تحول مفاجئ.. لماذا تراجعت حظوظ أرمين لاشيت في الانتخابات الألمانية؟

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة روسية الضوء على السباق الانتخابي في البوندستاغ (البرلمان) الألماني المقررة في 26 سبتمبر/أيلول 2021، وعن خليفة المستشارة أنجيلا ميركل المتوقع، وأبرز الشخصيات والأحزاب المرشحة.

وقالت "روسيسكايا غازيتا" في مقال للكاتبة إيكاترينا زابرودينا: "فاز المرشح الديمقراطي الاشتراكي وزير المالية أولاف شولتز في المناظرة التي أذاعها التلفزيون قبل الانتخابات في ألمانيا للمرة الثانية على التوالي". 

انقلاب التوقعات

ووفقا لنتائج مبارزة خلال سبتمبر/أيلول 2021 على قناتي ZDF وARD، وقبل أسبوعين من انتخابات البرلمان، ظهر أن شولتز هو "الأكثر كفاءة" من قبل 49 بالمائة من المستطلعين، و41 بالمائة قالوا: إنه "الأكثر إقناعا". 

ترك شولتز وراءه كلا من رئيس الديمقراطيين المسيحيين "أرمين لاشيت" الذي كان يعتبر منذ وقت ليس ببعيد خليفة المستشارة ميركل، وزعيمة حزب الخضر الألماني المرأة الوحيدة في هذا السباق "أنالينا بيربوك". 

كان الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني بقيادة شولتز البالغ من العمر 63 عاما، في المقدمة لعدة أسابيع، وسجل أرقاما قياسية تلو الأخرى. 

وفقا لنتائج استطلاع جديد أجرته مؤسسة إنسا الاستخبارية، فإن 26 بالمائة من الألمان مستعدون للتصويت لصالح الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي لم يحصل على مثل هذه النتائج منذ يونيو/حزيران 2017.

 لكن تحالف الاتحاد الاجتماعي المسيحي والحزب الديمقراطي المسيحي، الذي كان حتى منتصف يوليو/تموز 2021 هو المفضل، عالق عند نسبة 20 بالمائة. 

والآن تلوح في الأفق الصور الظلية للتحالف الجديد، والتي لأول مرة في التاريخ يمكن أن تشمل بشكل كبير اليساريين وهم المجموعة التي تلي الشيوعيين في جمهورية ألمانيا الديمقراطية سابقا.

إذن، ما الذي حدث عند خط النهاية للحملة الانتخابية في ألمانيا؟ لماذا تحولت آراء الألمان فجأة إلى اليسار؟ 

وترجع الصحيفة ذلك إلى الوعود برفع الحد الأدنى للأجور إلى 12 يورو في الساعة، وإدخال قانون "الضريبة على الأغنياء"، وتجميد سن التقاعد، والحد من نمو إيجار المساكن، وعدم التسرع في استبدال صناعة السيارات التقليدية بالسيارات الكهربائية باهظة الثمن.

 ومع ذلك، خلال العام 2020 بأكمله، لم يتمكن الحزب الاشتراكي الديمقراطي من تجاوز خط 15 بالمئة على الأقل في استطلاعات الرأي.

 فخلال الفترتين الأخيرتين لميركل، ظل الاشتراكيون الديمقراطيون يتخفون تحت ظلال حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي. 

إذ جرى تكليف أقدم "حزب شعبي" بدور الشريك الأصغر في الحكومة وابتعد العديد من المؤيدين عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي واتهموا رؤساء الحزب بخيانة المثل العليا.

انطلاق مفاجئ

وأشارت الكاتبة الى أن الأمر الأكثر إثارة للدهشة للوهلة الأولى هو الانطلاق المفاجئ للحزب الاشتراكي الديمقراطي مع السياسي "أولاف شولتز" الذي لا يمكن بالتأكيد أن يطلق عليه وجه جديد في الأفق الألماني، فهو رجل من قفص ميركل، ومنذ مارس/آذار 2018 كان رئيس قسم المالية في مكتبها. 

من أجل ضبط النفس، تلقى البيروقراطي الجاف من الصحفيين لقب "شولزومات" في إشارة إلى "الرجل الآلي".

 ومع ذلك، وفي ظل تفشي وباء كورونا، وبالتعاون مع وزير الصحة "ينس سبان" لعبت قدرات شولتز التكنوقراطية الفريدة دورا، حيث انضم إلى "فرقة إطفاء ميركل" وكان مسؤولا عن خدمة الطوارئ لمساعدة المؤسسات المتضررة في ظل الحجر الصحي. 

وعلى الرغم من أن كل شيء لم يسر على ما يرام، فقد قدر الألمان بشكل عام مساهمته أيضا. وأثبت شولتز أنه خليفة ممتاز لميركل وسط فيضانات يوليو/تموز المدمرة.

وتركت رحلات شولتز إلى المناطق التي غمرتها الفيضانات في غرب البلاد واجتماعات العمل مع السكان المحليين والتي أصبحت عن غير قصد جزءا من الحملة الانتخابية، انطباعا جيدا، على عكس أخطاء "أرمين لاشيت"، محافظ الولاية المتضررة شمال منطقتي الراين وستفاليا. 

وتتساءل الصحيفة: من كان يظن أن لاشيت سيتكلف الكثير من شعبيه بسبب خطأ مزعج واحد، فعندما كان خلال رحلة إلى مدينة إرفشتات الألمانية المدمرة، كان لديه الجرأة على الضحك أمام الكاميرا. 

بعد ذلك الضحك المشؤوم الذي دفع لاشيت للاعتذار عنه على تويتر، انخفضت نسب دعم ائتلاف الاتحاد الديمقراطي المسيحي / الاتحاد الاجتماعي المسيحي إلى أسفل.

على العكس من ذلك، ارتفعت نسب الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني، والآن لا يستبعد الخبراء أن السياسي شولتز هو الذي يمكن أن يصبح خليفة ميركل.

فما الذي يمثله شولتز؟ ما الذي يميزه عن لاشيت؟ أو عن سياسية أنالينا بيربوك؟

لا يبحث الكثير من الناخبين عن إجابات سياسية بحتة، لكن غريزتهم تقول لهم: إن شولتز هو الذي يكتسب شعبية في الوقت الحالي.

فهم، بحسب الصحيفة، لا يلاحظون مدى التغيير الذي طرأ على السياسة الألمانية على مدى العقود الماضية، حيث أصبحت العواطف والعوامل الشخصية متأصلة بقوة في السياسة. 

على حد تعبير صحيفة دي فيلت الألمانية، أظهر مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي في المناقشات رباطة جأش يحسد عليها "فهذا بمثابة الجلد السميك الذي تمكنت أنجيلا ميركل من تطويره في غضون سنوات قليلة فقط من منصبها كمستشارة".