"اعتماد مطلق".. بوبليكو: السيسي يخضع لإسرائيل أملا بالبقاء في السلطة

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة إسبانية الضوء على ما أسمته "تبعية" رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي "المتزايدة لإسرائيل"، التي دفعته إلى الدفاع بقوة عن سياساتها في المنطقة.

وقالت صحيفة بوبليكو إن تلك السياسات التي يدافع عنها السيسي "لا تحفز سوى الاستقرار الظاهري على المدى القصير". 

وفي شرق أوسط تغير بشكل كبير عما قبل 2011، يعرف السيسي أن بقاءه في السلطة مرتبط ارتباطا وثيقا بالتعليمات التي تضعها إسرائيل للدول العربية.

وضع هش

وبينت الصحيفة أن النشاط الدبلوماسي المصري، الذي اكتسب بعض القوة في الأشهر الأخيرة، هش للغاية نظرا لأن حكومة السيسي كانت في وضع ضعيف، بشكل ملحوظ منذ انقلاب عام 2013 الذي أزاح الإخوان المسلمين من السلطة.

وأضافت الصحيفة أن السيسي يملك، في ظل الظروف الحالية، مصلحة أساسية في الحفاظ على علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، القوتين المهيمنتين في المنطقة.  

لكن، أصبح حجم ضعفه أكبر عندما وصفه الرئيس جو بايدن، خلال الحملة الانتخابية، بأنه "ديكتاتور (الرئيس السابق دونالد) ترامب المفضل" وحذر من أن الأوضاع ستتغير عندما يدخل البيت الأبيض.

وأشارت الصحيفة إلى أن الوضع لم يتغير على الرغم من مرور ثمانية أشهر على تولي بايدن الرئاسة.

وفي حركة ملفتة للانتباه، علق الأميركيون حزمة مساعدات عسكرية لمصر بقيمة 130 مليون دولار، لكنها ليست إلا قرارا رمزيا يعكس أن بايدن نسي التهديدات المدوية التي وجهها خلال الحملة.

في الواقع، لا يمثل هذا الاقتطاع سوى 10 بالمائة فقط من 1.3 مليار دولار من المساعدات الإجمالية التي تقدمها واشنطن للقاهرة سنويا.

وذكرت الصحيفة أن بايدن وافق مؤخرا على تقديم مساعدات بقيمة 300 مليون دولار لمصر، والتي علقها الكونغرس بسبب الوضع المتردي لحقوق الإنسان.

وهو ظرف يؤكد مرة أخرى حقيقة أن البيت الأبيض قد غير موقفه تجاه دولة كانت في أوجها رائدة في العالم العربي، ولكن نفوذها الآن وصل إلى أدنى مستوياته، كما أنها تعتمد على السياسات التي تمليها إسرائيل. 

وكشفت القناة 12 العبرية قبل بضع سنوات أن السيسي تحدث مع رئيس الوزراء آنذاك، بنيامين نتنياهو، بشكل يومي. 

في هذا المعنى، من المحتمل جدا أن تستمر هذه الاتصالات بشكل متكرر مع رئيس الحكومة الجديد، نفتالي بينيت. وتؤكد هذه الحقيقة ضعف السيسي واعتماده المطلق عمليا على إسرائيل.  

ونوهت الصحيفة بأن السيسي محروم من الاضطلاع بأي دور ذي وزن سياسي في المنطقة، مما دفعه إلى التركيز على مناوراته في قطاع غزة.

وتقول إن السيسي يتظاهر بالعمل كوسيط بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية حماس، بينما يضع أنشطته، في الواقع، في خدمة تل أبيب.

بهذه الطريقة، يأمل السيسي في الحصول على بعض الخدمات من اللوبيات المؤثرة لإسرائيل في واشنطن، في مقابل ذلك.

مناورة فاشلة

وبينت بوبليكو أن مناورة السيسي الأخيرة، والتي كشفت عنها في البداية صحيفة "رأي اليوم" اللندنية، تتمثل في خطة لإعادة إطلاق المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. 

لتنفيذ ذلك، اتصل السيسي بالإسرائيليين ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، لكن من الواضح أن أكثر ما يمكن أن ينتج عن هذه المناورة هو تمديد الفترة الزمنية التي ستستغلها إسرائيل بشكل طبيعي لتكثيف البناء في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة. 

ونقلت الصحيفة أن السيسي التقى عباس والعاهل الأردني الملك عبد الله في الثاني من سبتمبر/أيلول 2021، لتقديم شكل من أشكال التعبئة لجهوده، لكن من الواضح أنه لا شيء جيد يمكن أن يأتي من هذا النوع من الاجتماعات. 

في كل الأحوال، يعي جميع المشاركين هذه الحقيقة، خاصة وأن إسرائيل لا تنوي التفاوض بجدية، وهو واقع يقر به بينيت والعديد من وزرائه علنا.  

وأشارت صحيفة "رأي اليوم"، نقلا عن مصادر عربية رسمية، إلى أن المصريين يحافظون على اتصالات مع عدة دول عربية وأوروبية. 

لكن أوروبا، بقيادة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قد أدارت ظهرها للقضية الفلسطينية، التي تعتبر مصيرية لضمان الأمن والاستقرار في تلك القارة وبالشرق الأوسط.

وأوضحت الصحيفة أن الأداء الاقتصادي الضعيف دفع مئات الآلاف من المصريين إلى الهجرة، معظمهم إلى الدول العربية حيث مكثوا لسنوات لتوفير المال قبل العودة إلى مصر.

في الواقع، غالبا ما يرسل هؤلاء المهاجرين الأموال إلى أسرهم وبالتالي يساهمون في التنمية الاقتصادية لمصر.  

وبالمقابل، يميل أولئك الذين يهاجرون إلى الولايات المتحدة وأوروبا إلى عدم العودة والمساهمة بشكل أقل في تنمية مصر. 

ونقلت الصحيفة أن أحدث تقرير لوزارة الخارجية حول حقوق الإنسان يستنكر قائمة طويلة من الانتهاكات في مصر، بما في ذلك القتل خارج نطاق القضاء، واحتجاز الناشطين السياسيين.

مع ذلك، فقد سمح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بتقديم المساعدات المالية للنظام المصري، على عكس رأي الكونغرس.

من الواضح أن كلا من بلينكن والمصريين يعلمون جيدا أن وضع حقوق الإنسان لن يتحسن في المستقبل القريب، وربما لن يتحسن على المدى الطويل، لأن القمع الشديد ضروري لبقاء السيسي في السلطة. 

خلافا لذلك، فلن يستمر السيسي إلا بضعة أسابيع أو بضعة أشهر في السلطة.  ونوهت الصحيفة بأن بلينكن الذي ينفذ سياسة كارثية في الشرق الأوسط، يتجنب إحداث مشاكل. 

ومن خلال هذا الهروب، فهو يتجنب مواجهة مصر، من بين أمور أخرى، لأن السيسي سعيد بتنفيذ السياسات التي تصب في مصلحة إسرائيل في المنطقة، وهو ذات الحال بالنسبة لبلينكن.

في هذا السياق، أوضحت 19 منظمة حقوقية دولية عاملة في مصر، في بيان لها، أن السياسة الأميركية تجاه بلاد الفراعنة، مع اقتطاع رمزي بقيمة 130 مليون دولار، تمنح السيسي تفويضا مطلقا لمواصلة التحايل على حقوق الإنسان. والآن، يبدو من الواضح أكثر من أي وقت مضى أن واشنطن لا تهتم لهذا الجانب. 

وأوردت الصحيفة الإسبانية أن السيسي يواصل ترسيخ اعتماده على إسرائيل، وقد اتخذ خلال سبتمبر/أيلول خطوة أخرى في هذا الاتجاه عندما استقبل نفتالي بينيت في شبه جزيرة سيناء.  

وجرى تقديم اللقاء على أنه الأول لرئيس نظام مصري ورئيس وزراء إسرائيلي منذ عقد، لكن في الواقع، تعد الاتصالات بين قادة البلدين مكثفة للغاية، ولا يغير هذا الاجتماع الفعلي بين الاثنين شيئا، تخلص الصحيفة.