بينها الشّفوت والسّلتة.. هذه أبرز الأطباق والعادات الرمضانية باليمن

آدم يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

كسائر الدول العربية والإسلامية، يستقبل اليمنيون شهر رمضان بحفاوة وترحاب كبيرين، يؤدون فيه الشعائر والعبادات، ويفردون فيه مساحة أوسع لتبادل الزيارات والتهاني، ويتخذونه موسما لتنفيذ مشاريع خيرية وإنسانية.

تعود تلك الحفاوة، في الأغلب، إلى الرغبة في كسر الروتين والنمط اليومي الذي اعتاد اليمنيون على ممارسته طوال السنة، ففي رمضان تتغير ساعات الدوام، وأنواع الوجبات ومواعيدها أيضا، وكذلك مواعيد النوم والصحو، وكل الممارسات اليومية تقريبا، ويحل طقس جديد بنكهة خاصة مكان طقس آخر.

ساعات اليوم 

تتغير ساعات العمل في الدوائر والمؤسسات الحكومية، ففي حين يكون الدوام طوال السنة، من الثامنة صباحا وحتى الثانية عصرا تقريبا، تكون في رمضان من العاشرة صباحا وحتى الثالثة عصرا.

أما في المحلات التجارية فيكون الدوام موزعا على فترتين، من الساعة الحادية عشرة قبيل الظهر وحتى الخامسة بعد العصر، ثم من بعد صلاة العشاء وحتى منتصف الليل، مع بعض الاختلافات التي تتعلق بطبيعة النشاط التجاري للمحلات والأسواق، التي تمتد أحيانا إلى وقت السحر، خصوصا في العشر الأواخر من رمضان.

وبطبيعة الحال، فإن التغيير في رمضان بأتي على ساعات النوم أيضا، وذلك للقدرة على مقاومة الشعور بالجوع، وخاصة في المناطق الحارة، فعادة ما ينام اليمنيون من بعد صلاة الفجر وحتى وقت الظهيرة، أما الليل فيقضونه بالسمر والمقيل الذي يجمع عادة الأقارب والأصدقاء، مع بعض الاستثناءات في بعض المناطق وخاصة في المناطق الجنوبية، التي تنام ليلا.

الأطباق الرمضانية

اعتاد اليمنيون كسائر البلدان، في الأيام العادية على تناول ثلاث وجبات في اليوم الواحد، هي الإفطار والغداء والعشاء، لكن في رمضان يتناول اليمنيون وجبتين على الأغلب، هما الإفطار والسحور، وأحيانا قليلة تتخللهما وجبة ثالثة.

في حين اعتاد البعض أن يفطر إفطارا خفيفا "تمر وقهوة" فقط، ثم يتناول عشاء ثقيلا، اعتاد البعض الآخر أن يتناول فطورا متوسطا، ثم عشاء متوسطا في منتصف الليل.

لكن ما يميز اليمنيين عن غيرهم هو في تحضير أطباق معينة خلال رمضان، وهي من شدة حضورها في المائدة الرمضانية أصبحت مرتبطة به، ودالة عليه، وأشهر الوجبات الرمضانية في اليمن هي: 


1.الشَّفُوت: سيد الإفطار، والحاضر الأول في مائدة الإفطار الرمضانية، وهو عبارة مزيج من اللبن وخبز خاص يسمى "اللحوح"، ويكون خبزا ليّنا يُحضر من الذرة الحمراء غالبا، وبعد تحضيره يُصب عليه قدرٌ كافٍ من لبن الزبادي سميك القوام أو اللبن الرائب أو لبن الأبقار لمن يسكنون في الأرياف، ويضاف إلى اللبن مهروس الطماطم الحار، يسمى بالمحلية "السحاوق" أو "الزحاوق"، حيث يُسحق الطماطم على حجر صلب من البازلت الأسود، عديم التآكل، يسمى في اليمن (حجر الحَبَش)، أو يعصر بواسطة الخلاط، غير أن قوامه ومذاقه مسحوقا بالحجر أفضل من كونه معصورا بالخلاط، ويضاف إلى "السحاوق" مكونات أخرى كالثوم والكزبرة والفلفل الأخضر والبقدونس والشمار، وبعض البهارات الحادة كالكمون والكزبرة الجافة.

تعد "الشفوت" وجبة صحية، ومناسبة لمعدة فارغة، لاحتوائها على كمية وافرة من اللبن، وخلوها من الزيوت، واحتوائها كذلك على خبز طري سهل الهضم.

2. السَّلتة: وهي أشهر أنواع الوجبات اليمنية على الإطلاق، و قد اعتاد اليمنيون على تناولها في رمضان وغير رمضان، وهي عبارة عن خليط من مرق سميك القوام، يضاف إليه مخفوق الحلبة المطحونة، مضافا إليها اللحم المفروم، أو الطبيخ المشكل، ويتم تناولها في آنية خاصة منحوتة يدويا من الحجر الصلب تسمى "الحرض" أو "مقلى الحرض".


3. الفَحْسة: وهي تشبه السلتة غير أنها تحتوي على مهروس اللحم، بدلا عن اللحم المفروم والخضروات المشكلة.


4. السُّوسي: وهي خليط من الخبز والبيض والحليب والزبدة، تحضر بطريقة معينة وتوضع في الفرن وتؤكل ساخنة بعد إضافة العسل عليها.

5. "السَّبايا" أو "بنت الصحن": وهي وجبة شهيرة تحضر مسطحة على صحن واسع قطره 30 سم إلى 50 سم، عادة ما يختتم بها اليمنيون وجبتهم وتحل محل "التحلية" في الغالب، وتحضر من الخبز والبيض والزيت أو السمن، وتزين برش الحبة السوداء على سطحها، لتأخذ شكل القرص الذهبي في النهاية، وتؤكل مع العسل.

6. الفتّة: هناك عدة أنواع من الفتة، ويشتهر بها الساحل التهامي، فهناك فتة التمر، التي تحضر من الخبز والتمر مضافا إليها السمن البلدي "الحيواني" المكبّى "المدخن"، وأحيانا من السمن النباتي، ومثل ذلك فتة الموز، وأحيانا فتة الخبز بالمرق، وتسمى الفتة أو العركة أو الفتوت، ولها مشتقات ومسميات كثيرة تختلف من منطقة لأخرى.

7. الأرز : وهي وجبة تشترك فيها معظم البلدان العربية، غير أن الأرز في اليمن يأخذ عدة أشكال، تختلف فيها طرق التحضير، فهناك الرز المندي والكبسة والبخاري، وعادة ما يؤكل الرز مع اللحم أو الدجاج.

8. اللحم : أشهر طرق تحضير اللحم في المنازل هو اللحم المسلوق بالمرق أو لحم " البُرم" ، والبُرمة هي آنية معدنية تأخذ شكل الساعة الرملية، يهرس فيها اللحم مع المرق، أما في غير المنازل فيحضر اللحم المندي والمدفون والمضبي والحنيذ والفحم، وذلك لاحتياجه إلى معدات لا تتوافر عادة إلا في المطاعم، ومثل ذلك لحم الدجاج.

8. الشوربة: تحتوى مائدة الإفطار الرمضانية على شوربة "القشير"، هي شوربة محضّرة من القمح المقشور و الحساء ""المرق"، أو شوربة الشوفان، وأحيانا شوربة الخضار أو العدس، وفي بعض المناطق يحضرون الشوربة بالحليب، لتأخذ لونا أبيض الشكل، وتحضر مالحة أو محلاة.

هناك أطباق أخرى، لكنها لا تكتسب خاصية يمنية، كالإدامات المشكلة، وطبيخ الباميا، والباذنجان، والكوسا، والملوخية، والمحشي، والمعكرونة، والباشاميل، وغيرها من الأطباق التي تشترك فيها معظم الدول العربية، مع بعض الاختلاف في طرق التحضير أو ببعض المكونات كالبهارات والصلصات المختلفة.

المشروبات اليمنية: 

هناك مشروبات أيضا ارتبطت بشهر رمضان، وصارت جزءا منه، أو مرتبطة به، وأهم المشروبات : 
قهوة "القشر": وهي قهوة معدّة من قشور حبة البن، وليس من البن نفسه، حيث تطحن القشور ويضاف إليها الهيل أو الزنجبيل، وتشرب كقهوة البن المعروفة، وعادة ما تشرب قهوة القشر مع التمر عند الإفطار، ولها مذاق مميز، كما أنها لطيفة على المعدة، خصوصا على المعدة الفارغة وقت الإفطار.

2 ـ شراب الزبيب : وهو شراب مُحلّى يعد من الزبيب المنقوع، له مذاق مميز، ويشتهر به أهالي صنعاء القديمة، يشرب في غير رمضان، لكنه في رمضان أشد حضورا.

3 ـ شراب الشعير ، وهو شراب محلى أيضا، يعد من حبوب الشعير، القشرة مع النواة، حيث تنقع لعدة ساعات، تصل إلى يوم كامل، ويقدم باردا.

التحلية: وفيها عدة أنوع:

1. المهلبيّة ، وتسمى محليا " المحلبية" وعادة ما يتم تناولها بعد العشاء، وأحيانا مع السحور لاحتوائها على قدر جيد من البوتاسيوم يمنع العطش أثناء النهار.

2. حلوى البودينج أو الكريم كاراميل وتحضر مع الحليب عادة.

وكذلك هناك الحلوى الصنعانية: وهي حلوى اشتهرت صنعاء القديمة في تحضيرها، لكنها انتشرت في بعض المدن الأخرى، الجدير بالذكر أن معظم الحلويات الصنعانية هي عثمانية الأصل، تم تطويرها وإضافة بعض النكهات عليها، وأشهر تلك الحلوى : 

1. الرّواني : وهي حلوى صنعانية لذيذة لها طعم مميز ورائحة مميزة أيضا تشبه الكيك في شكلها، وتختلف عنه في مذاقها، تحضر من البيض والدقيق الأبيض، حيث يفصل صفار البيض عن بياض البيض، ويتم خفق البياض حتى يتضاعف آخذا شكل الرغوة، ويضاف إليها الصفار بعد أن يخلط بالدقيق والملح، ويضاف إليها في الأخير ماء القطر  المحلى.

2. الشعوبية : وهي حلوى صنعانية أيضا، تحضر من الدقيق والأبيض والبيض وتعجن ثم توضع بالفرن، وتبرد وتؤكل بعد إضافة القطر عليها.

3. القطايف : وهي حلوى صنعانية، تختلف عن القطايف السورية والشامية، وهي قريبة من الشعوبية غير أن لها مذاقا مختلفا.

تجدر الإشارة إلى أن كثيرا من الأطباق اليمنية هي نتيجة التلاقح الحضاري بين اليمن والهند شرقا، واليمن وإثيوبيا غربا على نحو أقل، كما أن التواجد العثماني في اليمن ترك أثرا كبيرا بعد رحيله تجلى في الوجبات والأطباق، كما في بعض الكلمات والعادات، أي أن اليمن كانت سابقا كدول الجزيرة العربية لها وجبات محدودة بطابع بدوي، كانت أشهرها اللبن والخبز، وأبرزها اللحم  والثريد "فتة اللحم ".