سليم إدريس.. وزير دفاع للمعارضة السورية حارب لتشكيل جيش موحد

مصعب المجبل | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

بعد مرور سنتين على تسلم اللواء سليم إدريس منصب وزير الدفاع في الحكومة المؤقتة للمعارضة السورية، تقدم الضابط المثقف والمعتدل، الذي تلقفته الدول بداية انشقاقه عن قوات النظام السوري، باستقالته من منصبه في الأول من سبتمبر/أيلول 2021.

تولى إدريس وزارة الدفاع في الحكومة "المؤقتة" في 31 أغسطس/آب 2019، وأصبح رئيسا لأركان الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، ليأخذ اللواء الطامح ببناء جيش موحد قرارا مفاجئا بالاستقالة قبلها منه رئيس الحكومة "المؤقتة" عبد الرحمن مصطفى.

وتشكلت وزارة الدفاع داخل الحكومة "المؤقتة" في 5 سبتمبر/أيلول 2017، وألحق المنصب لرئيس الحكومة آنذاك جواد أبو حطب إلى أن استقال الأخير مطلع مارس/ آذار 2019، ليتولى إدريس الحقيبة بعد بقاء المنصب شاغرا لأكثر من خمسة أشهر.

النشأة العسكرية

ولد سليم إدريس عام 1957 في بلدة المباركية غرب حمص وسط سوريا، وانشق عن النظام السوري في 20 أغسطس/آب 2012، وترأس هيئة أركان الجيش الحر منذ ديسمبر/كانون الأول 2012 حتى مارس/آذار 2014.

إدريس حائز على إجازة في الهندسة الإلكترونية من جامعة حلب، عام 1982، وعلى درجة الماجستير في تقنية المعلومات من المعهد العالي لعلوم النقل والمواصلات في ألمانيا عام 1987، وهو حاصل على شهادة الدكتوراه باختصاص "الرادارات الإلكترونية" عام 2012.

نجح الضابط المنشق بتولي رئاسة أركان المجلس العسكري الأعلى وهو البنية القيادية للجيش السوري الحر الذي تشكل في مدينة أنطاليا التركية في ديسمبر/كانون الأول 2012.

ولعب ذلك المجلس دورا في قيادة العمليات العسكرية ضد النظام السوري، نتيجة جمعه لأفراد مدنيين وعناصر وضباط منشقين عن قوات رئيس النظام بشار الأسد انحازوا للشعب ورفضوا البقاء مع "جيش" يقتل شعبه عقب اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011.

شكل تسلم سليم إدريس لوزارة الدفاع في الحكومة "المؤقتة" نقلة نوعية على صعيد البنية العسكرية للجيش الوطني من ناحية تقلد الحقيبة لأكاديمي مختص تلقى على عاتقه إعادة هيكلة الفصائل والتشكيلات العسكرية الثورية.

ولا سيما أن اللواء "سليم إدريس" أعلن خلال لقاء مع صحافيين في تركيا مطلع فبراير/شباط 2015 بدء العمل على تشكيل جيش وطني واحد من 60 ألف مقاتل.

وقال حينها: إنه سيضم كل القوى الثورية العسكرية السورية، ويعمل وفق الأنظمة والقوانين الدولية، وأنه سيكون جيشا موحدا يتكون من كل الفيالق والتشكيلات في الثورة السورية.

لكن حلم الرجل إلى جانب الضباط المنشقين عن النظام السوري بتحويل التشكيلات العسكرية المعارضة التي أفرزتها الثورة السورية وتمرست بالقتال إلى مؤسسة عسكرية رسمية منضبطة بديلة توازي مؤسسة النظام لم تتحقق بعد.

الضابط المعتدل

كان الغرب ينظر إلى إدريس بوصفه ضابطا معتدلا يعي حجم تحفظ الدول الغربية على تقديم الدعم العسكري والأسلحة لأي مكون عسكري يعارض النظام السوري، خشية أن تقع بيد فصائل ذات توجهات تتعرض مع فكر الغرب.

لذا يحسب لإدريس أنه نال ثقة الولايات المتحدة وتلقى منها دعما عسكريا كبيرا بالأسلحة غير الفتاكة في يونيو/حزيران 2013، ما حدا بصحيفة واشنطن بوست الأميركية لوصفه بـ"الجنرال الدمث".

حاولت جهات إعلامية كثيرة خلال عام 2013 إضعاف قوة أركان الجيش الحر، وتشويه صورته، عبر نشر كثير من الشائعات حول سليم إدريس.

ومنها ما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أميركيين في 11 ديسمبر/كانون الأول 2013 قولهم: إن رئيس أركان "الجيش الحر" سليم إدريس اضطر للهروب من سوريا إلى قطر بعد استيلاء "الجبهة الإسلامية" على مستودعات شمال سوريا، تحتوي على العتاد العسكري الذي كانت واشنطن تسلمه للمجلس العسكري الأعلى.

والذي كان بدوره يوزع التوريدات الأميركية على باقي التشكيلات العسكرية المعارضة بمختلف المحافظات السورية.

لكن إدريس ظهر في تسجيل مصور وأكد أنه موجود داخل الأراضي السورية، معتبرا أن ما جاءت به الصحيفة هو محض افتراءات لا أساس لها من الصحة وهدفها الضرر بمصلحة الثورة السورية.

موقف ثابت

منذ البداية كان إدريس مع فكرة عدم بقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد في الحكم لا بالمرحلة الانتقالية ولا في أي مرحلة بعدها.

وكان إدريس من الضباط الأوائل الذين نبهوا منذ عام 2013 على اعتماد النظام السوري على المليشيات الإيرانية واتباع هؤلاء سياسة الأرض المحروقة لإخماد الثورة.

وأكد آنذاك أن النظام السوري يقاتل إلى جانبه مليشيات من حزب الله اللبناني وأخرى عراقية وباكستانية وإيرانية ومن المتطرفين الشيعة الذين جلبتهم إيران لتثبيت حكم الأسد.

ولعب إدريس دورا بارزا في العملية العسكرية التي أطلقها الجيش الوطني السوري بدعم كامل من الجيش التركي في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2019 والتي حملت اسم "نبع السلام" وتركزت في قرى على الحدود التركية في محافظتي الحسكة والرقة.

إذ جرى إبعاد قوات "ي ب ج" الكردية مسافة 30 كيلومترا عن الحدود التركية وبسط الجيش الوطني سيطرته على مساحة تزيد عن 4 آلاف كيلو مترا مربعا، بهدف إنشاء منطقة آمنة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم.

ولمع نجم إدريس في المحافل الدولية التي كان يدعى إليها بصفته العسكرية لتمثيل وجهة نظر المعارضة السورية، وساعده في ذلك ثقافته الواسعة وإتقانه خمس لغات أجنبية على رأسها الإنجليزية، كما يتقن ثلاث لغات برمجة.

كان وزير الدفاع المستقيل قبل انشقاقه يحاضر بأكاديمية "الأسد العسكرية" في حلب، كما شغل منصب مدير معهد الهندسة فيها، لأن له باعا في تأليف الكتب المتخصصة بالعلوم العسكرية برصيد في هذا المجال وصل إلى 12 كتابا، وأشرف على مشروع تحديث مؤسسة مياه حلب بسبب خبرته في مجال الاتصالات والمعلوماتية.

ورغم أن أسباب استقالته في هذا التوقيت غير معروفة، فإن الخبير العسكري والإستراتيجي السوري، العقيد فايز الأسمر قال لـ"الاستقلال": إنها تزامنت مع ظهور التحالفات العسكرية الجديدة على الساحة السورية المعارضة.

وربط الأسمر تلك الاستقالة بوجود "فرق وألوية لا تزال تحمل رايات الفصائلية المقيتة وبعيدة كل البعد أن يفكر قادتها فعليا في الاندماج في مؤسسة واحدة تقودها قيادة أكاديمية متخصصة"، حسب تعبيره.