علي باقري كني.. دبلوماسي إيراني عارض الاتفاق النووي ويقود مفاوضاته

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

سمت الحكومة الإيرانية، الدبلوماسي المخضرم علي باقري كني، نائبا لوزير الخارجية لقيادة المحادثات بشأن اتفاق 2015 النووي الذي أبرمته طهران مع القوى العالمية.

حل كني محل عباس عراقجي، الذي انتهى به المطاف إلى طريق مسدود في واشنطن في محادثات فيينا.

باقري كني عاد إلى ساحة مفاوضات الملف النووي مع الغرب بعد ثماني سنوات، فسبق أن عين نائبا لوزير الخارجية للشؤون السياسية، ومفاوضا كبيرا في المحادثات النووية بين إيران والغرب في عهد الرئيس المحافظ السابق محمود أحمدي نجاد من 2007 إلى 2013.

محافظ متشدد

قائد المفاوضات النووية الجديد باقري كني (53 عاما) يعتبر من غلاة المحافظين، إذ يأتي تعيينه في الوقت الذي دعا فيه الأعضاء الأوروبيون في الوكالة الدولية للطاقة الذرية والولايات المتحدة إلى استئناف سريع للمحادثات النووية مع إيران في الأسابيع الأخيرة.

وقال وزير خارجية إيران، أمير عبد اللهيان خلال اتصال هاتفي مع نظيره البريطاني دومينيك راب في 13 سبتمبر/ أيلول 2021: "إننا نجري مشاورات داخلية حول كيفية المضي في محادثات فيينا".

وفي 23 يونيو/ حزيران 2021 كشفت مواقع إيرانية مقربة من معسكر الإصلاحيين، عن أن علي باقري كني، سيتولى حقيبة الخارجية في الحكومة الإيرانية الجديدة.

ونقلت عن مصادر وصفها بالمطلعة، قولها: إن "علي باقري كني استقر منذ أيام في مبنى وزارة الخارجية الإيرانية، وبدأ يتسلم تقارير من وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف وباقي المسؤولين الإيرانيين في حكومة الرئيس السابق حسن روحاني".

ورجحت المصادر أن "يكون استقرار باقري كني في مبنى وزارة الخارجية بمثابة إعلان من قبل الرئيس إبراهيم رئيسي، عن إسناد هذا المنصب إلى الدبلوماسي المتشدد".

وبخصوص موقفه من التطبيع مع إسرائيل، صرح باقي كني في 8 مايو/أيار 2021 أن نيران فتنة الصهاينة لن تنطفئ إلا بالمقاومة. واعتبر باقري كني "يوم القدس" رمزا عالميا لمواجهة الظلم ودعم المظلوم.

وقال باقري كني: إن "الرسالة الإستراتيجية لإحياء يوم القدس هي أن المثلث الغربي–العبري-العربي عاجز عن إضفاء الشرعية على الكيان الصهيوني الآيل إلى الزوال".

وأشار إلى الدعم الغربي الشامل للكيان الصهيوني، وأنه على أميركا وأوروبا تحمل مسؤولية جرائم الصهاينة، لافتا إلى أن الاستعراض بمظهر الدفاع عن حقوق الإنسان لا يمكنه تخليصهم من محكمة العدالة العالمية.

ونوه باقري كني إلى خيانة بعض الدول العربية للشعب الفلسطيني وكشفهم عن علاقاتهم السياسية مع الكيان الصهيوني إلى العلن.

وقال: إن "نيران فتنة الصهاينة لن تنطفئ إلا بالمقاومة، وأن أي دولة تعاطت معهم لن تخرج من قائمة العدوان عليها".

مفاوض فاشل

شغل باقري كني لفترة من الوقت منصب نائب وزير الخارجية للشؤون الأوروبية، ويعتبر أحد المسؤولين الأصغر سنا من الذين يشير إليهم المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي باسم "الشباب الأتقياء" و"المديرين الثوريين".

ووصف علي باقري كني نهج الغرب في مجال حقوق الإنسان بأنه "تعامل وفق مشاكلهم الحقوقية وبناء على معاييرهم الغربية الخاصة"، مضيفا في مقابلة مع برنامج "نص الهامش" التلفزيوني، إن "حقوق الإنسان من القضايا الخلافية".

وأعلن باقري كني خلال تصريحات صحفية نقلتها وسائل إعلام إيرانية، في أكتوبر/ تشرين الأول 2020 أن إيران غير قادرة على "التفاعل" مع الغرب في المجال السياسي.

باقري كني أيضا من أشد المعارضين للاتفاق النووي، فقد كان من سنة 2007 إلى 2013، مع سعيد جليلي في الفريق النووي الإيراني بقيادة محمود أحمدي نجاد، حيث باءت جهود هذا الفريق للمضي قدما في المحادثات النووية بالفشل، وجرى على إثر ذلك تشديد العقوبات على إيران.

وخلال انتخابات 2013 للرئاسة الإيرانية، كان سعيد جليلي مرشحا لها، وهنا ظهر علي باقري كني كرئيس لحملته الانتخابية على شاشات التلفزيون ودافع عنه باعتباره رئيسه في المجلس الأعلى للأمن القومي، لكن في النهاية حسم حسن روحاني الولاية الثانية له.

وفي أحد البرامج التلفزيونية، هاجم باقري كني بحدة روحاني الذي كان مسؤولا عن المفاوضات النووية قبل رئاسة محمود أحمدي نجاد، وأثنى على نفسه في المفاوضات.

ورغم أن باقري كني كان مرشحا بقوة لوزارة الخارجية في حال فوز "جليلي"، فإن ذلك أصبح مستحيلا مع فوز روحاني في دورتين متتاليتين بالانتخابات.

وفي تلك الأيام كان باقري كني ينتقد بشدة حكومة روحاني والمحادثات والاتفاق النووي الذي تم مع القوى الغربية.

لكن تقرير موقع "إيران واير" المعارض اعتبر أن "وجود باقري كني المحتمل في وزارة الخارجية وجلوسه على كرسي كبير المفاوضين النوويين خلق حالة متناقضة بالنسبة له"؛ حيث يتعين عليه إحياء اتفاق كان من أكثر المنتقدين صراحة وتحدث ضده لمدة 8 سنوات.

وبحسب التقرير، فإنه رغم أن باقري كني غير معروف في أوساط الرأي العام الإيراني، فإن وليام بيرنز الرئيس الحالي لوكالة المخابرات المركزية "سي آي إيه" يعرفه جيدا.

في مفاوضات النووي بين طهران ومجموعة (5+1) جرت محادثات غير مسبوقة بين بيرنز نائب وزير الخارجية الأميركية آنذاك مع سعيد جليلي رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وكان باقري كني حاضرا خلال تلك المحادثات القصيرة، في أكتوبر/تشرين الأول 2009 بباحة فندق بجنيف السويسرية، ووصفته "سي آي إيه" بأنه "مفاوض جديد".

قرب خامنئي

جرى تعيين علي باقري مساعدا للشؤون الدولية ورئيس هيئة حقوق الإنسان في السلطة القضائية في 29 ديسمبر/ كانون الأول 2019، خلفا لمحمد جواد لاريجاني، بأمر من رئيس السلطة القضائية السابق، الرئيس الإيراني الحالي إبراهيم رئيسي.

واعتبر مراقبون في ذلك الوقت أن تعيين علي باقري كني بأنه توسيع لشبكة المرشد الأعلى الإيراني وموظفي مكتبه الموثوقين، وكلهم من التيار المتشدد للمسك بكل المناصب العليا في الدولة.

وبالإضافة إلى منصبه كمساعد للسلطة القضائية، جرى تعيين باقري كني بدل جواد لاريجاني، رئيسا جديدا لما تسمى "لجنة حقوق الإنسان "في السلطة القضائية الإيرانية، والمتهمة من قبل منظمات حقوقية بالتستر على انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد والدفاع عن تلك الانتهاكات أمام المحافل الدولية.

وتعتبر لجنة حقوق الإنسان التي أنشئت عام 2005، في الواقع جهازا دبلوماسيا مسؤولا عن الدفاع عن أداء حقوق الإنسان في البلاد في المنظمات والمنتديات الدولية.

وينتمي باقري كني إلى عائلة من رجال الدين ذوي النفوذ، وشقيقه مصباح الهدى، متزوج من هدى خامنئي ابنة المرشد الأعلى الإيراني.

أما والده محمد باقر باقري كني، فهو عضو سابق في مجلس تشخيص مصلحة النظام، كما ترأس عمه آية الله محمد رضا مهدوي كني ذات مرة المجلس نفسه.

وتتمتع العائلة بنفوذ هائل وتسيطر منذ سنوات على مؤسسة تعليمية عليا، منها معهد "الإمام الصادق" الذي يعد "جامعة الإمام صادق" التابعة له والمؤسسات الاقتصادية والثقافية التابعة لها.

ابنة خامنئي هدى وزوجها مصباح الهدى كلاهما من خريجي الجامعة وتقلدا مناصب هناك.