ليست السياسة فقط.. أزمات ستضاعف الهجرة العالمية إلى نسب مخيفة

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

حذر تقرير للبنك الدولي من اضطرار ما لا يقل عن 216 مليون شخص إلى الهجرة بحلول عام 2050، بسبب آثار وعواقب التغيرات المناخية.

أغلب من سيضطرون للهجرة، السكان الموجودون في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، بنسبة 4.2 بالمئة من إجمالي السكان أي ما يقرب من 86 مليون شخص.

وأظهر التقرير أن أعداد المهاجرين بسبب المخاطر نفسها قد يبلغ 49 مليون مهاجر من شرق آسيا ومنطقة المحيط الهادئ، و40 مليون من جنوب آسيا.

كما ستسجل مناطق شمال إفريقيا وأميركا اللاتينية وأيضا القارة العجوز، خاصة أوروبا الشرقية، ارتفاعا في أعداد المغادرين لمناطقهم بدرجة أقل لكنها بنفس القدر من الدراماتيكية، وفق قول صحيفة إيطالية. 

الهجرة المناخية

اعتبرت صحيفة "نيغريسيا" أن الهجرة المناخية الكبرى انطلقت بالفعل وسيشهد العالم على مدى الثلاثين عاما القادمة تزايد موجات المهاجرين خاصة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

وهو ما يدفع  الخبراء إلى دق ناقوس الخطر ودعوة الحكومات والمجتمع الدولي إلى ضرورة التحرك الفوري.

يتوقع التقرير أن تسجل منطقة شمال إفريقيا أعلى نسبة من المهاجرين بسبب المناخ بحوالي 9 بالمئة من سكانها أي ما يعادل 19 مليون شخص.

يرجع ذلك أساسا إلى تفاقم أزمة ندرة المياه في الشمال الشرقي التونسي وفي منطقة الشمال الغربي للجزائر وفي جنوب وغرب المغرب.

يرى التقرير أن هذه الهجرة القسرية ستكون حتمية إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لتقليل الانبعاثات ولكن أيضا لتنفيذ مبادرات بعيدة المدى لسد الفجوة في التنمية التي لا تزال قائمة بين  جزء من العالم لا زال يتسبب في المزيد من التلوث والأضرار على حساب جزء آخر يعاني من تأثيراته.

كما يتوقع التقرير أن تترك مجموعات سكانية بأكملها مناطق سكنها في السنوات الثلاثين المقبلة بسبب المناخ خاصة ندرة المياه، وانخفاض إنتاجية المحاصيل وارتفاع مستويات سطح البحر. 

وأضاف أن الإجهاد المناخي الناجم عن ارتفاع درجات الحرارة وأيضا الكواراث الطبيعية مثل الفيضانات والأمطار المستمرة والأعاصير وفترات الجفاف الطويلة، ستؤدي بدورها إلى تراجع مستمر في المساحات المزروعة.

لذلك بدون أرض خصبة وماء، يبقى اللجوء إلى مكان آخر الأمل الوحيد لدى الكثيرين.

في قراءتها للتقرير، ترى الصحيفة الإيطالية أنه لا يقدم فقط سيناريوهات متشائمة تماما وإنما يبعث برسالة مفادها أن الوقت لا يزال متاحا للتدارك وكل هذا يتوقف على ماهية الإجراءات، إذا ما تم اتخاذها، في هذه المسألة.

في هذا الصدد، نوه التقرير بأنه يمكن خفض عدد الأشخاص المضطرين لترك منازلهم بنسبة 80 بالمئة أي قرابة 44 مليونا، إذا ما تم الشروع في تقليل غازات الاحتباس الحراري والعمل على خطط تنمية خضراء والتخطيط للتعامل مع هجرة لا يمكن احتواؤها  لضمان أشكال التكيف على الأقل في مناطق ومناخات أخرى.

كما يجب مراجعة مسألة قوانين الحماية الدولية لفئة "المهاجرين بسبب المناخ". 

فيما يتعلق بغازات الاحتباس الحراري، من المهم الإشارة إلى أنه بعد خمس سنوات من اتفاقية باريس، لا يزال العالم يتقدم وبشكل خطير نحو ارتفاع في درجة حرارة الأرض لا يقل عن 3 درجات مئوية بحلول عام 2100، بينما يجب الحفاظ على  معدل الاحترار عند 1.5 درجة مئوية. 

لفتت الصحيفة الإيطالية إلى أن تأثيرات تغير المناخ طفت على السطح منذ فترة، ومن المرجح أن تؤدي إلى تغير استخدام وتوافر سبل العيش والموارد في الأرياف والسواحل والمجال الحضري في جميع المناطق. 

مشاكل إضافية

وبالتالي، فإن توزيع السكان وديناميكيات التنقل التي لطالما ميزت سكان منطقة جنوب الصحراء الكبرى ستتغير، لذلك يحذر التقرير من مشاكل إضافية.

لهذا، على الحكومات والمنظمات المحلية والدولية أن تشرع في إعداد النقاط الساخنة لإدارة تدفقات الهجرة. وفي الوقت نفسه، التفكير في أشكال المساعدة والعون لمن بقوا في أراضيهم، تشدد الصحيفة.

المنطقة الأكثر عرضة للمخاطر من بين المناطق الستة المشار إليها في التقرير هي إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وذلك بسبب التصحر وآثار تآكل الشواطئ فضلا على اعتماد السكان على الزراعة.

وعلى الرغم من التوسع الحضري المتزايد، لا يزال عدد سكان الريف يتجاوز سكان المدن. 

كما يشير الخبراء إلى أن مسألة تغير المناخ غالبا ما تضاف إليها عوامل أزمات أخرى مثل الصراعات وانعدام الأمن ووجود الجماعات المسلحة والفقر وعدم المساواة الاجتماعية مما يؤدي إلى تأزم الأوضاع أكثر.

يذكر التقرير أن نزوح المهاجرين بسبب المناخ، وأيضا بقية المهاجرين، يحدث ويفترض أن يستمر داخليا (يقدر أن ثلاثة من كل أربعة أشخاص سيبقون في بلدانهم) أو تجاه الدول المجاورة.

وهو ما من شأنه أن يتسبب في المزيد من العواقب المتعلقة بالإيواء والأمن وتوفير المساعدات أو مواطن الشغل. 

وبدوره، أبرز مركز "رصد النزوح الداخلي" في جنيف، تسجيل حوالي 40.5 مليون نازح جديد في عام 2020، من بينهم 30.7 مليونا نزحوا بسبب الكوارث الطبيعية وأغلبهم 30 مليونا، تركوا مناطقهم بسبب سوء الأحوال الجوية مثل العواصف (14.6 مليونا) والفيضانات (14 مليونا). 

أظهرت بيانات المركز أن المناطق التي تصدرت من حيث أعداد النازحين الجدد في عام 2020 هي شرق آسيا والمحيط الهادئ (12.1 مليونا) وجنوب آسيا (9.2 ملايين)، حيث تؤثر الأعاصير المدارية والأمطار الموسمية والفيضانات على المناطق التي يعيش فيها ملايين الأشخاص.

من ناحية أخرى، تشير التقديرات إلى أن وباء كوفيد 19 دفع في العام 2020، نحو 88 إلى 115 مليون شخص إلى خط الفقر.

ويتوقع أن العدد سيرتفع إلى 150 مليونا خلال عام 2021، اعتمادا على الظروف الاقتصادية لكل دولة على حدة.

خلصت الصحيفة الإيطالية إلى القول: إن تأثير أزمة المناخ على السكان والفئات الأكثر عرضة للخطر يتجلى بسرعة كبيرة، أكثر مما كان متوقعا في السابق.

استدلت على ذلك بما كشفه أول تقرير صادر عن البنك الدولي منذ ثلاث سنوات من توقعات بأن التغيرات المناخية ستتسبب بحلول عام 2050 في هجرة 143 مليون شخص خاصة من جنوب آسيا وأميركا اللاتينية وإفريقيا جنوب الصحراء، إلى أن مستوى الخطر ارتفع أكثر بعد تفشي جائحة كورونا وارتفاع أعداد الفقراء.