يستميل أعداءه.. "بوبليكو" تكشف سر تغير سياسة ابن زايد في الشرق الأوسط

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة إسبانية عن التغيرات التي جرت خلال الفترة الأخيرة في موقف ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد من عدة دول وأزمات في الشرق الأوسط.

فبعد أن كان العالم شاهدا على تدخلاته الغامضة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، بدأ ابن زايد في استمالة أعدائه، وفق ما تقول صحيفة بوبليكو.

وقالت الصحيفة: إن محمد بن زايد، هو الشخصية الأكثر إثارة للقلق في الشرق الأوسط. وقد تجسد هذا الخطر على أرض الواقع بالتزامن مع تدخلاته منذ سنوات، بشكل مباشر تقريبا، في جميع النزاعات في المنطقة.

تحركات مريبة

وفي هذه التحركات المريبة، لا يخفى على الجميع أن مصالح ولي العهد تتطابق مع مصالح إسرائيل منذ وقت طويل من إقامة العلاقات الدبلوماسية رسميا بين البلدين، قبل عام واحد فقط. 

وأوردت الصحيفة أن مؤامرات ابن زايد سممت الأوضاع السياسية من ليبيا إلى تونس ومن اليمن إلى مصر أو من قطر إلى تركيا.

وقد كان ذلك، أحيانا، عبر تدخلات من قبل جيشه مثلما حدث في اليمن، وتارة أخرى من خلال دفع أموال للمليشيات أو تزويدهم بالسلاح، وهو الحال في ليبيا.

وعملت هذه المؤامرات في أحيان أخرى على زعزعة استقرار بلد ما، كما هو الحال في تونس، تقول الصحيفة.

وتتابع: "لم تتوقف مؤامرات ولي العهد الإماراتي عند هذا الحد، بل تعدت إلى حصار وتجريم دولة أخرى، حيث تعد قطر خير دليل على ذلك. ويضاف إلى ذلك، تدبير الانقلاب الفاشل في تركيا (عام 2016)".

ونوهت الصحيفة بأن فترة وجيزة من التغيير، كانت كافية لتسيل حبر بعض الصحف لتمجيد ابن زايد.

على وجه الخصوص، ظهرت مقالات مدح لمحمد بن زايد منتصف سبتمبر/أيلول من قبل اثنين من المتخصصين في الشرق الأوسط؛ وهما ديفيد إغناتيوس في صحيفة واشنطن بوست، وديفيد هيرست في موقع ميدل إيست آي البريطاني.

يؤكد كلاهما أن سلوك محمد بن زايد قد تغير بنسبة 180 درجة؛ مما يجعله شخصية بريئة وملائكية.

وأفادت الصحيفة بأن الضرر الذي تسببت فيه أنشطة بن زايد هائل على جميع المستويات، دون أن ننسى تأثيره في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

وتابعت: "صحيح أنه في الآونة الأخيرة، وخاصة منذ دخول الرئيس جو بايدن البيت الأبيض يناير/كانون الثاني، أبطأ محمد بن زايد من حدة تحركاته العنيفة".

لكن ليس من الواضح ما إذا سيعكس ذلك تغييرا حقيقيا في أيديولوجيته وأنه ليس أكثر من تكيف تجميلي مع العصر الجديد الذي فرضته الظروف في واشنطن، وفق الصحيفة.

السياسة الأميركية

عموما، في غضون ثلاث سنوات ستكون هناك انتخابات في الولايات المتحدة، وقد يعود الرئيس السابق دونالد ترامب أو غيره من الكهنة الجمهوريين إلى البيت الأبيض. لذلك، ترى الصحيفة أن مقارنة محمد بن زايد بالملاك البريء أمر سابق لأوانه.

من ناحية أخرى، من الصعب تصديق أن الأمير سيبقى مكتوف الأيدي ولن يعود ليأخذ دباباته وطائراته وكذلك الأموال الوفيرة التي وضعها بشغف في خدمة مثله العليا، في ظل إدارة جمهورية مستقبلية.

وذكرت الصحيفة أن السياسة الأميركية في المنطقة بعيدة عن أن تكون نموذجية. وقد تجلى ذلك مؤخرا في أفغانستان، مثلما بدا واضحا في إيران، حيث لم تتمكن واشنطن خلال ثمانية أشهر من التوصل إلى اتفاق مع الإيرانيين بشأن برنامجها النووي.

ومن بين الأمثلة الأخرى، يمكن الحديث عن مصر، حيث تهاونت بلاد العم سام عن ردع رئيس النظام عبد الفتاح السيسي ولم تكترث لوضع حقوق الإنسان في ظل حكمه، وهو الحال أيضا في السعودية. 

وأضافت الصحيفة أن تراجع الدور الأميركي يتجلى على وجه الخصوص في إسرائيل، حيث لم يحرك الأميركيون ساكنا في ثمانية أشهر لحل القضية الفلسطينية التي ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بكل الصراعات في المنطقة.

في هذا المعنى، يعتبر الشخص الرئيس المسؤول عن العديد من الحوادث المؤسفة هو وزير الخارجية أنتوني بلينكن، الذي يتباهى بسلبيته، كما لو أنه لم يكن جديرا بالوظيفة التي سلمها له بايدن، تقول الصحيفة.

وبالعودة إلى الأمير الإماراتي، ليس من المستغرب أن يصف هيرست السياسة الخارجية التي اتبعها محمد بن زايد حتى الآن بأنها "كارثية".

لكن الصحفي البريطاني تحدث طويلا عن التحركات التصحيحية الأخيرة التي نفذها محمد بن زايد مؤخرا، مثل إرسال وفد إلى قطر وتركيا، وهما دولتان اتبع الأمير معهما سياسة الأرض المحروقة. 

ونقلت الصحيفة أن السؤال، بطبيعة الحال، يكمن فيما إذا كان محمد بن زايد يفعل كل ذلك بصدق.

مجرد مناورات

في الواقع، لا أحد يشك في أن خطواته الأخيرة، التي لم يكن من الممكن تصورها قبل بضعة أشهر فقط، مفاجأة بالنسبة للسكان المحليين والأجانب.

لكن، مع الأخذ بعين الاعتبار ما تجرأ على فعله في الماضي، من الصعب تصديق أن ما يفعله الآن هو أكثر من مجرد تأخير مناورات في انتظار أن تهب رياح مواتية مرة أخرى في واشنطن.

وأوردت الصحيفة أن القسوة التي عامل بها ابن زايد أعداءه تجعل من الصعب الاعتقاد بأن وجهات نظره قد تغيرت بهذه الطريقة الجذرية بين عشية وضحاها.  

وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن المساعدة الهائلة التي قدمها للسيسي لإنهاء تجربة جماعة الإخوان المسلمين في مصر هي نفسها التي قدمها للحكام المستبدين الآخرين لإنهاء الإسلام السياسي، مثلما حدث في تونس.

ومن هنا، يمكن القول: إن الإسلام السياسي قد اختفى من العالم العربي بفضله، بالتواطؤ مع إسرائيل، وأن أنشطته لم تعد بحاجة إلى أن تكون علنية.

وأضافت الصحيفة أنه خلال سبتمبر/أيلول، أرسل محمد بن زايد شقيقه (طحنون) إلى قطر لتسوية الخلافات، لكن يجب أن نتذكر أنه قبل أشهر قليلة فقط استبعد أي نوع من المصالحة مع الدوحة.

ما حدث منذ ذلك الحين هو أن قطر أصبحت حليفا وثيقا للولايات المتحدة، خاصة بعد الفشل الذريع في أفغانستان، ولا يكاد يمر يوم دون أن تثني واشنطن على دور الوساطة الذي اضطلع به القطريون. 

ونوهت الصحيفة بأنه من الصعب للغاية تصديق أن محمد بن زايد هو في الواقع ساذج أدرك فجأة أنه لا يوجد شيء أفضل من تناول كوب من الشاي الساخن مع أعدائه والتشجيع على جماله المفضلة في السباقات، كما يؤكد إغناتيوس وهيرست.

عموما، كانت حسابات المسار الخاصة به واضحة لسنوات عديدة ومن المحتمل جدا أنه ينتظر الظروف المناسبة التي تسمح له بمواصلة ما كان يفعله منذ أن أصبح في السلطة. 

وبينت الصحيفة أن الإدارة الأميركية لا تزال المشكلة الرئيسة في الشرق الأوسط.

من ناحية أخرى، لا يتوقف الوزير بلينكن عن تقديم الدليل على أنه ليس بالشخص المناسب لحل معضلات المنطقة.

وإذا استمرت الأوضاع على هذا النحو، فلن يغير الديمقراطيون أي شيء، ولن يتخطوا كل الشرور التي سببها دونالد ترامب.

عموما، تشير الأشهر الثمانية منذ تغيير المستأجر في البيت الأبيض إلى هذا الاتجاه، تخلص الصحيفة.