سعد الفقيه لـ"الاستقلال": تطبيع ابن سلمان بيد إسرائيل.. ولهذا عاد إلى قطر وتركيا

لندن - الاستقلال | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أكد المعارض السعودي ورئيس الحركة الإسلامية للإصلاح بالمملكة، سعد بن راشد الفقيه، أن مجلس التعاون الخليجي "لا قيمة له" ولم تبن عليه أية خطوة إيجابية لتوحيد الدول الخليجية، سواء بإزالة الحدود بين أعضائه أو بتوحيد العملة المالية أو المواقف السياسية، كما هو حال مجلس التعاون الأوروبي إذ نشأ المجلس الخليجي بأوامر أميركية.

وأضاف الفقيه في حوار خص به "الاستقلال" أن "الأمير الطائش" ولي العهد السعودي محمد بن سلمان دمر هيبة العائلة الحاكمة؛ بل وأثبت للشعب أن العائلة الحاكمة التي كانت لها هيبة وسطوة واحترام في السابق؛ صارت "جبانة ومترددة" ولم يستطع أي منهم لا كبير ولا صغير أن يتحدى هذا "الشاب المتهور" في بطشه بهم.

كما أن الأمير المتهور لم يكتف بفضح العائلة الحاكمة في الداخل السعودي فقط؛ بل وكشف حقيقتها أمام جموع المسلمين في العالم الذين أيقنوا أنه نزع عن بلاد الحرمين الشرعية الدينية التي كانت تتمتع بها، وتدعي كذبا تطبيق شريعة الإسلام، بينما، غير المسلمين باتوا ينظرون إليه كشاب متهور تصرفاته صبيانية.

وأوضح الفقيه أن قرار تطبيع المملكة مع الاحتلال الإسرائيلي بيد تل أبيب وليس ابن سلمان الذي التقى زعماء الكيان منذ جاء ثلاث مرات، فضلا عن أنه اعتقل 70 قياديا فلسطينيا بالمملكة بأوامر من إسرائيل وبتحقيقات أعدها ضباط الموساد الذين حضروا بأنفسهم تلك الاستجوابات.

وقال رئيس الحركة الإسلامية للإصلاح إن ابن سلمان أجبر على التصالح مع قطر بأوامر واشنطن، وإن الحصار (2017-2021) كان سببه رفض الدوحة معاداة الحركات الإسلامية المعتدلة أو التخلي عن دعم القضية الفلسطينية لا سيما بقطاع غزة، وإن تفاهم الرياض والدوحة مع أنقرة اضطرت ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد للهرولة نحو تركيا وقطر.

وأكد الفقيه أن ابن زايد بمثابة "الأب الروحي" للأمير الطائش وعراب سياسته الداخلية والخارجية، وأن الخلاف الذي دب بينهما مؤخرا لم يكن الأول ولكن تجاهل ابن زايد مكالمة "الأمير المتهور" فجرت براكين الغضب بينهما.. كما تناول الحوار العديد من القضايا الهامة في منطقة الخليج.

بأوامر أميركية

كيف يرى الفقيه تطورات الوضع في منطقة الخليج تحديدا؟

هناك تطورات منظورة، وفي نظري محدودة، مثل زوال الحصار عن قطر، وتودد السعودية ثم الإمارات إلى قطر، ذلك في نظري رغم أنها مهمة لا سيما انتهاء الحصار كحدث كبير في حد ذاته؛ إلا أنني أراه تطورا هينا أمام التطورات القادمة.

منطقة الخليج محتقنة بالكامل، وأتوقع أنه سيقع حدث كبير إما بقيام حرب مع إيران، أو تطور الحرب مع الحوثيين، أو تداعيات انتصار طالبان وسيؤدي إلى خلخلة كاملة في التركيبة الإقليمية؛ وقد تسقط أنظمة وقد ينهار الوضع الإقليمي على مدى أشهر أو بضع سنين وهذا هو الأمر الأهم، أما التطورات الأخيرة بخصوص انتهاء الحصار لا تزال في حدود المعادلة الجيوسياسية.

ماذا عن قضية حصار قطر والهدف الذي دفع السعودية والإمارات والبحرين لذلك؟

السبب الحقيقي الذي اعترفت به دول الحصار هو أن قطر أقل عداء مع الحركات الإسلامية وأكثر دعما للقضية الفلسطينية، ولكن السعودية والإمارات والبحرين مندفعون بقوة ضد التيارات الإسلامية، والعمل الخيري الإصلاحي، والدعوة الإسلامية، ويريدون علمنة المنطقة أو بالأحرى تجفيف المنطقة، ولكن قطر ترفض ذلك، رغم أنها تجامل الأميركان في شيء من العلاقة مع إسرائيل.

ولكن السعودية والإمارات تريدان من قطر انصياعا كاملا أمام ملف التطبيع ومحاربة الإسلام السياسي، بل حتى الإسلام الخيري، وهذا هو السبب الحقيقي وراء فرض الحصار على قطر وليس علاقاتها مع إيران أو غيرها.

ما تقييمكم للدور الذي لعبته الكويت في مواجهة تلك الأزمة منذ بدايتها؟

الكويت لم يكن لها دور في هذه المصالحة، والمصالحة تمت بأوامر أميركية، ففي أواخر أيام الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أدرك ابن سلمان أنه سيجبر إجبارا على الصلح مع قطر بعد رحيل ترامب؛ لأنه ليس من مصلحة أميركا العليا وأمنها القومي استمرار القطيعة بين السعودية وقطر.

ولذلك بادر ابن سلمان من نفسه واتصل بأمير قطر ودعاه للقاء في مدينة العلا (يناير/كانون الثاني 2021) وتمت المصالحة بين السعودية وقطر، وهي الأهم، حيث إن الإمارات ليست مهمة ولا البحرين، أما الكويت فأرادت أن تنال شرف الوساطة وقد شكرتها السعودية وقطر وإن كانت في الحقيقة ليست صاحبة حسم المصالحة ولكن الأميركان هم من حسموها.

هرولة "ابن زايد"

ما مغزى لقاء وزير الخارجية القطري وولي العهد السعودي ابن سلمان، وكذلك أمير قطر وطحنون بن زايد؟

لقاء مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون مع أمير قطر جاء متأخرا بالطبع، وربما السبب الرئيس في ذلك هو على الأرجح انتصار حركة "طالبان" وتفاهم السعودية وقطر مع تركيا وإدراك ابن زايد أن الدائرة تضيق عليه فشعر بأنه يجب أن ينفتح على قطر من جديد.

كما أن التحركات المكوكية لطحنون بن زايد تؤكد رغبة الإمارات في إعادة الجسور مرة أخرى مع تركيا وقطر والأردن، وسبب اختيار طحنون لأنه الأكثر قدرة على التفاوض والحوار كمندوب شخصي لمحمد بن زايد الذي يثق فيه وبقدراته أكثر مما يثق بغيره.

ما تفسيركم للخلاف الذي ظهر على السطح بين السعودية والإمارات مؤخرا؟

الخلاف حدث مرارا من قبل وكانت السعودية ممثلة في ابن سلمان دائما تمتص ذلك لعدم الاصطدام مع ابن زايد ويعتبره مثل الأخ الأكبر والأب الروحي له ولا يريد أن يتخلى عن تبعيته؛ فكان هناك خلاف على حقل الشيبة النفطي، وخلاف على إنتاج النفط عام 2020، وخلافات كثيرة في اليمن.

وتعمد ابن زايد أن يكسر قيادة السعودية لمنظمة "أوبك" في الخلاف الأخير، واتصل به ابن سلمان هاتفيا لاحتواء الخلاف فرفض أن يرد عليه ابن زايد؛ فاستشاط غضبا وتحرك الغضب الدفين فأطلق ابن سلمان بضعة إجراءات مضادة.. فحاول ابن زايد بعد ذلك أن يحل المشكلة فما استطاع، وساء الوضع لدرجة أن الذباب الإلكتروني لكلا الطرفين يهاجم الآخر الآن.  

ما حقيقة أن ابن زايد هو من يرسم سياسات المملكة منذ صعود ابن سلمان؟

ابن زايد حين تسلم ولاية العهد مع ابن سلمان تمكن من إقناعه بأنه يستطيع أن ينفعه بتوجيهه والإشراف على طريقته في إدارة المملكة، وفعلا نجح في ذلك إلى أن دب بينهما الخلاف في عيد الأضحى الماضي.. ويمكننا القول بأن ابن زايد كان هو "الأب الروحي" لابن سلمان وعراب سياسته داخليا وخارجيا.

هل يتنازع ابن زايد وابن سلمان على قيادة المنطقة؟

سابقا لم يحدث بينهما شيء من هذا القبيل، وحاليا لا أعتقد أن القضية قضية تنازع بينهما على قيادة المنطقة من وجهة نظري ولكنها عبارة عن صدام شخصي بينهما، حيث إنه لا السعودية ولا الإمارات قادرة على قيادة الكويت، بينما البحرين مضمونة للسعودية ولا يمكن للإمارات أن تتحكم بها من خلف المملكة.

والسعودية لا يمكنها قيادة قطر التي خرجت من الحصار وهي الأقوى، في حين سلطنة عمان لها عداوات مع الإمارات وتقوم علاقاتها مع المملكة على أساس الندية، ومن ثم لا يوجد صراع هيمنة في منطقة الخليج بين دوله أو بين ابن سلمان وابن زايد، ولكن هناك تنافس بينهما على الحصول على منصب ما.

فضح من سبقوه

ما رؤيتكم لسياسات ابن سلمان وانعكاساتها على واقع ومستقبل المملكة؟

ابن سلمان لا شك أنه يريد أن يكون هناك تحويل جذري في علاقة الدولة بالدين، وبالعلماء، وبالقبائل، وفي نظامها الاقتصادي والاجتماعي.. ولكن أسلوبه غير واقعي وخيالي وفانتازيا، وقد أثبتت سياساته أن العائلة الحاكمة التي كانت لها هيبة وسطوة واحترام من قبل الناس؛ صارت هزيلة وجبانة ومترددة وسلبية.

كما أنه لم يستطع أي من هذه العائلة الحاكمة لا الكبار ولا الصغار أن يتحدى هذا الشاب المتهور في بطشه بهم، وهذه السابقة ستؤدي إلى تقصير عمر هذه العائلة الحاكمة.

وإذا زال ابن سلمان فلا أعتقد أن العائلة الحاكمة ستتمكن من النهوض مرة أخرى وقيادة البلاد كما كانت.. وإن حدث ذلك فستكون قيادة ضعيفة وعمرها قصير.. وكذلك أسلوبه وطريقته الاستفزازية والصدامية مع ثوابت الأمة والدين والمجتمع والأعيان، اليوم أو غدا سينتهي.

فضلا عن أن سياساته الخارجية كلها تخبط في تخبط سواء حصار قطر، أو حرب اليمن، والقطيعة مع تركيا، وطريقة التعامل مع أميركا ومع دول غربية مثل كندا وغيرها، وكذلك جريمتا سجن رئيس الحكومة اللبناني السابق سعد الحريري وقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي جعل ابن سلمان شخصا غير واقعي وغير طبيعي في أعين قادة العالم.         

كيف ترى دور السعودية والإمارات في حرب اليمن؟

طبعا السعودية هي التي أشعلت الحرب في اليمن واستفاد ابن زايد من الغطاء الشرعي السعودي من أجل أن يحتل أرخبيل سقطرى واليمن الجنوبي وأجزاء من اليمن الشمالي ولم يبق من سلطة السعودية إلا ما يسمى الشرعية اليمنية التي هي أجزاء من تعز وشمال غرب عدن والباقي كله إما من نصيب الحوثيين أو الإمارات.

فالإمارات هي التي كسبت واستفادت من الحرب، ووضعت يدها على الموارد وعلى سلطة مستقبلية في اليمن الجنوبي، وابن سلمان لم يكسب سوى الخسائر البشرية والخسائر المادية والفضائح وإحراجات سياسية.

ما حقيقة تمكين ابن زايد الكيان الإسرائيلي من الوجود في باب المندب وخليج عدن؟

العلاقة بين ابن زايد والإسرائيليين في باب المندب وخليج عدن لم تعد سرا، بل على العكس فهو يحرص على إظهارها ويفاخر بها رغم أنها ضد الوجدان العربي والإسلامي وأنه يسبح ضد التيار؛ إلا أنه يعتقد أن الصهاينة هم من يضمنون له الاستمرار والبقاء وقوة سلطانه في المنطقة.

فهو خائن بطبيعة الحال، والتنسيق بينه وبين الإسرائيليين قوي جدا، واللوم ليس عليه ولكن على الإخوة اليمنيين إذ كيف لدولة مثل الإمارات عندها فقط المال تتمكن من تسهيل وصول إسرائيل إلى باب المندب وخليج عدن لكي تحتله؟!! فهم الذين مكنوه من احتلال بلادهم لأنه يمتلك المال .

كيف ترى دور سلطنة عمان في ظل قيادتها الجديدة ودورها في الأزمة الخليجية؟

سلطنة عمان كانت ولازالت صاحبة دور إقليمي محدود، وسياستها قائمة على عدم التدخل بقوة في أي نزاع إقليمي، وهو ما جعلها تبقى على خط مفتوح مع الحوثيين والسعودية ومع إيران.

لكن علاقتها مع الإمارات متوترة؛ لأن هناك شكوى أن الإمارات مولت محاولات انقلاب في عُمان وأيضا مولت محاولات لاختيار خليفة السلطان قابوس غير السلطان هيثم الحالي؛ لذلك العلاقات كانت ومازالت متوترة.

بلا قيمة 

ما مستقبل مجلس التعاون الخليجي في ظل المعطيات الحالية؟

مجلس التعاون لم يكن له دور ولن يكون له دور إلا في تسهيل المهمة الأميركية في المنطقة حيث أنشئ بتوجيهات أميركية أصلا، ولم يترتب عليه شيء يذكر.. لا تحقيق الوحدة السياسية بين دولة ولا فتح الحدود بينهما، ولا وحدة أمنية، ولا حتى توحيد فكري وثقافي وتشريعي ولا توجد وحدة مالية اقتصادية..

لذلك فلا قيمة أصلا لمجلس التعاون الخليجي فهو ليس كالمجلس الأوروبي ولا غيره، والمجلس أصلا أنشئ لخدمة الأميركان، ولتشابه أنظمة الحكم كونهم عوائل تعتقد أنها تمتلك الأرض ومن عليها فقط، ولذلك فكونهم اختلفوا فيما بينهم فلن يؤثر على المشروع الأميركي.

فرغم الخلاف الشديد بين السعودية والإمارات إلا أن التنسيق العسكري الأميركي في المنطقة لم يتأثر مطلقا وحتى المواقف المختلفة تجاه القضايا التي تهم أميركا لم تتغير، فمهما اختلفت دول الخليج أو اتفقت فلا قيمة لذلك؛ إلا ما يخص حركة الشعوب والسفر والتنقل، وما عدا ذلك ليس له قيمة سياسية، خاصة في السياسات العليا فيما يخص مصالح أميركا وإسرائيل.

ما حقيقة اهتزاز صورة المملكة في محيطها العربي والإسلامي منذ صعود ابن سلمان؟

ملوك السعودية السابقون عبد الله، وفهد، ونايف، وغيرهم كانوا ناجحين في خداع المسلمين بأنهم يطبقون الشريعة الإسلامية ويحترمون الشرع؛ وهم في الحقيقة يدمرون الشرع ويحاربونه، وكانوا يقنعون الشعب بأنهم القيادة الحكيمة رغم الفساد والظلم وأنهم الأصلح لقيادة البلاد ولا يوجد بديل عنهم..

أما الآن فهذا الكلام انتهى ولم يعد ممكنا قبوله؛ سواء داخليا أمام الشعب في بلاد الحرمين، فلم يعد الناس ينظرون للحاكم تلك النظرة بعد أن دمر هيبتهم وسمعتهم الطائش ابن سلمان.

ولم يعد الناس في الخارج لا المسلمون ولا غير المسلمين ينظرون إلى حكام السعودية نظرة مصداقية؛ فالمسلمون أدركوا أن هذا الفتى المتهور نزع عن بلاد الحرمين الشرعية الدينية التي كانت تتمتع بها، ويراه غير المسلمين شابا متهورا أقدم على تصرفات صبيانية.

ما هو مستقبل القضية الفلسطينية في ظل تلك الهرولة نحو التطبيع؟

بالنسبة للقضية الفلسطينية بالطبع فإننا نرى أن كيان الاحتلال اللاهث خلف التطبيع لم يستفيد كثيرا من حركة هرولة الإمارات والبحرين ، مثلما استفادوا أكثر بكثير من ذلك ممثلة في تنازلات مدريد وأوسلو والتي جاءت على يد الرئيس الراحل ياسر عرفات.

وبعدها تنازلات الرئيس محمود عباس وإنشاء سلطة فلسطينية وتحول تلك السلطة إلى مدافع قوي وحريص ومخلص لصالح إسرائيل، هذا أهم بكثير من تطبيع الإمارات والبحرين وغيرهم؛ فهذه كلها حاجات شكلية حتى تطبيع مصر والأردن لم يكن أكثر أهمية من أوسلو وتحول فتح من قوة نضالية إلى قوة خادمة توفر الأمن للكيان.

من سيء إلى أسوأ

ما هو واقع الحريات وحقوق الإنسان في المملكة اليوم؟

لا شك أن وضع حقوق الإنسان قبل ابن سلمان لم يكن جيدا وكانت البلد مملوكة ملكا للنظام السعودي وهو الذي يملك القانون والشرع والدين، وكان الإنسان يعتقل وليس خاضعا لأي سلطة قانون ولا محامين ولا يحزنون، وكان يفعل بالمعتقل ما يشاء، ولكن كانت الدولة في ذلك الوقت تداري بعض التوازنات الدينية والقبلية والمجتمعية وكذلك السمعة الخارجية.

ولكن ابن سلمان لم يعد يكترث بهذه التوازنات فبدا أمام الناس أن حقوق الإنسان كانت جيدة فصارت سيئة.. والحقيقة أن حقوق الإنسان كانت سيئة فصارت أسوأ مع ابن سلمان.. ونسبة السوء التي أضافها رفعها من 80 بالمئة إلى 100 بالمئة.. فوضع حقوق الإنسان سيء جدا وحتى الهامش الصغير الذي كان موجودا قبل ابن سلمان أقفل تماما.

ماذا عن مستقبل التيار الإصلاحي في المملكة بعد ملاحقته من قبل ابن سلمان؟

التيار الإصلاحي في المملكة ليس تيارا واحدا، ولكنه طيف ويغلب عليه التيار الإسلامي.. وحتى التيار الإسلامي كذلك طيف وليس واحدا.. فهناك من يرى إزالة النظام بالكامل، وهناك من يرى ضرورة تحويلها لملكية دستورية.

وهناك من يرى أصلا عدم التفكير في هذا الموضوع هو فقط بعض الإصلاحات الاجتماعية وتحسين حقوق الإنسان فقط وليفعل بعد ذلك آل سعود ما يشاؤون، وهناك تيارات وطنية ليبرالية وهناك تيارات تدعي أنها ليبرالية إصلاحية وهي أصلا حليفة للنظام سواء أعلنت أو لم تعلن..

ومستقبل هذه التيارات مرهون بتحول إقليمي أو دولي ولا نعتقد أن هذه التيارات تستطيع أن تتحرك بعد هذا القمع الشديد وانعدام الثقة بين الناس بسبب الهواجس الأمنية والمخابراتية القائمة على تشكيك الناس في بعضهم وتخويفهم وقلة الخبرة السياسية بالمجتمع السعودي.

نرى أنه سيكون هناك حراك تلقائي اجتماعي وإما أن يحصل عمل مسلح لتراكم الغضب أو يحصل حدث إقليمي مع الحوثيين أو إيران فتسقط هيبة الدولة أو يحصل خلاف داخل العائلة الحاكمة وتحدث محاولة لاغتيال ابن سلمان أو تتدخل أميركا بالتعاون مع أعضاء في العائلة الحاكمة لإزاحة ابن سلمان. 

هل يدفع ابن سلمان بالمملكة يوما في أحضان إسرائيل؟

القرار بتطبيع المملكة مع الكيان الإسرائيلي ليس بيد ابن سلمان؛ ولكنه بيد الصهاينة أنفسهم.. فإسرائيل مقتنعة تماما أنه ليس من مصلحتها اليوم أن يتم تطبيع معلن مع السعودية؛ لأنه سيؤدي إلى تدمير البقية الباقية من شرعية النظام السعودي، وسينهار الدور الديني الذي تلعبه لصالح الصهاينة، ولن يصبح لها تأثير ديني لا على باكستان ولا المغرب ولا ليبيا أو مصر ولا غيرها.

فضلا عن أن البقية الباقية من الشعوب المسلمة الذين تم خداعهم عن طريق الزعم بأن المملكة تطبق الشريعة الإسلامية سينقلبون ضدها، وسيفتضح أمر حكام المملكة في حالة إعلان التطبيع مع الصهاينة؛ بل إن الحكومات سيتم إحراجهم أمام شعوبهم، ولذلك يريد الإسرائيليون الإبقاء على خدمة السعودية لمشروعهم في المنطقة سرا من خلال التنسيق السعودي الصهيوني من قبل ابن سلمان.

فمنذ مجيء ابن سلمان للسلطة التقى بالإسرائيليين ثلاث مرات، والاعتقالات التي تمت بحق 70 شخصية فلسطينية بالسعودية تمت بطلب من إسرائيل وتم التحقيق معهم في حضور عناصر الموساد وبأسئلة من الموساد حرفيا.. فالمملكة تمارس التطبيع السري على قدم وساق وبصورة أكثر مما تمارسه الإمارات والبحرين في العلن ولكنه خلف الكواليس.