئاسة الحكومة، ولن يمنحها ثقته، الأمر الذي اعتبر مؤشراً إلى توجهه لمقاطعة رئيس الجمهورية، والذي يعد مطلبا يحظى بتأييد سني عارم، خاصة لدى جمهور الحريري نفسه. 

إلا أنه خيب آمال الجماهير بسرعة، وتراجع عن موقفه تحت وطأة الضغوط الفرنسية، مسميا نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة، ومشترطا عليه التزام الثوابت التي أعلن عنها نادي رؤساء الحكومات السابقين. 

هذا النادي تم تأسيسه عقب انتخاب عون رئيسا للجمهورية، وكان عرابه رئيس الوزراء الأسبق فؤاد السنيورة ألد خصوم عون وحزب الله، بهدف الدفاع عن مقام رئاسة الحكومة، وإيجاد نوع من التوازن المفقود بين السنة ومحور عون – حزب الله، والتصدي لمحاولات إخراج السنة من المعادلة السياسية.

وقد وضع النادي، الذي يضم بالإضافة الى السنيورة وميقاتي كلا من الحريري وتمام سلام، ويعتبر أرفع مرجعية سياسية سنية، جملة ثوابت مذ كان الحريري مكلفا بالتشكيل، على رأسها الالتزام باتفاق الطائف "نصا وروحا"، وأن رئيس الحكومة المكلف هو المرجع الصالح والوحيد لتشكيل الحكومة.

تبنى نادي رؤساء الحكومات تسمية ميقاتي لتشكيل الحكومة، مشترطا عليه الالتزام بالثوابت التي شارك في صياغتها. 

بيد أن الأخير لا يشبه الحريري، بل يعد مناورا سياسيا ماكرا، لا يخاصم أحدا ويعرف كيف يصل إلى مبتغاه، حتى "على حساب حقوق الطائفة التي يمثلها".

وهذا ما أثبته، فعندما تم تكليفه بتشكيل الحكومة أعلن التزامه بثوابت نادي رؤساء الحكومة، لكنه بداية ثبت دور رئيس الجمهورية كمرجع لتشكيل الحكومات، ثم عاد وأبرم صفقة معه. 

تلك الصفقة منحت رئيس الجمهورية أكثر من الثلث المعطل الذي حارب لأجله، وجميع الحقائب الوزارية التي أرادها، حتى أنها منحت مقعدا وزاريا لشخص بناء على طلب رئيس النظام السوري بشار الأسد الذي يكن له سنة لبنان كراهية مطلقة.

وهو ما أشارت إليه الكاتبة نور الهاشم في تقرير لها في جريدة "المدن" الإلكترونية مطلع سبتمبر/أيلول 2021، بقولها إن توزير الإعلامي جورج قرداحي جاء نتيجة علاقتة بالأسد، الذي اعتبره قرداحي شخصية العام 2018.

لذلك لا يرى الكاتب عبادة اللدن، أن ميقاتي يستكمل مسار الحريري في التنازلات لصالح عون وصهره.

ويسأل في مقالة نشرها موقع "أساس ميديا" في 22 سبتمبر/أيلول 2021، (ناشر الموقع النائب نهاد المشنوق الذي تمرد على الحريري وخرج من كتلته) بأي شيء تختلف تسوية ميقاتي عن تسوية الحريري؟ ما الذي يجربه ميقاتي ولم يجربه سلفه من قبل؟

وأجاب: "لا مراء في أن التسوية الراهنة تقوم على عناصر أكثر سوءا مما كانت عليه الحال في 2016. فالجو السني في البلاد، من دار الفتوى إلى رؤساء الحكومات السابقين وتيار المستقبل، على طرف نقيض لطرف العهد قد يصل إلى حد القطيعة".

والأسوأ أن نادي رؤساء الحكومات والنواب السنة باركوا تشكيل الحكومة، معلنين منح ثقتهم لها، رافضين الحديث عن ثلث معطل فيها، رغم أنهم خاضوا معركة سياسية مع عون من أجل هذا الثلث بالتحديد.

واعتبر الباحث حسن منيمنة في تقرير مفصل له في موقع "واشنطن انستيتيوت"، نشر في مايو/أيار 2019 أن "مشكلة السنة الأساسية هي في قياداتهم التي تغلب مصالحها على حساب حضور طائفتها السياسي".

بالإضافة إلى انحناء تلك القيادات بسرعة أمام الضغوط، خاصة العابرة للحدود، حيث كانت حجتهم الدائمة للتنازل "حماية البلد من الانهيار والاقتتال". 

ويسأل منيمنة: "أما وقد انهار لبنان وتصدع اقتصاده وتحولت شوارع مدنه، ولا سيما ذات الغالبية السنية إلى مسرح قتال يومي من أجل الوقود والأدوية والخبز فعلام الخوف؟".

وقال الكاتب والمحلل السياسي توفيق شومان في مقالة على موقع "180 بوست" في 28 يوليو/تموز 2021، وهو موقع نخبوي لبناني يميل لحزب الله، إن التجاذب حول تشكيل الحكومة، وبصورة ينزاح فيها الشد إلى الرئاسة الأولى، ولد انكسارا لدى المسلمين السنة تبدو معالمه واضحة في العديد من مشاهد الاحتجاج الشعبي في المدن والمناطق السنية. 

هذا الانكسار ناتج عن شعور بالغبن، وتراجع الحضور الفاعل في صناعة القرار الحكومي. ما يزيد الأمر تعقيدا بالنسبة للسنة، أن حواضنهم العربية التقليدية، السعودية ومصر، باتتا في دفاتر الذكرى، فإلى أين يذهبون؟

وطرح شومان عدة إجابات افتراضية، من بينها استناد السنة في لبنان إلى ظهير خارجي مثل مصر أو تركيا، يكشف في الوقت عينة تأثير العلاقات المتوترة بين الدول العربية، وبينها وبين تركيا على وضع السنة في لبنان.

ويسير في نفس التوجه الكاتب السياسي منير الربيع، حيث يقول في تقرير لوكالة الأناضول التركية، نشر في مارس/آذار 2019، إن الانحدار الذي أصاب قوى 14 آذار (تحالف القوى السيادية ضد حزب الله) كان بسبب سياسات انفعالية وارتجالية لا ترتكز إلى خطة مسبقة، ما أدى إلى ضعف الحاضرة السنية في لبنان. 

ويرى الربيع أن "بيئة الحريري السنية أصبحت مشتتة وموزعة على قوى مختلفة وأن الجانب السني أصبح مستلحقا بمعادلة أساسية، عرابوها عون وحزب الله، وذلك بسبب عدم وجود رؤية عربية ولا احتضان عربي للبنان".