انفراج الأزمة بين تركيا ومصر والخليج.. هل يمتد إلى القرن الإفريقي؟

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أكدت مجلة "ناشونال إنترست" الأميركية أن الانفراج والتهدئة بين المحور القطري التركي والمحور السعودي الإماراتي المصري يمكن أن يوفر فرصة لتحقيق الاستقرار والتهدئة في القرن الإفريقي. 

ورغم أن مدى تأثير مناخ الانفراج على إفريقيا غير مؤكد، فإن "الهدوء النسبي بين هذين المحورين المتنافسين يوفر فرصة فريدة لواشنطن لمنع هذا النوع من التنافس العنيف من أن يتطور حيث ثبت أنه كارثي في كل من ​​سوريا وليبيا"، وفق المجلة.

خطوات إلى الأمام

وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أغسطس/آب 2021، عن تبرع بقيمة 30 مليون دولار للصومال. 

وقالت المجلة إن الخطوة أثارت دهشة المواطنين الأتراك الذين احتجوا على أن حكومتهم التي تعاني من ضائقة مالية كان ينبغي أن تستخدم الأموال في طائرات مكافحة الحرائق التي استعرت في البلاد خلال ذات الشهر.

لكن اهتمام أردوغان بالصومال ليس مجرد نزوة عابرة أو لفتة إنسانية، تضيف الصحيفة. 

وعلى مدى العقد الماضي، بلغ إجمالي مساعدات أنقرة لمقديشو أكثر من مليار دولار حيث تنافس أردوغان وحلفاؤه القطريون ضد منافسيهم المصريين والخليجيين على النفوذ في القرن الإفريقي. 

ومع ذلك، بينما تسعى تركيا وقطر الآن إلى تحقيق انفراج في العلاقة مع مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، قد يحصل القرن الإفريقي على فترة راحة من التنافس بين الجبهتين.

ونمت مشاركة دول الخليج في القرن الإفريقي بشكل حاد في العقد الماضي، لتصبح نقطة ساخنة أخرى في الصراع الإقليمي على الأيديولوجية والمصالح الإستراتيجية. 

ويقع القرن الإفريقي المجاور للبحر الأحمر بين ممرين بحريين رئيسين تعتمد عليهما التجارة العالمية وحركة المرور: وهما مضيق باب المندب في الجنوب وقناة السويس في الشمال. 

وتنفتح الصومال أيضا على حوض المحيط الهندي الأوسع، وهو بحد ذاته طريق رئيس للأمن البحري والتجارة. 

ومع احتدام التنافس في المحيط الهندي، كانت دول الخليج حريصة على تأمين مصالحها الخاصة.

ومن الناحية الأيديولوجية، يشكل القرن الإفريقي ساحة أخرى مثل ليبيا وتونس يسعى فيها أردوغان وشركاؤه القطريون إلى تعزيز نفوذ الإخوان المسلمين، وفق تقدير الصحيفة.

 ومن ناحية أخرى، عملت السعودية والإمارات بنشاط في إريتريا وإثيوبيا وأرض الصومال والسودان لمواجهة المحور التركي القطري. 

أدى التنافس بينهما إلى اندلاع أزمة في الصومال في وقت سابق من هذا العام ، حيث كاد محمد عبد الله رئيس البلاد المدعوم من الدوحة ، أن يشعل صراعا مسلحا من خلال السعي لتأجيل الانتخابات. 

ويأتي ذلك في أعقاب تحذير زعماء المعارضة الصومالية في سبتمبر/أيلول 2020 من أن عبد الله قد يستخدم الأسلحة التركية لفرض تأجيل الانتخابات المقبلة.

وفي ذروة الربيع العربي، استثمر أردوغان في توسيع البصمة الإقليمية لجماعة الإخوان المسلمين الصاعدة. 

وفي عام 2012، حذرت مجموعة الأزمات الدولية تركيا من "دورها المزعزع للاستقرار في الصومال".

 وأوصت أنقرة بأن "تعامل بحكمة وتتجنب الأحادية وتعتبر من الدروس لتجنب تدخل دولي فاشل آخر". 

تغير السياسات

وبعد انعكاس واقع جماعة الإخوان المسلمين مع تحول الربيع العربي إلى شتاء مرير، أعطى الرئيس التركي الأولوية للرد على منافسيه الخليجيين ومصر على جميع الجبهات، بشكل مباشر ومن خلال وكلاء، وفق التقرير. 

وعززت السياسة الداخلية هذا الدافع، فقد أدى تآكل قاعدة دعم أردوغان واعتماده اللاحق على الفصائل القومية والأوراسية في الداخل إلى تبني المفهوم البحري الوحدوي للوطن الأزرق لتركيا، بحسب التقرير. 

ومعه عزز أردوغان الطموحات الخارجية التي تمتد إلى البحر الأحمر والمحيط الهندي.

في عام 2016، خلال زيارته للصومال، افتتح أردوغان أكبر سفارة تركية تم بناؤها على الإطلاق، في إشارة إلى أهمية القرن الإفريقي بالنسبة لتطلعاته وطموحاته. 

وعلى الرغم من أن الإطاحة بالديكتاتور السوداني عمر البشير، الحليف المقرب لأردوغان، أضرت بخطط أنقرة في إعادة تطوير الميناء في جزيرة سواكن السودانية للاستخدامات المدنية والعسكرية، لا تزال تركيا تحتفظ بأكبر قاعدة عسكرية خارجية لها في مقديشو. 

كما تشير الخلافات حول الدور التركي في مقديشو إلى الطرق التي يمكن أن تتداخل فيها المصالح الأيديولوجية والشخصية للرئيس التركي في القرن الإفريقي، يقول الموقع.

وفازت شركة الموانئ التركية "البيرق"، وهي تكتل لها صلات وثيقة بأردوغان، بامتياز لمدة 14 عاما لتجديد وإدارة ميناء مقديشو في العام 2020، مما وفر لأنقرة نقطة وصول مهمة على المحيط الهندي. 

وزعم كاتب عمود تركي -لم تذكر الصحيفة اسمه- في أغسطس/آب أن الصومال ستستخدم تبرع أردوغان بقيمة 30 مليون دولار لتوسيع طاقة الميناء. 

وفي حين أن المصالح والأيديولوجيات المتضاربة لا تزال تشكل الديناميكيات في القرن الإفريقي، أدى انتخاب جو بايدن كرئيس للولايات المتحدة إلى إعادة تقويم وتعديل السياسات المصرية والخليجية والتركية تجاه المنطقة.

وهو ما أدى إلى محاولات مختلفة لإصلاح العلاقات بين الجبهات المتنافسة. 

وتعد التقارير الصادرة خلال سبتمبر/أيلول 2021، عن حضور مسؤولين قطريين وأتراك مؤتمرا للطاقة في دبي أحدث علامة على تحسن العلاقات بين الإمارات واثنتين من منافسيها الرئيسين. 

وبالنسبة لجميع المتنافسين، أدى تعهد بايدن باتباع سياسة خارجية تركز على حقوق الإنسان إلى مخاوف من أنهم قد يصبحون أهدافا لغضب واشنطن. 

كما أدى تعهد بايدن باستعادة الاتفاق النووي الإيراني إلى خلق حالة إضافية من عدم اليقين مما دفع  المحورين إلى تجاوز بعض خلافاتهما العالقة في الوقت الحالي.

واختتم جيفري فيلتمان مبعوث بايدن الخاص للقرن الإفريقي، زيارة إلى الخليج في يونيو/حزيران 2021، وتوقف في السعودية والإمارات وقطر.  

ويشير تعيين مبعوث خاص إلى الأولوية المتزايدة التي توليها واشنطن الآن لهذه المنطقة. 

كما أنه يعكس المخاطر التي ينطوي عليها الأمر إذا اشتدت المنافسة في القرن الإفريقي مرة أخرى بين المعسكر المؤيد والمناهض للإخوان المسلمين.

وعلى الرغم من أن مدى تأثير مناخ الانفراج على القرن غير مؤكد، فإن الهدوء النسبي يوفر فرصة فريدة لواشنطن لقيادة المنطقة ومنع هذا النوع من التنافس العنيف من تكرار السيناريو الكارثي الذي حصل في ​​سوريا وليبيا.  

وختم التقرير بالتأكيد على أنه يجب أن يواصل المبعوث الخاص فيلتمان مشاركته وتعاونه مع الجهات الفاعلة الإقليمية في القرن الإفريقي وأن يشجع تدفق الموارد لبناء مؤسسات شاملة بدلا من تكثيف الوكلاء والفئوية في هذه المنطقة.