قتلت رجل أعمال.. هكذا تنتهك الرياض اتفاقيات دولية تحمي حقوق العمالة اليمنية

أمة الخالق علوي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

استمرارا لمسلسل الانتهاكات التي ترتكبها تجاه الجالية اليمنية، أقدمت السلطات السعودية على اعتقال وتعذيب رجل الأعمال اليمني عبد الصمد المحمدي (45 عاما) على نحو أفضى إلى موته في أحد مستشفيات جازان جنوبي المملكة.

وكانت السلطات السعودية قد شنت في 8 سبتمبر/ أيلول 2021، حملة مداهمة لأحد فروع مطاعم "جبال فيفا" التابعة للتاجر المحمدي، بمدينة جازان، ثم اعتقلته بشكل مهين، واقتادته إلى أحد السجون وعمدت إلى تعذيبه.

تزامن ذلك مع اقتحام منزل المحمدي وترويع أسرته ومصادرة بعض الممتلكات.

قصة المحمدي

وقالت مصادر حقوقية إن المحمدي توفي في أحد مستشفيات منطقة جازان جنوبي السعودية بعد أسبوع من اعتقاله ومداهمة منزله ومقره التجاري.

وأكدت أن السلطات السعودية صادرت جميع ممتلكاته، بما في ذلك مطعم جبال فيفا ومنزله، بعد عشرين عاما من الاغتراب مع أسرته المكونة من ستة أفراد في جازان.

ويمتلك المحمدي سلسلة فروع لمطاعم جبال فيفا في مدينة جازان، وقطاعات استثمارية أخرى، ويقيم في السعودية منذ أكثر من 20 عاما، وقد توفي بعد 4 أيام من اعتقاله.

وبحسب مراسل وكالة أسوشيتد برس الأميركية في اليمن محمد الحاج، فإن السلطات السعودية اعتقلت المحمدي بعد بلاغ كيدي تقدم به كفيله السعودي بسبب خلاف تجاري بينهما.

وقال الحاج في تغريدة على حسابه في تويتر: "أقدمت أجهزة الأمن السعودية على قتل المغترب اليمني عبدالصمد المحمدي، بعد تعذيبه، إثر بلاغ كيدي من الكفيل بسبب خلاف تجاري بينهما".

وأضاف الحاج: "وبعد الجريمة ادعت أن المحمدي يدعم جماعة الحوثي، أما الحكومة اليمنية فهي مشاركة بالجريمة حتى تنطق كلمة حق والدفاع عن المحمدي وهذا ما لم تفعله حتى الآن".

الكاتب والناشط السياسي اليمني فهد سلطان كتب على صفحته في فيسبوك: "جرى اعتقال المحمدي (45 عاما) ومصادرة جميع الأموال التي في خزنة المطعم، ومصادرة الأموال والذهب من منزله والتي تقدر بأكثر من مليوني ريال سعودي، مع أوراق وملفات خاصة به".

دفن القضية

سعت السلطات السعودية إلى محاولة التستر على الحادثة التي أودت بمقتل المحمدي، وحاولت التعجيل في دفن الجثة، كي تضمن قفل القضية.

وقد طلبت من أسرة المحمدي استلام الجثة دون أن تصدر أي تصريح عن سبب وفاته، غير أن أسرته رفضت الأمر حتى يتم التحقيق بما جرى.

وفي منشور آخر، قال فهد سلطان: "فرضت السلطات السعودية، الإقامة الجبرية على أسرة الشهيد عبدالصمد المحمدي الذي توفي في 12 سبتمبر (أيلول) في ظروف غامضة، بعد أسبوع من اعتقاله وتعرضه للضرب".

كما جرى زج جميع العاملين بالمطعم في السجن، ومصادرة وثائقهم؛ وذلك بسبب رفض الأسرة استلام الجثة، بحسب سلطان.

ومع أن الحادثة أصبحت قضية رأي عام على وسائل التواصل وتسببت بصدمة واسعة لدى المغتربين اليمنيين، فإن السلطات السعودية لم تصدر أي بيان حتى اللحظة تكشف فيه عن ملابسات مقتل المحمدي فضلا عن عدم تشكيل لجنة للتحقيق.

وتكتفي السلطات السعودية بالقول بأن الرجل كان من داعمي جماعة الحوثي.

وكتب الصحفي اليمني جمال حسن العديني تغريدة على حسابه في تويتر قال فيها: "حتى وإن كان يدعم جماعة الحوثي بحسب بلاغ الكفيل، فليس من حق الأمن السعودي تعذيبه وقتله في أكثر الأحوال تعمل على ترحيله".

وتابع: "هذا وجه من استباحة تمارسها السعودية بحق اليمنيين وكأن حياتهم لا قيمة لها، حتى أسرى الحرب لهم حقوق تكفل عدم تعذيبهم وسوء معاملتهم أو قتلهم".

يقول توفيق الحميدي الناشط الحقوقي ورئيس منظمة سام للحقوق والحريات في جنيف بسويسرا: "تفاصيل مقتل التاجر عبدالصمد المحمدي تؤكد لنا أنها جريمة تتحملها السلطات السعودية وأجهزتها الأمنية، حيث لا يجوز الاعتداء وتعذيب ونهب ممتلكات المهاجرين، بل يجب حمايتهم بنص القانون كأي مواطن سعودي".

يضيف الحميدي لـ"الاستقلال": "ما زلنا نطالب بمعرفة تفاصيل وحيثيات الجريمة، وتحديد مقدار الضرر الذي لحق بعائلته".

ممارسات تمييزية 

الانتهاكات التي تطول اليمنيين في السعودية لا تقتصر على حملات الاعتقال التعسفية وعمليات الاعتقال المهينة، بل تشمل أيضا تلك الممارسات التمييزية تجاه اليمنيين.

ومنها إنهاء عقودهم وترحيلهم بدون أي مسوغ قانوني، ومصادرة حقهم في العمل بموجب فيز العمل القانونية التي حصلوا عليها بشكل شرعي وأنفقوا للحصول عليها مبالغ طائلة للغاية.

وكانت السعودية أصدرت في يوليو/ تموز 2021 قرارا غير معلن ينهي عقود اليمنيين في المدن الجنوبية من بينها جازان ونجران والباحة، وفرضت قيودا عليهم، ومنعت المدارس والمستشفيات من استقبالهم.

عن هذا الأمر يقول الحميدي: "الانتهاكات التي تطال اليمنيين في السعودية صادمة ومن منظور حقوق الإنسان تشكل ممارسات تمييزية تنتهك اتفاقية العمال المهاجرين وجميع الاتفاقيات التي وقعت عليها المملكة بشأن احترام حقوق العمال مثل العمل اللائق وغيرها".

ويرى أن "هذه الحملة الأخيرة لم تظهر فيها السعودية كدولة، بمعنى لم يصدر قرار رسمي من السلطات، بل كان هناك إيعاز للجامعات والمصانع والشركات للاستغناء عن اليمنيين؛ لأن المملكة لا تريد أن تظهر أمام المجتمع الدولي بأنها منتهكة لحقوق الإنسان".

ويعتقد أن السعودية تجاوزت ثلاث قيم من المفترض أن تلتزم بها، "الأول ما ذكرناه باتفاقية الأمم المتحدة، والثاني اتفاقية الطائف التي تلزم المملكة بمعاملة اليمنيين كالسعوديين".

والأمر الثالث أن السعودية تقود تحالفا عسكريا في اليمن "وملزمة أخلاقيا بحماية اليمنيين خاصة أنها استقبلت ما يقارب نصف مليون فروا بسبب الحرب، وبالتالي فإن إعادتهم تشكل خطرا حقيقيا عليهم".

يتابع الحميدي: "نحن في مؤسسة سام رصدنا العديد من الانتهاكات المؤلمة المتعلقة بهذه العمالة خاصة منذ إقرار السعودية قوانين السعودة، وهي في حقيقة الأمر تسلب اليمنيين وغيرهم أموالهم".

ويختم تصريحه بالقول: "الغريب في هذا الأمر هو غياب الحكومة (اليمنية) الشرعية إلى حد اليوم، ونحن ندرك ذلك لأن العلاقة اليوم بين الطرفين كالتابع والمتبوع".