طالت الجميع.. كيف أثرت أزمة وقود لبنان على معاقل حزب الله؟

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية أن حزب الله اللبناني يستشعر خطورة أزمة الوقود في المناطق التي يسيطر عليها، ويسعى جاهدا لإيجاد حل عاجل.

وأجبر النقص الشديد في الوقود في لبنان الخباز علي معزن على خفض إنتاجه بمقدار الربع وتقنين مبيعات الخبز، في الوقت الذي يواجه فيه تهديدا بتوقف عمله.

وقال الخباز اللبناني (54 عاما)، والذي يحتاج إلى وقود الديزل لخبز وتسليم البضائع في مدينة النبطية الجنوبية: "اليوم هو آخر يوم عمل بالنسبة لي.. إذا لم يكن هناك ديزل، فلن أفتح غدا". 

وأوضح غاضبا بأن سيارته متوقفة منذ خمسة أيام بسبب نقص الوقود والديزل.

مناطق متضررة

ويعد النقص في الوقود على الصعيد الوطني، أحدث مظهر للأزمة المالية الطويلة في لبنان. وفي نفس الوقت يعد هذا التطور اختبارا للدعم والقاعدة الشعبية لحزب الله.

ووسط تفاقم الأزمة، ألقى زعيم الجماعة حسن نصر الله باللوم على القوى الغربية فيما وصفه بـ "الحرب الاقتصادية". 

ومع تصاعد الاستياء العام في أواخر أغسطس/آب، وطول الطوابير في محطات الوقود، أعلن نصر الله أن حزب الله قد رتب مع راعيته، إيران، لإرسال النفط إلى لبنان. 

وقال نصر الله في خطاب متلفز عن شحنة النفط: "نحن لا نحل محل الدولة، الهدف هو مساعدة كل اللبنانيين وليس فقط أنصار حزب الله أو الشيعة"، في الوقت الذي حذر فيه معارضون من  أن هذه الشحنة قد تضع لبنان في خرق للعقوبات الأميركية. 

وذكرت صحيفة الأخبار الموالية لحزب الله أوائل سبتمبر/أيلول أن ناقلة واحدة وصلت إلى سوريا وأن محتوياتها ستنقل بالشاحنات إلى لبنان. 

وليس من المفاجئ بالنسبة للمحللين أن يشعر حزب الله بالحاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة، حيث يقدر أن المناطق التي دعمته تقليديًا هي من بين المناطق الأكثر تضررا. 

وأشارت دراسة أجرتها وكالة اقتصادية تابعة للأمم المتحدة خلال سبتمبر/أيلول إلى تضرر مناطق البقاع وبعلبك والهرمل في الشرق والنبطية في الجنوب بشكل خاص.

ولا توجد بيانات استطلاعية توضح ما إذا كانت الأزمات تؤثر على القاعدة الشعبية لحزب الله، في الوقت الذي لا تزال فيه منظماته الخيرية تقدم المساعدة للكثيرين عكس الدولة التي كانت بطيئة في تقديم المساعدة. 

لكن حنين غدار الزميلة في معهد واشنطن، وهي مؤسسة فكرية أخذت خطا متشددا تجاه طهران أكدت أنه ومع "تأثر ذراع إيران في لبنان بالأزمة، كان الوقود الإيراني جزءا من إستراتيجية تهدئة الناس". 

وقال مدير برنامج لبنان في معهد الشرق الأوسط "كريس أبي ناصيف": "الولاء لحزب الله واضح للغاية لكن قد لا يكون غير مشروط، وقد يكون هذا هو سبب محاولة حزب الله حل  أزمة الوقود". 

وقالت الزميلة البارزة في معهد الشرق الأوسط رندا سليم: إن حزب الله يتعرض لضغوط للوفاء بوعوده بدعم ومساعدة مجتمعه وقاعدته الانتخابية. 

وأضافت "إذا كانوا قادرين على الأقل على تقديم حل قصير الأجل يمكن أن يوفر تحسينا ملموسا، ستتحسن مصداقية حزب الله ومستوى الثقة فيه". 

وفي السنوات الأخيرة، زاد حزب الله، المصنف كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية الكبرى، من نفوذه عبر التحالفات ، وأصبح لاعبا سياسيا مهيمنا.

 لكن الزميل في مركز كارنيغي للشرق الأوسط مهند الحاج علي أوضح أن لعبة تقاسم السلطة نفسها لم تقد البلاد إلى أي مكان.

وأضاف علي المقيم في بيروت: "الآن يواجه حزب الله المتورط بعمق في فشل الدولة اللبنانية من خلال مشاركته في الحكومات المتعاقبة، تحديات صعبة، تبدأ بمناطقه الخاصة".

وأكد أن الحزب يواجه بشكل متزايد أسئلة حول دوره في "الوضع السياسي المتعفن الحالي".

ما بعد الانفجار

بعد عام من الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت الذي دمر العاصمة، لم يقم لبنان بتشكيل حكومة إلا في 10 سبتمبر/أيلول. ويلقي معارضو حزب الله باللائمة على الجماعة في هذا الشلل. 

وأعلنت الرئاسة اللبنانية، أخيرا تشكيل حكومة جديدة في لبنان برئاسة نجيب ميقاتي بعد عام من فراغ نتج عن انقسامات سياسية حادة ساهمت في تعميق أزمة اقتصادية غير مسبوقة يتخبط فيها البلد منذ عامين.

 وعلى مدار الفترة الماضية، ردد المتظاهرون في احتجاجات متفرقة في الشوارع، شعارات مناهضة لحزب الله ونصر الله إلى جانب زعماء سياسيين آخرين وقوى أخرى يلومونها على تدهور الوضع في لبنان. 

ويعتقد أن حزب الله يدير فعليا دولة ظل في ضواحي جنوب بيروت ووادي البقاع الشرقي وجزء كبير من جنوب لبنان، حيث يقدم خدمات اجتماعية من التعليم إلى الصحة. 

وكما هو الحال في أماكن أخرى في لبنان، أدى نقص الوقود في الأراضي التي يديرها حزب الله إلى تعطيل إمدادات كل شيء من الخبز إلى زجاجات المياه.

وقالت المديرة العامة في مستشفى النبطية "منى أبو زيد": إن النقص في البنزين حاد لدرجة أن مستشفى النجدة الشعبية، يرسل سيارات إسعاف لجلب ونقل الممرضات. 

كما أدى نقص الموظفين إلى إجبار المستشفى على الدمج بين أجنحة الأطفال والعناية العامة. 

ويحتاج المستشفى إلى وقود الديزل للمولدات، لأن إمدادات الكهرباء التي تنتجها الدولة قد انهارت تقريبا. 

في هذا السياق، قالت أبو زيد: "لم أشتر الوقود من السوق السوداء حتى الآن، ولكن الآن أنا مضطرة لفعل ذلك".

ويمكن ملاحظة أن القرى المحيطة بالمستشفى مزينة بالأعلام السوداء من طقوس عاشوراء السنوية. وتظهر في الشوارع ملصقات لرجال قتلوا وهم في صفوف حزب الله. 

وانعكس الولاء لحزب الله في صناديق الاقتراع، حيث فاز ممثل الحزب في النبطية محمد رعد، بأصوات أكثر من أي عضو برلماني آخر في انتخابات 2018، قبل بدء الأزمة.

وعلى الرغم من التحديات اليومية التي يواجهها سكان هذه المناطق، يدعم الكثيرون في النبطية خط حزب الله ويلومون الآخرين على المشاكل والأزمة في لبنان. 

وقال حسن رامان (67 عاما) والذي يعمل في شركة لتعبئة المياه تكافح مع ارتفاع الأسعار: إن الأميركيين "يخنقوننا". 

وأضاف: "الأميركيون لا يريدون أن يكون الإيرانيون في لبنان لأن ذلك ليس في مصلحتهم".

وعزا رامان الفضل لحزب الله في الحفاظ على الجنوب اللبناني آمنا، وحمل النخبة الحاكمة والشعب مسؤولية الأزمة.

وبعد إعلان نصر الله عن شحنات النفط الإيراني، كشفت السفيرة الأميركية دوروثي شيا النقاب عن خطة تدعمها الولايات المتحدة لجلب الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان عبر سوريا. 

لكن رامان اعتبر الأمر حيلة أميركية، متسائلا: "لماذا لم يأتوا بالغاز المصري من قبل؟".